الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور المواصفات الجيو- الهندسية لسدود دول المنبع في أثناء المفاوضات!؟ -سد النهضة الإثيوبي وسد إليسو التركي وسد داريان الإيراني مثالاً-

رمضان حمزة محمد
باحث

2020 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر المياه عامل حيوي لإستمرار صورة الحياة على كوكب الأرض، ويتعبر العنصر الأساسي في رسم سياسات الدول الكبرى، وتعتمد عليها أغلب الدول بشكل كبير لبناء المدن على ضفافها وزيادة الكثافة السكانية، ويشهد ملف المياه في العراق تحديدا العديد من الأزمات والصعوبات التي تحذر من جفاف قد يطال العديد من مدنه الكبيرة، مصطلحات مثل "السيطرة على المياه ،التحكم بمنابع المياه، شرارة صراع المياه " دخلت القاموس السياسي للدول وخاصة دول المنبع للأنهار، وأصبحت صراعات المياه تتصدرعناوين الصحف العالمية اليوم، العراق وسوريا مع تركيا وإيران، بينما مصروالسودان مع أثيوبيا.
التنبا بصراعات على المياه في المنطقة باتت اليوم تظهر ملامحها بصورة كبيرة ، فقد تشتد هذه النزاعات حول المياه.. وخاصة بين مصر وإثيوبيا حيث تلوح مصرعلناً بشن الحرب وتدمير سد النهضة الإثيوبي أذا لم يتم التوصل الى إتفاق عادل ينصف حقوق مصر المائية ولكن ماذا بشأن العراق..؟؟؟
المواصفات الجيو- الهندسية لسدود دول المنبع سيكون لها دور مهم في كسب المفاوضات وورقة رابحة لدول المصب إذا أحسن إستخدامها ومنها الموقع والتموضع الجيولوجي لسدود تركيا وإيران حيث معظم هذه السدود لها مشاكل جيولوجية من حيث كونها في مناطق تتميز بالصدوع والفوالق النشطة ولزالياً ، فمثلاً سدود تركيا ضمن مشروع "الكاب" التركي في هضبة الأناضول الذي هي حافة الصفيحة التكتونبة التركية التي تتصادم مع الصفيحة العربية التكتونية والسدود الإيرانية تقع على حزام زاكروس النشط زلزالياً بالإضاقة الى كونهم قريباً من الحدود السياسية للعراق مما يشكل خطراً محدقاً بسكان المنطقة الى الاسفل من موقع السد إذا لا سامح الله تم إنهيار أحد هذه السدود لأي سبب من الأسباب لاسامح الله، إثارة مثل هذه الحقائق معززة بدراسات علمية ومحاكاة الحاسوب سيكون مهماً في إحراج الطرف المقابل في أثناء المفاوضات.
وإن كانت مشكلة العراق وسورية مع تركيا وإيران تشبه مشكلة مصر والسودان مع إثيوبيا كوجهان لعملة واحدة كونهم دول وسط ومصب لأنهار دجلة والفرات والنيل، إلا أن كلُ من مصر والسودان مستمرتان في إجراء المفاوضات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة المُقام على النيل الأزرق. ولكن الغريب بالنسبة الى العراق أن موضوع المفاوضات غائب أجندة العراق السياسية والفنية مع كل من تركيا وايران وكأن في الموضوع شيئ خًفي بينما من المفروض أن يكون شأن الملف المائي من أكثر المواضيع تطرقاً في في محادثات الدولة العراقية مع من تركيا وإيران وخاصة كان الأمريكان في فترة طويلة لهم اليد الطولى في حكم العراق المباشر وحتى الآن ومن خلال توقيع الإتفاقيات الأستراتيجية مع الولايات المتحدة يفترض أن العراق قد أدرج في احد بنود الإتفاقية دعم العراق لحقوقها التاريخية والمشروعة في مياه نهري دجلة والفرات ..إذن ما هو السر وراء كون المفاوضات غير مطروحة في جميع الإتفاقيات السياسية والتجارية والأمنية مع كل من تركيا وإيران، يذكر أن مجلس الوزراء خول السيد وزير الموارد المائية صلاحية التوقيع على بروتوكول التعاون في ادارة مياه دجله بين العراق وتركيا، أليس هذا تهرب من المسؤولية التاريخية لان بروتول التعاون تكون ثمرة إتفاقية يشارك فيها كوفد مفاوض العديد من الوزارات وبالأخص وزارة الخارجية ..لان التوقيع على بروتوكول التعاون يعني وجود اتفاقيات معينة مسبقة والبروتوكول يختص بتعديل أو إضافة أو حذف بند من هذه الاتفاقية أو زيادة مدتها. لأن الاتفاقية هي اتفاق بين دولتين لهما شخصية قانونية دولية، يتضمن حقوق والتزامات، أما البرتوكول فيكون في العادة اتفاق جديد مُلحق باتفاقية قائمة، فهو يستمد مركزه القانوني وقوته من الاتفاقية الأصلية. لذلك نرى إن عدم تحريك العراق الملف المائي مع تركيا وإيران في المحافل الدولية، والعراق مقبلٌ على أزمة مائية يعني إعطائهم "الجمل بما حمل" ؟؟ كون مشاريع السدود التركية والإيرانية ستعمل شرخاً في المجتمع العراقي وبالأخص الريفي لفقدان الفلاح أرضه الزراعية وهجرة الريف وبالتالي تبديد نسيجه الإجتماعي؟
خبراء مصر والسودان يناقشون التفاصيل الدقيقة وتقييم سيناريوهات الملء التي تطرحها إثيوبيا في مفاوضاتهم مع إثيوبيا، في محاولة لفهم الرابط بين هندسة السد وقدراته على تصريف المياه، بينما يتفاجئ العراق من الإعلام التركي والإيراني بان مشروعهم المائي قد إنتهى ودخل حيز التشغيل الفعلي ويعلنون أن الفتح والغلق لبوبات سدودهم تكون حسب مصلحتم وليس لمراعاة حقوق دولة المصب ( العراق) والإجابة عن سؤال: ماذا سيحدث إذا انخفض مستوى المياه في بحيرة سد إليسو بعد الملء أو في أثنائه مثلاً ، كم من المياه حينئذ سيتدفق الى العراق وعلى سبيل المثال لا الحصر هذا العام بدأ الموسم جافا فكيف سيكون الحال لو كان الموسم كله جافاً لا سامح الله!!
نحن نرى وخاصة في هذه المرحلة الحرجة من السنة الهيدولوجية أن يكون هناك التعاون والتنسيق ومشاركة البيانات مطلب العراق من تركيا وإيران كونه أمرٌ جوهري لبيان حسنٌ النية والجيرة الحسنة وهذا اضعف الإيمان..
وفي نفس الوقت على العراق أن يتقدم بمقترح خاص يطلب من الدولتين الجلوس على مائدة المفاوضات بأشراك طرف دولي كطرف ثالث خلال أية جلسة عمل او مباحثات مع تركيا وإيران، ويضمن حقوق العراق العراق المائية وخاصة في حال حدوث موجة جفاف، فإن دولة المصب ( العراق) ستعاني شُحًّا مائيًّا، كما سيتأثر معدل الماء الوارد إلى دول المنبع، لكن بما أن الهدف من إنشاء سد إليسو هو لتوليد الكهرباء لتركيا، عليه فإن تمرير المياه سيُسهم في تشغيل التوربينات، وبالتالي تحقيق هذا الهدف وتخفيف عبء الجفاف من على كاهل دول المصب“.
ولكن الشيئ الذي يثر القلق هو أستمرار العمل في سد الجزرة (الجزيرة) ، وإن عملية استكمال البناء جارية على قدم وساق، مما يجعل التحكم بالمياه الواردة من سد إليسو بسبب تشغيل التوربينات من خلال سد الجزرة وبهذا ستكون هذه المنظومة المائية "خانقة للعراق" وتتحكم في كامل تصاريف مياه دجلة التي كانت تتدفق بحرية الى العراق قبل تنفيذ هذه المنظومة ، ”لأن هذه المنظومة ستكون المسؤولة عن تمرير مياه الفيضانات“،
وكذلك الحال مع مشروع "توب" الإيراني ومن أهم أجزاءه مشروع "سد داريان" في محافظة كرمانشاه الإيرانية، ويبعد عن الأراضي العراقية بـ (28 كم) وله تأثيرات مباشرة على سد دربنديخان في محافظة السليمانية وسد حمرين في محافظة ديالى، ويعتبر النهر بالإضافة إلى كونه مصدرا مهما لتأمين مياه الشرب والطاقة الكهربائية، شريان مشاريع الري وصيد الأسماك. ويتكون المشروع الإيراني من جزأين، الأول هو سد داريان لجمع مياه النهر، والثاني هو النفق المائي "نوسود" لنقل المياه الى أراضي خارج حوض النهر وبالتالي سيتم تغير مجرى المياه وهذه مخالفة قانونية صريحة ويتم الاستفادة منه لمشاريع الري الايرانية وإنتاج الكهرباء حيث بإمكانه توليد 230 ميغاواط من الكهرباء.
ولذلك يجب أن لايغيب عن البال بأن تتضمن جميع السيناريوهات التي سيطرحها العراق أن تأخذ في الاعتبار خطط تركيا وإيران لبناء سدود أخرى، وأن يراعي النموذج العراقي مدى الاحتياج المائي لنركيا وايران وسورية من الكهرباء، ومياه الري كون ذلك أحد أهم المؤثرات على كمية المياه التي سيجري تصريفها الى العراق الآن ومستقبلاً.؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الطائرات من دون طيار الفاعل الرئيسي الجديد في الحروب


.. سيول جارفة ضرب ولاية قريات في سلطنة عُمان




.. دمار مربع سكني بمخيم المغازي جراء القصف على غزة


.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: سنرد على إيران وقاعدة نيفاتيم




.. بايدن ينشغل بساعته الذكية أثناء حديث السوداني عن العلاقة بين