الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية مطاردة الأرنب في المضمار البيضي ، الأمريكي يراهن على إعتماد الآخر على حاسة البصر أكثر من الاستيعاب ...

مروان صباح

2020 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


/ جميع القراءات تصلح احياناً على أكثر من نحو ، بإستثناء تلك التى تتعلق بالقراءة الفلسطينية ، لأن كل من أقام في البيت الأبيض فشل بجدارة في امتحان العدالة ، وهؤلاء انقسموا في الحقيقة بين قرائتين ، جزء بحث عن المعنى التعجب والآخر الهروبي ، بل لم يبدي الأخير أي تعجب ، وعلى متغيرات وتر المتغيرات السكانية في أمريكا ، أختار المرشح الديمقراطي جو بايدن نائبته الديمقراطية والعضوة السابقة للمجلسي النواب والشيوخ ، وايضاً كانت قد أشتغلت كمدعية عامة لسنوات طويلة ، إذن كامالا هارس ، الامرأة التى تبلغ من العمر 55عاماً ، وخريجة كلية هايستينغر الواقعة في ولاية كاليفورنيا ، معقل الديمقراطيون ، انحدرت من عائلة ، الأب إقتصادي والأُم باحثة في سرطان الثدي ومتزوجة من الأمريكي اليهودي والمحامي دوغلاس ايمهوف ، وهنا اختيارها لايمهوف لم يكن بعيد عن تكوينها الصغري ، بل تربت منذ الصغر على حمل صندوق التبراعات وكانت تجول الطرقات وتطرق الأبواب من أجل زرع الشجر في إسرائيل ، كما أنها عُرفت في أوساط السياسين والمثقفين لدعمها القوي واللامحدود لإسرائيل وتعتبر من الجناح في الحزب الديمقراطي الذي يطالب بعدم ممارسة أي ضغوط على إسرائيل في أي مفاوضات ، في المقابل ، تدعم إيران وتهاجم السعودية .

بالطبع ليس بالأمر المدهش ، كذلك وهو بيت القصيد ، من يقول لا يوجد صراع داخل الولايات المتحدة الأمريكية ، سيصنف بالغريب عن التركيبة الأمريكية ، ايضاً من يراهن على انقسامات ستؤدي إلى إنهيار الولايات ، فهو ليس بقارئ جيد لتاريخ سقوط الإمبراطوريات ، لكن الخلاف الحاصل اليوم والذي برز أكثر وأصبح يناقش في الإعلام وفي قلب الجامعات ، بدأ تحديداً منذ تولي الرئيس اوباما إدارة البيت الأبيض ومع تحوله بعد ذلك إلى المنظر العام للحزب الديمقراطي ، بالفعل تطورت السجالات والتباينات وظهر الختندق بشكل أكبر ، في المقابل ، مع تولى الرئيس ترمب مهمة الدفاع عن التوجه العام لحزب الجمهورين ، أصبحت الانتخابات الداخلية تلامس كل مواطن وبات هناك شعور جماعي بالمسؤولية ، فالأمريكيون في النهاية متيقنين للمعادلة إياها ، بأن الحضارات تعلو وتنحصر وأن كل ما تم الحصول عليه سيتم خسارته في يوماً ما ، بل في لحظات فريدة ، يمكن إعادة ما خسرته الأمم مرة أخرى ، لكن ايضاً في لحظة أخرى سيتم فقدانه وهذه هي دورة الحياة كالمواسم ، وبالعودة للمسألة الفلسطينية ، كانت قد أخفق الرئيس اوباما بجدارة في أنصاف الفلسطينين ، حتى لو كان أحد تلاميذ إدوارد سعيد كما يزعم البعض ، أو حتى لو كان مجرد مقرب من صديق سعيد ، رشيد الخالدي ، وبالتالي شخص مثل الخالدي كما هو معروف عنه ، من أكثر الأشخاص الذين لديهم القدرات العلمية بتقديم القضية بطريقة صحيحة وبصوت غربي ، بالتأكيد رشيد منح الفرصة لاوباما لكي يفهم المسألة الفلسطينية بعمق ومن جميع الجوانب الكلاسيكية والحقوقية ، وهذا يجعلنا مطمئنون ، أن الثنائي بايدن وهارس كونهما لسان الحزب اليوم ، يقودهم من الخلف الرئيس اوباما بصفته المنظر ، من المؤكد كمثقفين قرأوا ببساطة جميعهم كتاب سعيد الأكثر صيتاً في العالم الغربي ، ووقفوا بالطبع عند تفنيداته وانتقاداته للاستشراق كنهج وخطاب معاً ، اللذين يتمركزا حول الذات الغربية ، وهو بلا شك نقداً لا يعيب الإنسان بقدر ما عاب طريقة تفكير الإنسان العنصري ، بل من خلال ثلاثيته الاستشراق ، وتغطية الإسلام في الإعلام ، والثقافة والإمبريالية ، قدم دعوة غير رسيمة لكل سياسي غربي، إذا أردت معرفة الشرق الأوسط بشكل حقيقي ، لا مفر من قراءة ثلاثية سعيد ، وهذا الأمر ليس ببعيد عن الثنائي الديمقراطي اوباما وهارس ، اللذين امضيا وقتاً في بلدانهما وبين عائلتين عانتا من الإستعمار ، ومازلوا شعوبهم يعنون من مخلفات الكولونيالية ( السيطرة والهيمنة ).

كل التنظير الهادف لتأليب المواطنين سواء حول برامج الانتخابات أو نتائجها أو هز صورة الديمقراطية في أمريكا ، لا يمس جوهر الحقائق الكبرى ، إذن الخلاف الجوهري بين الحزبين ، الأول يخص سياسات داخل الولايات المتحدة ، وهذا سنتحدث عنه في مناسبة أخرى ، لأن له علاقة بالضرائب وتوزيعها العادل ، وبالتالي هنا كل طرف يرى العدالة بطريقته ولأنها تعتمد على نظرتين مختلفين ، بالطبع مع التأكيد ، هنا الاختلاف ليس كلي بل جزئي ، أما الأمر الآخر ، يرغبان الحزبان بإقامة تحالفات جديدة ، الديمقراطيون يحاولون توظيف الحلف الناتو إلى استراتيجيتهم دون تقديم تعديلات جوهرية ومراجعات تحاكي الغاية العامة للبنتاغون وأهداف وزارة الخارجية ، أما الجمهوريون يسعون إلى تأليف كيان جديد وبعيد عن حلف الناتو لأن يروا بأن القارة الباردة باتت ضعيفة لحد أنها تقف عاجزة في مواجهة التوسعات الاقتصادية والأيديولوجية والعسكرية لكل من الصين وروسيا وإيران ، وبالتالي أوروبا تنتهج سلوك المستسلم ، إلى هذا يمكن للمرء تفهم تصور المحافظين ، لكن ايضاً الجمهوريون يتناسوا أن أوروبا الاستعمارية لديها من التجارب ما يكفي لكي تتريث بالتحرك وهذا بالطبع لا يلغي الدافع الذي يقلق واشنطن ، قد يكون الواقع جلي هنا ، لكن ثمة تواريخ شاخصة ، يحاول البعض تجاهلها دون مراجعات دقيقة للتاريخ ، وبالرغم من هيمنة أوروبا الاستعمارية في السابق على أغلب العالم ، إلا أن القسطنطينية سقطت عام 1453م في أيدي المسلمين وكانوا حتى الساعة من ذاك التاريخ موجودين في اسبانيا ( الأندلس ) ، أي أن الحروب لم تكن مجرد نزهة ، وبالتالي تصنيفهم بالقارة العجوزة ، يحمل التصنيف شيء من التشخيصية المغشوشة ، بل ايضاً كانت موسكو تحت إشفاق الإمبراطورية المغولية التى سيطرت على 22% من يابسة الأرض ، إذن الحزبان يختلفان في النبرة التى تعالج السياسات الخارجية لكن جوهرياً ، السياسة واحدة ، فالجمهوري يتبنى الواقعية السياسية والتى تعتبر نابعة عن ثقافته التى أسس عليها دولته ، وهو الفكر الذي يزيح جانباً المعايير الأخلاقية التى تحتكم لها السياسات الدولية ، وتعلو نبرة القوة وما تحسمه ، إذن الذي يتحكم بسياسات الجمهوري ، هي سيكولوجيات القوة والضعف ، وعليه يظهر الاحترام للقوي أو يفرض على الضعيف الهيمنة ، وهذه المعادلة تؤكد لماذا الأغلبية في العالم تسعى لإمتلاك القوة بأي شكل من الأشكال ، لأن هذه الأمم لا ينفع معها سوى القوة المضادة لكي تحترم الآخر .

لم تكن رؤية الرئيس ترمب لحلف شمال الأطلسي جراب الحاوي أو بمعزل عن آراء المفكرين المحافظين ، وهذا يفسر كيف أستطاع تنفيذ نقل السفارة الامريكية من تل ابيب إلى القدس ، رغم أن القرار بالنقل قد كان الكونغرس اتخذه منذ سنوات طويلة ، بل تعمد إظهار سلوك وطابع جديد ، أو بالاحرى ، نقل السجالات التى تحدث في أروقة المحافظين إلى تصريحات علنية تطلق من البيت الأبيض ، كان هذا الشيء الجديد ، فالرجل لم يكن راضي عن حلفاء امريكا ووصفهم بالعبء المالي ، وهنا لا بد من التفريق بين أهداف الأوروبية والأمريكية ، فالأوروبيون أوجدوا الاتحاد في المقام الأول ، من أجل تجنب العودة للحروب الأهلية ، ومن ثم وضعوا جدار عريض لحماية حدودهم من أطماع الروسية التاريخية وبريطانيا التى تعتبر حلقة في حلق أوروبا ، لأن الأوروبي يعتبر قرارها بيد واشنطن ، وهذا يفسر ايضاً لماذا الجنرال ديغول الرئيس الفرنسي الأسبق كان يصر دائماً على رفضه دعوة لندن للالتحاق بالإتحاد ، بل كان يعتقد بأن دخولها سيكون مؤقت ، وحضورها ليس سوى انتظار لقرار المغادرة ، عندما يأتي من الأمريكان .

العقيدة في أمريكا واحدة ، اولاً لأن أغلبية الرؤساء كانوا قد خدموا في الجيش يوماً ما ، وثانياً الاقتصاد الأمريكي بالأصل يرتكز على الصناعات العسكرية ، فجميع الصناعات المدنية التى يستخدمها المواطن والتى تصدر إلى الخارج كانت قد صنعت للمجال العسكري ، وبالتالي هذه العقيدة تؤمن بضرورة المحافظة على القوة بالتفوق ، لأن عكس ذلك سيكون مصيرها كما صار مع الأوروبي والروسي ، إذن ما ترغب به الولايات المتحدة من الأوروبيين ، الدعم المالي لحلف شمال الأطلسي ، لأنهم تعودا على الجيش الأمريكي أن يقدم الدعم والحماية بلا مقابل ، ايضاً ، يعتقدون الاستمرار في إنتاج السلاح الجديد والمميز ليس سوى طريقة جاذبة للمنافسين بالالتحاق بهم ، وهذا الأسلوب وحده كفيل في إدخالهم في مربعين ، الأول الإفلاس الكامل كما حصل مع الإتحاد السوفيتي والآخر ، كما هو حاصل مع كوريا الشمالية ، الركض وراء التسلح ، يُبقي الشعب والاقتصاد جائعين ، طالما هذه الدولة ودول أخرى يفتقدون لنظريات اقتصادية .

ليس لأن عدم الانسحاب جسامته عضوية أو تكوينية أو بنيوية يخص النظام بالكامل ، بل للتذكير المفيد ، حتى الآن الأمريكان بعيدين عن امكانية أن يتذوقوا الانكسار والحزن ، ذاك الانكسار الذي شاهده المراقب على وجوه الآخرين ، وبالتالي بعض التحركات والانسحابات التى تندرج تحت إعادة الانتشار أو التكتيك ، لا تعني الكثير ، هو في واقع الأمر مؤقت ضمن تحركات متكاملة الوظائف ، ولأن من يرسم سياسات الخارجية والبنتاغون يعوا أن الخروج من الشرق الأوسط بالكامل يلحق بالاقتصاد الوطني ضرراً كبيراً ، وايضاً يتيح لمن هو في قائمة الاستنزافات معالجة توازنه المفقود ، غير أن ما هو مدون وأحياناً ينشر للإعلام ، ليس سوى القليل ، يبقى ما يحفظ طيّ الكتمان هو الأهم ، فالمسألة الفلسطينية تبقى بين حلقات التطرف السياسي الأمريكي ، قد يطرأ عليها مواقف بسيطة ، فردية ، فاضلة احياناً ، مستقيمة لحد ما ، لكنها كانت وستكون خارج دائرة الفعل ، طالما هناك 2 % يؤثرون ثقافياً تأثيراً كبيراً بأنماط العيش بالولايات الفدرالية ، وهنا يتيح لنا المقال ضرورة التوضيح للفارق الملتبس عند الكثير ، حول الخلاف الذي حصل بين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس أوباما ، لم يكن التصادم على حق الفلسطيني في إقامة دولته ، بل بالتأكيد كان حول إتفاق النووي ومع هذا ، ظل أوباما بالنسبة لنتنياهو موضع شك ورجل منقسم الولاءات . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الهجوم على إسرائيل: كيف ستتعامل ألمانيا مع إيران؟


.. زيلينسكي مستاء من الدعم الغربي المحدود لأوكرانيا بعد صدّ اله




.. العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية: توتر وانفراج ثم توتر؟


.. خالد جرادة: ماالذي تعنيه حرية الحركة عندما تكون من غزة؟ • فر




.. موقف الدول العربية بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم