الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


«ماذا وراء هذه الجدران؟»

ضيا اسكندر

2020 / 11 / 4
أوراق كتبت في وعن السجن


كتاب يقع في أكثر من (400) صفحة يؤرّخ السيرة الذاتية للدكتور راتب شعبو خلال فترة اعتقاله الطويلة في سجون النظام لمدة (16) عاماً. شابٌّ يافعٌ في الواحد والعشرين من عمره يتم زجّه في أتون جحيم عددٍ من الفروع الأمنية والسجون السورية؛ (الأمن السياسي، مركز التحقيق، كراكون الشيخ حسن، سجن دمشق المركزي "عدرا"، إلى أن يختمها بسجن تدمر الرهيب). فقط لارتكابه جرم الانتماء إلى حزب سياسي معارض (حزب العمل الشيوعي). لم يحمل بندقية أو حتى سكّيناً في حياته، بل كان هدفه ورفاقه، تغيير نظام الحكم سلمياً إلى نظامٍ آخر يخلو من الظلم والفقر والفساد والاستبداد.
كتابٌ موجعٌ صادم، حارقٌ للقلب، يُدخِلُك إلى تفاصيل حياة السجناء السياسيين المذهلة بآلامهم وأحلامهم وخيباتهم وأفراحهم العابرة.. بتحايلهم على ظروفهم الجهنّمية للتقليل من عذاباتهم. بحرمانهم من أبسط حقوق ليس الإنسان وحسب، بل وحتى الحيوان.

من أجواء رحلة عذاب المعتقلين:
«حُسْنُ الظنّ في نظامٍ مستبدّ غباءٌ قاتل، وحتى جريمة»
«في سجن عدرا كنت أراقب الطائرات المدنية وهي تقوم برحلاتها الجوية، أفترضُ أن فيها طالباً يذهب لإكمال دراسته في الخارج. وأفترض أنني سأكون في المكان نفسه أراقب الطائرة التي سيعود عليها بعد أن ينهي دراسته. كأنني مجرد حارس للزمن. كما لو أن وظيفتنا هي أن نكون سجناء!».
«أول وصولنا إلى سجن دمر لم تكن نفوسنا تقبل الطعام حين نسمع صوت تعذيب قريب أو بعيد. بعد فترة وبفعل الحاجات "الإنسانية" وتحت وطأة الاعتياد والتكرار، صرنا نأكل في الوقت الذي تملأ فيه أصوات التعذيب أرجاء الباحات».
«في سجن تدمر تُقصى عن الحياة وتُقصى عن رؤيتها. تعرف الفصول من تبدّل درجات الحرارة فقط. تشتهي أن تراقب هطول المطر أو تلبّد السماء بالغيوم. تشتهي أن ترى زرقة السماء المنارة الصافية. تشتهي أن ترى تطاير أوراق الشجر اليابسة. أن تلف الريح وجهك وتطيّر شعرك وتلعب بمعطفك. أن ترى ماءً صافياً يلتمع وهو يسيل فوق عشبٍ أخضر. تشتهي أن ترى صبية رشيقة تعبر الشارع. أن ترى أطفالاً يتجهون باكراً بأقدامهم الصغيرة ومراويلهم وشناتيهم إلى المدرسة. أنت لا تعيش ولا يُتاح لك أن ترى الحياة. ما قيمة العين إذا كانت لا ترى إلا جدراناً كالحة. ليس من فراغ إذن أن تُطمّش في هذا السجن / البئر، فهذا تحصيل حاصل.»
عندما يفرغ المرء من قراءة الكتاب / الرواية، يشعر بأن صخرة ثقيلة أُزِيحت عن صدره. وبات بمقدوره التنفس، يزفر ما في رئتيه دخان حرائق أشعلتها ذكريات تجعله يلعن ذاته كيف استساغ كل هذا القهر على مرأى ومسمعٍ منه طيلة عقود، ولم يتصرّف بشجاعة ليستردّ بها كرامته المهدورة وكرامة كل من تسوّل له نفسه الوقوف بمواجهة الطغيان. يتذكّر كل من حابى الاستبداد وتجاهل عذابات ضحاياه، وآثر السكوت عمّا يجري حوله، لا سيّما تلك القوى التي تعتبر نفسها يسارية وتقدمية. يتوق إلى أن يبصق في وجوه القتلة وحُماتهم وكل من تغاضى عن جرائمهم، ولْيكن بعدها دمار الكون.
«ماذا وراء هذه الجدران؟» إضافة هامة من الدكتور راتب عن أدب السجون، برع في تناولها ليسطّر ملحمة معاناة من اختطّ طريق النضال الملطّخ بشتى صنوف القهر والإذلال والعار..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا.. مشاريع لمساعدة المهاجرين القاصرين لإيجاد عمل وبناء


.. مصادر فلسطينية: عمليات اعتقال إسرائيلية جديدة شملت قلقيلية و




.. الجيش الإسرائيلي يحذر النازحين من العودة إلى شمال غزة


.. يونيسف: نحو 4 ملايين طفل دون الـ 5 يعانون من سوء التغذية




.. مراسل الجزيرة: أي غارة إسرائيلية على رفح توقع شهداء وجرحي لت