الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية -سكان كوكب لامور- أماني الجنيدي.

رائد الحواري

2020 / 11 / 28
الادب والفن


رواية "سكان كوكب لامور"
أماني الجنيدي.
تتشكل الرواية من سرديتين، الأولى تتحدث عن "هتلر" والثانية عند "جاد"، وليس بينهما أي علاقة سردية، لكن الجامع بينهما حضور المرأة وقوة وجودها، في القسم المتعلق ب"هتلر" كانت "لندا ونجاح"، وفي القسم الثاني المتعلق ب"جاد" كانت "مهما وحسنة"، واللافت في الرواية الفانتازيا والسخرية، فهناك مشاهد كثيرة جاءت خارج المنطق، وهذا يأخذنا إلى سواد الواقع وقسوته، فكان على السادرة أن تجد اسلوب أدبي يخفف على المتلقي شيئا من هذا السواد، فكانت السخرية والفنتازيا هي الاسلوب الأمثل.
تفتتح الرواية بصوت المرأة التي تعاني من الاغتراب وترفضه: "...عشت ازمانا لا تخصني..، عشت آسفة على الأمس، قلقة على الغد، وبين أسفي وقلقي انزلقت أيامي على ارصفة الضياع" ص5، لهذا تتمرد عليه وتثور: "رفعت يدي، رميت كتاب التاريخ الذي أمسك به في زاوية بعيدة، حررت شعري المربوط منذ سنتين، صرخت: كفى تاريخا وانتظارا" ص5، رغم مما في الفقرة السابقة من معاني للتمرد إلا أن ذروته جاءت من خلال العقل، الفكر: " سأخترق القوانين، وأكسر حاجز الزمن لأصل إليه دون أن أبرح مكاني" ص6، وكأنه بهذا الفقرة توضح سبب وجود روايتين منفصلتين في رواية واحدة، يختفي صوت الأنثى/الساردة، ويبدأ سرد الرواية التي افتتحتها بصورة شعبية "كان جاري. واسمه هتلر" ص7، وتبدأ أحداث الرواية، حتى ان القارئ ينسى أنها افتتح على لسان "الساردة" فهل اكتفت بافتتاحها للنص الرواية، مكتفيه به، أم انها (امتزجت/تخفت) بالشخصيات النسائية؟.
الأب
الأب القاسي و(الفهلوي) والمخادع السافل، كلها اجتمع في أبي هتلر، وهذه الصورة تتفق مع العديد من صور الأب في الرواية العربية، فهو غالبا ما يأتي بصورة سلبية، وهنا يكون السارد قد افصح عن رؤيته لصورة الاب بطريقة صريحة وواضحة، أو يتم اقصاءه/اختفاءه عن الأحداث، كإشارة من السارد على رفضه ورفض ولوجوده، لكنها توصل الفكرة بطريقة غير مباشرة.
حضور الأب طاغي ومهيمن على الأحداث، وهذا يخدم فكرة قسوة الأب/النظام، وهذه اشارة مهمة في الرواية، فالب فيها ليس الأب المجرد، بل يأخذنا إلى النظام/السطلة وطريقة تعاملها مع الأحداث، بعد موت زوج "لندا" بسبب خطأ طبي، يحاور "هتلر" الأب/النظام بهذا الشكل:
"ـ خطأ طبيب، لازم أقول للندا ترفع قضية ع المستشفى، أرواح الناس مش لعبة.
أخذ يبر شاربيه ويفتلهما، تنحنح وقال:
ـ أنت حمار؟ شو خصك؟
...ـ كل مسئول عليه أن يتحمل تبعات أخطائه ويحاكم.
ـ أياك أن تتدخل، هذا قدره، بتقدر تحاكم عزرايين
ـ هذا خطأ أودى بحياة إنسان!
ـ لو الله ما أراد كان ما مات
ـ بس الرجل مات بسببهم
ـ كلنا رح نموت/ "تعددت الاسباب والموت واحد" ص23، للافت في هذا الحوار امتزاج للهجة المحكية مع الفصحى، وكأن السارد/ة تشير إلى (ازدواجية/ثنائية) صورة الأب، فهو يظهر بمظهر الأب المجرد، وأيضا بمظهر السلطة/النظام، وهذا ما نجده في حواره، الذي يأتي بصورة الرجل العادي "لو الله ما أراد كان ما مات"، ومرة بصورة السلطة/النظام: " أياك أن تتدخل، هذا قدره، بتقدر تحاكم عزرايين"، صورة النظام يمكننا أن نجدها من خلال التهديد ب "أياك" وكلمة "تحاكم"، من هنا نقول أن الأب هناك أبعد من الاب المجرد، التقليدي، وله أبعاد أخرى، تصل غلى النظام/السلطة.
يتوغل الأب أكثر فيه غيه حتى أنه يعود بنا إلى أفكار رجعية متخلفة:
"ـ الرجل مات/ لا العدالة ولا القانون برجعوا ميت
ـ قتل القانون أسوأ من قتل الرجل.
ـ الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، أما أن ترضى بخيره ولا ترضى بشره فكرة، ومديننا مؤمنة
ـ ستقتلون المدينة وأنتم تأكلون اللحم على موائد العطاوي والجاهات" ص24، أيضا نجد صوتان للأب، سوط الأب المجرد: "الإيمان بالقدر" وصوت النظام/السلطة: "لا العادلة ولا القانون".
وإذا ما توقفنا عند صوت "هتلر" الأبن، نجده يحلل منطقيا، ويتمرد على سلطة الأب وأفكاره، وهذا يحمل بين ثناياه فكرة (تمرد الابناء/الشباب على الآباء/النظام)، بمعنى أن رفض ما هو سائد يأتي من الشباب، وعليهم تقع مسؤولية المستقبل.
أما عن علاقة الأب بالأم، فقد كان يعاملها كما يعامل الآلة: "..وجدت والده وقد مدد قدميه على الطاولة أمامه، بيده ريموت كونترول، يبحث عن غندورة مزوقة ومشلحة في روتانا، فتح فمه، بحلق فيها وكشر، سب اليوم الذي رآها فيه، هزت رأسها بصمت بارد، أغلقت الباب" ص33، فهو ينظر للمرأة من منذور ذكوري صرف، فلا يرى في وجود المرأة إلا المتعة والطاعة والخنوع له، ليس أكثر من هذا، لهذا حاول النيل بطرقة قذرة وسافلة من "نجاح" التي اتهمها زوجها بخيانته، علما بأنه كان على يقين ببراءتها: "ـ أنا بريئة
ـ بريئة؟ يا صويحبات يوسف.. يا ناقصات عقل ودين
..ـ أللي بتنام مع واحد سبب لها الفضيحة بتنام مع ثاني بجيب لها البراءة. هيك عدل
ـ وينو العدل يا رجل الإصلاح؟ أنت وسخ.
ـ مهمتي أغطي الوساخة، أنا من لحم ودم وأنت عاجبتيني
. وبعد الواحد اثنين.
ـ تفو عليك ..أموت ولا بفرط بحالي
كشر. قطب حاجبيه، رفع رأسه وفتح عيني: ترفضيني! وخرج يقول طيب موتي بعارك
جلست على الأرض, ثنت جسدها على ركبتيها مستسلمة لقدرها. سمعته يول: لا تستجيب. أغسل عارك يا خليل" ص35و36، الحوار السابق يكشف عقلية مجتمع الذكور والطريقة التي يتعاملون بها مع (الضحية)، وأيضا كشف ان المرأة أقوى من الذكر، فهي رغم موقفها الصعب، إلا أنها رفضت أن تمنح جسدها حتى لو كان فيه حياتها، من هنا نستطيع أن نقول ان الساردة (تقمصت) دور الشخصيات النسائية، فقدمتهن نساء أقوى من الرجال.
ومن مظاهر النظام الابوي، الذي يجمع بين سلطة الأب المجرد والنظام، ما قالته سميرة عن أبي هتلر:
"يدخل ابوك بين المتخاصمين، يدهلز عليهم، يخدع طرف، لحساب الطرف الآخر، لا يحكم بشرع ولا بقانون، طريقته كلها خطب دينية حفظها. ثم أمسحها بها الذقن، نشرب قهوتك، صلوا على محمد والمسامح كريم... أبوك مسكين معطوب، يريد أن يحقق انتصارات مشرفة في الواقع هي هزائم مخزية، ...يسعى أن يظهر أمام الناس بصورة القوي" ص63، كل هذا يجعلنا نقول أننا امام أب/نظام لا يمكن أن يكون صالحا، فهو بطريقة تفكيره وبسلوكه ونهجه يقود نفسه وأسرته/مجتمعه إلى الهلاك، ولا مجال للبقاء تحت (قيادته) من ها نجد "هتلر" يخرج من بيت (الطاعة) ليعمل كرجل مستقل عن سلطة الاب/النظام.
الضحية الأخرى كانت زوجة كريم، التي يريد تطليقها، وبما أن زوجها يريد تطليقها ليحصل على الجنسية الأمريكية، فقد طالبت بحقها حسب القانون الأمريكي وليس حسب الشرع الإسلامي، أبو هتلر يحاور أبو كريم بهذا الشكل:
ـ يسافر، ويتركها معلقة، هيك أخوها ببوس الكندرة عشان تطلقهل.
ـ الملعون حط اس ابني ع المعبر ومش قادر يسافر، رجعوه عن الجسر
... ـ أحكي معه، أغلق فمه بقرشين زيادة
رن هاتف، فتح السبيكر، ليسمع الجميع: ...
ـ حرام يصير القانون الغربي شرعنا.... يا أخي بعوضها، بزيد مؤخرها الضعف.
ـ ... المطلقة في بلدنا مشرشحة، وهو بظل في كرامته، ..خمسة آلاف متأخر، ما بيصرفوا عليها سنة، وبعيدن من يحملها، هو أخذ البنت وتهنى، وأنا أحمل همها عشان بدو أمريكية، الحق هو المنطق الأمريكي لواحد لا يعرف الله في بنات الناس...بنت تسعة وعشرين سنة مطلقة في الخليل من بدو يجيها غير مكحكح أو أبو عيال، يعني راحت عليها... شرع الله لا يقول المطلقة تخسر كل شيء مقابل ملاليم، ثم تبدأ شرب المرار، وهو يكون حر مرتاح البال
...أدبها هي وأخوها
كيف؟ أبني ممنوع من السفر
ـ شوفلك متعاون مع اليهود، جاسوس ثقيل، دبر حالك ع المعبر وخليها معلقة، بتربيها وبتربي أخوها أبو القانون" " ص68و69 صوت "ضياء"، شقيق زوجة كريم يحمل لنا معاناة المرأة المطلقة، إن كانت جسدية أم نفسية، كما أنه يأخذنا إلى جهل المجتمع ونظرته المتخلفة للمرأة المطلقة، فهذا الحوار يكشف بؤس المجتمع الذي يسترشد بالشرع لتحقيق مصالح شخصية، فدوافع الطلاق لم تكن بسبب (عيوب) الزوجة، بل بسبب (طمع) الزوج في الحصول على الجنسية الأمريكية، ومن ثم على الامتيازات التي ستوفرها له الزوجة، لهذا كان (الطلاق ودوافعه مادية ولا تنسجم مع (الشرع الإسلامي) وكان يجب أن تؤخذ بمنظور المادي/الغربي، وبهذا تكون الساردة قد طرقا بابا من أبواب (المحرمات) التي يتجاهلها المجتمع المتخفي تحت ثياب (الشرع والدين).


الميراث
المرأة مهضوم حقها في مجتمعنا، فعندما تفاتح "أم سليمان"، شقيقة أبو هتلر تطالب بحقها في الميراث، نجد هذا الحوار:
"ـ يا حج شو رايك تكمل حجتك وتكمل ثوابك؟
ـ شو قصدك يا أم سليمان؟
ـ قصدي أن تعطيني مالي حصتي من ريحة أبينا، أبني كبر، صار شب، ومال الأب رزقة من عند الرب
ـ أنت ألك من أبينا حق؟

ـ ؟ابي ترك أراضي تسرح فيها الخيل، وثلاثة دكاكين، وبيت شارع الشهداء.
ـ بدك تزوجي ابنك من ميراث أبوك؟
ـ الزواج سترة
ـ يا أم سليمان/ وزوجك غلط في حقنا، نسيت أنه سب أباك قدام كل الناس.
ـ ليشب تجيب سيرة صارت قبل عشرين سنة؟
ـ أبوك سب أبنا، كمان ياخذ أرضنا
ـ هذا حقي يا أخي
ـ بلا كثرة حكي، عندي أوراق تثبت أنك قبضت ملا مقابل الأرض، بعت ارضك لي، أن نسيت الأوراق التي وقعتها أمام القاضي، وحججتك كمان، يعني عبشناك كريمة في الدنيا ودخلناك الجنة في الآخرة" ص65، النظام الذكوري يستخدم كل الطريق لفرض سطوته، مستخدما كل الطرق والوسائل، حتى لو كانت (غبية)، المهم أن يحافظ على سطوته، وبصرف النظر عمن يكون الضحية.
من هنا نقول أن الرواية تتحدث عن النساء وما يعانينه من قهر الذكور، فهن ضحية في كل الظروف والأحوال، حتى لو طبق (الشرع) على المطقة تبقى مظلومة اجتماعيا وجسديا ونفسيا، كما أن الذكور يحتالوا على القانون ولا يعدونهن حقهن بالميراث، وهناك أفراد في المجتمع يتربصون بالمطلقة وبمن تسوء سمعتها ـ حتى لو كانت بريئة ـ للنيل منها، فهل تبقى المرأة (خانعة) مستسلمة لقدرها؟، أم عليها أن تثور وتتمرد؟.
انتقام نجاح
"نجاح" الضحية تعمل على الانتقام ممن تسبب بأذيتها: "...أبو هتلر وجماعته، داخل المركز، تحاصرهم نيران موقدة، لا تطفئها المياه، فلا يستطيعون الخروج، حبستهم النار داخل الجدران ينظرون موتا مرعبا، ...كان صراخ الرجال المحاصرون بالنار يعلو، أصوات الاستغاثة ترتفع، محاولات النجاة الفاشلة أرهب الآخرين، ضاقت حناجرهم، اغمضوا عيونهم استسلاما، أصوات الكحة آخذه في الهبوط والأنفاس تختنق والحلوق تنغلق" ص84و85، اللافت في المشهد عجز الرجال/الذكور عن الفعل أو العمل، لهذا كانوا مستسلمين، إن كانوا من الذكور المحاصرين بالنيران، أم مما حاولوا مساعدتهم، وإذا ما قارنا موقفهم/حالهم، بحال النسوة اللواتي واجهن أبو هتلر ورفضن الخضوع لمآربه رغم وضعهن الصعب، نتأكد أنهن كن أكثر قوة وقدرة وصلابة على المواجهة.
الأبن "هتلر"
الأسماء تفرض علينا منذ الولادة، وليس لنا قدرة على تغييرها أو تبديلها، لأنها تلصق بنا وتصبح جزءا من كياننا، كما أن للأسماء دلائل ومعاني، فاسم "هتلر" يحوي إلى النازية والبطش، لكن بطل الرواية "هتلر" كان ضحية من ضحايا الاحتلال وبطشه، وضيحة الأب/النظام الرسمي القاسي، فبعد أن يهجر المنزل، تنعكس عليه أعمال الأب سلبا، مما جعله يقوم بإصلاح وترميم جرائم الأب ـ قدر المستطاع ـ من هنا كان "هتلر" فاعلا إيجابيا في الرواية، وإذا علمنا أنه انقذ "نجاح" من الموت وساعدها لتتخطى الظروف الصعبة التي مرت بها، نتأكد قوة وسوية هذه الشخصية، لكن العمل الأهم الذي فعله "هتلر" هو تغيير اسمه إلى "محمد"، وهذا لهو أكثر من مدلولا، الانتهاء والتخلص من هيمنة وسلطة الأب، التي بدأت بتسميته ب"هتلر"، والبدء بحياة جديدة بعيدة عن كل ما يتعلق بالإرث القديم، كما أن الفرق بين معنى "هتلر" النازي ومعنى "محمد" النبي الصادق، تعكس حجم التغيير الذي أجراه "محمد" في مسار حياته، فهو بتغيير الاسم ينسف الماضي بكامله، ويبدأ حياة جديدة سوية.
السخرية والفانتازيا
رغم واقعية الأحداث وقسوتها، إلا أن السارد/ة استحضرت لعبة الحجارة "قزاميط"، أو ما يتطلق عليها اللقفة، وهي لعبة شعبية، تتمثل بأن تلقى مجموعة حصوة (حجار صغيرة) على الارض، ثم يلقها واحدا منها أعلى، وأثناء ذلك على اللاعب أن يلتقط الحصوة عن الأرض، وهذا اللعبة كانت تلعب حتى في أشد الأوقات قسوة وضراوة، حتى أثناء مواجهة جنود الاحتلال: "لملم بضع حصوات عن الأرض، بدأ يلعب، يرمي الحصوة إلى فوق، يحمل ينقف، متجاهلا بسطار الجندي يركله كلما مر من قربه" ص15، فرغم أن المشهد مؤلم، إلا أن قيام "هتلر" بلعبة القزاميط كان يعد (فانتازيا وسخرية مما يتعرض له من ضرب وأذى.
وهذه لعبة استخدمها في موضع آخر، لا يقل شدة عن الأول، فبعد أن يفقد "نجاح" ويضيعها، يلعبها: "ضاقت به الشهقة، كاد يختنق، ... خرج مسرعا ينادي: نجاااااح! انتفخت رئتاه، تعب من المناداة، جلس تحت شجرة يفكر دامعا، أخرج قزاميطه ولعب" ص59، والسر من وراء هذه اللعبة أنها جاءت بتوصية جده، الذي أخبره أنها المخرج لكل الكرب والشدائد: "لعبة جدي تطهرني دوما، تقذف بخربشاتي وتشوشاتي إلى الفناء، فتضيء جوارحي، فأرى الأشياء بعدها بوضوح" ص 76، فعدم منطقية للعبة في تلك الظروف، إلا أنها كان رد (مجنون) على ظروف مجنونة.
وعندما كانت "نجاح" تحرق المركز على من فيه، تحدث الناس عن هذا المشهد بقولهم: "أن امرأة كانت تقذف حمما نارية من بطنها وهي ترقص وتغني فرحة...قال رأفت: أحذروا النساء، أن الله يريد أن يعلمكم درسا، النساء فتنة تؤدي بكم إلى النار" ص86و87.
وعندما يتم ضرب "هتلر" من قبل جنود الاحتلال كان هذا القول: نظر إلى صورة "المسيح مصلوبا" تحسس أنفه المكسور وقال: دائما اليهود" ص44.
وهناك فقرات ساخرة مثل: "في الخليل كنسية، مع أنني لم اسمع عن مسيحي واحد فيها" ص17، وهناك الحوار الذي دار بين نجاح أو أم سمير يجمع بين الفنتازيا والسخرية:
" ـ خليلية
ـ نعم
ـ واضح، بيضا ومكعبلة، وعيونك ملونة، بس صفرا، وين أهلك عنك؟
ـ المفترض أنا في عالم الأموات
نفضت أم سمير رأسها قالت، جايبلي ميته، هذي شبح" ص57، فانقلاب "أم سمير" المفاجئ يعد خروج على عقل والمنطق، لأنها كانت مندمجة في الحوار، لكنها بعد أن سمعت نجاح "المفروض انا في عالم الأموات" تغيرت موقفها واتخذت موقفا أخر.
وبعد موت "فادي" بسبب خطأ طبي، كان يردد "هتلر" هذه العبارة :"لو أكل موزة ما حصل له ما حصل" ص21.
وهناك حوار ساخر متعلق باسم هتلر:
"شو اسمك؟
ـ هتلر
أسمك مثل اسم تيس جارنا أبو فتحية
ـ مسكين ها التيس" ص51، وهذه كناية عما كان يتعرض له "هتلر" من ضرب من قبل جنود الاحتلال بسبب اسمه.
وعندما تأتي فاتورة الكهرباء والمياه مرتفعة لأبو "هتلر" يعلق ساخرا: "...الظاهر نزلت آخر شتوة ع حسابي، والبرق من كهربة بيتي" ص62.
والسخرية طالت رجال الدين والطريقة التي يفكرون بها: "...ابن عمنا أبو أيمن بنى مسجدا أكبر، سماه مسجد الاتقياء، قبل الكوربة، الصلاة عنده أقرب، مسجدي فاضي، ومسجده مليان، الثواب كله بروح إلو" ص64..."بدك أبو ياسر ياخذ حسنات وأنا لا وتكون جنته أعلى من جنتي" ص70 و71.
بهذا الشكل استطاعت الساردة أن تخفف من قسوة الواقع، فهي تعلم حجم الأذى الذي تسببه الرواية للقارئ، فرأت في الفانتازيا والسخرية مخرجا لتلك القسوة والشدة.
الرواية من منشورات الرصيف للنشر والاعلام، رام الله، فلسطين، الطبعة الثانية 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق