الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضربة الردع المحدودة

كاظم محمد

2006 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


جاءت عملية حزب الله في جنوب لبنان ، بأسر وقتل العديد من افراد الجيش الاسرائيلي وجرح العشرات ، كضربة ردع محسوبة في توقيتها ومؤثرة في مكانها ، في الوقت الذي تستفرد فيه اسرائيل بقطاع غزة وتقتل العشرات يوميآ وتشرد المئات وتنتهك كل الاعراف والقيم ، وتضرب عرض الحائط بجميع الالتزامات الدولية ، وهي واثقة من الدعم الامريكي ومطمئنة للصمت العربي المريب ، الذي يعكس مأزومية انظمة الحكم العربية وضعف قدرة بعضها حتى على اتخاذ الموقف الحيادي من الاحداث وتطوراتها .

فتحت ضغط الاحداث ومخافة الانفجار الشعبي وحفاظآ على مواقعها السلطوية ، تستسهل هذه الانظمة المأزومة التناغم والتوافق مع المواقف الصهيوامريكية وتتنازل وتتخاذل وتخنع للأملاءات الامريكية ولمتطلبات تمرير السياسات الأسرائيلية في انهاء (الاشكالية الفلسطينية ) كما يسميها بعضهم وتدفع عبر وساطاتها وتحث الفلسطينين على تقديم التنازل تلو الاخر .
ان الموقف الرسمي العربي يعبر بشكل صارخ ليس فقط عن شللية قياداته السياسية في مواجهة متطلبات السياسة الامريكية ، بل يشير وبشكل واضح الى انخراط القسم الاكبر منه في في تنفيذ وتكريس مفاصلها الاقليمية .
وبعيدآ عن التفصيلات واعادة التذكير بأحداث السنوات القليلة المنصرمة ، فأن لبعض الانظمة العربية دور رئيسي في المساعدة التقنية واللوجستية والمخابراتية في احتلال العراق ، وهذه الانظمة نفسها من قدمت خدماتٍ (جليلة) لأسرائيل ولازالت في محاولاتها الطويلة في تصفية القضية الفلسطينية وضرب مقاومتها الشعبية ومحاصرة وعزل حكومتها المنتخبة ، وها هي نفسها وتحت عناوين مختلفة تدعوا السودان للقبول بتدويل قضية دارفور ، وضغطت وهولت لسورية المخاطر التي تنتظرها وتدفع بها لتلين امام المتطلبات الامريكية بالأعتراف بحكومة الاحتلال في بغداد والتضييق على المنظمات الفلسطينية وضبط ايقاع حزب الله في لبنان ليكون مطواعآ تجاه خطط تشكيل لبنان الشرق اوسطي ، خاصة بعد نجاح السفارة الامريكية في بيروت ومن غرفة عملياتها الدائمة هناك في احتواء بعض الاجنحة السياسية ورموزها ودعمها سياسيآ ومعنويآ لتؤدي مهامها في الصياغة الجديدة للبنان بما يخدم محاصرة سورية وابلاغ ايران بخسارتها لأمتدادٍ مؤثر ٍ يكسر حاجز الجبهة الاقليمية ، والذي بدوره سيضعف الموقف التصادمي لايران في مواجهتها مع الولايات المتحدة .

ان قصم ظهر المقاومة ، وكسر ارادتها لدى الشعب الفلسطيي وتصفية قضيته ، وضرب المقاومة اللبنانية ونزع سلاح حزب الله ، ومحاولة القضاء على المقاومة العراقية وعزلها عن حاضنتها الشعبية وتشويه صورتها عبر عمليات الارهاب ومحاولات اثارة العنف الطائفي وتوسيعه ، يدخل في صلب الاستراتيجية الصهيوامريكية لاعادة ترتيب المنطقة ، خاصة وان النجاح قد عز على طغمة الحرب الامريكية في مشروعها العراقي ، حيث لم تكن حسابات وتوقعات ادارة الحرب تتماهى مع واقع الحال العراقي ، فغرزت عجلات الاحتلال الامريكي في وحل ارضه وتعثرت خططه التكتيكية بفعل المقاومة العراقية والرفض الشعبي للاحتلال ، فعمدت على اغراق العراق بدماء ابناءه ، تمهيدآ لحرب التقسيم الطائفية والعرقية ، ولتضمن اختفاء الخريطة العراقية لبلد كان العمق الاستراتيجي لقضايا الشعوب العربية وخاصة قضية فلسطين .

لذلك فأن كسر ارادة المناهضة والمقاومة واشاعة روح اليأس ، عبر ضرب كل مقومات الصمود النفسي والاجتماعي والسياسي ، هو ما تمارسه حكومة الاسرائليين في تل ابيب ، وهو ما تقوم به ادارة الحرب الامريكية في العراق ، وهو ما تحاول ان تفعله واشنطن في لبنان بأستخدام العصا الغليضة لمجلس الامن الدولي وقرارته، او من خلال تدخلها المباشر في نزع سلاح المقاومة ، لأبقاء الجبهة اللبنانية مكشوفة امام الالة العسكرية الاسرائيلية ، ومفتوحة في بيروت امام خطط ادارة الصراع وفك التحالفات اللبنانية واعادة حياكتها لخلق نظام سياسي يتوافق والمصالح الامريكية والاسرائيلية .

ان حجة الجندي الاسير لدى المقاومة الفلسطينينة ، تستخدمها تل ابيب للاستمرار في تصفية قضية الشعب الفلسطيني وضرب وتحطيم مقومات دولته البسيطة ومؤسساتها الفقيرة ، ان ضرب المجلس التشريعي ورئاسة الوزراء وتدمير وزارة الخارجية وقصف البنى التحتية وقتل المدنيين العزل يؤكد طبيعة الخطة الاسرائيلية باسقاط حكومة حماس وفرض سياسة الامر الواقع بكنتونات معزولة بعد ان التهمت وتلتهم اسرائيل اراضي واسعة من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ومحيطها .
ان ضربة الردع الي وجهها حزب الله لاسرائيل تعكس بمدلولاها العسكري ، القدرة الكامنة في ايقاف العنجهية الصهيونية ، وهي رسالة سياسية مقاومة ومتضامنة مع الشعب الفلسطيني ارفقت باشارة واضحة الى تلازم المقاومة اللبنانية والعراقية والفلسطينية ، لقد كانت بلاغا واضحا للداخل اللبناني وبعض رموزه ، وجاءت انعاشآ وتذكيرآ بانتصاراتٍ ممكنة لو توفرت ارادة التحرير ، وحملت معها مضمون الرد القوي على التخاذل الرسمي العربي ، وهي اذ اربكت الحكومة الاسرائيلية ، فأنها اوجعت قادتها ، فكانت تصريحاتهم النارية والتي يعرف الكثير من المحللين ما مداها العسكري وابعادها السياسية ، والتي بالتاكيد ستنتقل بافعالها الى الجبهة الاضعف ، جبهة غزة ومحيطها والى ضرب البنى التحتية اللبنانية وخلق حالة من الضغط العسكري والنفسي مترافقآ مع تحركآ سياسيآ مدعومآ امريكيآ لخلخلة العلاقة وتعميق فجوة التعامل والفصل ما بين الحكومة اللبنانية وحزب الله .
ان تسخين الجبهة اللبنانية الاسرائيلية وتوسيع مدى القصف الاسرائيلي يفتح المنطقة على احتمالات عسكرية وسياسية ، تحاول الادارة الامريكية واسرائيل تجييرها لصالح اهداف سياستها الاقليمية في فلسطين ولبنان والعراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث