الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة والسجن الحلقة الرابعة أكتب... كرسائل البحر كميل أبو حنيش

رائد الحواري

2020 / 11 / 26
أوراق كتبت في وعن السجن


الكتابة والسجن الحلقة الرابعة
أكتب... كرسائل البحر
كميل أبو حنيش
قبل (فتح) الرسالة وقراءتها ، نشير إلى أن صياغتها تم بطريقة جميلة، فرغم أنها صادرة من سجين، ومن داخل السجن، إلا أن القارئ يشعر بالفرح/بالمتعة وهو يقرأها، وهذا يعد استثناء في أدب السجون، فيمكن أن نستوعب أن تكون الرسالة سلسة وسهلة، لكن أن تكون ممتعة، فهذا أمر يحسب للكاتب الذي تجاوز ذاته وواقعه.
يتابع الأسير الفلسطيني كميل أبو حنيش مشرعة الأدبي موضحا دوافعه للكاتبة، والهواجس التي رافقتها، مؤكد على أن فعل الكتابة يعد انتصار على السجن والسجان: " كان القلم سلاحي وشرطًا من شروط مواصلتي للمعركة مع الذات ومع السّجان على حدٍ سواء... " وايضا يجد فيها ذاته،" فالكتابة مرآة تعكس صورة الذّات وفحص أوضاعها وأوجاها والبحث في دهاليزها" بهذه الثنائية تعتبر الكتابة شيء من كيان الأديب، فهي تعبر عنه، ويجد ذاته فيها، فالكتابة ليست فعل عبثي، أو للتسلية ـ فهي إنتاج جهد مضني وتعب، لهذا يتعامل معها الكاتب على أنها جزء من كيانه، ألم تخرج منه؟، لهذا هي (عزيزة) عليه ويعتني بها وبالشكل الأنيق الذي يُخرجها به.
ويكشف لنا التساؤلات والأفكار التي ترادوه عند الكتابة: "هل ما زلتُ كما أنا؟ أم أن السّجن أفلح في اختراقي وهزيمة إرادتي الثّائرة؟ وهل من الممكن أن يزل قلمي يومًا وأنتج أدبًا مهزومًا ومرتجف الساقين؟ أيأتي يومٌ وأتملق الأعداء واستجديهم؟" من يتابع ما يكتبه "كميل أبو حنيش" يجد فيه الإنسان، وليس (السوبر مان) لهذا دائما ركز على إنسانيته، على عاديته، فهو لا يختلف عن باقي الناس، لهذا طرح الأفكار (الشيطانية) التي تراوده، وقدمها للجمهور بصدر مفتوح، لهذا عندما يمضي في مشروعه الكتابي هو يحقق ذاته، وأيضا يستمر في مشروعه النضالي/الوطني: " إذن الكتابة من قلب السجن تعد انتصارًا مهمًا للسّجين" فهو بهذه العبارة يؤكد على مواصلته النضال والعمل من أجل قضيته وقضية شعبة وأمته.
ثم يأتي على القراء وهاجس جمهور المتلقين، وهذا الأمر يأتي لكل كاتب: " أما الجمهور المتلقّي فقد خيّل لي أنّ الكتابة من قلب السّجن تشبه الرسائل التي تلقّى في البحر، وموجهة لكل من يهمّه الأمر. تمضي الرّسالة في عرض البحر، تسيرها الأمواج ويلتقطها بعضهم مصادفةً فيعثرون بداخلها على ما هو مثير واستثنائيّ ومدهش أو حتى اعتيادي." اللافت في هذه الفقرة أنها متعلقة بعنوان الرسالة، وهذا يشير إلى العناية التي يبديها الكاتب لرسائله، فهو لا يضع العنوان هكذا، بل هناك علاقة وطيدة بين العنوان والمتن، وهو بهذا يؤكد على أن الكتابة جزء منه، وبهذا تكون الرسالة متكاملة ومتصلة.
الكتابة من داخل السجن غير تلك التي تكون في الحرية، فهناك خصوصية تتميز بها الكتابة من داخل الجدران، يوضحها لنا الكاتب بقوله: "...وكنت أقول في نفسي إذا كان لها حظّ ونصيب من الإبداع ستجد طريقها إلى النّور في يوم من الأيّام، وستجد من يتلقفها ويكتب عنها ويتأثّر بها، ويهتم لشأنها. وإذا لم يحالفني الحظّ يكفيني عندها شرف المحاولة... فهي في الحدّ الأدنى ساهمت في تبريد فراغي وأنقذتني من الوقوع في هاوية الضّجر، وحمت روحي من التكلّس وأبقتني في قلب المعنى، وساعدتني في عدم الوقوع في العدم.
وبهذه الطّريقة كنتُ أطوي عامًا بعد آخر في الأسر. دون أيّ شعور بالبؤس والمعاناة. كنتُ دائمًا أشكو من قلّة الوقت لإنجاز الكتابة" تستوقفنا الفقرة الأخيرة في هذا المقطع، والتي اشار بها الكاتب إلى (قلة الوقت) الذي يعاني منه، فهو بها يحسم امر تحقيق حلمه ككاتب، وأيضا تجاوزه لواقع السجن والانتصار عليه، فهو بهذا الانتصار وتحقيق الذات أحدث المتعة لنا وجعلنا (نسعد) بانتصاره، كما سعدنا بالطريقة الأدبية التي قدم بها الرسالة.
الرسالة منشورة على صفحة شقيق الاسير كمال أبو حنيش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط