الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الاستثمارات السعودية واستثمارات العتبات الدينية مجهولة الحسابات!

علاء اللامي

2020 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


منذ احتلال العراق سنة 2003 وثمة شيء يشبه "الاقطاع الكنسي" في أوروبا القرون الوسطى ينمو ويستفحل في العراق، ولا أحد من الباحثين والإعلاميين داخل وخارج نظام حكم المحاصصة الطائفية يجرؤ على مقاربته ومناقشته والمطالبة بكشف حساباته وأوراقه ألا وهو ما يسمى استثمارات العتبات المقدسة: أراض شاسعة تستأجر أو تشترى أو تمنح من الدولة الفاشلة لجهات وشخصيات وعتبات دينية، وقد تحولت إلى مزارع نخيل وأشجار مثمرة وبحيرات لتربية أسماك وأساطيل عربات للنقل البري ومطارات ضخمة ومستشفيات عامة وتخصصية وتجمعات وفنادق سكينة وترفيهية للأغنياء الجدد ومحدثي النعمة من فاسدي الأحزاب، بل وحتى مقابر خاصة ومن الدرجة الأولى لموتاهم، والجديد أنها بدأت تسعد للاستثمار في مجال النفط وبناء المصافي النفطية والمسيِّلات الغازية. كل هذه المرافق والإقطاعيات الاقتصادية الضخمة التي يسمونها مجازا "استثمارات العتبات المقدسة" هي بلا حسابات رسمية في دوائر الدولة الخاصة، ولا يعرف لها رأسمال محدد أو أرباح معلنة ولا ضرائب تقدم للدولة. لا يعرف شيء عن علاقتها بالدولة ووزارة المالية أو التخطيط ولكن لها علاقات قوية بجميع الوزارات لتقديم التسهيلات والمساعدات اللوجستية المجانية، بل أن بعض المشاريع لا يذكر اسم الدولة العراقية على لوحات التعريف بها، ويكتفى أحيانا باسم العتبة الفلانية "مطار كربلاء مثلا". إنها طبقة من القطط السمان المقدسة "برجوازية السحت" تنمو بشكل سرطاني، تحيط بها حاشية من المنتفعين والمتملقين والمعممين المتكرشين المأجورين تدافع عنها وترتبط معها بمصالح الربح السريع على حساب الدولة الفاشلة وشبه المفلسة وغير القادرة على تسديد رواتب موظفيها وعمالها. أما المجتمع الذي يعيش على حافة المجاعة تحت شعار "لا رواتب بدون اقتراض وديون"، فهو ضحية للمروجين والمضللين الذين يكررون قولهم (إذا كانت دولتكم فاشلة فاتركوا العتبات تخدم الشعب)، وهي في الحقيقة تسرق أموال وثروات الشعب دون رقيب أو حسيب او حضور للدولة، والويل كل الويل لمن يطالب بحسابات وأرقام! قبل أسبوع أعلنت "العتبة العباسية المقدسة" أنها استثمرت مليون دونم في صحراء السماوة لزراعة الأشجار وبطلب من الحكومة المحلية، وقد أفاد محافظ المثنى (في السياق نفسه ان مستثمرين سعوديين أبدوا رغبتهم وعبر المجلس (التنسيقي العراقي – السعودي)، بالمساهمة باستثمار مناطق بادية المحافظة، من خلال انشاء مصانع الألبان والبذور والأعلاف والمحاصيل الزراعية المختلفة). أي أن خبر استثمارات العتبة العباسية جاء في سياق الاتفاقية السعودية العراقية للاستثمار في المنطقة نفسها، فيا لها من مصادفات "مقدسة"! لقد أثار خبر الاتفاقية العراقية السعودية نوعا من الهستيريا الإعلامية الواسعة في الإعلام ومواقع الاتصال ذات النزوع الطائفي، لأن السعودية بالذات هي التي دخلت للاستثمار في تلك المنطقة، فجاء رد الفعل سريعا بالاتفاقية استثمار مليون دونم من قبل العتبة العباسية، وليس لأن تلك الاتفاقية مع السعودية جاءت تنفيذا لتوصيات جماعة كروكر الأميركية ودفعا للعراق على طريق التطبيع مع الكيان الصهيوني وتقريبه من حلفاء إسرائيل وأميركا، فهؤلاء المتكرشون الطائفيون لا يهمهم التطبيع مع الصهاينة ولا يهمهم أن يكون حذاء الاحتلال الأميركي على رؤوسهم بل يهمهم ألا يدخل خصمهم الطائفي السعودي شريكا لهم في الإقطاعيات الطائفية ويشاركهم في استغلال البقرة العراقية الحلوب التي يستغلونها ويجمعون أرباحها باسم الدين والحقوق الشرعية وفي أجواء من الصمت الجبناء والتملق الشامل الذي تبديه الأحزاب والقوى السياسية داخل وحتى خارج نظام المحاصصة الطائفية العميل للأجنبي! *يعرف الجميع أن العراق ليس فيه دولة حقيقية اليوم، بل هو عبارة عن مساحة جغرافية مفتوحة تصول وتجول فيها العصابات الطائفية والإثنية والعشائرية والعميلة والمخابرات الأجنبية وسفارات دول الجوار، ولكن هل يعرف أصحاب الاقطاعيات الدينية المتكاثرة والنامية أنهم لن ينجو مستقبلا بما نهبوا وراكموا من أموال وثروات العراق إذا جاع العراقيون وتحركوا؟ سيكشف ذات يوم عن الأرقام والأسماء والأرباح الحقيقية وأين جُمعت ومن جمعها؛ وحينها فقط، سوف يتذكر الجميع ما جاء في سورة "التوبة" (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ).
1-فيديو استثمار مليون دونم في بادية السماوة لتنفيذ مشاريع زراعية باستخدام أحدث التقنيات وذلك بطلب رسمي من الحكومة المحلية. للعلم رابط الفيديو لا ينفتح على بعض أنواع الهاتف المحمول أحيانا .. جربوا فتحه في الحاسوب الثابت :

1-فيديو استثمار مليون دونم في بادية السماوة لتنفيذ مشاريع زراعية باستخدام أحدث التقنيات وذلك بطلب رسمي من الحكومة المحلية.
https://www.facebook.com/100051826540647/videos/187172679686949
2-رابط الخبر في جريدة "الصباح" الرسمية والتي أسسها حاكم العراق الأميركي بول بريمر: العتبة العباسيَّة تستثمر مليون دونم في بادية المثنى.
https://alsabaah.iq/33896/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AA%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D8%A9-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%B1-%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%AF%D9%88%D9%86%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AB%D9%86%D9%89








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر