الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لَوْ (2)

يحيى علوان

2020 / 11 / 18
الادب والفن


لو قيلَ لي أمامكَ خياران .. لأخترتُ الثالث !!
عَسايَ أُرتِّبَ النسيانَ .. وأتعلّم من دروس عَثَراتي !
أُوَضِّبَ أحلامي بصورةٍ مُغايرة ..
وأَنتقي بدايةً أخرى لولادتي ، كيفما أُشتهي أنا ..
لا بطلاً ، لا قُرباناً ، ولا ديكاً عاطلاً يبحثُ عن كَومَةِ قُمامةٍ يَعتليها ..!
فقَدْ أَقوى في ليلِ البردِ على البرد ...
.......................
يَصفَعُني صوتٌ كأنه آتٍ من بئرٍ جفَّ ماؤه ،
+ هيهــــــات !! إنكَ تطلبُ المستحيل .. قد فاتَ الأوان !
* مَنْ أنتَ أيُّها الرمادي ؟ !
وماذا تُريدُ منّي ؟!
أتهزأُ مِنّي تُقلِّدُني كالسَعدانْ .. ؟!
أرفَعُ يُمنايَ ، ترفعُ يُسراكَ ..
أجلِسُ ، تَجلسْ .. أكتبُ ، تُديرُ ظهرَكَ !
أحقّاً أنتَ أنا ؟!
متى إلتقينا ، ومتى إفترقنا ؟
هلْ وجدتَ نفسَكَ حينَ عُدتَ ناقصاً مِنّي ؟!
+.. أَمَا تَدري ؟! كلُّ شيءٍ تغيَّر ، حتى الديارُ ، لم تَعُدْ تلكَ الديارْ ..!
لا شيءَ يحدثُ اليومَ ، لا أَحَدَ يسأل عن الغد .. !
.........................
* لمْ أَنسَ ، يا أنتَ ،كيف نَزَلنا مع الهابطينَ من المراكب ،
مُتعبينَ من رُعافِ بحرٍ مُجَعّد السقف ،
نستنشِقُ هواءً بارداً ، غيرَ مُمَلَّحٍ قادماً من كَهفِ الليلِ ..
تَمزَّقتِ اللحظةُ .. فتناثرَ جسَدُ الوقت ،
سكونٌ مُخيفٌ .. في الأُذنِ طنين ،
وقتَها كانَ الله يُعلِنُ ، عبر المذياع ، عجزَه عن وقفِ المذبحة ،
إذْ تكاثرَ القَتَلَةُ والقتلى سواءً بسواء ..
تَسمّرتُ .. لا أنظرُ إلى شيءٍ مُحدَّد ..
ما كنتُ أُريدُ شيئاً ، ولا أقدرُ على إدارةِ نفسي ..
لا وقتَ للوقت .. لَمْ أعرف كيف أُنظِّمُ زُحامَ الوجومِ والحيرة ..!
لَمْ أُفكِّر بتأطير اليومِ المولودِ من نَشيجٍ ، ولا حتى بحصتي منه كي أوقِفَه على قدمين ..
لَمْ أسمعْ في الراديو أنّي مَيّت ، مَعنى ذلكَ أَنّي حيٌّ .. فنِمتُ بعد أَنْ
زَجَرتُ قلبي حينَ حاولَ أنْ يَنُطَ من بينِ جوانحي ..
من دون إفاضة في التأويل والمجاز ، لا شيءَ سوى سماء صامتة !
لا أَحَدْ .....
لا أَحَدَ يحمل الوردَ في إنتظارنا ،
لا أحدَ يسألُ عن أخبارنا ..كأنَّ ذاكرتَهم قد تَكسَّرَتْ ..
عُدنا مُهشَّمينَ ، حُبالى بـ"تجارِب ورؤىً" ... !
لَمْ نَفقَه كيفَ يولَدُ الغُفَاةُ من خَرابٍ .. وكيفَ إلى خَرابٍ يعودون ؟!
.........................
مَنسيونَ ، منسيونَ ..
لم يتعرّفْ علينا أحدٌ ..
نُسامحهم ونجترُّ أناشيدَ طفولتنا ،
إذْ لَمْ يبقَ من اللغةِ غيرَ دمعةٍ ساخنة على جُرحٍ في الهويَّةِ ،
من كمائن ماضٍ عتيقٍ صَيَّروه " جديداً "!
..........................
أنا العائدُ ، فمنْ تكون أنتَ ؟!
أنا العائدُ .. أمشي كأني غيري ..
خَرَجتُ من " أنايَ " إلى سوايَ ، ومن رؤايَ إلى خُطايَ ..
حينَ نقَّرَ الطيرُ الحاءَ من اسمي ..
غَدَوتُ غيري .. مثل آلهةٍ ثَكلى ، فُجِعَتْ بعِبادِها !
........................
تأخّرَ قطارُ الأحلام ، لم أعدْ أملكُ غيرَ بَحّة الذكرى ،
ثروةٌ من الخسارات وآمالٍ سَئمَتْ إنتظارَ تَشَيّؤهِا ،
رُحتُ أنامُ مثلَ ذئبٍ .. عينٌ مُغمضةٌ تَحرُسُ أحلامي ،
وأُخرى شاخصةٌ تُجابِه مِخرَزَ الراهن !
صِرتُ مُكتظّاً بي ...
أسفَحُ أوهاماً تدفاُتُ بها في خُطايَ ، أوصلتني إلى ما كنتُ أتحاشاه !
تناسَلتْ أسئلتي ،
رُحتُ أَتأَبطُها وأُهاجر ..
.. من أقصاه إلى أقصاه ، عَبَرتُ خرائطَ الكابوسِ دونَ بوصَلَة أو عُدَّةٍ .. إلاّ الحنين ،
أصرخُ : مَنْ يُطفىءُ ناراً في آخر المسافة تَشرئبُّ للوقيعةِ بالجميع ؟!!
ما رَدَّ أَحدٌ غير جَلجَلَةِ الصدى ...
مُتعدِّدٌ في أَنايَ ، أَتوَحَّدُ في الليل ،
أمشي مُحتَرزًا ..
أنا ذاكرةُ الدروبِ ، تَطرُقُ بابَ المستحيلْ !


+ لا بأس عليك ! مَنْ يستولدُ أسئلةً جادّةً سيحيا ، ويتحرّرُ من عبادةِ الأمس !
فإنْ أردتَ الوصولَ إلى نَفْسِكَ الجموحَ ، لا تسلُك الطُرُقَ الواضحةَ والمعبَّدَة !
* كلا .. ! كلا .. ! لمْ تكن تلك غايتي ..
ما إنفكّتْ أسئلتي الأولى تَتَذكّرني :
مَنْ خَلَقَ الله ؟! مَنْ شَقَّ القَمَرَ فوقَ بلادي الشقيّة ؟!
+ لماذا كَبرتَ ، يا أنتَ ، بسرعة ؟!
كنتَ ستَحيا أطولَ لو شَبِعتَ طفولةً ..
عُمرُكَ أحلامٌ لم تَتَفَتَّحْ ، مثل عاشقةٍ تنتظرُ اللاشيء ،
غدٌ لا يكِفُّ عن الإعتذار : " نسيتُكَ ، فلا تنتظرني " ،
وأمسٌ يقولُ : " إنتظرتكَ ، لكنكَ تأخّرتَ ، فمعذرةً " !!
* إستعجلتُ كي أبلُغَ الحكمةَ وأهتدي إلى سرِّ الكون ..
لكن ما نَفعُ الحكمةِ من دونِ فتُوَّة ؟؟
كَبرنا ، يا هذا .. وكذا السورُ المُدافع عن خسارتنا ..
رائحةُ البخور ،
القرفة ،
الحرمَلْ ..
كلُّها تقولُ أَنّا ما زِلنا هناكَ / هنا مهما إنفَصَلَ الزمانُ عن المكان !
وأنا طريدٌ مرتين !!
لديَّ كفاية من الماضي ، وينقُصُني غدٌ ..
+ غَدٌ .. ؟! سيصبحُ ماضياً ..!!
يُقهقهُ فيه الفَرَجُ داعراً على أدراج " القَدَرْ "..
مثل سحابٍ عاقِرٍ .. إنقَطعَ نَسْلُه ، فضَيَّعَ " خَراجَه "!
* لمْ يبقَ لي ما يكفي لإنتظاره .. عَلَّه يَملُّ من لعبته الدميمة معنا ..
فيتصالحُ ، في الأقلِّ ، مع مَنْ يأتي بعدَنا .. !!
........................
حينَ أسترجِعُ أنفاسَ ذاكرتي أجدني إبنُ أُمي وأبي .. لكنني كذلك إبنُ نفسي ..
إبن خياراتي مُذ حمَلتُ صليبي وشَجَجْتُ وجه البهجَةِ المُزيَّفةِ !
لمْ أكنْ ولداً سعيداً كي أقولَ : الأمسُ أَحلى !
لَبِستُ " طاقيَّةَ " العيشِ دون إرادةٍ منّي !
وما زلتُ أحيا ، ليس بسببٍ منْ حذاقتي أو فِطنَتي ! بل لأنَّ الموتَ أخطأني غير مرة ..
فغدوتُ قادراً على التذكُّر والتحرُّر ..
مُكتظّاً بي ، أَخُطُّ وصيَّتي تَقَطَّرُ مداداً قبل طلوعِ الفجر ..
أُرخي رأسي بحُضنِ مُغنية ، تهمسُ في العراء :
[ عينو مَلاني نومْ ، عينو ..
ياريت الصُبِحْ لا شَقْشَقْ ولا بانْ ..
يا خيط الصبح ، يا مفَرِّق الخِــــــــــــــــــــــلاّن ...]
+ قلبُكَ يؤلمني ، إرحمني .. أَرِحْني من خَفقانك !
أكتُبْ ..! فلا شيءَ يدلُّ عليكَ غير حروفك !
إبحثْ عن حاضركَ في غناءِ عندليب ، في سمفونية بتهوفن العاشرة الناقصة !!
* ليسَ للكلماتِ من منفى ! صرتُ أفيضُ عن حاجةِ المفردة ،
فأنا لستُ منّي إنْ أتيتُ ولم أصلْ ..
إنْ نَطَقتُ ولمْ أَقُلْ !
لمْ أُولَد لأعرفَ أنني سأموت ..
أنا مَنْ يُحدِّثُ نفسه ويوقظُ الذكرى ..
أَأنتَ أنا ؟! أو ثالثٌ ينُطُّ بينَنا : " لا تَنسيَاني ".. !
.........................
مَنْ أَنا يا أَنتَ ؟! جسَدي ورائي أمْ أَمامك ؟!
تسرَّبَ النَثيثُ إلى جفافِ الروحِ ، فَتفَتّحَ الخيالُ على طفولته،
" كأنَّ الأرضَ ما زالت تُرتِّبُ نفسَها للقاءِ آدمَ نازلاً للطابقِ الأرضيِّ من فردوسه "!
أَتُرانا سنكرِّرُ "خطيئته" من جديد ؟!
قُلتُ : إتكأتُ .. قاطَعَني :
+ أنا كنتُ معكَ أيضاً ، لماذا تتجاهلني ؟!
* حسناً قُلتُ !
: إتكأتُ ، وإياكَ ، على سرابِ الغياب ،
وعُدنا نَسيرُ بين باعةِ الذكرى ، كأننا قطعاً أَثريّة ،
أقولُ لنفسي لولا السراب لَمَا عُدتُ ..
لا أنظرُ للظلِّ ، كي لا أرى أحداً يحمل إسمي ويتبَعني !
فالجيادُ العائدةُ من الحرب تَجنحُ نحو أقرب حانة كي تُضَمِّدَ صهيلَها !!
نُطفأُ القنديلَ مثل عاشقةٍ مطمئنة .. ونغوصُ في سُرَّةِ الليلِ ، فوقَ وساداتٍ محشُوةً بالجمر ..
لأنّ الكوابيسَ ذئابٌ بعواءٍ مُتقَطِّعٍ ، مثل ظلالٍ تائهةٍ تبحثُ عن أجسادِها ..
أَبتَهِلُ لليلٍ شَعشَعَتْ فيه النجومُ ، كي يمنحني شجاعةَ الخوِضِ في بحورِ المُستَتِر !
.......................
إذا كانَ الصبحُ للفطورِ والقراءة ،
والعصرُ للبريدِ والقهوة ،
والمساءُ للأوجاع ،
وللتعبِ اليومي كلّ الوقت ..
متى يبدأُ نهاري إذاً ؟!
ومتى تأتي المُفردات كالصبايا ، مُحمّلاتٍ بأقحوان المعاني وإلتباسِ الكلام ..؟
مريبةٌ هي إحتمالاتُ الوضوحِ ..!
أَتُراني وصِيّ الليل ؟!
+ أُوه ! أنتَ تَتَطلَّبُ من الليلِ كثيراً .. أتُريده سكرتيراً لهواجِسِكَ ، يوضِّبُ أَفكارَك ؟!
هَجَعَ الكونُ والمنزلُ من حولكَ ..
إنتهزْ الوقتَ ، إصنعْ ليلكَ أنت ..
لا طقطقةَ صحونٍ وأكوابٍ في المطبخ ،
الحنفيَّةُ والمواسيرُ إمتثلَتْ للصمت ..
صُغْ ليلكَ بنفسِك !
كأسٌ و " باخ " يسيلُ شَجَناً .. إنصبْ فِخاخَكَ ،
فقد تخطف شُهُبُ الكلمات حُبلى بنشيدِ السراب ..!
* صحيحٌ ! أَجمَلُ ما في الليلِ هدوءٌ ، أنيسةٌ لا تُثرثِرُ ،
كأسٌ وموسيقى خافتة تَتَلصّصُ السَمعَ ..
فتروحُ تَلتقِطُ فيروزَ المعاني وجَرَسَ المفرداتِ ، من الجمرِ ، كحبّات البلّوط ..
+ هلْ يُصلِحُ النَثرُ والشِعرُ ما أَفسَدَه الدهرُ والأَغرابُ فينا ؟؟!!
* .........................
أَعرِفُ أَنّنا محاصرونَ ..
لمْ نستطعْ فَكَّ الحصار ، لكننا لمْ نُسَلِّمَ مفتاحَ البستانَ لنَنَجو !!
فلا نَزالُ نُدافِعُ عن المِلحِ في خُبزِنا ، ونغسِلُ الضَوءَ من غُبارِ " الشَطَطِ !"
ما زِلنا نُحِبُّ الأرضَ ، حيثُ " أَنانا " وُلِدتْ لـتَحمينا من رياحِ الفَلاةِ وخيلِ الغُزاة ..
تَحرُسُ رَجعَ الصدى .. وتُداوي الهواءَ المريضَ ..
............................
تِلكَ هي المرآةُ ! إِدخُلْها يا أنتَ ، لأخرُجَ منها ..
فأنا أَنا ، وهلْ أَنتَ أنتْ ؟
.. أنا من بلادٍ أنجَبَتْني لتصرعني ، فمِنْ أينَ أَنتَ ؟!
.............................
+ إنْ قُلتَ أَنَّكَ أَخطأتَ أو لمْ تَقُلْ ...
لنْ يسمع الموتى إعتذارَكَ .. لن يَقرأوا رسائلكَ أو نصوصَك ..
لنْ يرجِعوا ليتعرَّفوا على ما صنعتَ ، وما لمْ ...
* أيُّها الرماديُّ العنيدُ ،أنظرْ إلى نَفسِكَ في المرآةِ ؟
ماذا تَرى فيها ؟
+ أرى أنّنَا كُنّا مَعاً ، وعلى حِدَةٍ ، نَستَحِثُّ غداً غامضاً ..
نَستَحلِبُ الضَباب ..
نُرَتِّقُ الحاضِرَ بمجازٍ ، خارِجَ الجَمعِ "المُرَوَّضِ" !
حاضِرٌ ، سيمضي زمنٌ ليغدو ماضياً مثلنا ..
.......................
كالحديدِ قدْ يصدأُ القلبُ .. فلا يَئِنُّ ولا يَحِنُّ ..
ولا يُجَنُّ كالأرضِ بمطرِ الربيع ..
لكن ، قُلْ لي صِدقاً ، هلْ تَنْدَمُ الشمسُ على ما أَيبَسَتْه .. ؟!
حذاءٌ يبحثُ عن قَدَمٍ ..
أقدامٌ تبحثُ عن طريقْ ..
..كلُّ الطُرُقاتِ نحو شَفيرْ ،
تُلَملِمُ الخُطى نحو هاويةٍ أُخرى ،
على حافّةِ سريرْ ...!!
.........................

* عاليةٌ .. عاليةٌ شمسُنا ،
ونخيلُنا يُمشِّطُ جدائل الريح ،
بحقِّ الشيطان ، قُلْ لي مَنْ أنتَ أيُّها الرمادي ؟!
لماذا تشيحُ بوجهكَ عنّي ؟!
.........................
.........................
+ أَنا آخَرُكَ ، أَنـــاكَ لا غير ... !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير