الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة العربية الإسلامية (أطوار التحول من الغزو التوسعي إلى الانحطاط والتبعية والسقوط المدوي) 11

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 11 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مآثر "أكبر" التنويرية المبكرة
وسط أمواج كل هذه المِلَل والنِحَل المتلاطمة؛ استطاع هذا الامبراطور المغولي العظيم أن يفرض سياسة "الاختمار الثقافي/الديني" في ربوع الامبراطورية المغولية مترامية الأطراف. وأحب ديانة "ناناك" وأتباعها من الطائفة السيخية، التي تمردت على السلطة الكهنوتية لطبقة البراهمة، وهي التي مزجت بعض العناصر المستمدة من الصوفية الإسلامية بكتابها المقدس الهندوسي.
وقدمت نسقًا أخلاقيًا صارمًا لكل الأتباع، كبديل عن النسق الهندوسي/العنصري، والذي يختلف ويفرق بين طبقة وأخرى. ودعا "المعلمون الكبار" في الطائفة السيخية إلى التسامح، من خلال الاعتقاد بأنه لا يوجد هناك إله هندوسي وآخر مسلم، وانما إله واحد فقط في عقيدة توحيدية كعقيدة الإسلام.
ولذا انتشرت السيخية على نطاق واسع في شمال الهند، خاصة؛ بين الطبقات الحضرية/الأكثر تحضرًا، بالإضافة لطبقة العامة الدنيا ومعهم النساء. ولأن السيخية اتسمت بالتسامح والمساواة؛ أُعجِبَ بها الامبراطور العظيم "أكبر"؛ ومنحهم أرضًا واسعة أقاموا عليها معبدهم الذهبي "هارمندير صاحب" في "أمريستار" شمال غرب البنجاب.
وقد ذهب الامبراطور أكبر أبعد من ذلك؛ إذ منح الأراضي لعلماء كافة الأديان المختلفة الأخرى، عملا بمبدأ المسواة. لكن المسلمين أبوا (بتعالي وبنظرة فوقية) مساواتهم مع غيرهم من أتباع الطوائف الأخرى. ذلك التعالي الذي يفرضه عليهم دينهم؛ إذ يحرضهم قرآنهم على: ألا يهنوا وهم الأعلون! وقاموا بثورة قادها "حراس الشريعة الإسلامية المتعلمون" (1579-1580)؛ فسحقهم الامبراطور أكبر.
ليس هذا وحسب؛ بل ألغى "الجزية"، تلك الضريبة "غير الإنسانية"، التي كانت تفرضها الدولة الإسلامية على غير المسلمين بغيًا وعدوانا. وكلَّف علماء بترجمة النصوص الفلسفية/الدينية بين الفارسية والهندية. كما استعمل معلمًا يسوعيا؛ لتعليم ابنه، رغم أنه كان أميَّا؛ لكنه كان يدعم كوكبة متنوعة من دارسي الفلسفة وفقهاء الدين.
وجديرٌ بالذِكْر؛ أن "أكبر" كان الأسبق في إلغاء ضريبة "الجزية" الإسلامية، التي رآها – بحسه الإنساني- مخزية/مشينة، من الناحية الإنسانية. خاصةً؛ وأنها تُفرض تحت غطاء ديني/أخلاقي، على غير العادة ( تحت غطاء عسكري/سياسي). وهي ذات الناحية التي دفعت محمد سعيد باشا (والي مصر الخديوية) إلى إلغائها في العام 1855، وتبعهما المجتمع الدولي/الإنساني في العام 1807 في التأكيد على تعميم إلغائها ومعها إلغاء تجارة الرقيق عالميًا، برعاية الانجليز والأمريكان.

وللحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ