الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بازارات و شورجات و مافيات

عماد عبد اللطيف سالم

2020 / 11 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


الأزمات المُركبّة في العراق (الإقتصاديّة والمجتمعيّة والسياسية)، وما يتفرّع عنها من أزمات في "منظومات" الصحة والتعليم والقضاء و الإدارة ، والحُكم ، وإنفاذ القانون، وغيرها كثير.. ليست وليدة عواملَ مُستَجَدّة.
إنها مُركبّة ، و مُمتدّة ، ومُستدامة ، ولم يفعل COVID 19 شيئاً ، أكثر من تقديم أجل تفجيرها في وجوهنا .. من عام 2023أو عام 2024 (كما توقعّت دراسات سابقة، وطنيّة ودوليّة ، بصدد توقيت هذه الأزمات).. إلى عام 2020 ، الذي نواجه فيه ، هذا الذي نواجهه الآن.
العراق في أزمةٍ دائمة.
متى لم يكن العراق كذلك ؟
هذه حقيقة واقعة ، و "مُعطاة" .. فما الذي يمكن لنا أن نفعله إزاء ذلك ؟
لنترك كلّ شيء ، ونذهب إلى الإقتصاد ، في مُحاولةٍ يائسة ، وأخيرة ، لتقديم شيء ما.
تحاوِلُ كمواطن( بحكم عملكَ أو تخصّصك أو إهتمامك)، أن تضع إطاراً لعملٍ غير تقليدي، وأن تُقدّم حلولاً غير نمطيّة لـ "شلل" وعجز القطاع الخاص .. فتجد أنّ موضوع القطاع الخاص في العراق ، هو موضوع سياسي بإمتياز ، وإنّ "قضيّة" القطاع الخاص في العراق هي قضيّة سياسيّة ، وأنّ مشكلة عدم فاعليّة القطاع الخاص في العراق، هي مشكلة سياسية في المقام الأوّل .. وأنّ هناك "إرادات" سياسيّة لا تريد لهذا القطاع أن يكون مُنتِجاً وفاعِلاً ، و مُوَلِدّاً للدخل والوظائف ، بل لا تُريد ، ولا ترغب بأن يكون هناك قطاع خاص في العراق أصلاً (لا محلّي، ولا أجنبي) .. لكي لا تتضرّر "المنافع" المترتبة على النمط الحالي لـتجارة "المستوردات" ، ولكي تبقى مكاسب هذه "التجارة" ، مُقدّسةً ، لا تُمَسّ.
تذهب إلى التجارة الخارجيّة ، فتجد أن موضوع الإستيراد ، و "المنافذ" الحدوديّة ، والرسوم الجمركية، والنقل ، والمواصلات ، والموانيء ، والأرصفة .. هي ليست موضوعات لها علاقة بالإقتصاد، والسياسة التجاريّة ، والمصالح الإقتصاديّة الوطنيّة -"السيادية" العُليا ، بل هي موضوعات تقع في صُلب مصالح القوى السياسية المُتنفّذة في العراق، ومن يحاول المساس بهذه المصالح ، عليه أن يدفع الثمن غالياً ، بالعاجلِ أو بالآجل ، أو بالتقسيط "المُريح".
تذهب إلى السياسة المالية .. فتجِد الرواتب ، و الضرائب ، والقروض (الداخليةّ والخارجية) ، والإنفاق العام ، والإستثمار العام ، وغيرها .. هي موضوعات ذات صلة بـ "المزاج" السياسي للمُتنفّذين والمؤثرّين في الكتل والأحزاب الحاكمة و "المُتحكّمة" في العراق الحاليّ ، وهم الذين يضعون "قواعد" العمل الرئيسة لهذه "الأدوات" ، وهم الذين يفرضونَ "الصِيغ" الخاصة بصنع السياسات.
حتّى السياسة النقدية .. حتّى أسعار الفائدة .. حتّى سعر الصرف .. حتّى الإحتياطيّات الدولية .. حتّى حوّالات الخزينة .. حتّى نافذة بيع العملة، لم تعُد شأناً إقتصاديّاً خالِصاً ، بل هي موضوعات تقع في صُلب صراع مريرٍ بين أطرافٍ سياسيّة ، تتنازع بشراسة للحصول على أكبر حُصّةٍ من السلطة والثروة ، وعلى ما تبقّى من "فُتات" الموارد ، في هذا البلد المنكوب.
هل الإقتصاد ، والموازنة ، والسياسات الإقتصادية العامّة ، هي موضوعات لها "أبعاد" سياسية في نهاية المطاف؟
نعم .
هذا صحيح في "علم" السياسة ، كما هو صحيح في "علم" الإقتصاد .
غير أنّ الذي لدينا الآن ، هو لا "عِلم" سياسة .. ولا "عِلم" إقتصاد.
لدينا "بازارات" ، و "شورجات" ، عوضاً عن "مؤسسات" الإقتصاد الحديث.
لدينا "مافيات" مُستَقّرة ، تعتاش على "صيانة" نسبية لمصادر توليد الدخل والناتج ، بهدف إدامة مصادر "الأتاوات".. وليس لدينا "قيادات" دولة.
ولدينا أيضاً "عصابات جوّالة" ، تنهب كلّ ما يتاح لها نهبه ، وتلوذ بالفرار.
كيف يمكنُ لأيّ مواطنٍ ، يعتقِدُ أنّ بوسعهِ أن يُقدّم شيئاً ، أو يقتَرِحَ شيئاً ، أو يفعل شيئاً لهُ معنى ، وجدوى، أن يفعل شيئاً من ذلك ، في إطار "بيئةٍ" كهذه ؟
علينا أن نُفكّر جميعاً في تقديم إجابةٍ واضحةٍ وصريحةٍ ، و شُجاعَة ، عن هذا السؤال.
نحنُ الآنَ على حافّة الجُرْف.
ليس فوقنا شيء .. ولم يَعُد لنا شيء .. وليس تحت أقدامنا غير هاوية سحيقة، لن تكون رحيمةً بالضعفاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو