الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصَدُّع في ركائِز .. الحرية والمساواة والإخاء .. الجمهورية الفرنسية والتظاهر والإرهاب المتجدد ..

عصام محمد جميل مروة

2020 / 11 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


لن يتمكن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من تجاوز محنتهِ الحالية في القضاء على الإرهاب الذي اخذ منحى متجدداً بعد احداث تقطيع الرؤوس وعمليات ارهابية مماثلة كما حدث اثناء حكم الرئيس فرانسوا اولاند بعد عمليات شارلي ايبدو الشهيرة . لكن الرئيس الفرنسي الحالي قد يستفيد او يتعلم من الأخطاء السابقة وهذا يعني اول شيئ لا بد من تغييره هو التبديل والتشكيل الحكومي كما يجب حينما تتعرض الجمهورية الى خضات منها على سبيل المثال اعمال الإضرابات الشهيرة التي غيرت وجه فرنسا الحضاري بعد تسلم الشباب حكم الجمهورية الخامسة . فكيف سيتمكن ايمانويل ماكرون من التخلص والقضاء على الفوضى والإرهاب في نفس السياق . هنا يجب قراءة اعوام وقائع واحداث اعوام قليلة ماضية لكثرة تشابه وتعدد المخاطر .
كانت فرنسا من الدول الأوربية الاولى في وضع حد للتخلف وللإستعباد وللإستغلال للإنسان اولاً وأخيراً حسب ما نتج عن ذلك منذ مطلع بداية الثورة الفرنسية عام "1789"، الذي اصبح تاريخاً مجيداً طالما ادخل فرنسا في عالم التجدد والتنوير والتقدم ،بعد القضاء على كل أشكال الأنظمة الملكية وإستبدالها بشيئ من الديموقراطية ،وجعل البديل "اي الجمهورية وحكم الشعب" هو السائد تحت شعارات كثيرة وكبيرة لكنها أُختصرت في ثلاثة شعارات ما فتئت تداعياتها تنتشر مع الزمن والسرعة متسللة ً الى كل الشعوب واصبحت عدوى لا بد من "دوائها و تشربهِ وتجرعهِ" لعلهُ يُنعش عقول وقلوب الشعوب المتعطشة لذلك السلوك والمنحى المتجدد("الحرية"المساواة"الإخاء ")،
لكن مع مرور اكثر من قرنين من الزمن لم تزال الثورة الفرنسية تُطل ُ في إشعاعاتها وتنويرها وتمردها وتمركزها كقاعدة أساسية من أركان تطور الشعوب في قالبها الجديد والحديث الذي إرتقى في تسميته "الديموقراطية" .
لكن الذي حدث مؤخراً في بلد الحرية والمساواة والإخاء، على ما بدا لنا لم يكن في الحسبان بعد وصول رئيس الجمهورية الفرنسية الجديد "إيمانويل ماكرون" الى سدة الرئاسة منذ سنتين .حيثُ لم يكن متوقعاً هذا الانتصار للديموقراطية الغريبة والفريدة من نوعها في التقدم السريع، للرئيس الذي أسس حزباً متواضعاً معاً من اجل "الديموقراطية الى الامام". محققاً إنتصاراً على كل منافسيه من اليمين المتطرف الذي يعشق الوصول الى السلطة.وكانت "ماريان لوبين" من اكثر الخصوم لَهُ حيث نافسته في دورتين متتاليتين وكادت ان تنتصر،
كما ان احزاب اليسار وهم كثر لم يُسجِّلوا اي خروقات كانت تعكر على ماكرون التراجع .
لكن "جان لوى ميلانشون" رئيس حزب فرنسا المتمردة كان يقف مع حلفائهِ من الاشتراكيين والشيوعيين والوطنيين يستاؤن غضباً من وصول اصحاب رؤوس الأموال الى "قصر الاليزيه" يعني اخر نكسة تتصارع عليها الأحزاب اليسارية وقد تُعيقُ تقدم الأحزاب اليسارية والقضاء على امالها.
إذاً وصل ايمانويل ماكرون الرئيس الذي قالوا عَنْهُ انه " صوت الأغنياء" او بطريقة اسهل رئيس الطبقة" الأرستقراطية والبرجوازية الجديدة "التي اوصلتها الأصوات الانتخابية والشعبية في كافة المحافظات والمدن والارياف الفرنسية الذين كانوا يفتقدون الى الشعور بالامان في حال وصل اليمن او اليسار التقليديين الى الحكم من جديد لأن التجارب كانت غير مجدية؟
لكن الرئيس ماكرون كان قد وصل مع مجموعة جديدة من الشبان "الليبراليون الجدد" الذين كانوا وربما ما زالوا يسعون الى تمرير مشاريعهم في الإنماء والتقدم يعتمد على اصحاب رؤوس الأموال والاغنياء ،فلذلك وافقوا منذ التشكيل الاول للحكومة الفرنسية الجديدة تحت قيادة ايمانويل ماكرون في تخفيض "والغاء الضرائب" عن الممتلكات والشركات الكبرى التي يملكها الأغنياء، في تغطيةً تحت شعار" إستقدام الأموال يعتمد على خفض الضرائب"، وهذا بالفعل ما ساد منذ اليوم الاول بعد القرارات للحكومة الفرنسية في مطلع عهد ما سُميّ "حكومة الشباب"،
لكن وصولاً الى ما نحن نراه اليوم في شوارع العاصمة باريس من التجمع والدعوات الى التظاهر مع كل بداية "يوم السبت" منذ السابع عشر من الشهر المنصرم نوفمبر تشرين الثاني . حيث بلغت المظاهرات الكبيرة والضخمة تُحدِثُ ضجيجاً على كافة الاصعدة.وفي معظم المدن الفرنسية
"بوردو، تولوز، مارسيليا ،تولون ،ليون ، نيس، ،نانت ،سانت اتيان"
كما ان معظم الشعب الفرنسي الذي يُعَدُّ اكثر من "65 مليون نسمة" قد شعر او لم يكن ينتظر هذا الحدث الكبير في إستدعاء "عشرات الألاف من رجال الأمن والشرطة الفرنسية" في التصدى والوقوف في مواجهة اعنف مرحلة غضب شعبي نظمتها حملة "السترات الصفراء" والى الان لم تتوصل الحكومة الفرنسية الى محاورة المجموعة التي تُعتبرُ هي الداعية الى قيادة "الثورة الفرنسية الجديدة"، التي وإن كان سببها الاول والأخير هو "الزيادة للضريبة على المحروقات" والتى تتأثر بموجبها الطبقات الفقيرة والمعدومة والمسحوقة من الشعب الفرنسي الذي لم يرى في الرئيس ايمانويل ماكرون سوى ممثلاً للاغنياء .
الى ان وصلت الحصيلة الخطيرة للحراك الشعبي داخل شوارع باريس التي تستعد الى إستقبال زينة الأعياد الميلادية في شهر كانون الاول من كل عام حيث بدت المعالم السياحية الكبري التي تستقبل الملايين من السواح في جادة الشانزإليزيه إبتداءاً من قوس النصر الشهير وصولاً الى ساحات الحرية الكبيرة حولى مبني البرلمان وقصر الرئاسة وبرج ايفل .وإقفال المتاحف "اللوفر" والمسارح والمكتبات وإلغاء مواعيد منافسات كرة القدم .
جميعها كانت معرضة للفوضى الغير منتظرة!؟
كما شاهدنا كان المنظر فظيعاً في الشوارع التي تحولت الى ساحات من "الكر والفر" بين رجال الشرطة المدججين بالسلاح "والغاضبون الساخطون" على الرئيس والحكومة .
ووصلت الأمور الى تصادم دموي ادى الى جرح الألاف من الطرفين واعتقلت الشرطة المئات حسب التقارير التي اعلن عنها وزير الداخلية "كريستوف كاستينر" الذي قال انني اعتقد بإننا "فقدنا السيطرة على الشارع"، بعد عمليات التخريب والحريق للسيارات والحانات والمحلات التجارية في جادة الشانزإليزيه.
حيث كرر مؤكداً ذلك الكلام رئيس الوزراء الفرنسي "فرناردو فيليب " الذي اعلن عن الاتصال بالمسؤلين مباشرة مع "السترات الصفراء" في الدخول الى الحوار العلني من اجل اخماد نار التظاهر التي على ما يبدو إنها ذاهبة إتجاه التغيير.
وهناك من رفع شعارات لا عودة الى الوراء "
فليستقيل ماكرون" ،
بالرغم من المحاورة التي تجري الان وعلى ارفع مستواها إلا ان هناك ثغرات قد تسير مجموعات السترات الصفراء في تحقيقها وقد تكون بمثابة مخرج في شبه انتصار على الأغنياء ؟،
علماً الى هذه اللحظة لم يقدم لا اليمين تحت زعامة مارينا لوبين قيادتها للشارع في وجه خصمها وعدوها اللدود ماكرون الذي انتصر عليها بفارق بسيط من النقاط بعد انتخابات خاضتها لاول مرة الجبهة الوطنية وإحساسها بالإنتصار.
كما إن اليسار الى الان لم نراه يعلن عن إدراج مشاريع التظاهر في مقدمة وأولويات عمله من اجل المستقبل ،إنتفاضات إحتجاجات تظاهرات كانت اخر شعارات ثورة "الباستيل" حققت فوزاً أنذاك هل يتكرر الحدث اليوم؟
وإن هناك من يعتقد في تشابه ما بين تظاهرات الطلاب عام "1968" التي ادت في إستمرارها الى تحسين الحياة المعيشية للطبقات الفقيرة والمتوسطة الى فترات لا بأس بها من الزمن،
مما لا شك بهِ ان التصدع في شعارات فرنسا الكبرى إذا ما إستمرت سوف تُحدِثُ صفعةً جديدة على خدود من يستخِفُ في إستطاعة الشعوب ان تحقق مطالبها بكافة الأساليب وإن كانت كما يحصل في ساحات باريس،
عصام محمد جميل مروّة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد