الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبل والسياسة

ربيع نعيم مهدي

2020 / 11 / 19
الصحافة والاعلام


بعيداً عن الخطاب المهذب والمنمق، للطبلة قيمة يصعب تجاهلها في شؤون السياسة، والعلاقة بين الطبلة والملهى معروفة وقد لا تحتاج الى شرح أو تنظير، لكن العلاقة بين الملهى والسياسة أمر يحتاج الى نوع من البحث والتدقيق، فأوجه الشبه بين الملاهي وأروقة السياسة تقف عند مفردة واحدة وهي الطبلة، تلك الآلة التي تكشف خبايا جسد الراقصة وتمنح نوعاً من المتعة لمشاهدها هي ذاتها التي تستخدم في شارع السياسة، مع الأخذ بنظر الاعتبار ان هناك استثناءات لهذا الامر ، فعزف الطبلة كان كفيلاً بإبراز مهارات رجلٍ (كان) بمنصب مدير عام في الأمن الوطني وهو عبد الأمير الربيعي شقيق موفق الربيعي، وللأمانة أقول الحمد لله اننا كنا من ضمن شعب العبيد في زمن النظام السابق ولم نكن في صفوف المعارضين، فالمهارة التي تجسدت في رقص المذكور تشير الى ان أيامه في المعارضة كانت مرهقة في التمرين.
وبغض النظر عن طبيعة العامل بالسياسة سواء أكان ممسكاً بمقاليدها أو ساعياً للوصول الى عرشها، فان العلاقة بين الطبلة والسياسة وثيقة لا يمكن فصلها، ففي الماضي القريب وتحديداً في زمن النظام السابق عرفنا مفهوم "الطبول الساهرة"، فبعد خطاب قصير جداً للرئيس ننام لنصحو على صوت عشرات الأغاني التي تمجد القائد الضرورة.
وان شئنا الصدق في الحديث اتخذت الطبلة أشكال مختلفة في عالم السياسة، فتارة أجدها في قلم يطبل بذكاء في كل مكان، وتارة أخرى أراها تتجسد في قصيدة يهلهل بها ناظمها طمعاً في دراهم الوالي، وهنا أقف لعلّي استطيع فهم ثقافة التطبيل، ربما لمزاولتها واحترافها كمهنة تُبعد عني شرور الحاجة، ولا أنكر انني حاولت استكشاف سوق التطبيل للولوج في دهاليزه، ووجدته سوقاً عامرة تبدأ من صحيفة تدّعي الحياد وتنتهي عند ساحة تظاهر، بعد المرور بعدد كبير من فضائيات الزمن الأغبر ، وبصراحة لم أجد لي مكاناً في دكاكينها، ربما لأن السوق لها أهلها وهم أدرى بشعابها، وربما لأنني لم أمتلك المؤهلات المطلوبة لاحتراف مهنة التطبيل.
أما على مستوى المستهلكين لبضاعة هذه السوق، فنظرة واحدة تكفي لفهم الكثير، فأغلب الحاكمين من المستطربين للتطبيل، ربما لأنهم متأثرين بمفاهيم الظواهر الصوتية عند العرب، أو لانهم مدركين لقوة تأثيرها في المجتمع!! وربما هناك أسباب أخرى أجهلها، لكن الاغلبية منهم يتعاملون مع هذه السوق برغبة أو بفرض، فالتعاطي مع هذه التجارة يحتاج الى نوع من الذكاء لانتقاء افضل دكاكينها واستثمار نتائج اعمالها، وأقرب مثال استطيع الاستشهاد هو مصطفى الكاظمي – مع خالص احترامي لشخصه-، فسياسة احتواء البعض واهمال البعض الآخر، واستثمار الاصوات في الساحات "وان لم تنادي باسمه ضمن مشروع سياسي"، كلها مفردات تشير صراحة الى استثماره لضجيج التطبيل حتى وإن كان فوضوياً ولا يخدم مصالحه.
وفي ختام هذا المقال القصير أود التأكيد على قناعة، باننا بحاجة الى دراسة التطبيل باعتباره ثقافة ترافق السياسة وباعتباره مفردة من مفردات الخطاب السياسي في كل زمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة