الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران في مرآة الانتخابات الامريكية

علي مسلم

2020 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو ان الإرادة الديموقراطية للمجتمع الأمريكي قد دفعت بمرشح الحزب الديموقراطي جوزيف بايدن الى سدة الرئاسة، وهذا ما سيشكل بداية تحول عميق في سياسة البيت الأبيض حيال العديد من القضايا سيما ما يتعلق منها بالسياسة الخارجية، الى جانب موقعه في النظام الدولي خلال السنوات الاربعة القادمة.
فتعاقب الحزبين الأمريكيين على إدارة المؤسسات الأمريكية قد أضرت بالاستراتيجيات الأمريكية خلال العقود الأخيرة، وربما يستمر ذلك ضمن المنظور القريب، كون الحزبان يختلفان في نظرتهما حول العديد من القضايا حول العالم، يقول البروفيسور في جامعة جورج تاون "توني ارند": إن الانتخابات الأمريكية بمثابة مواجهة حاسمة للسياسة الخارجية، "لأننا بصدد رؤيتين مختلفتين كلياً بشأن ما يجب أن يكون عليه العالم، وما ينبغي أن تكون عليه القيادة الأمريكية."
فالعالم وفقاً لمنظور الحزب الجمهوري (دونالد ترامب) هو وطنية أمريكا أولا، ويجب التخلي عن الاتفاقات الدولية التي تمنح أمريكا صفقات غير عادلة.
بينما يبدو العالم وفقاً لما يراه الحزب الديموقراطي (جو بايدن) في صورة أكثر تقليدية لدور أمريكا ومصالحها، وهو ما تأصل في المؤسسات الدولية التي قامت على أنقاض الحرب العالمية الثانية، على أساس القيم الغربية المشتركة، هو عالم التحالفات العالمية الذي تتزعم فيه أمريكا البلدان الحرة في مواجهة التهديدات العابرة للدول.
فرغم ان نظام الحزبين في الولايات المتحدة قد وفر قدراً استثنائياً من الاستقرار السياسي في البلاد على مدى سنوات حكمهما، إلا أن الجانب الموازي لهذا الاستقرار قد تمثل في تضييق الخناق على الخيارات السياسية الأخرى، بحيث لم تسنح الفرصة لطرف سياسي أخر للاستحواذ على إدارة البلاد، الى جانب غياب أية فرصة لظهور هذا الطرف.
وقد كانت ميادين الشرق الأوسط الخصبة بملفاتها المعقدة بمثابة الامتحان الأصعب للإدارات الأمريكية المتعاقبة سيما بعد انتهاء الحرب الباردة، وظهور قوى إقليمية فرضت نفسها على المحيط الإقليمي في الشرق الأوسط برمته، وربما كانت إيران الخميني من أكثر الدول التي استفادت من هذا الفراغ السياسي الذي أعقب انتهاء الحرب الباردة، واستطاعت خلال عقدين من الزمن أن تجند عشرات الألاف من أنصارها في تنظيمات أسمتها بالتنظيمات المقاومة في المحيط العربي والجزء الإسلامي من اسيا تحت شعار تصدير الثورة، الى جانب تمكنها من الاستحواذ على المقومات الاساسية اللازمة لامتلاك القنبلة النووية خلال سنوات قليلة مستفيدة من الفلتان التكنولوجي الذي رافق انهيار الاتحاد السوفيتي دون أن تحرك الولايات المتحدة الامريكية ساكنا.
وقد سعت إيران في عهد الرئيس باراك أوباما ( 2010 – 2016 ) الى تبوء مكانة متميزة في النظام الدولي والإقليمي سيما بعد نجاحها في توقيع الاتفاق النووي مع دول ال 5+1 في أيار 2015، حيث انها استطاعت الى جانب ذلك أن تحرر أموالها المجمدة في البنوك الغربية، هذه الأموال التي ذهبت الى خزائن الحرس الثوري الإيراني، الذي مول بها عصابات الحرب الإيرانية خارج إيران، هذه العصابات التي حققت بتلك الأموال مكاسب سياسية هائلة في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن.
وقد علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ذلك في واحدة من خطبه بأن الاتفاق النووي مع إيران كان فشلاً للإدارة السابقة، وقد حصلت إيران بموجبه على مبالغ هائلة بلا مقابل، واستطاعت ان تستغل تلك الأموال لتمويل الفوضى والمذابح في المنطقة وحول العالم.
لقد وضع قرار انسحاب إدارة دونالد ترامب المتعمّد من الاتفاق النووي الإيراني، المعروف رسميّاً بـخطّة العمل الشاملة المشتركة في 8 مايو 2018على حافة الانهيار، فعلى الرغم من الجهود التي بذلتها فرنسا وألمانيا والمملكة المتّحدة وإيران، من أجل حماية العلاقات الاقتصاديّة ما بين الاتّحاد الأوروبي وإيران لإنقاذ الاتّفاق. إلا أن مستقبل خطّة العمل الشاملة المشتركة ما زالت غير مستقرّة. ولا يمكن للاتّحاد الأوروبي تحقيق هذه المهمّة إلّا عبر بذل جهود سياسيّة وقانونيّة حثيثة قد تقنع بدورها طهران بالبقاء في الاتّفاق. لكنْ حتّى لو استجمعت أوروبا قوّة سياسيّة واستطاعت الصمود بشكل غير مسبوق أمام واشنطن، فإنّ هذه الجهود المبذولة للمحافظة على استمراريّة الاتّفاق قد تفشل بسبب قلق الشركات الأوروبيّة فعليّاً من عقاب أمريكيّ محتمل.
أما جو بايدن، مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية فقد صرح في أكثر من مناسبة انتخابية بأنه يؤيد عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي مع إيران. وفي مقال لقناة "CNN" أعلن بايدن أن حكومته (في حال فوزه بالطبع) ستلتحق بالاتفاق النووي إذا التزمت طهران بشروط الاتفاقية.
فإذا ترتب على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي بعض التبعات السلبية على مستقبل العلاقة بينها وبين أوربا على المدى المنظور، فإن إطلاق العنان للجموح الإيراني المنفلت سيكون له تبعات أكثر خطورة، وقد لا تتوقف عند مستوى المصالح الاقتصادية، بل ربما يتعدى ذلك بكثير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE