الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبليس والموت والسد بين مواريث آدم وذي القرنين / أمريكا الحدث الدائم ...

مروان صباح

2020 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


/ هو صاحب البشرية جمعاء ، إن كانوا يتفقون معه أو يختلفون ، الشهير بتغريداته ومناكفاته ومشاحناته وطرده وإهداء قلمه بعد التوقيع ، الرئيس ترمب الذي ألهب الأمريكين لحنين الماضي ، فكيف يمكن لشخص مثلي أن لا تثير شخصيته عندي حافز التنقيب ، بل هو جزء من تكويني الشخصي الذي يحمل شغفاً بالحفر في باطن ترب الآخرين ، بالأخص مع بلد كأمريكا التى أطلقت على مدنها وقراها ما يقارب 312 أسم من أسماء العواصم والمدن والقرى العربية ، وهذا يعود لأن الأمريكيون كانوا ومازالوا ينظرون للشرق الأوسط كمصدر إثارة وإلهام ، بل هو فعل يراد منه إنعاش الذاكرة القومية ، لكي لا ننسى ، وبالرغم من كثافة المظاهر ، إلا أنها لم تفلح في إكنان مضمون أخر ، يفضح التقصير الذي تحول إلى تقليد ، فولاية كاليفورنيا تحولت إلى عقدة لحزب الجمهوري الأمريكي ، تحديداً بعد تولي الرئيس بيل كلينتون إدارة البيت الأبيض ، أُدرجت هذه الولاية التى تُلقب بالجغرافيا الذهبية في صندوق حزب الديمقراطي ، وكان أبناءها قد هاجروا إليها بسبب شعار ذاع صيته ( الركض وراء الذهب ) وايضاً عرفت بولاية الليبراليين ، ولاية جمعت بين التجارة والصناعة والثقافة والملاهي والإنتاج السينمائي وخرج منها العديد من الشخصيات البارزة ويُعتبر دخلها الأكبر قومياً ، يبلغ عوائدها السنوية ب 2,7 تيلويرن دولار وبالتالي تقدمت على إيطاليا والهند وهي الأضخم من الناحية الاقتصادية بين الولايات الأخرى ، هذه الولاية بفضل إرتفاع أعداد سكانيها تمتلك الحصة الأكبر في المجمع الانتخابي ، الذي جعل من المرشح الجمهوري إلى الرئاسة أن يدخل السباق وهو خاسر 55 صوتاً ، في المقابل ، هذه الأصوات تجعل من المرشح الديمقراطي تماماً في وضعية مريحة ، بل لم تكن هذه الخطيئة الوحيدة التى تجاهلها الحزب الجمهوري ، لقد أعتقدوا من يرسمون سياسات الحزب أنهم يقطنون في دولة نقية من الأقوام والشعوب والأديان ، أو مازالوا يرون بأن الأقلية ليست لها التأثير في حسم السباق الانتخابي ، كما أن الجمهوريون أخفقوا أن يصنعوا إعلام بديل عن الإعلان المناصر لليبراليين الاشتراكيون ، وبالتالي من أهم ما قدمه الإعلام أثناء وقبل الانتخابات ، هو التسامح مع الأقليات وأظهر لجمهورها خطورة خطاب ترمب الشعبوي .

في لفته أخر ثاقبة وبصرف النظر عن التقارير التى يحررها بعض الأشخاص ، رصناء كانوا أم محررين ضعفاء ، لقد منحوا البيض بعد مشوار طويل من العبودية للسود حق المواطنة الكاملة ، وهذا سمح لهم أن يبرزوا ويتفانوا في مجالات عدة ، تحولت علامات مسلجة بلونهم ، كلعبة كرة السلة أو الملاكمة أو في مجال الموسيقى والغناء ، فهؤلاء عندما يُطلِق الحكم صفارته في الملاعب والحلبات أو تنطفئ الأضواء فوق خشبات المسارح ، الشوارع الأمريكية تخلو تماماً ، إذن لا يمكن إنكار أن الولايات المتحدة تأسست على الكفاءة ومن هو كفؤ له الحق بتولي إدارة شؤون الناس ، لكي يقدم لهم الخدمة الأفضل ، وبالتالي إنكارهم أو عدم معرفة حجمهم سيضاعف المهمة على المنكر ، وبالرغم من كل هذا ، لقد وضعت الكنائس البروتستانتنية كل ثقلها وراء دعم دونالد ترمب للرئاسة الثانية ، وبالفعل جاءت النتيجة كبيرة ولم تكن متوقعة على الإطلاق بهذا الحجم ، وايضاً من جانب آخر ، وبعيداً عن الشعبوية ، هناك من صوت لصالحه خوفاً من رفع الضرائب ، ومن ناحية آخر ، هناك من هو متخوف من سيطرة الاشتراكيين ، بل هناك مِّن هو قلقاً من استكمال مشروع الرئيس الأسبق اوباما بالاعتماد على الطاقم البديلة التى بها سيخسر وظيفته ، لكن ولاية الرئيس ترمب سجلت بالتأكيد نجاحات كبرى ، لقد خفضت إدارته الضرائب والإعفاءات الحكومية ، واستطاعت تعين في المحكمة العليا قضاة من المحافظين وأعادت فتح المصانع الكبرى من خلال علاقاته الشخصية مع الخليج العربي ووطن التصنيع في البلد ، بعد محاصرته للصينين ، ولولا فيروس كوفيد 19 ( الوباء ) وتصرفاته الصبيانية التى استفزت وعززت المخاوف عند الكثير أثناء إدارته للوباء ، كانت أرصدته عالية جداً بحكم زيادة الأجور بواقع 5% بين الأوساط الأكثر فقراً من العمال ، بل عزز الثقة بين الشركات الصغيرة بعد ما كانت معدومة ، لم تشهدها الولايات المتحدة منذ ثلاثون عاماً ، بالإضافة لقتله لزعيم داعش وإنهاء تنظيم الدولة ، وتصفية قاسم سليماني بعملية مباغتة ، الذي يعتبر مولد الكهربائي للحرس الثوري خارج إيران ، كما أن البيت الأبيض شهد ثلاثة اتفاقيات سلام بين العرب وإسرائيل ، وبالتالي قلب الموازين في الشرق الأوسط وصنع حدود اشتباك جديدة وفتح طريق عريض وطويل من الاقتصاد العابر ، وشكل عقدة للصينيين أسمها البيت الأبيض .

يتيح هنا الواقع للسائل أن يجد الإجابة على تساؤله ، كيف أستطاع حزب الديمقراطي في ظل الترامبية المؤثرة بشكل واسع أن يتنافس معها ويحقق أصوات يتفوق على منافسه في مناطق كثيرة ، وبالتالي الكثير من المحليين يعتقدون العكس صحيح ، وهذا لعدم معرفتهم بالبنيوية التى قامت عليها الولايات ، لقد غفل حزب الجمهوري عن التعديلات السكانية للولايات المتحدة ، فالبيض اليوم يشكلون فقط 60 % وفي عام 2055م صحيح أنهم سيبقون المكون الأكبر لكنهم سيفقدون الأغلبية ، لأن حسب الاحصائيات السكانية تشير التقارير ، أن المواطنين من الأصل الإسباني والآسيوي سيتضاعف تعدادهم إلى ثلاثة مرات ، وحسب التقديرات سيصبح البيض نسبتهم 48% ، أما الإسبان 24% ، والآسيويو 14% ،والسود 13% ، وفي إعتبار آخر ، بلغت في عام 2016م ، نسبة سكان الولايات المتحدة من أصول الأجنبية 14% ، بينما كانت نسبتهم عام 1965م ، 4% ، بل ما يغفل عنه الحزبين ، أن ولادات الأمريكان في الخارج وصلت اليوم إلى 19% ، وهؤلاء جميعاً يحق لهم في المستقبل المشاركة بالتصويت ، وبالتالي هؤلاء ايضاً لديهم ثقافتهم الخاصة وآرائهم ويتأثرون بسياسات الأوطان التى يعيشون بها والتى بدورها تعكس على نتائج الانتخابات ، ايضاً مازالت أمريكا تعاني بشكل كبير من توحيد مواطنيها بلغة واحدة ، الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية بحدود 80% ، لكن يوجد 13% من المواطنين يتحدثون الإسبانية وليس لهم الرغبة بتغير هذه الثقافة ، وهذا ايضاً ركيزة اعتمد عليها حزب الديمقراطي واستطاع استقطاب هؤلاء لصالح مرشحه ، في المقابل ، راهن الحزب الجمهوري على تحالف الكنائس البروتستانتية دون أن يصنع تحالفات أخرى ، على سبيل المثال ، يهود أمريكا نسبتهم من المجتمع الأمريكي فقط 2% ، لكن ثقافتهم طاغية على المستوى الفدرالي الأمريكي من خلال تحالفات اقتصادية وثقافية واجتماعية وعسكرية ودبلوماسية ، ايضاً في جانب آخر لا يقل أهمية عما أسلفنا ، يوجد بين العدد الكلي لقاطنين الولايات المتحدة ، من يتبع مذهب لا دين ، هؤلاء نسبتهم تصل إلى 22% ، بل مكونهم قد يكون الوحيد الذي يشكل الشباب غالبيته ، بخلاف ما هو قائم في المجتمع الأمريكي بصفة عامة ، الذي يعاني كثافة بالشيخوخة ونقص بالشباب .

لا يصح في هذا التوقيت الدقيق أن نقفز عن ملفات يختلف حولها الكثير ، أو حتى يسجال أحياناً العديد حول مصيرها ويختلق البعض سيناريوهات أقرب للخيال ، وبهذا ، فإن التوضيح الصريح ، يأتي بلا تردد أو إدخار أو مخاتلة ، فإن علاقة المملكة العربية السعودية بالبيت الأبيض أعمق مما يتصورها البعض ، لدى السعودية استثمارات في البورصة الأمريكية 1,4 تريليون دولار وايضاً تساهم باستثماراتها في القطاع الصناعي ب2,5 تريليون دولار ، كما عقدت صفقات لتزويدها بالسلاح بقيمة 478 مليار دولار ، ولدى وزارة الدفاع الأمريكية عقد مبرم مع الرياض من أجل الصيانة العسكرية يقدر بالملايين الدولارات سنوياً ، في جانب آخر ، تعمل كبريات الشركات الأمريكية حالياً على إنشاء مفاعل نووية بتكلفة 91 مليار كمرحلة أولى ، بالإضافة لكل ذلك ، يحظى سوق السيارات بالحصة الأكبر ، فالجتمع السعودي يُعتبر من كبار المستوردين للسيارات الأمريكية ، بإجمالي 18 مليار دولار سنوياً وهذا الرقم لا يشمل الصيانة وقطع الغيار ، أما التبادل التجاري يبلغ 245 مليار دولار سنوياً ، وإذا ما عرج المرء على المجال التعليمي ، سيجد هناك 200 ألف طالب سعودي تتكلف المملكة بدفع 30 ألف دولار سنوياً للفرد باستثناء الإنفاقات الشهرية التى ينفقها الطلاب بشكل شخصي ، بل قبل إغلاق هذه الفقرة من المقال لا بد من الإشارة لعقد المطارات ، هناك عقد مُقرر بقيمة 360 مليار دولار ، وبالمحصلة ، لا يوجد عاقل في الإرادة الأمريكية أو الكونغرس أو أي زاوية يصنع فيها القرار ، أن يفكر أو مجرد التفكير في نقل هذه الصفقات إلى دول أخرى منافسة لواشنطن ، فالعلاقة أعمق من إدارة تأتي وأخرى تذهب .

خلاصة الخلاصات ، الأمريكيون وهنا أعني تحديداً النخب ، يشتركون في أم الفكرة التى ولِدت عليها إمبراطوريتهم ، فكرة عولمة الدنيا ، وبالتالي كيف يمكن لجغرافيا تبتعد كل هذا البعد تتحكم في تصرفات البشر لولا أن العولمة أصابت الفرد من ساسه لرأسه ، بل النخب الأمريكية يشبهون بلادهم بالقطار ، الذي سيبقى يسير على السكة ذاتها ، وكل ما يُقدم من مطارحات غير ذلك ، ليست سوى خلط بين المتغيرات التى تطرأ على القطارات من فترة إلى أخرى وايضاً أشكال السائقين ، فالمتغيرات لا تعني أبداً أن النهج والطريق تغيرا ابداً .

أمر أخر يستحق الإشارة له ومن باب التقيم ، في بلد لا يستكثر المراقب عليه ميزة مبتكر الأفكار ، ففكرة كنعان الثاني قامت في جوهرها على ضرورة إعادة ترتيب وتجهيز العالم وتحضيره لمجيئ المنتظر ( المسيح ) ، وللمسيح نائب ، وحالياً يقود قيادة القطار ، وبالتالي الجميع ينسق مع النائب والنائب يتعامل مع الجميع ، بل ، المفهوم الأوسع بين النخب الأمريكيون ، يشير بوضح ، بضرورة تجنب التورط في انتفاضات شعبية عربية ، لأن الربيع سيتحول قريباً لشتاء ، وهذا ناتج عن مسألتين ، الأولى لأن الجمهوريات تحولت إلى مماليك والأحزاب أصبحت وراثية والأندية العادية ايضاً عائلية ، بالمعنى الحرفي لكلمة مماليك ، والأمر الآخر ، المجتمع العربي يمتلك ذهنية بدوية وبالتالي ينحاز دائماً للقوي ، وبالتالي هذه الشخصية تعيش كامل حياته في حالة التربص ، تنتظر فرصة القفز من السفينة الغارقة إلى السفينة المبحرة ، وايضاً هي في حالة انتظار للحدث ، كما هو حال المنطقة بالكامل ، فأبناء الأمة الإسلامية العربية لا يصنعون الحدث ، بل في خلاصة أعمق من الأخيرة ، الإنسان يأتي إلى الدنيا خاسر كما هي خسارة حزب الجمهوري في ولاية كاليفورنيا ، بين انتظاره للموت ومكادحته لعدواً تقليدياً ، الشيطان ( المتخفي ) يراك من حيث لا تراه ، وبالتالي في مراجعة آدمية بحتة ، الشيء الوحيد الذي خلفه آدم الاب لأولاده هو عداوة إبليس ، بالطبع ، إكتملت القصة عندما قام ذي القرنين ببناء السد الذي حشر به قوم يأجوج ومأجوج ، وهنا لتتصور البشرية ماذا سيفعلون المحشورين بعد كل هذا الحشر بأحفاد من حشرهم ، وقد كان الروسي بافلوف قدم للبشرية نظرية الحرمان والحشر ، فحكاية الإنسان حكاية ، إذن في فلسفة خاصة لا تخطئها العقول الوازنة ، عندما المراقب يشاهد قوافل من المحليين والسياسيين والشخصيات العربية يقدمون اعتقاداتهم للأحداث أو تصوراتهم للمستقبل ، ليس أمامه سوى السقوط أرضاً من الضحك على أمة ضحكت منها الأمم ، فالأمريكي اليوم ، تمكن من صنع كبسولة تسمى فرجين هايبرلوب ، وظيفتها نقل الأشخاص والبضائع بسرعة تصل إلى 966 كم بالساعة وبالتالي بفضل الكبسولة تقلصت المسافة بين نيويورك وواشنطن إلى نصف ساعة ، أما السؤال الذي يُلح على المرء إلحاحاً ، هل يستوي من يصنع التاريخ وآخر يسمع عنه ، بل ثقافة التشليح بين القوى الكبرى ليست بالمسألة الجديدة على البشرية ، وهي صناعة إبليسية بإمتياز ، لأنه هو لا سواه كان السبب في تشّليح منافسه الإنسان ، وهذا يتطابق ايضاً مع العالم ، الجميع عريانين حتى تكسيهم القوى الكبرى ، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية ، وهذا بالفعل ما أثبتته الانتخابات الأخيرة ، البشرية جمعاء راقبت الحدث الانتخابي لحظة بلحظة وتراقب تباعاته .والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر