الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ المدرسة

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2020 / 11 / 17
الادب والفن


تتداخل مؤسسة التربية والتعليم في ماضي الإنسانية مع بنية المقدس والديني وسائر البنيات الأخرى، حتى الشِعري منها، لدى كل الحضارات باختلاف فضائها وزمنها. وتعود البدايات الأولى للاهتمام بالفكر التربوي والتعليمي إلى العراق القديم، وتشهد على ذلك مجموعُ الرُّقُوقْ والشواهد الأثرية التي لا تزال ماثلة لتشهد على تلك الطفرة المعرفية التي خطاها الإنسان من مجتمع مشاعي إلى مجتمع زراعي يحيا فيه حياة التمدن والاستقرار، الوضع الذي يتطلب بُنى اقتصادية وإدارية وسياسية واجتماعية من أجل حفظ النظام، فكان لتقدم الكتابة أثره على الحياة، إذ وازته هندسة تربوية وتعليمية (حوالي 3000 سنة ق.م) ، الأمر الذي مكن الحضارة السومرية من البقاء لمدة طويلة في نسخها العديدة: الآكادية، البابلية، الآشورية....
كان نشوء المدرسة نتيجة مباشرة لاختراع طريقة الكتابة المسمارية، وهي بهيئة كتابة صورية، كانت كل علامة في ذلك الخط عبارة عن صورة لشيء مادي، وقد اقتبستها ـ في هيئتها الأخيرة الاصطلاحية ـ جميع الأقوام المتحضرة تقريبا في آسيا الغربية، ونجم عن ذلك أن صار درس اللغة السومرية والأدب السومري درسا أساسيا تتعلمه الطبقات المتعلمة، التي كانت محدودة في عددها، ولكنها ذات نفوذ جسيم في مجتمعات الشرق وبحر المتوسط.
أمكن التعرف على النظام التعليمي وعلى الطرق التربوية المتّبعة وبرامج التعليم، إبان الألف الثالث لما قبل الميلاد، إذ عثر على لوحات عديدة تحمل فروض التلاميذ أثناء تعلّمهم فن الكتابة، من المستوى الابتدائي إلى مستوى التخرّج الثانوي، ولم يكن التعليم مقتصرا على الفتيان فقط بل نجد فتيات كاتبات وأمينات سر، ويشتغل النظام التعليمي عبر نظام حجرات خاصة بالتدريس وأستاذ لكل مادة.
وقد قام هذا النظام التربوي والتعليمي على ثلاث حريات، من تلك الحريات الأربع، التي ننادي بها في عصرنا الراهن، ألا وهي: التحرر من الخوف والتحرر من الحاجة والتحرر من الحرب... إلا أن التعليم في هذه المرحلة كان مقتصرا على طبقة معينة، هي الطبقة الحاكمة ومحيطها، في حين ظلت الجماهير بعيدة عن التعليم، ترتبط في عملها بكل ما هو يدوي.
نجد في "الجبتانا" وهو الكتاب المقدس للمصريين القدماء وفي أسفاره التكوينية إشارة للمدرسة ولفعل الكتابة في المعابد، حيث يقوم التلاميذ بنسخ النصوص المقدّسة وحفظ الآداب القديمة، ويستنسخون قصائد للتدرب على الكتابة، ويرى بعض أساتذة فقه اللغة منهم لويس عوض أن كلمة ـ تلمود ـ مأخوذة عن الجذر المصري لكلمة *تلميذ*. (يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي