الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابداعات وعقد ليوناردو دافنشي

آزاد أحمد علي

2020 / 11 / 7
التربية والتعليم والبحث العلمي


غالبا نصادف عند متابعة سير المبدعين والشخصيات الاستثنائية التي مرت بتاريخ البشرية بعض المفارقات، بل حتى جوانب غريبة وأطباع حادة في حياتهم، كما قد تتداخل مسيرة ابداعهم وانتاجهم المثمر مع عقد مستديمة، مشكلات شخصية أو اجتماعية. خلال قراءة دراسة حول حياة ليوناردو دافنشي (1452 -1519) م، تفاجأت بجوانب من معاناته وتحديدا عقدته من عدم حصوله على الشهادة الجامعية عصرئذ. فليس غريبا أن ليوناردوا دافينشي لم يدخل الجامعة، ففي عصره كان هنالك العديد من أبناء المدن الأوربية الذين يدرسون ويتخرجون من الجامعات، لكن دافينشي لم يدرس في الجامعة، علما أن في مدينته فينشي التي عاش فيها حتى عام 1468م، كانت توجد جامعة، وكذلك في فلورنسا، التي انتقل اليها وعمل فيها لاحقا.. فالدراسة الجامعية كانت رائجة في ايطاليا عصر النهضة، حتى كان أبناء الطبقات الغنية والحاكمة يتباهىون بالدراسة الجامعية، لدرجة أن بات موضوع الشهادة والمرتبة الجامعية مشكلة بالنسبة له، فقد كانت حقا الجامعة من المرتبات الاجتماعية في ايطاليا عصر النهضة…
السؤال المستحق هو لماذا لم تشفع كل عبقرية دافنشي له، ولماذا لم يطغى انتاجه وابداعاته في الفن والعمارة والتشريح والميكانيكا والنبات على مجرد شهادة أو وثيقة تبين دراسته للجامعة؟ فأي خريج جامعي قام بجزء قليل من ما ابدعه دافنشي؟! لقد تخرج الملايين من الجامعات من بعد دافنشي في القطاعات والحقول التي ابدع فيها دافينشي، فلم يسبق لأي مهندس أن انجز ما صممه بل حتى نفذه دافنشي في حقلي العمارة والنحت على سبيل المثال لا الحصر. مع ذلك يبقى موضوع التباهي بالشهادة موضوعا يستحق التأمل، فهي معضلة قديمة - جديدة وشائكة.
هذا وقد بين ستيفن كلاين مؤلف كتاب (تراث دافينشي – كيف أعاد ليوناردو اكتشاف العالم من جديد) جوانب جديدة من مسيرة مدهشة لرجل متعدد المواهب والاهتمامات، فقد اكتشف دافينشي مسائل جوهرية وأصيلة في العلم والثقافة، وربما كان أبرزها، أنه "عدّ النظر هو أصل المعرفة، إلا أنه كان بعيداً كل البعد عن أن يثق بعينيه ثقة عمياء. ولما كان يراقب الأشياء بدقة فقد كان يعلم أيضاً كيف يمكن لحواس البشر أن تخدعه، لذلك سجل في مواقع كثيرة من مذكراته أن هناك أشياء لا يمكن أن تكون على نحو ما نراها، فقد لفت نظره مثلاً أننا نرى المباني من خلال الضباب أكثر حجماً أو أننا نرى من خلال منطقة صغيرة فقط من مجال رؤيتنا بشكل حاد وواضح، ولاحظ أيضاً أن الألوان على حافة أي مساحة تبدو أوضح وأكثر حيوية عنها في وسط المساحة.”
وأوضح كلاين أنه من هنا عمل ليوناردو دافينشي سنوات طويلة على إيجاد أساس أكثر صلابة لقواعد المنظور فقادته دراسته إلى البحث في قوانين الضوء، حيث استطاع أن يثبت أن الشيء يظهر بنصف حجمه فقط إذا ما وُضع على بُعد ضِعف المسافة من المشاهد. وكان ذلك بداية علم الظل والمنظور، فضلا عن قوانين الجمال والتناسق.
أخيرا في هذا الزمن وعلى الرغم من اختلاط الحابل بالنابل، وتداخل العلوم والمعارف وتفارقها في الوقت نفسه، وعلى الرغم من التدفق السلس للمعارف والعلوم، فبماسبة ظهور عقدة: (مستوى التحصيل العلمي لدافينشي)، لا بد من أن نشجع أفراد الجيل الجديد على الدخول في أحسن الجامعات وعدم الاستغناء عن الشهادة الجامعية، فاذا لم تشفع عبقرية دافنشي له عدم حصوله على شهادة جامعية، فكيف وبعد أكثر من خمسمائة عام على وفاته، أن لا يتأثر اي شخص بطريقة أو أخرى بمسألة عدم حصوله على الدرجة الجامعية؟ وكيف يستقيم قوامه النفسي في ظل ضجيج الملايين من حاملي الدرجات الجامعية وما بعدها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك