الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الداخلون إلى الإسلام والخارجون منه

أحمد عصيد

2020 / 11 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الداخلون إلى الإسلام والخارجون منه سواء، فللداخلين حججُهم وأعذارهم وللخارجين كذلك، لكن الناس في بلاد المسلمين لا يرون الأمر بهذه البداهة، فالإسلام عندهم هو الدين الذي يمكنك الدخول إليه بالزغاريد والخروج منه بقطع الرأس، ما يعكس قدرا كبيرا من التخلف الفكري والاجتماعي، هذا مع تسجيل أنّ الدولة المغربية خطت خطوة كبيرة منذ سنة 2014 في طريق الاعتراف بحرية المعتقد والضمير، بتوقيعها على قرار أممي بدون تحفظ، يتضمن التعهد باحترام حرية التدين في المغرب. كما أن المجلس العلمي الأعلى نفسه بعد أن ارتكب سنة 2013 خطأ اعتماد حديث منسوب إلى النبي في البخاري يقول "من بدل دينه فاقتلوه"، عاد سنة 2017 وصحّح موقفه بالقول إنّ الإسلام يتضمن حرية المعتقد في الكثير من الآيات القرآنية وأن ما يُسمى "حدّ الردة" لا يعدو أن يكون حُكما سياسيا وليس دينيا.
يحتفي المسلمون بمن دخل في الإسلام، لأن ذلك يعطيهم ثقة في إيمانهم الذي أصبح يعاني من هشاشة كبيرة بسبب التحولات الراهنة التي أبرزها الاكتشافات العلمية والدراسات التاريخية التي حطمت فكرة "العصر الذهبي" والشخصيات الدينية المثالية، وكذا انتشار الانترنيت الذي أشاع بين الناس الكثير من الحقائق التي كان يخفيها الفقهاء باعتبارها تضرّ بالدين وبإيمان الأفراد.
لكن بالمقابل لا يرتاح المسلمون لمن يغادر دينهم إلى دين آخر، أو إلى فضاء الإلحاد أو اللادينية، وهم لا يكتفون بمعاملته بلا مبالاة بل يفضلون التعبير له عن استيائهم في البداية ثم عن قدر كبير من البغض والكراهية بعد ذلك قد تتحول إلى حصار وتحرش دائم أو إلى عنف لفظي ومادي. يحدُث هذا مباشرة في الأوساط العائلية كما يقع في الأحياء أو عبر وسائط الاتصال والتواصل الحديثة.
مناسبة هذا الحديث واقعة انتقال أحد الإعلاميين الإسلاميين المغاربة مؤخرا من الإيمان الديني الإسلامي إلى الشك ثم الإلحاد، حيث اختار من باب الأمانة والصدق مع نفسه ومع الآخرين أن يحكي عن تجربته ومعاناته، ومن أغرب ما وقع نتيجة ذلك أن بعض الذين تفاعلوا مع تصريحاته من الإسلاميين دعوه إلى عدم الحديث عن تجربته والسكوت عنها حتى لا يستفيد من ذلك أعداء الإسلام ( !) والمضحك أن من عبّر عن مثل هذه الآراء برلمانيون إسلاميون، أي أنهم من المفروض أنهم ينتمون إلى النخبة لا إلى العوام، ويفهمون أبجدية الحرية والاختيار والفارق بين المجال الشخصي والمجال العام، لكن تعبيرهم ذاك الذي يعكس اضطرابا وارتباكا كبيرين، يدلّ على أنهم يفكرون بمفاهيم وتصورات لم تعد من عصرنا هذا منذ زمن طويل.
إن الإلحاد ظاهرة كونية تعرفها جميع الثقافات والديانات منذ أقدم العصور، والإسلام مثل بقية الأديان يدخل إليه أناس مثلما يغادره آخرون، إما نحو الإلحاد أو في اتجاه ديانات أخرى. والأمر لا يكتسي أي طابع درامي ويكفي التذكير بأن الإيمان أو الإلحاد معا يُعبّران عن موقف شخصي مُغرق في الذاتية، وعندما يسعى الآخرون إلى حشر أنوفهم فيه فإنهم بذلك يبرهنون على أن الإيمان لا يهُمهم بقدر ما تشغلهم الوصاية على الآخرين وكذا السلطوية وثقافة القطيع، وهي أمور إيديولوجية بالأساس ولا علاقة لها بالإيمان أو عدمه.
أما الملحدون أو اللادينيون فلا يكترثون بدخول الإنسان في دين ما أو بمغادرته، والسبب أنهم لا يعتبرون الإلحاد مشروعا سياسيا يتطلب نوعا من التجييش والتعبئة، بقدر ما يربطونه بالتحرّر الفردي، بينما الإسلاميون ينتفضون ويقعون في الارتباك كلما انتقل أحد ما من معسكرهم إلى فضاء الإلحاد أو اللادينية، لأنهم يعتقدون أنهم فقدوا "جنديا" من جنود الدعوة والخلافة القادمة التي لن تتحقق إلا في خيالهم.
وتبرز هذه الظاهرة بوضوح بأن الإسلاميين وحدهم من مازالوا يعلقون على الدين مهاما لم تعد من اختصاصه في عصرنا هذا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تبديل
إبراهيم رمزي ( 2020 / 11 / 24 - 23:12 )
لنسلّم بأن الحديث: من بدل دينه فاقتلوه، صحيح بنسبة ألف إلى ألأف
الذمي (يهودي أو مسيحي) إذا ترك دينه الأصلي وأسلم، يستحق القنل لأنه غيّر دينه
كلمة : (دينه) لا تحدد دينا معينا
وبالتالي فحكمها حكم عام مطلق
تحياتي السي أحمد


2 - الفاضل استاذ أحمد عصيد
محمد البدري ( 2020 / 11 / 25 - 02:31 )
ان التهليل والاحتفاء بالدخول في الاسلام سمه قبلية هي قطيعية في مضمونها. فالحشد العددي والاكثار من استعراض الجماهير الغفيرة في هذا الدين سمه وملمح يتصف به زمن الحروب بالسيوف. فاذا كثر عددها ضُمِن النصر.
لم يتطرق احد للكيف بل دائما يحتفون بالكم. فصورة الاسلام واحداثه خايصة في فترة الراشدين بعد موت مؤسسه تكشف ان الاختلاف الكيفي لا قيمة له بل وتثبت صحة ان العدد هو الاهم في معادلة انتشار الاسلام، حيث ساد من له الغلبة العددية الي حد ان الدولة الاموية بدات حكمها علي جثث نفس مؤسسي الدين وصحابه مؤسسه رغم كونهم من العدد الذي اقام الدين من بداياته.
نحن الان في زمن الكيف النوعي لهذا يتحول كثيرين الي الالحاد بعد ان حشرنا القوميون في خانة التجييش العددي كونهم عروبيون. ففي الغرب وفي فرنسا علي وجه التحديد لازالت فرق الحشد القطيعي تقوم بنفس افعال قريش ويثرب ويتغافلون علي ان التخلف الكيفي هو ما ساد بعد الانتشار كميا وعدديا.
تحياتي


3 - هل انا ملزم بان اكون مسلما لاني ورثته من ابي؟
سمير آل طوق البحراني ( 2020 / 11 / 25 - 06:10 )
لقنت قي عهد الشباب حقائقا ** في الدين تعجز دونها الافهام
لما انقضى عهد الشباب وطيشه ** واذا الحقآئق كلها اوهام
الرصافي.
اخي الكريم بعد التحية. تقنية نشر المعلومات الحديثة اظهرت الحقآئق المجهولة التي لا يتطرق اليها ائمة المساجد و المداس والجامعات الاسلامية والتي دعت كثيرا من المسلمين خروجهم من الاسلام او قل من الاديان عامة لان ما ورد فيها لا يتطابق مع العلوم الحديثة وبعض تشريعاتها واقوالها لا يمكن ان تاتي من خالق الكآئنات من اصغرها الى اكبرها بالنسبة للمؤمنين بالاه كلي القدرة ومن هذه الاقوال السب والشتم من الاه خالق لمن يشتمه. فهل رايت صانعا يذم صناعته؟؟. والمفارقة الاهم ان الاديان التي تقول عن نفسها انها سماوية لا تتوافق على صفاة واحكام من انشاها ولا على تشريعاته.وللحقيقة والحقيقة فقط ان الانسان حر فيما يعتقد وهل يلزمني ان اكون مسلما (مثلا) وانا ابن القرن الحادي والعشرين وما هي البراهين الغير قابلة للدحض التي تجعلني ان اصدق ان الاسلام دينا سمواويا ولا اصدق ببقية الاديان او نفيها؟؟. الانسان حر في تفكيره وله الحق في اعتناق او نبذ اي ايديولوجية والاسلام ليس استثنآءا. هذه هي الحقيقة


4 - مجرد طلب
سهيل منصور السائح ( 2020 / 11 / 25 - 06:25 )
انا اطلب من الصحفي الذي الحد ان يدلي بتجربته التي ادت الى الحاده وليس منعه وعلى دهاقنة الدين الرد عليه بالمنطق والدليل ان الاسلام هو دين الحق وغيره او الالحاد هو الباطل وعلى المتلقي تحكيم عقله بدون عاطفة او التلقين الغيبي الذي لا دليل عليه الا الايمان والتسليم. الانسان حر فيما يعتقد.


5 - تعقيب على تعليق الاخ ابراهيم رمزي
ابو علي أل ثآئر ( 2020 / 11 / 25 - 08:04 )
بعد التحية. لا اتفق معك . من بدل دينه فاقتلوه تعني من اعنتق الاسلام فقط والدليل هو الآية (ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلا يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسربن). فعدم قبول غير الاسلام هو الذي اباح قتل غير المسلم ان صح هذا الحديث الذي غير متفق عليه بين المسلمين. شكرا للكاتب ولك وللمعلقين.


6 - انطباع
على سالم ( 2020 / 11 / 25 - 15:46 )
من المؤكد ان الاسلام الشرس اكتسب سمعه ضاره جدا ومتوحشه ودمويه فى كل دول العالم , هذه هى الحقيقه الخالصه وهى ان الاسلام شاذ ومجرم ومتطرف وضد الحياه والبشر ومنظومه التعايش والحب والتعاون والاستقرار , الاسلام يريد القتل والخراب والاغتصاب والاسلمه الجبريه والهيمنه