الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس الأميركي الجديد المشترىٰ

رضي السماك

2020 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



أجرت صحيفة " نيويوركر " قبل يومين من الانتخابات الرئاسية الاميركية حواراً مع المفكر اليساري نعوم تشومسكي وبدا فيها شديد الحنق والسخط على الرئيس الفاشل دونالد ترامب ، ووصفه بأنه " أسوأ مجرم في تاريخ البشرية " وأن الولايات المتحدة في عهده بعيدة كل البعد عن الديمقراطيات الغربية ، ولم يتردد عن تأييد التصويت لمنافسه جو بايدن . وفي الواقع لم يكن هذا فقط موقف المفكر اليساري المعروف بانتقاداته للديمقراطيين والجمهوريين على السواء ؛ بل انعقد اليسار بشتى تلاوينه داخل المؤسسة السياسية والمجتمع ، وبضمنه اليسار الماركسي ، على اتخاذ موقف مماثل بغية حرمان ترامب من ولاية ثانية و التعجيل بإخراجه من البيت الأبيض لما يشكله كل يوم جديد من وجوده فيه من كابوس يجثم على الشعب الاميركي وشعوب العالم جمعاء ، بل وحتى حلفاء بلاده الذين لا يخفون امتعاضهم من سياساته الخرقاء سارع الكثير منهم بتهنئة خصمه الفائز بايدن فور إعلان النتيجة . ومع أن الخاسر ترامب يعدأفضل من عبّر عن الرأسمالية المتوحشة في في طورها المتجرد من كل قيم وأخلاق إنسانية ، إلا أن الفائز بايدن يظل مديناً في فوزه للنظام السياسي الرأسمالي الذي اشتراه ، وتحديداً قطاع رجال الأعمال والشركات المتضررة من سياسات ترامب الاقتصادية . وحينما يكون الرئيس الجديد مشترى فلا مجال للتعويل على استقلاليته إلا بشكل نسبي للغاية ؛ إذ سيظل مرتهناً في إرادته لمصالح مشتريه بالدرجة الأولى ، إن في السياسة الداخلية وإن في السياسة الخارجية .
في شهر مارس / آذار من عام 2000 نشرت مجلة Multinational Monitor الاميركية تحت عنوان " شراء رئيس " حواراً مع الكاتب الصحفي الاميركي الشهير تشارلز لويس وهو في الوقت نفسه صاحب كتاب بهذا العنوان . وقد أوضح الكاتب بجلاء كيف يقف كبار المليارديرية والشركات الكبرى خلف تمويل حملتي مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري مقابل ما تكسبه العديد من الجهات المتبرعة لمصالحها من المرشح الفائز ، في حين يعجز المرشحون الشرفاء عن مضاهاتهما في التمويل لحملاتهم ويأنفون دخول مثل هذا الماراثون .
وقُدر ما لا يقل عن 30 مليار دولار بمعايير ذلك الزمان حجم ما تدفق على كلا المرشحين قبل عام من موعد الانتخابات ، وهو حصيلة 250 حفلة لجمع التبرعات ، علماً بأنه ازدادت حيل ووسائل التستر على حجم التبرعات خلال الأربع سنوات التي سبقت انتخابات عام 2000 . وفي الوقت الذي شرع الحزب الجمهوري في الثمانينات للحصول على تبرعات وول ستريت وشركة اتلنتيك روتشفيلد كان الديمقراطيون يتلقون تبرعاتهم من هوليوود ونجومها وشركة الاتصالات فيها ؛ في حين كانت ثمة علاقات مالية حميمية تربط المرشح في ذلك الوقت آل جور بشركة أوسيندنتال بتروليم . أما جورج بوش الإبن فقد تمكن من جمع 40 مليون دولار خلال دورتين انتخابيتين بفضل سخاء تبرعات أضخم شركات النفط في ولاية تكساس .
على أن وكالة الأنباء الفرنسية ( وفقاً لقصاصة نحتفظ بها ) قدرت حينئذ حجم تمويل بوش ب 176 مليون دولار ؛ بينما جمع آل جور 128 مليون دولار ، كما قدر إجمالي ما انفق على مرشحي الرئاسة والكونجرس بما في ذلك الحملات المحلية بكلفة إجمالية ثلاثة بلايين دولار واُعتبرت حينها الأعلى في تاريخ الانتخابات الاميركية .
فماذا عن وضع الحملات الانتخابية الأخيرة بعض مرور عقدين على تلك الانتخابات الآنفة الذكر ؟
حسب تقرير لموقع " الخليج أونلاين " صدر قبل يوم من الانتخابات فإنه خلص إلى أن حجم تمويل الحملات الانتخابية الرئاسية فقط هو الأعلى في تاريخ الحملات الانتخابية عشرة مليارات دولار ؛ بما يفوق الناتج القومي لدولتي تشاد وغينيا الاستوائية . وقد أنفق بايدن أكثر من 94 مليون دولار على الإعلانات التلفزيونية والاذاعية والرقمية في حين أنفق ترامب في هذا المجال 41 مليون دولار .
الأهم من ذلك فإن التقرير يؤكد بأن الممولين غير الرسميين مثل جماعات الضغط وكبار رجال الأعمال الذين يعولون على قرارات الرئيس الفائز بما يخدم مصالحهم هم من يقفون وراء ضخ معظم تلك الأموال . ولذلك نرى التقرير يؤكد ما سبق أن خلصت إليه صحيفة … بأن الانفاق الإنتخابي في تاريخ الولايات المتحدة هو بمثابة مال سياسي ولا يعد نزيهاً ولطالما أفلح الحزبان ومرشحاه التلاعب والاحتيال على رقابته القانونية . وليس غياب تكافؤ الفرص والشفافية في المعركة الانتخابية هو ما يميز أعرق دولة رأسمالية ما فتئت تتشدق بديمقراطيتها المزيفة فحسب ، بل أن نظامها الانتخابي المتقادم تعتوره العدالة الانتخابية من حيث مدى صدقية تمثيله السود والمرأة والشباب والأعراق المختلف والطبقات الدُنيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اول مره اقراء لك ياسماك واصبت بخيبة امل كبيره
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2020 / 11 / 13 - 04:18 )
انا بمكانك ساتسمى بالزوري -تحياتي


2 - ما الهدف من الطرح
حميد خنجي ( 2020 / 11 / 13 - 07:59 )
مادام الكاتب اخيرا فتح المجال للتعليقات، الأمر الذي لم يحسب له في الماضي. حيث اتمنى من السايت أن لايسمح ابدا بإغلاق مجال
التعليقات
... حسنا. أنا أيضا لم افهم بالضبط ما أراد أن يقوله ويحلله الكاتب عدا أن بايدن مشترى
ت


3 - لا إله إلا أميركا !
ساسين ( 2020 / 11 / 13 - 14:22 )
المقالة لن تعجب عشاق ماما أميركا ، و لن تنال قبول الهائمين إعجابا بمزايا و فضائل نموذج الليبرالية الجديدة الأميركية الأشد توحشا . و المتأمركون لا يقبلون الطعن في صدقية الديمقراطية - الليبرالية - الاميركية ، التي لا يمكن أن تسمح لاشتراكي أو يساري (و لو من طراز إصلاحوي تلفيقي كبيرني ساندرز) أن يصل إلى البيت الابيض . فليس غريبا أن تتعرض هذه المقالة لوابل من الأصفار أو وابل من طوب التعليقات المستاءة ، يقذف بها المتأمركون - و ما أكثرهم هنا ، و ما أكثر المتأسلمين أيضا - نيلا من محتوى المقالة و نيلا من كاتبها الذي تجرأ على ماما أميركا و ديمقراطيتها الراسمالية . ثم و يا للغرابة ، نقرأ مقالا هنا و الف تعليق هناك ينتقد اصحابُها الكتاب الذين يمنعون التعليق على مقالاتهم (تجنبا للصداع) !

اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء