الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآثار الكارثية لمرحلة ترامب والدور الأوروبي المطلوب

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

2020 / 11 / 8
القضية الفلسطينية


وأخيرا رحل دونالد ترامب غير مأسوف عليه، فهو الرئيس الأميركي الأسوأ في التاريخ بالنسبة للعالم، وبالنسبة لشعوب العالم الثالث والعرب وبخاصة للفلسطينيين، بل غنه الرئيس الأسوأ للأميركيين أنفسهم، لا يعني ذلك حتما أن بايدن جيد للفلسطينيين والعرب، فهو على الأغلب سيتعامل مع نتائج مرحلة ترامب، ولأن المسألة المركزية هي ما الذي يفعله الفلسطينيون بأنفسهم وكيف يديرون شؤونهم ونضالهم وتحالفاتهم، وأية استراتيجة وتكتيكات يعتمدون لحمل العالم على الإقرار بحقوقهم، وقبل ذلك علينا أن نتوقف عند الآثار الكارثية التي خلفتها مرحلة ترامب.
فقد شهدت السنوات الثلاث الماضية اخطر ما تعرضت له القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني منذ إنشاء دولة إسرائيل، إنها محاولة لإنهاء القضية وإنهاء الصراع وكل ما يرتبط به من مطالب وادعاءات، وتحقيق تسوية إقليمية بين إسرائيل والعالم العربي دون حل القضية الفلسطينية ودون تحقيق الحد الأدنى من المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني التي أقرتها الشرعية الدولية والغالبية الساحقة من دول العالم باستثناء الولايات المتحدة وإسرائيل (في مناسبات مختلفة ما بين 135-140 دولة في الأمم المتحدة صوتت ضد قرارات ترامب ومع دولة فلسطينية على حدود العام 1967) ، وهي حق تقرير المصير بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وحق عودة اللاجئين وفق القرار الأممي 194.
هذا الخطر تمثل في ما أسمي صفقة القرن، وهي في الحقيقة ليست صفقة بين عدوّين أو خصمين كما يوحي اسمها، إنما هي اتفاق بين حليفين (ترامب ونتنياهو) بل ولمزيد من الدقة هي تبني الرئيس الأميركي ترامب لبرنامج بنيامين نتنياهو اليميني المتطرف لحل القضية الفلسطينية، وهو برنامج معلن في مناسبات عديدة ويقوم على استحالة تحقيق حل سياسي مع الفلسطينيين خلال الجيل الحالي، وأقصى ما يمكن تقديمه للفلسطينيين هو السلام الاقتصادي أي تحسين شروط الاحتلال، ورفض قيام دولة فلسطينية مستقلة، وقلب مبادرة السلام العربية رأسا على عقب بحيث يصبح التطبيع مع الدول العربية أولا، وحل لمشكلة الفلسطينية أخيرا.
يمكن تلخيص صفقة القرن بأنها انتقال الإدارة الأميركية من موقع الانحياز المطلق لإسرائيل ودعمها وتأييدها، وهو كان عليه الحال طيلة العهود السابقة حتى في ظل رعاية واشنطن للمفاوضات، إلى موقع الاصطفاف في خندق العداء للشعب الفلسطيني، اي من موقع توفير الحماية القانونية والمادية والسياسية لها سواء بالسلاح أو المال أو باستخدام حق النقض الفيتو، إلى موقع الضغط المستمر على السلطة لإجبارها على التنازل، ومحاصرتها ماليا، وإغلاق مكتبها في واشنطن
خمسة عوامل تجمعت وساهمت في بلورة هذه الصفقة وهي
• وجود ترامب في البيت الأبيض، وهو كسر التقاليد الرئاسية الأميركية المعمول بها منذ عشرات السنين وخلال كل عهود الإدارات الجمهورية والديمقراطية منذ هاري ترومان وحتى باراك اوباما، فاعترف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأميركية لها، وعاقب الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير ووكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة،
وعلى الأرجح أن هزيمة ترامب وخروجه من البيت الأبيض لن يصلح الدمار الذي ألحقه خلال سنوات حكمه الأربع،
• استقرار حكم اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل، وانهيار ما كان يسمى معسكر السلام الإسرائيلي الذي تبنى حل (الدولتين لشعبين)، وانزياح إسرائيل كلها، مجتمعا وأحزابا نحو اليمين واليمين المتطرف وهو ما تجسد في إقرار قانون القومية العنصري في تموز عام 2018
• الحالة العربية، الداعم الأساس والحاضنة للقضية الفلسطينية، وقد انشغلت هذه الحالة بحروب أهلية تدميرية، وانشغال بالذات، ونشوء أحلاف ومحاور ضد بعضها البعض، وضد إيران، وهو ما قاد وسهل مسلسل التطبيع الأخير.
• الضعف الداخلي الفلسطيني واستمرار الانقسام، وتباطؤ جهود المصالحة رغم الإقرار بأهميتها، والأزمات الداخلية للسلطة وغياب الانتخابات، بالإضافة للحصار المالي والاقتصادي
• سلبية المجتمع الدولي، والاكتفاء بالنقد اللفظي، وببعض الدعم المالي المشروط للسلطة الفلسطينية، والإحجام عن اتخاذ أي قرار عملي ضد إسرائيل بل مواصلة معاملتها على نحو مميز وتفضيلي

نحن على ثقة أن هذه التطورات ليست ضد الشعب الفلسطيني فقط، بل هي ضد البشرية وضد القانون الدولي، فمحاولة حل كقضية حساسة مثل القضية الفلسطينية بناء على عوامل القوة العسكرية نتائج الحروب السابقة، وليس وفق قرارات الشرعية الدولية، سوف تخلق سابقة خطيرة في القانون الدولي وتستبدله بشريعة الغاب والقوة فقط. كما أن تحول إسرائيل رسميا إلى دولة ابارتهايد، بعد إقرار قانون القومية، وترسيم الممارسات التمييزية ضد الشعب الفلسطيني، يتحدى مصداقية العالم وكل قوى الحرية والعدالة والتقدم والمساواة، ويضع كل ما وصلت إليه البشرية من معاهدات وقوانين محل شك. ويجب أن لا ننسى أن استمرار معاناة الفلسطينيين ستبقى مثالا صارخا على الظلم والإجحاف وغياب العدالة، وهذا بحد ذاته مولد لمزيد من الأزمات على مستوى العالم، ورافد يغذي كل أشكال التطرف والإرهاب.
اعتقد أنه يمكن لأوروبا، وخاصة للمجتمع المدني وقوى اليسار والتقدم أن تفعل الكثير لأن ما يجري يمس كل العالم ويمس أوروبا، ليس فقط بسبب استمرار أزمات الشرق الأوسط، والتي تصيب نارها الجوار الأوروبي بسبب غياب الأمن والاستقرار، إنما بسبب ما يقوم به اليمين الشعبوي ( ونتنياهو وترامب نموذجان له) من فرض النموذج القاسي والمتوحش للعولمة، العولمة القائمة على فرض إرادة الطرف القوى ومعاييره سواء في التجارة أو في مجال حقوق الإنسان والبيئة، بدلا من العولمة القائمة على التعاون بين الشعوب والدول لخير البشرية جمعاء.
• المطلوب من أوروبا أن تعترف بدولة فلسطين لأن ذلك يساهم في قطع الطريق على خيار الابارتهايد
• والمطلوب من أوروبا مراجعة اتفاقيات الشراكة مع إسرائيل والكف عن معاملتها معاملة تفضيلية وكأنها دولة فوق القانون
• والمطلوب أيضا مبادرة أوروبا للخروج من دور الشاهد الصمت، والعمل لعب دور مركزي ومحوري في حل القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أوروبا، وخاصة بريطانيا، كان لها دور حاسم في إنشاء إسرائيل والتسبب في نكبة الشعب الفلسطيني ، وعليها أن تعدل ولو جزء من آثار هذا الظلم التاريخي، من خلال دور سياسي فاعل ومتوازن وينسجم مع حجم أوروبا ومكانتها الدولية وجوارها للشرق الأوسط
• لا يمكن استمرار بالمساواة بين اللاسامية وانتقاد سياسة إسرائيل، هذا شكل غير مفهوم من معاقبة أوروبا لنفسها ولمبادئها، تجريم ا لبي دي اس، ومنع انتقاد الاحتلال؟؟ اليساريون الإسرائيليون ينتقدون حكومة إسرائيل اليمينية وممارساتها القمعية والفاشية، فلماذا يحرم ذلك على الأوروبيين والفلسطينيين والعرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة