الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاليليو ( 1564 م. _ 1642 م. )

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2020 / 11 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



ولد جاليليو غاليليه في مدينة بيزا (Pisa) في عام 1564، وتوفي في عام 1642، أي في السنة ذاتها التي ولد فيها نيوتن.

يعتبر جاليليو "رائد المنهج التجريبي- الرياضي في دراسة الطبيعة، كان مولعاً بالرياضيات والفيزياء، وهو من الرموز الخالدة في علم الفلك، كان لاكتشافاته الفلكية بواسطة تلسكوب صممه بنفسه وأطلق عليه اسم "كولومبس السماء"، صنع جاليليو تلسكوبه الخاص، وعلى الرغم من أنه لم يكن مخترع التلسكوب، لكنه كان الأول الذي وظفه؛ المعرفة التي حصل عليها بواسطته في النزاع حول نظريتي مركزية الأرض ومركزية الشمس، وبواسطة تلسكوبه الجديد حقق غاليليو اكتشافات مهمة: شاهد جبالاً وودياناً على القمر. وكانت النتيجة هي المعرفة بأن القمر ليس بالكرة الكاملة، كما كان الاعتقاد السابق"([1]).

أصدر عدد من الدراسات التي تناقض مع فلسفة ومنهج أرسطو ، مؤكداً عبر نظرياته في الحركة، اعتبار الأرض تدور حول الشمس متحدياً العقيدة الأرسطية، والعقيدة المسيحية مما أثار عليه الكرادلة ومحاكم التفتيش واتهموه بالكفر، وعلى أثر ذلك امتنع عن الكتابة لمدة 7 سنوات، ثم بعد ذلك وضع كتاب أظهر فيه الحقائق العلمية التي آمن بها حول الكواكب والأرض والشمس.. إلخ مؤكداً ان "منظاره أو تلسكوبه أصدق من كل الكتب المقدسة".

كان إيديولوجيي الكنيسة يعتبرون البرهان على صحة نظرية كوبرنيك وبرونو مستحيلاً؛ وبعد اكتشاف جاليليو أصبح مؤكداً صحة هذه النظرية.. لذا أصدرت الكنيسة مرسوماً بتحريم نشر أية أفكار عنها واعتبرت كل ما صدر عنها كتب محرمة؛ إن آراء جاليليو هذه أحالته إلى محاكم التفتيش، فاعتقلوه وجرت محاكمته الشهيرة في 1633/02/13 التي اضطر فيها شكلياً إلى أن يتبرأ من "ضلالاته" و"أوهامه" وخرج من السجن بعد هذه "البراءة" ليؤكد بعد ذلك بصوت عال وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة .. إنها تدور … إنها تــــدور!!

فلسفة جاليليو: "ترتكز على مسألتين أساسيتين هما: 1- المعرفة العلمية . 2- المنهج العلمي.

فقد اعتبر جاليليو أن المنطق الصوري الأرسطي قاصر عن اكتشاف حقائق جديدة ، ومن هنا ذهب صوب الاستقراء والتجربة"([2])، باختصار، ان المعرفة العلمية عند جاليليو تأتي من خلال العقل والتجربة والملاحظة، ستيفن هوكنج العالم الفيزيائي الأشهر قال عن جاليليو: "ان مولد العلم الحديث يعود إلى جاليليو"،"أماانشتاين فقال عن جاليليو أنه أب العلم الحديث".

تميزت فلسفته بمعطيات مادية في كل استنتاجاتها بالرغم من النزعة المثالية في مقدماتها التي تتبدى في نظرته لأصل المجموعة الشمسية، فعلى الرغم من قناعته بلا نهائية العالم حاول تفسير بنيان الكون بقوله: " إن الله خلق العالم في زمن معين، ووضع الشمس في مركزه، ووهب الكواكب حركتها باتجاه الشمس عندما غير في نقطة معينة حركتها من مستقيمة إلى دائرية وهنا يتوقف الفعل الإلهي حيث تتولى الطبيعة امتلاك قانونياتها الموضوعية الذاتية التي يدرسها العلم وحده".

يعتبر جاليليو من أبرز مفكري ذلك العصر الذين صاغوا النظرة الديئية([3])deism إلى الطبيعة التي إعتنقها عدد من فلاسفة ومفكري القرنين السابع عشر والثامن عشر؛ أسهمت هذه النظرة إلى جانب أصحاب النزعة الإنسانية والفلسفة البانتيئية (وحدة الوجود) في تعزيز وتطور الفلسفة العقلانية والمنهج المادي العلمي كمنطلقات أساسية لعصر النهضة"([4]).

من الناحية الفيزيائية، بدا –عند جاليليو- القمر مشابها للأرض، كما اكتشف غاليليو أن الكوكب فينوس (Venus = الزهرة) له مظاهر تشبه وجوه القمر، ورأى ما لا يقل عن أربعة أقمار تدور حول الكوب جوبيتر (Jupiter = المشتري). كما اكتشف بقعاً مظلمة (بقعاً شمسية) و"مشاعل" على سطح الشمس، وعلى هذا الأساس يعتبره العديد من العلماء والفيبزيائيين، أعظم فيزيائي ظهر في التاريخ بعد نيوتن، لأنه انجز أموراً كثيرة في الفلك بأدوات بسيطة ، وخاصة صناعته للتلسكوب الذي اكتشف من خلاله العديد من الكواكب إلى جانب اكتشافه ان الأرض تدور حول الشمس، وكان اكتشاف الأقمار التي تدور في فلك المشتري إضعافاً لحجة مركزية الأرض.

وبالطريقة نفسها أسس غاليليو سلسلة من الأدلة العرضية التفصيلية قضت تدريجياً على نظرية مركزية الأرض. ونشر اهم الاكتشافات في الأطروحة القصيرة "رسول من النجوم" (1610)، ورأى غاليليو أن النظريات العلمية هي التي يجب أن تكون أداتنا في عملية تفسير نصوص الكتاب المقدس. لذا، يجب أن يتكيف تفسير الكتاب المقدس مع العلوم الطبيعية. وعندئذ يكون العلماء في وضع أفضل من اللاهوتيين لفهم الكتاب المقدس.

كان الإسهام الفلسفي الأهم الذي قدمه غاليليو متمثلاً في "تفكيك" العالم الأرسطي، والقضاء على النظرة الغائية للطبيعة، وقد استبدل العالم الأرسطي بعالم هندسي، أو بعالم إقليدس، وهذا معناه استبدال عالم هرمي ومحدود بعالم مفتوح ولا متناهٍ "([5]).

وفي هذا السياق، فإن من الطبيعي النظر إلى غاليليو وإسحاق نيوتن (1642 – 1727) كممثلين للعلوم الطبيعية الرياضياتية– الاختبارية، ففي عملهما بدأ علم الفيزياء الجديد يتشكل متنازعاً مع التعليم الأرسطي.

في عام 1992 أعاد الفاتيكان الاعتبار لجاليلو وأقام له تمثال في ايطاليا .




([1]) جماعة من الأساتذة السوفيات – موجز تاريخ الفلسفة - تعريب: توفيق ابراهيم سلوم - دار الفارابي – طبعة ثالثة (1979 م) – ص 226

([2]) المرجع نفسه – ص 229

([3]) الديئية أو الربوبية هى الاعتقاد بوجود اله كسبب أولى لا شخصى للعالم ،والعالم من وجه نظر الديئية قد تُرِكَ لفعل قوانينة الخاصة بعد أن خُلِقْ، أنكرت هذة النظرية العناية الالهية وأعتبر مؤيدوها من أصحاب المذاهب الالحادى ،ومن أنصارها فيما بعد . فولتير وروسو فى فرنسا-وجون لوك ونيوتن فى انجلترا.

([4]) جماعة من الأساتذة السوفيت – مرجع سبق ذكره – موجز تاريخ الفلسفة – ص 225

([5]) مرجع سبق ذكره - غنارسكيربك و نلز غيلجي – تاريخ الفكر الغربي - ص 349 / 356








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير