الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما تكشفه و ما تخفيه مزاعم دونالد ترامب بصدد بطالة السود ... واقع النظام العنصريّ و سوق الشغل بالولايات المتّحدة

شادي الشماوي

2020 / 11 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ما تكشفه و ما تخفيه مزاعم دونالد ترامب بصدد بطالة السود ... واقع النظام العنصريّ و سوق الشغل بالولايات المتّحدة
ريموند لوتا ، جريدة " الثورة " عدد 666 - وقع تحيين المقال في 28 سبتمبر 2020
https://revcom.us/a/666/systemic-racism-and-us-labor-market-en.html

ملاحظة الناشر : على ضوء وعود دونالد ترامب العنصريّ الإباديّ و الأكاذيب الموجّهة للسود ، يظلّ التالى مفيدا و يدحض بثبات هذه الأكاذيب .
---------------------------------

لقد روّج ترامب العنصريّ الإباديّ أنّ الاقتصاد تحت رعايته كان " يعمل بشكل رائع " بالنسبة إلى السود . و أشار بالخصوص إلى تسجيل رقم قياسيّ في تراجع البطالة في صفوف السود قبل الجائحة و الأزمة الإقتصاديّة في مارس- أفريل هذه السنة .
1) ما هو الواقع الفعليّ ؟
لم تتراجع البطالة خلال سنوات رئاسة ترامب : نسبة بطالة العمّال السود تراجعت إلى حدّ ما قبل 50 سنة إلى 6.1 بالمائة. لكن هذا ليس سوى مظهر من مظاهر المشهد. و المظهر الآخر الذى يتجاهله ترامب تماما و عن وعي هو أنّ اللامساواة لم تشهد تغيّرا . و نسبة البطالة 6 بالمائة هي ضِعفَ النسبة لدى العمّال البيض . و بالفعل ، بطالة السود كانت بإستمرار ضِعفَ نسبة بطالة العمّال البيض – واقع إقتصادي محدّد بالنسبة إلى السود في ظلّ هذا النظام طوال الخمسين سنة الفارطة – عبر التوسّع و الإنتكاس الاقتصادي .
و ستلاحظون كذلك أنّ في تبجّح ترامب بلوغه أزمة كوفيد -19 و توقّفه عندها . و مردّ ذلك أنّه حين ضربت الجائحة المجتمع ودخل الاقتصاد في أزمة عميقة ، تصاعدت البطالة تصاعدا صاروخيّا .
و يقفز ترامب – و ليس بوسعه فعل أقلّ من ذلك – على كون العمّال السود يعانون بشدّة بطريقتين جرّاء الأزمة الإقتصاديّة – الوبائيّة . فمن ناحية ، يتركّز العمّال الأفارقة الأمريكيّون في قطاعات كالبيع بالتفصيل والخدمات التي أغلقت أبوابها ، ما أدّى إلى خسارة سريعة في مواطن الشغل . و من الناحية الأخرى ، يتمّ تشغيل العمّال السود كذلك بدرجة كبيرة في أشغال تعتبر " أساسيّة " أو " في الجبهة الأماميّة " – من مثل البقالة و النقل العموميّ و سياقة الشاحنات و التخزين في المستودعات . و نتيجة لذلك ، يضطرّ العمّال السود لتعريض أنفسهم بصة غير متنااسبة لخطر عدوى كوفيد-19 و نشره إلى آخرين . ومثلما هو الحال مع عديد العمّال " في الجبهة الأماميّة " ، كان هذا ثمن توفير الغذاء لأسرهم .
2) تعافى الاقتصاد في العقد الأخير و سير الرأسماليّة :
لماذا تراجعت البطالة في السنوات القليلة الأخيرة قبل الجائحة ؟ أكيد ، لم يكن ذلك نتيجة الإجراءات الخاصة المتّخذة أو نتيجة عناية أبداها نظام ترامب تجاه الناس ذوى البشرة الملوّنة .
الصورة الأشمل هي أنّه بداية من 2010 و عبر 2019 ، دخل الاقتصاد الأمريكي في تعافى من الكساد العالميّ العميق ل 2008-2009. و تواصل هذا التعافى أثناء الفترة الأولى لترامب ... إلى أن ظهر الوباء في مارس- أفريل و تفجّرت أزمة إقتصادية غير مسبوقة . ( أنظرو مقال " أربعة أشهر من وباء كوفيد -19 ..." ).
حين يتوسّع الاقتصاد الرأسمالي ، أصحاب المصانع و الاتصالات و المخازن و مغازات البيع بالتفصيل و غيرها من القطاعات الإقتصاديّة يستأجرون العمّال : يستأجرونهم ليستغلّوهم لتحقيق الأرباح خدمة للمعركة التنافسيّة صلب الرأسماليّين بهدف كسب الأسواق و للتكديس الفوائد . و حين تتدهور ظروف الإنتاج المدرّ للربح ، يقع تسريح العمّال .
هذه هي الحقيقة الأساسيّة للرأسماليّة : للرأسماليّين الحقّ في إستغلال العمّال في تأجيرهم و فلى طردهم – حتّى و إن كان ذلك يعنى تجويع الملايين . في ظلّ هذا النظام ، ترون أنّه لا وجود للحقّ في الأكل .
3) اللامساواة الشديدة و الصارخة وراء أرقام البطالة :
لقد كانت للتعافى الاقتصادي لسنوات 2010-2019 تداعيات غير متساوية . لم يعانى العمّال السود فقط البطالة بنسب مضاعفة مقارنة بالبيض ... و إنّما كانوا أيضا مرجّحين أكثر للبطالة من العمّال البيض في كلّ سنّ و مستوى تعليمي ، حتّى بشهائد جامعيّة أو متقدّمة . و على سبيل المثال ، سنة 2019 نسبة بطالة السود المتخرّجين من الجامعات كانت 50 بالمائة أعلى ممّا كانت عليه بالنسبة إلى المتخرّجين البيض من الجامعات . و لمّا يشهد العمّال السود بطالة ، يعرفون بطالة لفترة زمنيّة طويلة .
و يمكن أن نتعمّق في اللامساواة العنصريّة بين السود و البيض في سوق الشغل بالولايات المتّحدة و نتائجها هي :
+ هناك " بون في الأجور " مستمرّ بين العمّال السود و العمّال البيض . كمعدّل ، يتقاضى العمّال السود 73 سنتا أقلّ من الدولار الذى يتقاضاه العمّال البيض . و عمليّا إتّسع البون في الأجور منذ سنة 2000.
+ توفّر مواطن شغل العمّال السود عامة فوائد أقلّ من مثل الضمان الصحّي و عطل المرض . و هذا عامل كبير يساهم في تعرّض أكبر للمرض المزمن ضمن السود نسبة إلى البيض.
و مع هذا نصل إلى معطى محدّد آخر في إقتصاد الولايات المتّحدة . هذا ما يسمّى بالتميز العنصريّ في التشغيل . و هذا مُصطلح يستخدم لوصف الوضع القائم بأنّ العمّال السود متركّزون في مواطن شغل و وظائف أدنى أجرا و أقلّ ضمانا و أقلّ حضورا في الحرف الأعلى أجرا حيث المداخيل قد نمت بأكبر سرعة .
+ لذا هناك لامساواة حادة و لها دلالتها في فرص الشغل بالنسبة إلى العمّال السود و في الأجور التي يحصلون عليها . و يساهم هذا في بون عنصريّ مستمرّ ف ما يسمّى بمتوسّط مداخيل الأسرة – المتوسّط نوع من المعدّل . في 2018 ، متوسّط مداخيل الأسرة بالنسبة إلى البيض كان 71 ألف دولار مقابل 42 ألف دولار بالنسبة لأسر السود – ما يعنى أنّ مداخيل أسر البيض أرفع ب 70 بالمائة ! و من التداعيات الكبرى لهذا أنّ أسر السود غير قادرة على إنشاء مدّخرات . و من ثمّة لمّا يخسر العمّال السود مواطن شغلهم – مرّة أخرى ، بنسب أعلى ممّا يحصل للبيض – تواجه أسرهم ذات المدّخرات الأقلّ لإستخدامها عند الإقتضاء للحالات الإستعجاليّة ، تواجه أكثر صعوبات في التعاطى مع الظروف الإقتصاديّة و الصحّية السيّئة ، على غرار الوباء .
+ بسبب نسب البطالة الأعلى في صفوف السود ، و بسبب الميز العنصري في التشغيل ، من المرجّح أكثر بكثير أن لا يكون للعمّال السود أكثر من دخل واحد في الأسرة . لهذا لمّا تضرب البطالة ، تكون التأثيرات مدمّرة أكثر بالنسبة لأسر السود إعتبارا لوجود فرص أقلّ لوجود كاسب آخر لأجر لتعويض ما خُسر من دخل . و الأسر ذات الوليّة الوحيدة برئاسة نساء سود أكثر شيوعا ممّا هو عليه الحال ضمن النساء البيض .
تتمظهر اللامساواة بطرق شتّى .
4) نسبة البطالة الرسميّة لا تمسك بالواقع تمام المسك و تصوّر بطالة السود و " بطالتهم المقنّعة " :
نسبة البطالة العامة – ما ترونه منشورا في وسائل الإعلام و تسمعونه من السياسيّين – تعكس عدد الناس الذين ليس لديهم شغلا و يبحثون بنشاط عن الشغل . و هذا تحديد إختزاليّ و غير تام نسبة للمستويات الحقيقيّة من البطالة و النوعيّة الحقيقيّة لمواطن الشغل التي يحتلّها الناس . تخفى إحصائيّات البطالة المتعارف عليها المستويات الحقيقيّة للبطالة و الضيق الذى يواجهه عمليّا السود .
* أوّلا ، كما تمّت الإشارة إلى ذلك ، نسبة البطالة الرسميّة لا تشمل الأفراد الذين ليسوا يبحثون بنشاط عن شغل . لكن قسطا أعلى ممّن سيكونون عمّالا من السود عمّال " يائسون ". يائسون بفعل البحث عن العمل لمدّة طويلة . و قد يصبحون " منفصلين " عن الإقتصاد الرسميّ و لا يقع حسابهم في الإحصائيّات الرسميّة كعاطلين عن العمل . لماذا إنسحب هؤلاء العمّال من قوّة العمل ؟ يعود ذلك إلى عوامل عدّة منها :
- تغيّرات في الاقتصاد تؤثّر سلبا على العمّال السود . فهناك ترحيل لمواطن الشغل من الصناعة في الولايات المتّحدة . بينما في الماضي كانت عديد هكذا مواطن شغل مصدرا لإستقرار نسبيّ للشغل و الدخل الكريم لأقسام من العمّال السود في المدن كشيكاغو و دترويت . و قد تبخّرت مواطن الشغل هذه نظرا للأتمتة و تحويل العمل إلى المكسيك و الصين و بلدان أخرى فيها الأجور زهيدة . و قد نجم عن هذا وضع أكثر عدم إستقرار بالنسبة إلى العمّال السود بالكثير منهم يتحرّكون إلى داخل العمل غير المنتظم و ذي الأجر الأدنى و خارجه ... و النتيجة هي أنّ أعدادا لها دلالتها تنسحب من قوّة العمل للتمدّد.
- و هناك فظائع و جرائم سجن جماعي للسود و إنعكاساته على التشغيل . و كما هو الآن موثّق بصفة جيّدة ، من المرجّح أن يدخل الأفارقة – الأمريكيّون السجن عقب إعتقال من أن يدخله البيض – و يعرف الذين مرّوا بالسجن أوقاتا عصيبة أكثر لضمان شغل من بقيّة السكّان . و تبيّن الدراسات أنّ " السجلّ الإجرامي " يقلّص فرص التشغيل بنسب تناهز ال50 بالمائة . و نسب فرص التشغيل أدنى بالنسبة للسود الذين وقع سجنهم . و إثر جهود متكرّرة للعثور على شغل ، يتوقّف الكثيرون من السجناء السابقين عن البحث عن شغل – و بالتالى يكفّوا عن الدخول في إحصائيّات البطالة الرسميّة . و لما يخرج الناس من السجن يقومون بأعمال متّصلة بالأرض تنحو إلى أن تكون أكثر إنعداما للأمن و أدنى أجورا . و بالضبط جرّاء عدم إستقرار مواطن الشغل هذه ، الناس داخل مواطن الشغل هذه و خارجها عادة ما يغادرون قوّة العمل كلّيا أو يدخلون في الاقتصاد السرّي أو الشغل شبه القانونيّ.
* و المشكل الكبير الثانيّ لنسبة البطالة الرسميّة هو أنّها لا تضع الإصبع على مشكل ما يسمّى بالبطالة المقنّعة . في إقتصاد الولايات المتّحدة . و يشير مصطلح البطالة المقنّعة إلى واقع أنّ قسما له دلالته من السكّان العاملين يضطرّ إلى الشغل لجزء من الوقت أو في أعمال مؤقّتة – لكنه يرغب حقّا ى القيام بعمل لوقت كامل . و علاوة على ذلك ، يشتغل عديد الناس في أعمال لا تعكس مؤهّلاتهم و المستوى التعليمي الذى بلغوه ... إذ ليس بإمكانهم الحصول على شغل في المجال الذى يختارونه .
و مرّة أخرى ، تتكشّف العنصريّة المنهجيّة للإقتصاد الرأسمالي – الإمبريالي . ففي 2019 ، زمن توسّع إقتصادي ، نسبة البطالة المقنّعة للسود كانت 12 بالمائة ما يعادل 1 من 8 عمّال وهو ضِعفَ مستوى البطالة المقنّعة لدي البيض . و فكّروا في هذا المعطى : تقريبا 40 بالمائة من العمّال السود بشهادات جامعيّة أو متقدّمة الذين يتمّ تشغيلهم ... يعملون في أشغال لا تتطلّب شهادة جامعيّة . بكلمات أخرى ، إنّهم يشتغلون في أعمال لا تعبّر عن قدراتهم و إبداعهم و تطلّعاتهم .
و لئن ترجمنا اللغة التقنيّة المختصّة إلى لغة يفهمها معظم الناس و إستوعبنا واقع البطالة في كافة تمظهراته العالمية الحقيقيّة ، نشاهد نظاما رأسماليّا - إمبرياليّا ليس بمقدوره السير إلاّ عبر الإستغلال وهو يستأجر عمّالا و يطردهم تحقيقا للربح ما يتسبّب في تبذر و تدمير طاقات بشريّة .
5 ) نقطة ختاميّة :
مع تسريع تطبيق دونالد ترامب لأجندته لتفوّق البيض الفاشيّ – مادحا المعالم التاريخيّة الكنفدراليّة و تاريخ الكنفدراليّة و مع إطلاقه العنان لحرّاس مسلّحين بيض و إرساله فرقا شبه عسكريّة لسحق التمرّد الشرعي الذى إندلع نتيجة قتل جورج فلويد -نجده يتبجّح بلا خجل بإقتصاد يوفّر أرباحا كبرى للسود . لا يعدو كلامه هذا أن يكون محض كذب يخدم الإبادة الجماعيّة .
المراجع المختارة للمقال :
Selected References
Elise Gould and Valerie Wilson, Black workers face two of the most lethal preexisting conditions for coronavirus—racism and economic inequality (Economic Policy Institute, July 2020)
Christian E. Weller, African Americans Face Systematic Obstacles to Getting Good Jobs (Center for American Progress, December 5, 2019)
Ryan Nunn, Jana Parsons, Jay Shambaugh, Race and Underemployment in the U.S. Labor Market (Brookings Institute, August 1, 2019)
Tomaz Cajner, Tyler Radler, David Ratner, and Ivan Vidangos, Racial Gaps in Labor Market Outcomes in the Last Four Decades and Over the Business Cycle (Board of Governors of the Federal Reserve System, 2017)
Lucius Couloute and Daniel Kopf, Out of Prison and Out of Work: Unemployment among formerly incarcerated people (Prison Policy Initiative, July 2018)
Center for Economic and Policy Research, A Basic Demographic Profile of Workers in Frontline Industries (April 2020)
Jhacova Williams and Valerie Wilson, Black workers endure persistent racial disparities in employment incomes (Brookings Institute, August 27, 2019)
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024