الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أمريكا الجميع حبساء الدستور ...

مروان صباح

2020 / 11 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


/ من جانبي ، أكرر إشادتي بالديمقراطية الأمريكية ، إلى أن كان ومازال إنجذابي الأول والثاني والعاشر نحو الوطنية الدستورية الامريكية ، وهذا الانشداد ليس في الحقيقة وليد المرحلة الراهنة ، بل قد يتساءل المرء لماذا سمحتُ لنفسي الإفصاح عن إعجابي بهذا دون تحفظ ، لأن باختصار ، الديمقراطية في الولايات المتحدة لا تحتاج لكثير من معاناة التأمل والتفكير ، فعندما دارت معركة الانتخابات الأخيرة وما صاحبها من سجالات ومشاحنات ومشادات حول النتائج ، كثيرون توقعوا من الممكن لشخص ما ، أن يتجاوز الدستور ، لكن ايضاً أقول ، وفي هذه المعركة الديمقراطية من يمتلك إمكانية تبصر الحقيقة لا يلجأ ابداً لظلها .

في الولايات المتحدة الأمريكية التنافس على السلطة ، حبيس أو محصور مسبقاً للدستور ، وبالتالي الحرية التى يتمتع بها الأمريكيون تعني في جوهرها ، حرية الانتماء السياسي وحرية العقيدة وحرية الكسب وحرية الإعلام وحرية التجمع وحرية القضاء وهذا هو الفارق الجوهري بين الدستور ( the constitution ) لديهم والدستور في دولة أخرى ، الذي لا يتجاوز كونه دفتر في أي متحف يحتضن مقتنيات تاريخية ، ففي المجتمعات الرأسمالية ، القائمة على حرية السوق وحرية التنافس ، لا يمكن لأحد له القفز على الدستور ، تماماً عكس ما هو حاصل في أغلب العالم ، فالدستور شيء جامد بين شعوب جامدة ، أحزابها مجرد ديكور ليست أكثر ، بل دستور هذه الدول من حيث الحجم ، ضخم لكن من حيث الفعل صغير ، لأن الشعوب لم تصل حتى الآن إلى عتبة الحرية ، وبالتالي حسب التصنيفات مازالت تصنف بأقل من شعب ، على الرغم أنها تدعي ذلك .

عبرت الانتخابات الأمريكية وبالأخص الأخيرة عن تجارب دامغة وأظهرت استجابات جوهرية حيال الظروف التى يعيشها العالم بواقع الجائحة ، ظروف متقلقلة ومتوعدة باطراد للحال الراهن ، لكن في الخاتمة ، الرئيس ترمب هو خريج الكلية العسكرية في المقام الأول وايضاً رجل من رجال الأعمال الذين يدرون جزء كبير من الاقتصاد الأمريكية واخيراً ، له صولات وجولات في الإعلام وبالتالي ، كل هذا يجعله في لحظة الحقيقة ، أن ينضبط للدستور .

جرت العادة ، عندما يقوم المرء بالبحث عن التناقص للرأسمالية ، سيجد من السهل الكشف عن ذاك الصراع بين السوق والديمقراطية ، أي أن الرئيس ترمب مثّلّ السوق في السوق وفي والرئاسة معاً، والشعب مثّلّ الديمقراطية في الإعلام وصناديق الاقتراع ، وهنا لا بد من تسجيل كيف احياناً السوق والديمقراطية يمضيين يداً بيد وسرعان ما يتواجهان وجهاً لوجه ، في تناقض يهدف في جوهره المحافظة على الديمقراطية والسوق ، إذن كيف لمثلي لا ينجذب للديمقراطية الأمريكية في كوكب يخلو تماماً لمثلها ، بل استوقفتني دائماً ، السيرة الذاتية للمفكر إدوارد سعيد ، فالأب وديع وليام ابراهيم سعيد الفلسطيني البروتستانتي ، كان قد ألتحق في صفوف الجيش الأمريكي وقاتل كجندي معه في الحرب العالمية الأولى ، الذي منحه ذلك الالتحاق الجنسية ( Citizen )، لكن في المقابل الأبن إدوارد ، أصبح لاحقاً من أهم الشاغلين بالنقد الحضاري والأدب ، وبالتالي في كتابه الاستشراق الذي ذاع صيته بين الأكاديميات الغربية والنخب ، أثبت للعالم الغربي بأن الدراسات الاستشراقية مرتبطة بالإمبريالية وخاضعة لسياسات السلطة ، وبالتالي لم تكن مهنية ومحايدة ابداً ، لكن الديمقراطية الامريكية استطاعت الجمع بين مهاجر تحول إلى مقاتل في الجيش وأبن مهاجر أصبح من أهم نقاد التاريخ الاستعماري والفكر الغربي بصفة عامة ، وهذا الجمع يدفع المرء للتبصر بتلك النظرة الأخيرة وليست الأولى ، نظرة النضوج وليست الطفولية ، للفارق بين حياة قامت على حرية التنافس وحبيسة الدستور وأخرى ، دستورها حبيس المتحف الوطني ، منزوع من التجربة والتاريخ ، لهذا يكثر في هذه الدول الظلم وهنا نستذكر أو بالاحرى نستحضر من الأدب العلوي ، لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، هو بيت شعري بالغ الأهمية ، ليس لأن قائله شاعراً بل لأن سيرته تسكن في وجدان البشرية حتى لو لم يقل حرفاً ، يقول ابو الحسن ( أما والله الظلم شؤمُ / ولا زال المسيء هو الظلومُ / إلى الديان يوم الدين نمضي / وعند الله تجتمع الخصوم ، ُوعند الله تجتمع الخصومُ ، وعند الله تجتمع الخصومُ ) . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: مقتل مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لحزب الله بغارة إسر


.. قبيل عيد الفصح.. إسرائيل بحالة تأهب قصوى على جميع الجبهات| #




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وإيرلندا| #عاجل


.. محمود يزبك: نتنياهو يفهم بأن إنهاء الحرب بشروط حماس فشل شخصي




.. لقاء الأسير المحرر مفيد العباسي بطفله وعائلته ببلدة سلوان جن