الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يكمن الحلّ بقتْلِ كِبار الفاسدين؟

ضيا اسكندر

2020 / 11 / 26
الفساد الإداري والمالي


كانت الساعة الخامسة عند الغروب عندما رنَّ جوّالي إيذاناً بورود مكالمة. ألقيتُ نظرة على شاشة الجوّال، لم تسجّل رقم المتصل! تردّدتُ في الردّ. فقد خمّنتُ أن المتصل ربما دقَّ رقمي خطأً. ولدى استمرار الرنين أذعنتُ وكبستُ زرّ الردّ وكانت المكالمة التالية:
- ألو، مساء الخير أستاذ!
- مساء النور والسرور.
- حضرتك السيد فلان الفلاني؟
- نعم.
- معك المنظمة الثورية لقتل كبار الفاسدين.
صمتُّ لحظات تتقاذفني مشاعر الريبة والحيرة والتساؤل. وظننتُ للوهلة الأولى أن المتصل من أصدقائي يمزح معي. فأجبته:
- يا حيا الله.
- نحن نتابع منذ فترة ما تنشره على الفيسبوك من بوستات ومقالات وقصص قصيرة وتعليقات.. والحقيقة نحن معجبون بك. ولم نكتفِ بقراءة ما تكتبه للتأكّد من شخصيتك، بل أجرينا تحرّياتنا الخاصة عنك وتبين لنا أنك صادق. ودرجة التوافق بين ما تؤمن به وبين ما تمارسه على أرض الواقع كبيرة إلى حدٍّ بعيد.
- أشكرك أخي الكريم على تقييمك وأرجو أن أكون عند حسن ظنك.
- هذه هي الحقيقة. المهم، قرّرت الهيئة التأسيسية لمنظمة قتل كبار الفاسدين، دعوتك لحضور المؤتمر المزمع عقده في مطلع العام القادم في مكان ما من جغرافيا الوطن، ويسرّنا تلبيتك الدعوة وانضمامك إلى صفوفنا.
تريّثتُ قليلاً بالردّ وأنا في غاية الاضطراب. إذ يبدو أن المتصل يتحدّث بجدّية تامّة. قلت له:
- أشكرك أخي الكريم بدايةً على دعوتك. وأعتقد أن عقد مثل هذا المؤتمر وعلى أرض الوطن يشكّل خطورة كبيرة على المؤتمرين. لا سيّما وأن اسم منظمتكم (قتل الفاسدين) يثير شهيّة المتضرّرين من منظمتكم بالإسراع في الإجهاز عليها قبل ولادتها. ثم إن القتل بحدّ ذاته فعلٌ شنيعٌ تأبى النفس البشرية المتحضّرة اعتماده كعقوبة، أيّ كان حجم الجريمة التي اقترفها الجاني.
- يا أستاذ، وهل تثق بالقضاء ومماطلاته في تجريم الفاسدين؟ هل أذكّرك بعشرات الدعاوى بحق بعضهم والتي مضى على تحريكها سنوات طويلة؟
- طيب هل يُعقل أن تصدروا حكماً بإعدام فاسدٍ كبيرٍ مثلاً، دون أيّة أدلّة أو وثائق أو اعترافات تدينه؟!
- عزيزي، نحن لا نظلم أحداً. لقد مضى على فكرة تشكيل هذه المنظمة ما يقارب ثلاث سنوات. جمعنا في غضونها العديد من الوثائق التي تُثبت ارتكابات أهمّ الفاسدين في البلاد. وعددهم لا يربو كثيراً عن الألف. ومعظمهم يقيم على أرض الوطن. وقد قمنا بتدريب عدد من المتطوعين على قنصهم. وطبعاً لدى قيامنا بتصفية أيٍّ منهم سننشر على الملأ سيرته والأموال التي حصل عليها نتيجة صفقاته وسرقاته.. إننا بقتل فاسدٍ كبير واحد سيرتدع العشرات بل المئات والآلاف..
- وهل لديكم فروع لمنظمتكم في الخارج؟
- بالتأكيد. لأننا وضعنا في الحسبان أن بعض الفاسدين قد يفرّوا بأموالهم إلى الخارج. لذلك فقد أعددنا لهم خطة جهنمية للتخلّص منهم حيثما كانوا وأينما حلّوا.
- يؤسفني القول أنني غير موافق على الانخراط في منظمتكم. لأن مكافحة الفساد تقتضي جملة من الشروط ربما آخرها قتل الفاسدين. وإذا كنتم تقرؤون كل ما أكتبه كما ذكرتَ في مستهلّ اتصالك، فلا شكّ من أنكم قرأتم الكثير من البوستات التي اختصرتُ فيها أواليات مكافحة الفساد. ولا بأس أن أذكّرك بها من جديد: (عدالة اجتماعية تسود كافة المواطنين – ديمقراطية حقيقية يصل بموجبها من يستحق أن يمثّل الشعب في المؤسسات التمثيلية «البرلمان، النقابات، المنظمات الشعبية، مجالس الإدارة المحلية.. إلخ» – إعلام حرّ وشفافية بنشر الغسيل الوسخ – تعديل القوانين والأنظمة وسدّ كل الثغرات التي يستفيد منها الفاسدون – نشر الوعي والأخلاق الحميدة في صفوف الناس بدءاً من البيت والمدرسة – مكافأة النزيهين والمبدعين والمنتجين وتيسير شؤونهم وإزالة كافة العقبات التي تعيق ازدهارهم – قضاء نزيه وعادل يحاكم الفاسدين علناً على شاشات التلفزة ومصادرة ممتلكاتهم واستعادة الأموال المنهوبة – محاسبة شديدة وصارمة على مرأى ومسمع من الشعب في ساحات المدن.) هذه رؤيتي لمكافحة الفساد بكل بساطة. وأمّا ما يخصّ منظمتكم، فإني أعتبرها منظمة قد تكون أهدافها صادقة وتسعى فعلاً إلى محاربة الفساد، لكنها منظمة يكتنفها الكثير من التطرّف والغموض ولن تؤتي أُكُلها. والقتل لم يكن يوماً لصالح تقدّم الشعوب. أكرّر اعتذاري، وأتمنى عليكم إعادة النظر برؤيتكم لمكافحة الفساد لما فيه خير للبلاد والعباد.
وأغلقتُ الخطّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه مكالمة مشبوهة
ماجدة منصور ( 2020 / 11 / 26 - 22:54 )
لأن الإنسان الحر يرفض القتل حتى للقتلة أنفسهم!!!0
الصواب هو محاكمة الفاسدين تحت إشراف محاكم مدنية نزيهة و إرجاع ما نهبوه لصالح صناديق الضمان الإجتماعي حيث توزع الأموال بالتساوي على المتضررين من أعمال الفساد0
و أنا أكيدة بأننا سنجد أن 99 بالمائة من الشعب السوري قد تضرر و تأذى من الفاسدين على مدى عقود طويلة0
علينا أن نبدأ بتجهيز سجون تستوعب هذا العدد الضخم الذي سيشرفنا في السجون و ورشات عمل ضخمة داخل السجون كي يعمل هؤلاء الفاسدين و يسددوا ما عليهم من ديون للمواطن السوري المعتر الذي جرت سرقته و تعبه و عرقه بمهارة لصوص و حرامية علي بابا و 400 ألف حرامي0
على أن يكون أول من يشرف سجوننا التأديبية هو رامي الحرامي و بشار و من لف لفهما0
شكرا

اخر الافلام

.. تشدد مع الصين وتهاون مع إيران.. تساؤلات بشأن جدوى العقوبات ا


.. جرحى في قصف إسرائيلي استهدف مبنى من عدة طوابق في شارع الجلاء




.. شاهد| اشتعال النيران في عربات قطار أونتاريو بكندا


.. استشهاد طفل فلسطيني جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مسجد الصديق




.. بقيمة 95 مليار دولار.. الكونغرس يقر تشريعا بتقديم مساعدات عس