الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا بين إنقلابين ( 1960 - 1980) ... دراسة تاريخية و رؤيا سياسية . (( 4 )) .

حسن كعيد لواخ
كاتب وتربوي من العراق

(Hasan Gaeed)

2020 / 11 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اما بريطانيا فقد نظرت الى الانقلاب ، بإنه لا يؤثر على العلاقات التركية مع الدول الغربية ، لإنه مسألة صراع سياسي داخلي بين الحزبين السياسيين الكبيرين في تركيا ، حزب الشعب الجمهوري والحزب الديمقراطي ((42)). اما ردود الفعل السوفيتية ، فقد جاءت من راديو موسكو الذي نقل خبر الاإنقلاب كما أوردته وكالات الانباء العالمية * .. اما الموقف العربي الرسمي من الاإنقلاب فكان يتمحور ويتجسد في إتجاهين (( 43 )) ... الاول مع الانقلاب العسكري ... وهذا الموقف مثلته الانظمة الكولونيالية ( ذات الصبغة العسكرية )... فهذه الانظمة رأت في الانقلاب العسكري التركي تزكية ومحاكاة لانقلاب . وأعلن العراق من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الزعيم عبد الكريم قاسم * ، اعتراف العراق بالحكومة الجديدة في تركيا في 31 آيار عام 1960 ((44 )) ، أكد رئيس الوزراء العراقي : ( إن ما حدث في تركيا يعتبر تطورا داخليآ يهم مصلحة الاتراك ) . . الثاني / الرافض للإنقلاب العسكري ( المغرب - تونس - اليمن ) وغيرها ، وهذه الدول لم تؤيد الانقلاب العسكري التركي ولا تشرعنهى ، خشية إعطاء ضوء اخضر وسابقة جديدة لانفلات العسكر والإطاحة بالحكومات المدنية .. بغض النظر عن توجهات هذه الحكومات ( ديمقراطية او اوتوقراطية ) ..
بعد نجاح الانقلاب إتخذت حكوكة الوحدة الوطنية عدة إجراءات منها :
1 - إجراء حملة تطهير واسعة لعناصر الجيش التركي ، بدأت في كانون الاول عام 1960 م ، حيث تم إقالة خمسة آلاف ضابط بين عقيد ومقدم . لقد ظلت عمليات التطهير (( 45 ))في صفوف الجيش حتى بعد الانقلاب الاول * والثاني ** التي قام بها العقيد ( طلعت أدمير )***آمر الأكاديمية العسكرية في أنقرة ، وقد تم التطهير بذريعة ( تنظيف ) الجيش من العناصر الفاسدة والعاجزة وإعطائه زخمآ ودمآ جديدين .
2 - القيام بعملية تطهير الجامعات ، حيث شملت اساتذة الجامعات (( 46)) الذين اقيل منهم ( 147 ) أستاذآ في مختلف الكليات ، والاقتصادية وكليات التاريخ والاداب ، ولا سيما كلية الحقوق والعلوم السياسية ، بذريعة ان هؤلاء الاساتذة من اليمين المتطرف ومن انصار الحكم السابق ، او يساريين وشيوعيين يزرعون المباديء الهدامة في صفوف الطلاب ، كما شمل التطهير كبار موظفي الادارة والقضاء (( 47)) .
شكلت الحكومة لجنة للتحقيق مع المسؤولين والوزراء السابقين كما اسست محكمة عليا لمحاكمتهم ، وقد انتهت المحكمة من اجراءاتها في ايلول / سبتمبر 1961 م ، بعد ان مثل امامها ابتداء من 14 تشرين الاول 1960 م ( 592 ) شخصا ، وقد وجهت الى المتهمين تهمآ سياسية ، منها إنتهاك دستور 1924 م بإقامة نظام دكتاتوري ، واتهامات جنائية تتعلق بالتحريض والعصيان وارتكاب اعمال القتل ، وتهم تتعلق بقضايا الفساد والرشوة والمصادرة غير المشروعة للممتلكات (( 48)) ، وتهم اخرى الى ( عدنان مندريس ) رئيس الوزراء .
4 / إطلاق سراح السجناء السياسيين المناوئين لحكومة الديمقراطيين .
5 / منع الاحزاب موقتآ، بعد إعلان الحظر على انشطتها الحزبية بأشكالها كافة .
6 / إقرارتعديلات في قانون المطبوعات ، منعت فيه صدور صحافة الحزب الديمقراطي ، وسمحت بإصدار ما كانت قد منعت صدوره حكومة مندريس .
7 / الغاء دستور عام 1924 م .
8 / إعلان الأحكام العرفية في مدينة أنقرة ومدينة اسطنبول .
9 / الاعلان عن فترة انتقالية أمدها ثلاثة أشهر ، تعود بعدها الحياة السياسية الدستورية - ولكن بقيت تلك الفترة ما يقارب من 18 شهرآ خاضعة للاحكام العرفية ، اي من 27 آيار / مايو الى 16 تشرين الاول 1960 م .
10 / تشكيل لجنة من اساتذة الجامعات ومن فروع القانون ، من اجل وضع دستور جديد للبلاد ونظام انتخابي جديد .
11 / تشكيل جمعية تأسيسية * ، عرض عليها الدستور والقانون الانتخابي ، وقد بدأت الجمعية التأسيسية اعماله في 6 كانون الثاني 1960 م . وخلال الاجتماعات التي كانت تعقدها لجنة الوحدة الوطنية ، جرت مناقشات حول المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد ، ولا سيما مسألة تسليم الحكم للاحزاب السياسية .
ان مسك العسكر للسلطة اخذ بالتشظي والانقسام حول نقطة جوهرية مهمة ، الا وهي ( كيفية ومنهجية نقل الحكم وإعادته الى السلطة المدنية )، اي بمعنى اخر .. ماهي الخطوات والاسس الواجب اتباعها لاعادة قيادة الدولة الى ( الحياة والصيغ الدستورية المعمول بها ) ، سيما بعد الغاء دستور 1924 م ... وقد تبلور ازاء ذلك اتجاهان ومعسكران :
الاتجاه الاول / ويسمى بتيار المعتدلين او الدستوريين في لجنة الوحدة الوطنية . وقد تزعم هذا الاتجاه ( جمال كوسيل ) و ( جمال أوغلو ) ، وقد تبنى هذا التيار فكرة اعادة وتسليم السلطة ، الى القوى السياسية المدنية ، وفق انتخابات برلمانية عاجلة ، و وفق ضوابط دستورية سابقة بهذا الاتجاه .
الاتجاه الثاني / ويسمى بتيار الكولنياليين ( اصحاب الميول الراديكالية ) بزعامة الكولونيل ( آلب ارسلان توركيش ) الذي يتطلع لإحتفاظ العسكر بالسلطة لمدة لا تقل عن اربع سنوات ، ثم يصار الى انتخابات نيابية ، بغية نقل الحكم الى السلطة المدنية ((50)) ...وقد اطلق الباحثون الاتراك على هذا الاتجاه ( تكتل الاربعة عشر) ، اشارة الى عدد الضباط والقادة العسكريين الذين ايدوا الكولونيل ( ارسلان ) في رؤيته هذه ...
وهنا نرى ان الجنرال جمال كورسيل احد قادة الانقلاب كان غير مؤيد البتّة ، مثل هكذا اطروحات وتوجهات قيادية - سلطوية ، كهذه ، ذات صبغة كولونيالية ، لعلمه اليقيني ، ان مسك العسكر للسلطة طيلة اربع سنوات سيجعل الدولة التركية ( العلمانية - الديمقراطية )تتجه نحو الدكتاتورية الكولونيالية ، وسوف يفسر الانقلاب على انه رغبة بالسيطرة على السلطة ، وليس لتصحيح المسار السياسي والحكمي للديمقراطيين بزعامة مندريس ؛ ويذكر ان الجنرال جمال كورسيل لم يتمكن من ثني هذه المجموعة او تغيير وجهة نظرها (( 51)) ، فلجأ الى اتخاذ قرار بطرد هؤلاء من لجنة الوحدة الوطنية ، وألف لجنة جديدة ضمّت ( 23 ) عضوآ، وتم تسفير ( توركيش ) ومن أيده من الضباط الى خارج البلاد ، حيث تم تعيينهم في السلك الدبلوماسي كلحقين عسكريين ، وكان ذلك في 13 تشرين الثاني 1960م .


سلطة العسكر ... الفترة الانتقالية ..

في يوم 28 مايس 1960 م وهو اليوم التالي للإنقلاب ، شكلت الوزارة الجديدة برئاسة الجنرال جمال كورسيل الذي اصبح رئيسآ للجنة الوحدة الوطنية ، وكانت بمثابة المجلس التشريعي - واشترطوا ان لا يكون اعضاء الوزارة من المنتمين الى الاحزاب السياسية (( 52)) ، وقول جلسة من جلسات لجنة الوحدة الوطنية ، وقد ضمت الوزارة التي وصفت بأنها (وزارة تكنوقراط ) سبعة عشر وزيرآ من العسكريين والمدنيين ، وقد احتفظ جمال كورسيل بحقيبة الدفاع ، كما اسندت وزارتي النقل والداخلية الى اثنين من الجنرالات . أما بقية الوزارات فقد اسندت الى شخصيات اختصاصية مدنية غير حزبية . وعند مناقشة التشكيلة الوزارية ، كان بعض الضباط يميلون الى إدخال ممثليهم لإشغال بعض المناصب الوزارية ، الا ان الجنرال ( جمال مادان اوغلو ) وقف ضد ذلك الاقتراح وتلك الرغبة ، من دون الاخذ به ..
خلال الفترة الانتقالية التي بدأت منذ تشكيل اول حكومة بعد الانقلاب ، اي في 28 /5 / 1960 م برئاسة الجنرال ( كورسيل ) - كما ذكرنا - والتي لم تعمر طويلا ، اذ استقالت في 31 / 8 / 1960 م ، -استمرت ثلاثة اشهر واربعة ايام - أعقبتها حكومة اخرى برئاسة جمال كوسيل ايضا ، واستمرت حتى 15 تشرين الاول ، اي ان الفترة الانتقالية استمرت حوالي سنة وستة اشهر ، حيث حلت لجنة الوحدة الوطنية نفسها ، وأجريت اول انتخابات برلمانية في 15 تشرين الاول عام 1961م (( 53)) ...
(( للموضوع بقية )) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي