الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار المتمدن و صراع البقاء و الإرتقاء

بشير شريف البرغوثي
مؤلف

(Bashir Sharif Bargothe)

2020 / 11 / 6
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


شكّل موقع "الحوار المتمدن " منذ اطلاقته فضاء لتبادل الأفكار تميز بقسط وافر من الحرية التي جذبت كثيرا من الكتاب و المثقفين من مختلف المشارب الفكرية .
كانت الفكرة ريادية و عبقرية و كان لا بد لاستمرارها من إخلاص شديد من قبل مؤسسها الأستاذ عقراوي و من طاقمها المتطوعين , و كانت سقوف التوقعات عالية جدا – و لا تزال - حول ما يمكن لموقع الحوار المتمدن أن يضيفه إلى مسيرة التقدم و التمدن
كنت واحدا مثلا ممن حلموا بإنشاء محطة فضائية مهنية في عملها و ملتزمة بقيمها العليا الأساسية في توسيع دوائر المعرفة و تكريس أسس الحوار الهادف , وكان هذا الأمل مسوغا تماما لكل من راقب سلسلة المحاورين المحترمين من قادة الرأي عبر الحوار المتمدن. معظم هؤلاء أثبتوا أنهم محاورون أكفاء لا تنقصهم التجربة في إدارة برامج كاملة كل في تخصصه
لكن "الحوار المتمدن" ظل أسير ضآلة إمكانته المالية في كثير من النواحي اللازمة للتطور و التوسع النوعي , و هذا أمر مفهوم و من الصعب تخطيه في ظل الضوابط المسلكية التي انتهجها الموقع . يكفيه أنه ظل منبرا لم يخضع لتجاذبات البورصة الإعلامية .
و لكن المؤسف أيضا أنه لم يستطع مجاراة منابر اخرى أقل رصانة بكثير
بين التنوير و الإإبهار
ضوابط عمل الحوار المتمدن الأخلاقية تحد من وتيرة توفير الإمكانات اللازمة للتطوير من ناحيتين :
* أولهما : أنه لا يعتمد الإثارة لا الجنسية و لا العاطفية ... في وقت انفجرت فيه ثورة الإثارة بكل صنوفها و هيمنت على الإعلام و على مفردات الخطاب ... و حتى في البرامج الحوارية في مختلف المواقع الإعلامية الأخرى سادت عدمية الجدل و المعاكسة بهدف التحريض و استثارة العواطف المثارة و المكبوتة التي انفلتت من كل عقال .
طبيعي أن يجد الفكر الرصين أن هامشه ضيق جدا وسط هذا الصخب سواء من حيث سيطرة الإحتكارات الإعلامية العالمية و هي رأسمالية التوجه و أمريكية الوجهة كما تبين الأرقام الخاصة بموازناتها الفلكية أو من حيث سيطرة الحكومات على وسائل الإعلام
الإعلام يقوم على الإنبهار و ليس على التنوير الهاديء , و هنا يبدو الحوار المتمدن وكأنه يسير عكس التيار السائد سياسيا و تجاريا و فكريا
* السبب الثاني : الحوار المتمدن قدم نفسه و لا يزال على أنه مؤسسة يسارية و لا تسعى إلى تحقيق نفع مالي . هذا الإلتزام جعل الحفاظ على استمرار عمل الموقع تحديا عملاقا , لماذا؟
- لأن تفكك المنظومة الإشتراكية و ما كان لها من دور نشر عملاقة كدار التقدم و وكالات أنباء – سواء اتفقنا معها ام اختلفنا – قد ألقى عبئا مضاعفا على الحوار المتمدن لسد الفراغ و لإشباع حاجات المثقفين.
إن المعرفة لها سوقها ولها قواعد العرض و الطلب الخاصة بها . تقلص العرض بزوال مؤسسات اشتراكية كثيرة ... و لكن االطلب تقلص أيضا بشكل كارثي ... لأن قوى اليسار تشتتت في فج عميق و عقيم !
و لأن اليساريين الأحقاق فقراء بالحال عادة ... فقد صار كثير منهم يبحث عما يقيم أوده هنا و هناك أو حتى يبحث عن فرص للثراء السريع كي يعوض ما حرمته سنوات النضال من متع الدنيا
هنا بدا الحوار المتمدن و كأنه يسر عكس التيار أيضا .
عقدة التمويل الذاتي :لا يوجد كما أحسب أي قانون يمنع أية مؤسسة غير ذات هدف ربحي من تحقيق عوائد لتغطية التزاماتها و تطوير عملها و استئجار مقار لها , بل هناك قوانين تنظم هذه العملية
و هناك كتاب كثيرون لديهم إنتاج معرفي لا يرجون منه عائدا ماليا ... لكنهم لا يجدون الناشر المناسب أيضا ... فما الذي يمنع أن تطرح مكتبة التمدن كتبهم للبيع ... يمكن للكاتب ان يتبرع بحقوق الكتاب للحوار المتمدن أو أن يحصل على نسبة متواضعة يتم الإتفاق عليها .
لا يعني ذلك طبعا أن يحول الحوار المتمدن إلى ناشر بشكل كامل و لكن يمكن أن يقوم بهذه المهمة إما من موقع مكتبة التمدن أو حتى بإنشاء مؤسسة تابعة مختصة بالنشر
لا ننسى هنا أن كثيرا من الكتاب سيفضلون الحوار المتمدن حتى على الأمازون لأسباب فكرية , فما بالك لو اعتمد الحوار المتمدن آلية تسمح بدعم الحرف العربي في النشر ؟
للوضوع جوانب كثيرة , و إنما قصدت بهذه العجالة طرح الفكرة من حيث المبدأ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فكرة رائعة
ماجدة منصور ( 2020 / 11 / 6 - 09:36 )
فكرة رائعة بالفعل أستاذ بشير و أنا سأساند مكتبة الحوار المتمدن بكتاب لي كنت قد طبعته و نشرته في مصر و لكني لم استطع متابعة الناشر في مصر و ذلك لعدم مصداقيته و صعوبة التواصل معه و خاصة أني أعيش في استراليا.0
أتمنى من إدارة الحوار أن تأخذ مقالك بجدية و نحن على إستعداد كي ندعم الحوار بكل إمكانياتنا المادية و الفكرية.
الحوار المتمدن هو نافذة حقيقية للفكر الحر الذي منعته عنا الأنظمة القمعية و الإستبداية
شكرا لكم0


2 - شكرا على الرد
بشير شريف البرغوثي ( 2020 / 11 / 7 - 22:31 )
إذ أشكر لك تفضلك بالتعليق أستاذة ماجدة فإنني آمل أن لا تذهب الفكرة أدراج الرياح


3 - ليتهم يفعلوها
محمد البدري ( 2020 / 11 / 10 - 03:58 )
كم هي الكتب التي يحتاجها القارئ وغير متاحة علي الشبكة ولا حتي ورقيا.
منها علي سبيل المثال كتاب لا غني لاح عنه عنوانه مدخل الي الفلسفة من تاليف جون لويس ومن اصدارات دار الحقيقة في العراق وبيروت بل وصدرت منه نسخا في القاهرة.
شكرا جزيلا للفاضل بشير شريف البرغوثي للابداع والمبادرة


4 - شكر على التعليق
بشير شريف البرغوثي ( 2020 / 11 / 10 - 07:19 )
أشكرك أستاذ محمد على التعليق
أحسنت إذ أشرت إلى عدم توفر الكثير من الكتب الرصينة حتى على شبكة الإنترنت و هناك كتاب كثر يعانون الأمرين جراء ممارسات كثير من الناشرين العرب . كما أن موقع الحوار المتمدن قادر على إيصال الكتاب إلى أعداد كبيرة من القراء

اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران