الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسطورة العرّاب

ماجد الحداد

2020 / 11 / 27
الادب والفن


أرى عددا لا بأس به من القراء ينتقدون دكتور #أحمد_خالد_توفيق بأن رواياته دون المستوى ، و أن سلسلة #ما_وراء_الطبيعة روايات مراهقة وموجهة لتلك الفئة العمرية .
الحقيقة رغم أن التذوق الفني والأدبي ليس حكرا على أحد ، وان معايير فلسفة الجمال في مبحث القيم معايرها نسبية جدا ، وليست مطلقة ، لكنهم تقريبا متفقون حول قانون واحد يحكم العمل الفني ليدخل في تقييم أنه عمل جميل وهو ( النظام ) .
لكن أنا أرى أنه بناء على كل ذلك وأشياء أخرى سمحت بظهور هذا النقد المتعجل السطحي لتلك السلسلة .
المستوى البلاغي في أسلوب احمد خالد توفيق جرئ وشهي ، وحبكته السردية في السيناريو مُحكمة . وعنصر التشويق مستمر بشكل غزير إلى آخر كلمة دون توقف .
بغض النظر على أن احمد خالد توفيق من خلال شخصيته الرائعة رفعت اسماعيل _ ببذلته الزرقاء التي تجعله فاتنا كما كان يقول على نفسه _ أن يعلٌم جيلا بأكمله حب الادب القصصي _ خصوصا أنه لم يتوقف على إنتاج ما وراء الطبيعة فقط . بل كان الرجل محظوظ بقدرته على وفرة إنتاجه . حتى أنه نقل لنا كثيرا من الروايات العالمية سواء أكانت ترجمة للروايات في سلسلة #روايات_عالمية_للجيب بشكل مباشر ، أو من خلال الكنز الذي اوقعته عليه قريحته في التجول حول الروايات العالمية ، واطلاعه على علوم وفلسفات عديدة جعله ينتج سلسلة #فاننازيا التي تتجول بنا في عوالم الأدب والفكر الإنساني كله من خلال شخصية تتجول هي الأخرى في عقلها من ما قرأته بطلة السلسلة محدودة الذكاء ( عبير ) من خلال جهاز المحاكاة الذي اخترعه زوجها DJ _ ومن خلال ذلك كنا جميعا ونحن نقرأ له يحفزنا في البحث في التراث الانساني ، أو البحث عن كتب تشرح بعض المعلومات العلمية التي يدرجها في سلاسله تلك .
اغلب النقد الذي وجٌه لاحمد خالد توفيق يتلخص في نقطة واحدة وهي أن رواياته موجهة للمراهقين .
على الرغم أن المؤسسة العربية لو طبعت تلك السلسلة في كتب اكبر بدلا من شكل الكتيبات الجيبية التي ساعدتنا جميعا على سهولة القراءة أعطى انطباعا شرطيا أن الروايات لصغار السن ، بحكم أن المطبوعات بتلك الأحجام اشتهرت بها كتب التسالي والفكاهة ك #ميكي_جيب او سلسلة #زوم لنفس المؤسسة . بجانب نقطة اخراجية مهمة وهي أن المؤسسة العربية كانت تضع شعارها _اللوجو _ الخاص بها وهي لتلميذين ولد وبنت سعداء بجانب اسم المؤسسة ، وهو الشعار الذي تربت عليه كل اجيال مصر لفترة طويلة في الكتب المدرسية الخارجية #سلاح_التلميذ ... بداهة يجب أن يرتبط شرطيا هذا الشعار بالطفولة خصوصا أن الرسم به فعلا اطفال . صراحة أنا أعذر كل نقاده في الوقوع في هذا الفخ لأن الحياد في القياس أمر شاق جدا نفسيا قبل أن يكون عقليا ... خصوصا أن هناك أمر مقارنة في غاية الأهمية يثبت أن جميعهم وقعوا في الفخ الذي ذكرته جعلهم يتهمون احمد خالد توفيق أنه مؤلف المراهقين وهو :
لا يمكن بتاتا أن نغفل عن التشابه الخط العام بين روايات ما وراء الطبيعة وبطلها رفعت اسماعيل وروايات #دان_براون العديدة التي يحركها بطل واحد وهو عالِم الإنسان _الانثروبولوجي _ #روبرت_لانجدون بنفس منطق حل الالغاز ، والباحث الشهير على حل تلك الخوارق والغوامض . بل بالعكس رغم عبقرية دان براون الا أن الأسلوب البلاغي عنده أقل جمالا وتلذذا من أسلوب احمد خالد توفيق ، ولكن كلاهما متفقان في روعة السرد وتوتر الأحداث بطريقة كريشندو متقنة ، وايضا التشويق لا يتوقف لكل منهما . لكن يتفوق عليه كاتبنا أنه صاحب روح ساخرة ناقدة المجتمع بأسلوب لاذع ولطيف في نفس الوقت ، ظهرت في أغلب أعماله وعلى رأسها ما وراء الطبيعة ، والأهم أنه لا يستطيع أحد اتهام الكاتب بالسرقة من دان براون لأن شخصية رفعت اسماعيل مكتوبة قبل شخصية روبرت لانجدون بعشرين عاما تقريبا .
لكن رغم ذلك نعتبر دان براون أنه الاكثر قراءه وتقديرا من المثقفين ، خصوصا أنه يناقش الاساطير بطريقة علمية ، وهو ايضا ما يفعله احمد خالد توفيق في احايين عديدة لكن كان براون كتبه مطبوعة في قطع اوراق كبيرة ، وعدد غزير ، وغلافها مصمم بفن ، والامساك بكتب كبيرة يملأ اليد فيعطي شعورا بمزيدا من الراحة والاسترخاء والثقة ، وايضا الكتب الكبيرة تحتاج لجلسة مستعدة في مكان مناسب مما يوحي بطقوس خاصة تحترم القراءة ، بعكس الكتيبات الصغيرة التي حجمها يعطي انطباعا بصغر قيمة المحتوى ، وجعلها للجيل للحصول على التأشيرة في أماكن عديدة حتى في المواصلات لسهولة حمله . وهذا شئ صعب تحييده في التقدير البشري الا بمجهود مضاعف كما ذكرنا آنفا .
السبب التجاري عليه عامل بالضغط على الكنز الملهم للكاتب الذي نتحدث عنه ... التتابع للسلسلة الذي من المفترض أن يستمر للابد مرهق عقليا للكاتب ومنهك وحارق لمصادر إبداعه . زاد من تأثير الإقلال من قيمة هذا الكاتب في نظر بعض النقاد أو بعض المثقفين ، حيث أن اصغر المعترضين عليه من جيل مواليد السبعينات فما بالك باكبرهم ، وهذ لأن المعايير لازالت عالقة بهم بالمفهوم الكلاسيكي للأدب وفي الغالب في الفن كله ، وهو ما يجعلهم تلقائيا يقارنوه بأدب نجيب محفوظ ويوسف ادريس وتوفيق الحكيم وكل اجيالهم ، وهذا المعيار لا يمكن تعميمه ، وإلا سنظل عائشون على وجبات الماضي التي لن تعمل على تنويع وتطوير حياتنا على الكوكب .
ما رأيك عزيزي القارئ في #جول_فيرن الذي كان ثورة في وقته في جعله رأس القمة في أدب الخيال العلمي والذي بسببه تنعمنا باختراعين من إبداعه وهما ( الغواصة والصاروخ ) ، بجانب الهامه لنا للسفر إلى القمر .
في النهاية احمد خالد توفيق يستحق ما وصل إليه من نجاح عن زميله الكبير في نفس المؤسسة دكتور #نبيل_فاروق ...
دكتور نبيل فاروق كان توثيقي بشكل قصصي أكثر منه اديب ، اغلب اتجاه مخابراتي في قالب روائي ، لكن لا ننكر أننا تعلمنا الكثير علميا من خلال نفس التحفيز على البحث عن تلك المعلومات العلمية الجميلة الذي يستخدمها في سلسلة ملف المستقبل التي هي أيضا ذات طابع مخابراتي .
أرجو أن يقرأ النقاد أكثر كثيرا في فلسفات الجمال ، ويبذلون جهدا اكبر في التأمل والحياد التام عند النقد .
ندعو للممتع ذو القلم المبهِر والمبَهٌَر احمد خالد توفيق بالرحمة الذي شكٌّل وعي جيل بأكمله ، وكنت أتمنى أن يحضر امتع أعماله ما وراء الطبيعة على الشاشة ، على الرغم أن أحداث المسلسل ليست هي في الروايات الا قليلا جدا لكن يكفيه أن يكون ملهما لإنتاج عمل تليفزيوني وهو في قبره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى