الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يحدث بين فرنسا العلمانية و الاممية الاسلاموية؟

حميد زناز

2020 / 11 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان رد فرنسا الرسمية ردا على سلسلة من العمليات الاجرامية كان آخرها جريمة القتل البربري التي راح ضحيتها الاستاذ سامويل باتي يوم 16 اكتوبر الماضي. كان الرد ضروريا من السيد ماكرون كرئيس جمهورية اولا و ربما كمترشح لرئاسيات 2022 لعهدة ثانية. لا يمكن القول بأنه متمسك بدعم الرسومات الكاريكاتورية كرسومات متعلقة بالدين الاسلامي و انما كمبدأ من مبادئ حرية التعبير و الهزل و هما من قيم الثقافة الفرنسية العليا. و بالمناسبة لم تتعرض اسبوعية شارلي ايبدو الى الاسلام فقط و انما الى كل الديانات و العقائد و الاشخاص و قد قالت في المسيحية و المسيح و اليهودية ما قاله مالك في الخمر. أما لرسالة الرئيس ماكرون فواضحة فهي موجهة ليس الى المسلمين و انما الى المتطرفين لان المسلمين في اغلبهم يعيشون بشكل طبيعي كغيرهم من المواطنين في فرنسا و مفادها انه يقول للمتطرفين الاسلاميين أن وقت التساهل معهم قد ولى و عليهم ان يحترموا قوانين الجمهورية الذين كثيرا ما عبثوا بها .
و في الحقيقة تعيش فرنسا مرحلة ما قبل الحرب الأهلية منذ مدة. في سنة 2016، صرح رئيس المديرية العامة للأمن الداخلي باتريك كالفار أمام لجنة تحقيق برلمانية حول اعتداءات 13 نوفمبر 2015 "نحن على أبواب حرب أهلية". وأضاف "من واجبنا أن نستبق الأحداث ونسد الطريق أمام الجماعات التي تريد في لحظة أو أخرى أن تشعل فتيل المواجهات بين الإثنيات على أرضنا".
وقبل ذلك بعام، نشر الكاتب الصحافي افان ريوفول كتابه "الحرب الأهلية قادمة" حذّر فيه من خطة الإسلاميين في زعزعة النظام العام بإشعال الصراع بين الأقليات في ما بينها وبين الفرنسيين. أما وزير الداخلية السابق في حكومة ماكرون جيرار كولومب فقد تنبأ بحدوث "مواجهات" و”مشاكل عظمى".
فرنسا "تتلبنن" شيئا فشيئا ولم تعد كلمة "اللبننة" تخيف الاعلاميين. لقد استوردت فرنسا الطوائف ولم تعمل على إدماجها وهي اليوم قادرة على إعلان الحرب على بعضها . ويبقى المواطنون المعتمدون على حماية القوة العمومية لقمة سائغة في فم الميليشيات الطائفية وقد بدأ التفكير في إمكانية الشروع في الدفاع الذاتي عن النفس. وهذا ما يسمى مرحلة "ما قبل الحرب الأهلية".
مع تهاون السياسيين الفرنسيين لأسباب سياسية انتخابية، أصبحت أغلب الضواحي الفرنسية مناطق بعيدة عن قوانين الجمهورية خاضعة لزعماء عصابات المخدرات والإسلاميين. و هذا ما يسميه ماكرون بالانعزالية.
أمام وضع كهذا كان لا بد من رد فعل قوي للجمهورية الفرنسية للدفاع عن اسسها امام هجومات الارهابيين.

من البديهي ان يعمل رئيس فرنسا كل ما في وسعه لحماية الجمهورية الفرنسية و قد انتخب لذلك و هو الضامن لديمومتها. و سواء أكان عدد المسلمين كبيرا او صغيرا فهذا لا يغير من الامر شيئا لان السلطة في فرنسا لا مشكلة لها مع الجاليات المسلمة فهم مواطنون لهم واجبات و حقوق كغيرهم و هم متواجدون في كل القطاعات و يتبوؤون مسؤلييات عليا في الدولة و و من هم من هو في الدائرة المقربة للرئيس ماكرون . المشكلة في فرنسا هي مع اقلية متطرفة تريد زرع الفتنة و الشقاق بين المسلمين و مجتمعهم الفرنسي .
صحيح هي صحوة متأخرة للدولة الفرنسية في تصور إستراتيجية وقائية أمام ظهور الإرهاب الداخلي، و لكن بدات الامور تتهيكل شيئا فشيئا و تذهب فرنسا في البحث عن خلف اسلام فرنسي متوافق مع قيم الجمهورية و غير متأثر بالإسلام الوافد من اجل قطع الطريق امام الاسلاميين.
كانت تدخلات الرئيس ماكرون واضحة ضد المتطرفين و الارهابيين و لم نر امتعاضا من طرف المسلمين في فرنسا و جمعياتهم ما عدا تلك المصنفة راديكالية فمسجد باريس كان رده ايجابيا و يلتفي مع الرءيس في محاربته للفكر الديني المتطرف . ربما من لا علافة لهم بما يحدث في فرنسا هم الذين تشنجوا اكثير مثل الرءيس التركي اردوغان و طبعا لأهداف سياسية و زعماتية و لتصفية حسابات مع ماكرون في قضية ليبيا و صراعه مع اليونان في المتوسط و كذلك الازهر الذي يتدخل في قضية داخلية فرنسية بينما لا ينبت ببنت شفة و السيسي يزج بالناس في السجون و يعدم بعضهم.
لا تعيش فرنسا أي صراع مع الدين الاسلامي او غيره من الاديان هي بلد علماني تتساوى فيه كل الديانات و تقف الدولة بنفس المسافة مع كل الاديان. تختلف فرنسا عن البلدان الاخرى في كونها لا تتحمل و لا تقبل الانعزال الاثني او الديني بينما تقبل البلدان الاخرى و خاصة الانغلوساكسونية الانعزالية الثقافية. و لكن ما يظهر معاداة للدين الاسلامي هو صنيعة الاسلاميون الذين يوظفون كلمة إسلاموفوبيا من أجل نشر أطروحة راديكالية تحاول أن تقنع المسلمين بأن الغرب يرفض رفضا شاملا بشكل مرضيّ بل ويجرم هذا الغرب كل ما له علاقة بالدين الإسلامي، والممارسات المتعلقة به وجميع معتنقيه. و الحقيقة فلا الشعب الفرنسي في أغلبيته يُعادي المسلمين ولا الدولة الفرنسية تسنّ قوانين ضدهم. وهذا لا يعني عدم وجود بعض الأحكام المُسبقة حول المسلمين لدى بعض الأفراد والجماعات. في فرنسا احزاب اسلامية تنشط شرعيا و تشارك في الانتخابات و ليس هذا فحسب بل لقد انتخب اسلامي معروف على رأس بلدية غوسنفييل، في منطقة الفال دواز التابعة لإقليم إيل دو فرانس في الانتخابات البلدية الماضية في جوان الماضي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لبننة فرنسا
نعيم إيليا ( 2020 / 11 / 23 - 10:05 )
تحية للكاتب
القول: (( السلطة في فرنسا لا مشكلة لها مع الجاليات المسلمة)) هو قول ماكرون أيضاً
فإن كان هذا القول صحيحاً، فلماذا كل هذا الضجيج في فرنسا؟
كيف يتحدث مسؤولون في أعلى المناصب الحكومية ومنهم الرئيس ماكرون عن (لبننة) فرنسا وعن حرب أهلية وشيكة، ثم لا يكون للسلطة مشكلة مع الجاليات المسلمة؟
من هم هؤلاء الذين سيلبننون فرنسا؟ أهم حقاً نفر صغير من المتطرفين؟
ولكن نفراً من المتطرفين، مهما عظم شأنهم، لا يستطيعون أن يعزلوا مناطق واسعة من فرنسا، كما لا يستطيعون أن يلبننوا دولة عظمى كفرنسا بحرب أهلية.
فإن كان الرأي أن الجاليات المسلمة هي التي لها مشكلة مع العلمانية الفرنسية، فهذا يعني أن السلطة الفرنسية لها مشكلة مع الجاليات الإسلامية بالمقابل. من درس الفلسفة لا يجهل هذا المنطق.
ولو كانت القضية قضية صراع بين السلطة وبين نفر قليل من المتطرفين، كصراع الألوية الحمراء، فما الذي دفع ماكرون إلى أن يقول قولته: إن الإسلام في أزمة؟
وشكراً


2 - لم تعلن الحرب بعد
محمد البدري ( 2020 / 11 / 23 - 10:48 )
تحية للسيد حميد زناز
https://www.bbc.com/arabic/world-55007062
في هذا الرابط مقدمة لاعلان حرب وشيكة علي كل ما هو اسلامي، مهما كانت مواقف قادة الاسلاميين من انذار ماكرون.
فلا شئ اسمه اسلام سياسي لان الاسلام اساسا دين سياسي، يسعي للسطة اينما حل هذا علي افتراض ان الله كان علي علم بما تعنيه السياسة وان رسوله الكريم جدا اصبح خبيرا سياسيا وفحل من فحولها يضاهي به فحولته التي نحن جميعا علي علم بها من سيرته النبوية العطرة مع النساء.
ولنكن صرحاء فالاسلام يحل معه الخراب اينما حل هو ولا يمكنه الانتشار باقل تكلفة الا في المجتمعات الخربة او المنهارة. فالمسلمون عندما يطالبون بما يطالبون به في فرنسا فانهم يضعون نهاية للاسلام لانهم عمي البصر والبصيرة لان العلمانية لها مخالب وانياب يستحيل الصراع معها بعقائد دينية هي ذاتها عفن الماضي التاريخي للبشرية باسره وليس اوروبا فقط.

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد