الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهى زمن غوتنبرغ !

سليم نزال

2020 / 11 / 22
سيرة ذاتية


مضى زمن طويل عندما بدات حياتى فى العمل الصحافى و كان ذلك فى وكالة الصحافة العربية و مقرها بيروت فى ذلك الوقت .و كانت اول مقابلة اجريتها كانت مع ابو العباس و كان قائد فصيل فلسطينيى صغير اشتهر لاحقا بعملية خطف سفينة امريكية اكيلى لاوورو .
منذ ذلك الزمن تغير كل شىء و لو ان غوتمبرغ مخترع الاله الكاتبة عاد للحياة مرة اخرى فسيقف مذهولا امام هذا الكم الهائل من التطورات التكنولوجية التى قفزت بعالم الكتابة الى مستويات لم نحلم بها حتى الى عهد قريب.
كانت تجربة الكتابة للراديو تجربة مثيره فى تلك الازمان .و انا مدين مدى الحياة للدعم المعنوى الذى قدمه لى صديقى المرحوم الشاعر على فوده .
كانت الكتابة بالنسبة لى هواية لا اكثر و لا اقل. و رغم مرور كل هذه الاعوام ما زلت انظر الى نفسى كهاو.انا اكتب لانى احب الكتابة و هذا كل شىء. و يحضرنى دوما تعبير لكاتب لا يحضرنى اسمه الان ان من لا يملك وقتا للقراءه لا يملك وقتا للكتابة .و هو تعبير اعتقد انه يعبر عن واقع الحال .و بالفعل امضيت اعواما كثيرة من حياتى و انا اقرا خاصة فى المواضيع التى لها علاقة بدراستى او اهتمامى .و العلوم خاصة الاجتماعية مترابطه و تدعم بعضها البعض .
و ارى الان فى عصر النت كتابا شباب يستعجلون الشهرة بدون ان يكونوا قاعدة اساسية من القراءات العميقة .و هذا خطا كبير فى راى .
لقد نشرت مقالات لى فى صحف كبرى من الاهرام الى الايكونوميست الى وول جورنال ستريت الخ .كما نشرت مقالاتى فى العديد من المجلات و المواقع و ضاع لللاسف مئات المقالات التى لم اجمعها رغم النصائح بذلك.
لم اسعى فى حياتى كلها ان اركض وراء رجال سياسة بل سعيت دوما لمحاورة رجال فكر.و لكنى ايضا لا ادين الكتاب الذين تنازلوا عن مواقفهم بسبب ضغط ظروف الحياة احيانا .بل اشعر باسف تجاهم .و عندما بدا بعض الباحثين فى مركز الدراسات الفلسطينية فى بيروت يغادرون و يذهبون للعمل فى مركز ابحاث الدوحة فى قطر قال لى صديق لم يزل يعمل فى مركز الابحاث .الواحد منهم يحصل على راتب متواضع فى بيروت و يعرض عليهم راتبا كبيرا فى قطر ماذا تتوقع منه ان يفعل ؟ليس كل كاتب لديه الاستعداد للتضحيه !اخر شىء اتمناه لنفسى ان اكون قاضيا على احد لكن هذا لا يعنى بالطبع ان اوافق على التراجع عن المواقف المبدئية .
توقفت اعوام طويلة لم اكتب فيها لان الحياة و همومها و اهمها كانت الدراسة استغرقت الكثير من الوقت .لكن عندما عدت لاكتب فى نهاية التستينيات وجدت نفسى امام عالم اخر .
زمن ان ترسل المقال فى البريد انتهى لصالح زمن اخر .
يا له من عام ساحر! صار المرء يكتب المقال فى منزله فى اوسلو مثلا و اخر يقراه بعد ثوانى فى اخر بلاد العالم .
و صار الهاتف المحمول الصغير قادر ان يوصل المرء بالعالم كله قراءة و كتابة و تصويرا .
لقد ادى غوتمبرغ خدمات لا تنسى لللانسانية التى كانت فى الحضارات السابقة تكتب على الحجر احيانا و على الجلد وورق البرد احيانا اخرى .انتهى زمن غوتنبرغ !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على