الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهراء الخطير لآيس كيوب أو ... أسطورة التمكين الاقتصادي للسود و واقع عنصريّة ترامب الإباديّة

شادي الشماوي

2020 / 11 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ريموند لوتا ، جريدة " الثورة " عدد 671 ، 26 أكتوبر 2020
https://revcom.us/a/671/ice-cubes-dangerous-bullshit-en.html

" ما من شيء جيّد ، و فقط شيء فظيع – بالنسبة للسود و لكافة المضطهَدين في كلّ مكان و للإنسانيّة ككلّ – سينجم أبدا عن العمل مع ترامب و مساعدته ".
بوب أفاكيان ، " كانيى واست ، آيس كيوب – مجنونين و أسوأ من مجنونين "
ملاحظة تمهيديّة :
أواخر شهر أوت 2020 ، كشف آيس كيوب موسيقي راب / و ممثّل / و عرّاب لنعقد إتّفاقا عن " عقد مع سود أمريكا ". و يهدف هذا المقترح الواقع في 22 صفحة إلى معالجة و توفير خارطة طريق لتلبية حاجيات السكان السود . و قد لقي ترحيبا ودّيا من معسكر ترامب ، ودّيا إلى درجة أنّه رغب كثيرا فى " نصيحة " آيس كيوب للنظام الفاشيّ مقترحا هراء ( " مخطّط البلاتينوم " ) لإستثمار 500 بليون دولار فى مجتمع السود .
و قد إندفعت لدراسة " عقد مع سود أمريكا " إثر قراءتى لمقال بوب أفاكيان عن كانيى واست و آيس كيوب ( المقال المذكور أعلاه ). العقد إيّاه حزمة من المقترحات . و بعض مطالبه عادلة و مشروعة لا سيما تلك المتّصلة بنظام العدالة و الإجرام و حقّ الإنتخاب و البرامج التعليميّة . إلاّ أنّ كلّ هذا يقع ضمن إطار برنامج أعمّ و نظرة تعزّز المعتقدات و الأوهام في هذا النظام الإستغلالي و الإضطهادي – معتقدات تعزّز بدورها قبضة هذا النظام على جماهير السود . و كما يبدو جليّا الآن ، حافظ آيس كيوب على إنفتاحه و على نيّته " أن يعمل " مع ترامب . و سنرى كيف سيتطوّر هذا .
محتفظين بهذا في الذهن ، لنعالج أهمّ مرتكزات " عقد مع سود أمريكا " .
1) المقترحات العبثيّة و الوهميّة حول ما يمكن أن ينجزه هذا الاقتصاد الرأسمالي- الإمبريالي بطريقة ما لفائدة السود:
فى القسم المخصّص للقروض البنكيّة و تمويل الإصلاحات ، يناشد " عقد مع سود أمريكا " بنك الخزينة المركزيّة أن " يتبنّى نظرة...الرفع إلى أقصى حدّ لفرص التشغيل و السكن و التعليم و كذلك التحسين النوعي لحياة السود و الفقراء ".
حسنا ، بوسعكم مناشدة الحمام أن " يتبنّى نظرة " إيقاف التغوّط على الأرصفة ... لكن البيولوجيا لا تشتغل على ذلك النحو. يسير هذا النظام الاقتصادي الرأسمالي – الإمبريالي على أساس الصراع التنافسي بين الرأسماليّين من أجل الربح و مزيد الربح – الربح النابع من الإستغلال . و هذا ليس إقتصادا يسير وفق تلبية الحاجيات الإجتماعيّة الكبرى . لما تُشيّد شققا فاخرة بدلا من مساكن لائقة تكون في متناول الفقراء ؟ لأنّ الربح يحكم . لماذا تفتقر التجمّعات السود و اللاتينو موارد الرعاية الصحّية المناسبة ؟ لأنّ هذا ليس من أولويّات نظام منقسم إلى مالكين و غير مالكين و نظام يُخضع ذوى البشرة الملوّنة إلى أشكال خاصة من الإضطهاد .
لكن الآن ، بطريقة ما ، بموجة من العصا السحريّة ل " عقد " يتودّد آيس كيوب لل 500 شركة الأوسع ماليّا و صناعيّا التي تهيمن على الحياة الإقتصاديّة و بنك الخزينة الفدراليّة الذى يعمل على الحفاظ على و تسهيل سير هذا النظام الاقتصادي القائم على الربح ، ليقوموا بما " يعدّ صوابا " تجاه السود . " الترفيع إلى الأقصى " في تلبية حاجيات السود ؟ هذه دعابة فظّة .
2) الشوفينيّة الإمبرياليّة تقطر منه :
يمدح " عقد مع سود أمريكا " جيش الولايات المتّحدة الإبادي . ففي قسمه المخصّص للإصلاح القضائي و القوانين ، يحتفى بالسكّان السود الذين " ساهموا في الدفاع القوميّ " ، و ينادى بأن يوجّه 5 بالمائة من ميزانيّة قسم الدفاع إلى " التجميل و التعليم و البرامج الشبابيّة في الأحياء ذات العدد الغالب من السود ". و هذا الإجراء ، ينصح مؤلّفوا " عقد " الطبقة الحاكمة سوف " ينشأ إرادة جيّدة إزاء البلاد بما يفرز المزيد من الوطنيّة و المزيد من الإنتداب الناجح و يفرز بشكل عام عسكريّين أكثر حماسا ". أجل ، هذا بالذات ما تحتاج إليه الإنسانيّة : جنود سود غونغ هو " متحمّسين " للقتل و الغزو الإمبرياليين .
3) جعل السكّان السود منضبطين و تحت السيطرة ... و " متحمّلين للمسؤوليّة " و يقلعون عن لوم النظام :
في قسم " إصلاح الشرطة " يتوجّه " عقد " بنداء رثّ و مفلس " لقيام السكّان السود بأعمال الشرطة " – رثّ و مفلس لأنّه مثل ألواح الفحص و الكاميرا الجسديّة للشرطة ، هذه الإجراءات لم تفعل شيئا لإيقاف إرهاب الشرطة و قتلها للسود. و هو أسوأ من الإفلاس لأنّ قيام السكّان السود بأعمال الشرطة غطاء ( " سنكون أقدر على حسن إخضاع المضطهَدين ". إنّه عقد " بوجهين " ، يعد مؤلّفوه الحكّام ، " و من جهتنا " ، بانّه لمّا توضع الإصلاحات الزائفة موضع التنفيذ ، " كلّ الأمريكيّين الذين يُدانوا بسبب جريمة [ دون إثارة أسئلة ] ويقبض عليهم ، يوافقون على عدم مقاومة بشكل غير معقول الإيقاف ".
و في القسم ذاته عن " مسؤوليّة الأمريكيّين السود " ، يصرّح " عقد " : مع " كسبنا للمساواة الإجتماعيّة و الإقتصاديّة ، يجب علينا أن نشرع في تفكيك أيّة مرارة تنطوى عليها قلوبنا إزاء أخطاء الماضيّ ..." و " نمضى عقب تطبيق العقد نحو إضمحلال التعلاّت الصبيانيّة ". لنترك الماضيّ للماضي .
يمثّلأ هذا البرنامج برنامج تأقلم مع الإضطهاد و تعزيزه . و مع إقامة ترامب دولة بوليسيّة فاشيّة ، يردفها بمليشيا مسلّحة تقتل المحتجّين ضد العنصريّة في كينوشا و بفرق جنود فدراليّين شبه عسكريّة تبثّ الرعب و تعتقل الناس عشوائيّا – و تعطى الضوء الأخضر ( " القانون و النظام " ) للشرطة الخنازير في تجمّعات السود .
4) الأسطورة الماكرة للتمكين الاقتصادي للسود :
يمزج دونالد ترامب شأنه شأن ريتشارد نكسن في أواخر ستّينات القرن العشرين ، بين تفوّق البيض القاتل و مقترحات لرأسماليّة السود و تمكين تجمّعات السود . و قد مثّلت تلك المقترحات خدعة لتحقيق أشياء ثلاثة :
أ) الإقتطاع في المصاريف الإجتماعيّة الحكوميّة الموجّهة لما يفترض " دعوا القطاع الخاص يتولّى الأمر " ،
ب) توفير بعض فلرص الإستثمار – مثل ما يسمّى بمناطق " التمكين " و " الفرص " – التي تقوم بالقليل لتغيير ظروف حياة الجماهير القاعديّة ؛ و
ت) بناء شريحة أصحاب المشاريع و المستثمرين السود المتواطئين . ( لا تنسوا كيف أنّ برامج القروض المدعومة حكوميّا سمحت للبنوك في بدايات الألفيّة الثانية بأن تستغلّ رهون القروض العالية المخاطر في التجمّعات الفقيرة و تجمّعات السود لتدمّر في نهاية المطاف هذه التجمّعات ).
هذه المقترحات لا تفعل شيئا – لم تفعل شيئا – لتغيير الميز العنصري المتجذّر عميقا في السكن و التعليم ، و التمييز العنصري في الاقتصاد الأوسع . لكن دائما ، مع هذه الوعود المعسولة بالتطوير الاقتصادي للتجمّعات تأتى المتجوّلة و يأتي السجن الجماعي .
معطى أساسي معبّر : عندما تمّ إعلان إلغاء العبوديّة سنة 1863 ، كان السود يملكون 5 بالمائة من ثروة البلاد ، و اليوم بالكاد تغيّر الأمر ، إلى أقلّ من 2 بالمائة ! و معطى أساسي و معبّر آخر : طوال الخمسين سنة الماضية ، نسبة بطالة السود قد كانت ضِعفَ نسبة بطالة العمّال البيض . لكنّ مثل الميّت الحيّ – الزومبى يخرجون علينا بنداءات " جريئة " و" جديدة " ل " تنمية الحصول على رأس المال " في تجمّعات السود ، بوعد بأنّ هذا سيعالج الفقر واللامساواة . و في أواخر ستّينات القرن الماضى لمّا كان نكسن رئيسا ، كان ذلك جزءا من إستراتيجيا رسمت عمدا لتلطيف و قمع نضال تحرّر السود . و الآن ، غداة تمرّد جميل جدّ في الربيع – الصيف ضد العنصريّة النظاميّة و قتل الشرطة للسود ، آيس كيوب مبعوث سامي ل " برنامج طريق مسدود " – يكون من الجيّد جدّا لو إبتُلع كطعم ...
5 ) وهم التمكين الاقتصادي للسود يمضى اليد في اليد مع عنصريّة دونالد ترامب الإباديّة :
لقد كتب بوب أفاكيان بنظرة ثاقبة و بصفة ملحّة عن حقيقة ما يعتقد فيه ترامب عمليّا بصدد السود وهو مستعدّ لتنفيذه ( أنظروا مقال " دونالد ترامب – عنصريّ إباديّ " ) إقرأوا سلسلة المقالات تلك إذا لم تدركوا أنّ ترامب سيفعل شيئا قصوويّا كقتل عدد كبير من السود و غير السود من ذوى البشرة الملوّنة الذين شيطنهم ترامب و جرّمهم .
و في مقال آخر ، " يمكن وضع نهاية للإضطهاد العنصري – لكن ليس في ظلّ هذا النظام " ، حلّل بوب أفاكيان التغيّرات الهيكليّة العميقة الكامنة وراء إمكانيّة تحقّق مثل هذا البرنامج الإبادي . و قد نظر في كيف أنّ التطوّرات في النظام الإمبريالي العالمي و التغيّرات في إقتصاد الولايات المتّحدة لا سيما تشديد عولمة الإنتاج معا مع الأتمتة المتصاعدة و الإنتاج " عبر الأنترنت " ، عندما تمزج مع الميز و التمييز الحاصلين و الجاريين المبنيّين في أسس هذا النظام ، قد أدّت إلى وضع حيث أعداد ضخمة من السود و خاصة منهم الشباب لأجيال الآن ، لم يكونوا معطّلين عن العمل فحسب بل كانوا متروكين بلا آفاق للشغل ذي المعنى في الإقتصاد العادي ( " الرسمي " ).
بكلمات أخرى ، أصبح قسم كبير من السكّان السود " فائض " من السكّان – و هذا يعنى أنّه يمكن الإستغناء عنه و التضحية به من وجهة نظر الإنتاج المحقّق للربح . لعقود ، إرهاب الشرطة و جرائمها و وضع مجموعات ضخمة من السكّان السود في مستودعات عبر السجن الجماعي ، قد مثّلوا نوعا من " الإبادة الجماعيّة البطيئة " للسود . و في الظروف الراهنة ن نظرا لإيديولوجيا دونالد ترامب لتفوّق البيض و نظرا لشخصيّته ، يمكن أن تتحوّل هذه الإبادة الجماعيّة البطيئة إلى " إبادة جماعيّة سريعة ".
إنّ ضخامة العذاب الاقتصادي و الاجتماعي الذى يعانى منه السود ... و التمييز العنصري و اللامساواة ... و تعرّضهم بإستمرار للعنف العنصري للشرة – كلّ هذا ناجم عن نظام هو النظام الرأسمالي - الإمبريالي الذى لا يملك حلاّ لهذه الفظائع. و هذه ليست تعلّة و لا تبريرا من تعلاّت و تبريرات " قادة " اليهود الذين قدّموا خدمات في الجودنرات ، المجالس اليهوديّة التي كانت تروّج و تسهر على تكريس السياسات النازيّة في بولونيا و شرقي أوروبا أثناء الحرب العالميّة الثانية ... و في نهاية المطاف تواطأت مع الإبادة الجماعيّة .
لقد أطلق آيس كيوب " عقد مع سود أمريكا " بفيديو يحمل عنوان " ماذا نستفيد من ذلك ؟ " و بالنسبة لكيوب ، ربّما تحصّل على بعض الفتات و أكثر . و بالنسبة للجماهير ، ستحصل على فظائع لا توصف إن ظلّ ترامب في الرئاسة لأربع سنوات أخرى .
----------------------------------------------------
ترامب : " نحتاج إلى " حلّ نهائيّ " للسود و لكافة الذين ليسوا بيضا و يتحدّثون الأنجليزيّة و مسيحيّين أمريكيّين ".
آيس كيوب : " سأعمل مع أيّ شخص يبحث عن الحلول " .
https://t.co/m6IroUzJbi pic.twitter.com/tqBaWDHRfy
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
مزيدا عن آيس كيوب و سراب التمكين الاقتصادي للسود
ريموند لوتا ، جريدة " الثورة " عدد 672 ، 2 نوفمبر 2020
https://revcom.us/a/672/more-on-ice-cube-and-the-mirage-of-black-economic-empowerment-en.html

في مقالي " الهراء الخطير لآيس كيوب أو ... أسطورة التمكين الاقتصادي للسود و واقع عنصريّة ترامب الإباديّة " ذكرت إحصائيّات مفادها أنّه لمّا تمّ إعلان إلغاء العبوديّة سنة 1863 ، كان السود يملكون 5 بالمائة من ثروة البلاد و اليوم بعد أكثر من 150 سنة ، الحصّة بالكاد تغيّرت إلى أقلّ من 2 بالمائة .
و حينما واجه البعض هذا الواقع المعبّر و الكاشف للحقيقة تساءلوا : لماذا لا يمكن لضخّ كبير للإستثمارات الرأسماليّة في تجمّعات السكّان السود ، كما يدعو إلى ذلك " عقد مع سود أمريكا " الذى يروّج له كيوب و كما يعد ترامب بما يسمّى " مخطّط " البلاتينيوم " ، أن يغيّر هذا الوضع ؟
و الإجابة المقتضبة هي :
أ- نوع الإستثمارات التي ينادى بها آيس كيوب لن تحدث على ذلك النطاق ؛ ب- حتّى إلى درجة وجود بعض الترفيع في الإستثمارات الرأسماليّة ، لن يؤدّي ذلك و لا يمكنه أن يؤدّي إلى تخطّى الإضطهاد – و بالنسبة للجماهير الشعبيّة ، إلى تخطّى الظروف البائسة التي تعيش فييها في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و التالى يشرح بعمق أكبر هذا .
1- لقد أثّرت التغيّرات الكبرى في الاقتصاد العالمي و في إقتصاد الولايات المتّحدة خلال الخمسين سنة الماضية تأثيرا عميقا في كيفيّة " إدماج " السود في الهيكلة الإقتصاديّة وفي العلاقات الاجتماعية في الولايات المتّحدة . فالبحث الرأسمالي عن أعلى أرباح ممكنة مدفوعا بالمنافسة و القدرة المتزايدة للرأسماليّين على الإستثمار عبر الكوكب كلّه قد أدّت إلى تبخّر عديد مواطن الشغل الصناعيّة في أحياء داخل مدن الولايات المتّحدة . و قد كانت مواطن الشغل الصناعيّة هذه مصدرا لبعض الشغل القار للعمّال السود . لكن المصانع أعيد توزيعها في الفضاءات نحو الضواحي ... و بقدر أكبر بكثير نحو أنحاء أخرى من العالم خاصة نحو بلدان " جنوب الكوكب " أو ما يسمّى بالعالم الثالث .
واقع الإستثمار الرأسمالي هو الإستغلال من أجل تحقيق الربح . يتنافس الرأسماليّ,ن مع بعضهم البعض باحثين عن أعلى الرباح الممكنة و عن الإستثمار بطرق فعّالة / ذات كلفة فعّالة لتحقيق الأرباح . و في آخر المطاف ، يعتمد الربح على إستغلال العمّال المأجورين الذين يجب عليهم للبقاء على قيد الحياة و لتمكين أسرهم من البقاء على قيد الحياة ، أن يبيعوا قدرتهم على العمل للمشغِّلين الرأسماليّين ...متى كان الشغل متوفّرا . هذا نظام عالميّ من الإستغلال : في مصانع التزويد بالقطع في المكسيك و المعامل الهشّة للنسيج في الصين و بنغلاداش أو في المناجم التي تشغّل الأطفال في الكنغو .
العولمة و الأتمتة قد ساهما في وضع حيث بات السود يعانون معاناة مزمنة من نسب عالية من البطالة و حيث عديد الشباب السود لا سيما الذين مرّوا عبر البالوعة الهريبة للسجن الجماعي ، أصبحوا " منفصلين " عن الاقتصاد الرسميّ للعمل المأجور ... و هم يدخلون و يخرجون من سوق الشغل أو هم محرومون بإستمرار من الشغل ؛ و حيث الكثير من الشبّان السود قد إضطرّوا إلى التزاحم للعمل في " أعمل مجرّمة " للبقاء على قيد الحياة .
2- مع تحوّل الرأسماليّة – الإمبرياليّة إلى عولمة اشدّ ، صار إقتصاد الولايات المتّحدة بدوره إقتصادا أكثر " ما بعد صناعي ". و قد شهدت مدن كبرى من الولايات المتّحدة أين تعيش أعداد كبيرة من السود نموّا هاائلا في الإستثمار في العقّارات و في الخدمات الماليّة و في مكاتب الإدارات و في مركّبات طبّية – تعليميّة ذات تخرّج عالي المستوى و في " فضاءات إستهلاك " و في محلاّت خاصة القوم مدفوعة بالربح .
يضخّ رأسمال في هذه القطاعات و يجذبه إليها سحب مغناطيسي إلى أين تكمن أعلى الأرباح و الحاجيات الإستراتيجيّة لإمبراطوريّة الولايات المتّحدة لوضع قيادتها الماليّة و مراكز تحكّمها في مدن مثل مدينة نيويورك و لوس أنجلاس و شيكاغو .
و الآن يأتي كيوب و ينادى بالإستثمار الكبير لرأس المال في تجمّعات السود . لكن هنا تكمن المعضلة : ليس لرأس المال " حافة تنافسيّة " بالإستثمار في السكن اللائق و في الرعاية الصحّية في أحياء داخل المدن أو في تحسين ظروف حياة أوسع الجماهير الشعبيّة . هذا ليس نظاما يحدّد في مستهلّ السنة " كيف يمكن أن نُنشأ المزيد من مواطن الشغل ذات الأجور الجيّدة و ذات المعنى بالنسبة للسود ؟ ".
الواقع القاسيّ هو ... من منطلق رأس المال الساعي إلى الربح ، تُعدّ الآن قطاعات عريضة من السكّان السود " فائض من السكّأن " ، لا سيما ضمن الشباب و الأقلّ تعليما . لم تعد هناك حاجة إليهم . و بالتأكيد ليس لأنّ الحاجيات الإجتماعيّة الكبرى قد وقعت تلبيتها أو لأنّ القدرات و المؤهّلات غير موجودة ...و إنّما لأنّه لم يعد من الممكن إستغلالهم إستغلالا مربحا .
3- المرّة تلو المرّة ، عندما رسمت كلّ الإدارات سواء منها الجمهوريّة أو الديمقراطيّة إنشاء " مؤسّسة " أو " مناطق فرص " في تجمّعات السود ... عندما وفّرت الحكومة إقتطاعات من الأداءات و " طوّرت حوافزا " و منحا لدفع رأس المال إلى تجمّعات السود المتهالكة ... كانت النتائج بألم و كما كان متوقّعا نفسها .
لقد إستفاد البعض بينما ظلّت ظروف الحياة الأساسيّة بالنسبة للجماهير القاعدية تتّسم بالتفقير و المراقبة العقابيّة .
لم تضع هذه البرامج الحكوميّة و الإستثمارات الخاصة المدعومة حكوميّا نهاية للميز العنصريّ و لم تغيّر مجالات القروض البنكيّة ... أو فقر الأطفال أو تقلّص من بطالة العمّال الشبّان ... أو من التسريح الجماعي و السجن الجماعي . و ما كانت لتستطيع فعل ذلك.
- سيحتاج إنجاز هذا الصنف من التغييرات إعادة ترتيب كاملة و شاملة للأولويّات و إعادة توجيه كبرى للموارد و هذا في تعارض مع المنطق الرأسمالي " للبحث عن الربح ".
- سيحتاج إنجاز هذا الصنف من التغييرات التغيير الكامل و الشامل للمؤسّسات الإجتماعيّة الأمريكيّة كما تطوّرت و للرأسماليّة – الإمبرياليّة الأمريكيّة كما تسير كمجتمع تفوّق البيض و مجتمع منقسم إلى طبقات يتحكّم فيه منطق الإنتاج من أجل الربح .
بإختصار ، سيتطلّب تغيير هذه الظروف الإضطهاديّة تغيير كلّ شيء ... سيتطلّب ثورة تطيح بهذا النظام و تنشأ مجتمعا و عالما يضعان نهاية للإستغلال و الإضطهاد .
و كما قال بوب أفاكيان في " إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " :
" متحدّثا عن الحركيّة الإجتماعيّة التي ترفع عادة كأحد أهمّ مظاهر المجتمع الرأسمالي ، أشار ماركس في أحد أعماله الكبرى الأخرى ، الغرندريس ، إلى أنّ الأفراد يمكن أن يغيّروا موقعهم الإجتماعي و الطبقي داخل مجتمع مثل هذا لكن جماهير الشعب لا يمكن أن تتخلّص من علاقات الإنتاج و العلاقات الإجتماعيّة الإضطهادية إلاّ عبر الوسائل الثوريّة – بالإطاحة و إلغاء النظام القائم على و المجسّد لهذه العلاقات . "

و ملاحظة ختاميّة عن مؤسّسات أعمال السود . يمكن أن يرى المستثمرون السود " سوقا " يمكن أن تكون مربحة بأساس أمتن من الحرفاء " الأوفياء " في تجمّعات السود . لكن هؤلاء الرأسماليّين السود لا يتحكّمون في موارد الإستثمارات الكبرى على نطاق واسع . و كرأسماليّين ، يجب عليهم أن يتنافسوا مع و لا يملك الكثير منهم فرصة البقاء على قيد الحياة في معركة المنافسة هذه ، مع الشركات الميهمنة على غرار شركة ولمارت و أمازون – ذات الخطوط التموينيّة العالميّة الممتدّة كأصابع الأخطبوط و المعتمدة على الإستغلال الوحشيّ عبر العالم .
هذه إذن الأسباب الأساسيّة للماذا يعدّ " التمكين الاقتصادي للسود " سرابا و للماذا " عقد مع سود أمريكا " ليس سوى تلاوة أخرى من الوعود الكاذبة و الخدع المعاد إخراجها .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة


.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا




.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي