الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان اغتيال العالِم طلقة البداية لحرب ترامب على إيران ؟

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2020 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


سايمن تسدول (Simon Tisdall) ؛ صحيفة الغارديان اللندنية ، السبت 28 تشرين الثاني

يثير اغتيال كبير الخبراء النوويين للبلد [إيران] المخاوف من أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته مصمم على اتخاذ المزيد من الإجراءات .
لقد أدى اغتيال العالم النووي الإيراني البارز يوم الجمعة المنصرم إلى تصعيد الشكوك بشأن احتمال أن يحاول دونالد ترامب ، بالتعاون مع حلفائه الإسرائيليين و السعوديين المتشددين ، إلى استدراج نظام طهران للمواجهة الشاملة في الأيام الأخيرة من فترة رئاسته . حيث يقترب ثأر ترامب من إيران - الذي دام أربع سنوات متواصلة - من ذروته ، فهو ما يزال يمتلك القوة و الوسائل لإلحاق الضرر الدائم .
و لقد انتشرت التكهنات في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأن ترامب ربما يبدأ أو يدعم قريبًا نوعًا من الهجوم على إيران ، علنيًا أو خفيًا ، حركيًا أو إلكترونيًا ، في أعقاب الاجتماع غير المسبوق الذي عقد في المملكة العربية السعودية في نهاية الأسبوع الماضي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، و وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو ، و ولي العهد السعودي محمد بن سلمان .
ما ناقشه الرجال الثلاثة في ذلك الاجتماع ما زال سراً دفيناً يخضع للحراسة المشددة ، و تلك حقيقة لم تؤد إلا إلى تشجيع مزاعم التآمر . ففي ظل غياب أي بيان رسمي للاجتماع ، فإن من المرجح أن الثلاثة ربما يكونوا قد توافقوا على تكثيف الجهود لاستفزاز و إضعاف نظام طهران . و عندئذٍ سيكون بالإمكان استخدام أي رد انتقامي من جانب إيران لتبرير الهجوم على منشآتها النووية قبل أن يترك ترامب منصبه في 20 كانون الثاني من العام القادم .
كما أن الاجتماع في نيوم ، وهي مدينة قريبة من البحر الأحمر ، و ربما التسريب المتعمد لأنباء انعقاده ، يخدم غرضًا مهمًا آخر ؛ حيث أنه يسلط الأضواء على قيام جبهة موحدة مناهضة لإيران من شأن المشاركين فيها أرسال الرسالة للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بأن خططه لاستئناف الحوار مع طهران ، وإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الذي تخلى عنه ترامب ، ستواجه مقاومة شرسة ، و يتعين عليه إعادة التفكير فيها. فإذا ما ردت إيران على عملية الاغتيال ، مثلما هدّد المرشد الأعلى لها ، آية الله علي خامنئي ، فإن آمال بايدن بتهدئة الوضع الإقليمي يمكن أن يتم نسفها - مع المنشآت النووية الإيرانية في نطنز و أماكن أخرى . كما أن هناك خطر آخر ـ فحتى لو تراجع النظام ، فإن بإمكان الميليشيات الشيعية الموالية في العراق أو سوريا أو لبنان أن تأخذ الأمور على عاتقها .
"سنضرب قتلة الشهيد المظلوم كالصاعقة و نجعلهم يندمون على فعلتهم " ، تعهد حسين دهقان ، القائد العسكري الكبير ، في تغريدة له على تويتر . و مع ذلك ، فإن الدوامة التي تلف إيران مؤلمة . فإذا ما انتقمت بأي طريقة واضحة ، فقد تعطي أعداءها العذر الذي يريدون و الفرصة التي يتوقون لتوجيه ضربة ساحقة لها .
و ليس لدى قادة إيران أدنى شك في أن إسرائيل ، مع الضوء الأخضر المحتمل من واشنطن ، كانت وراء الاغتيال . فقد ألقى الرئيس حسن روحاني باللوم صراحة على "النظام الصهيوني المغتصب" . كما قال وزير الخارجية جواد ظريف على تويتر بأن هناك "مؤشرات جدية" على الدور الإسرائيلي فيها . و كتب : "تدعو إيران المجتمع الدولي - وخاصة الاتحاد الأوروبي - إلى إنهاء المعايير المزدوجة المخزية و إدانة هذا الفعل الإرهابي للدولة ".
إن الأسلوب المستخدم في قتل العالم محسن فخري زاده ، الذي قُتل بالرصاص في طريق بالقرب من طهران ، يشبه ذلك المستخدم في سلسلة عمليات قتل مماثلة لخبراء نوويين بين عامي 2010 و 2012 ، والتي ألقت إيران باللوم فيها على إسرائيل . وفي عام 2018 ، أشار نتنياهو إلى فخري زاده باعتباره العقل المدبر للأسلحة النووية الإيرانية . كما يذكِّرنا هذا الاغتيال بذاك الكمين المميت الذي نصب في كانون الأول الماضي للجنرال قاسم سليماني ، قائد فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني ، والذي أمر به ترامب شخصيًا . و فيما كان يُنظر إلى سليماني كبطل قومي ، فإن فخري زاده هو الأخر رجل رفيع المستوى شكل مقتله ضربة موجعة لإيران . و لقد أظهر ترامب نفسه أنه على استعداد لاستخدام الوسائل السرية لمعاقبة النظام الإيراني ، الذي يتهمه بتطوير أسلحة نووية سراً و بزعزعة استقرار الشرق الأوسط - وهي مزاعم تنفيها إيران بشدة . و يسود الاعتقاد بأن الولايات المتحدة وإسرائيل قد شنتا هجمات تخريبية متكررة داخل إيران تحت قيادة ترامب .
ففي شهر حزيران الماضي ، تضررت منشآت تخصيب الوقود النووي في نطنز من جراء انفجار غامض . و في هذا الشهر ، تردد أن ترامب قد ناقش الخيارات لضرب نطنز مع أهداف أخرى بعد أن قال مفتشو الأمم المتحدة بأن مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب قد أصبح الآن أعلى 12 مرة من الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووي لعام 2015 الذي تخلى عنه ترامب.
و لأسباب لا تزال غير معلنة ، فقد أمر ترامب العديد من قاذفات البي 52 (B-52 Stratofortress) ذات القدرة النووية بالتحليق لمسافة 7000 ميل لتحط في الشرق الأوسط في نهاية الأسبوع الماضي .
فهل كانت عملية الاغتيال تلك مجرد ضربة منفردة لا تهدف سوى إلى الإضرار ببرنامج إيران النووي ؟ أم يمكن أن يكون كل هذا هو المقدمة لشيء أكثر تفجيرًا من الناحية الستراتيجية حيث يسعى ترامب جاهدًا لتأمين إرثه المنشود باعتباره المدمر لإيران و المنقذ لإسرائيل ؟
إن ترامب هو في أمس الحاجة الآن لتحقيق الانتصار . و لقد أدت سياسته تجاه إيران حتى الآن إلى تحقيق أهداف خاصة . فقد أضرت حملة عقوباته المسماة بـ "الضغط الأقصى" بالشعب الإيراني ، لكنها تركت قادته غير مكترثين . و لقد أصبح النظام الآن أقرب إلى امتلاك القدرة على صنع قنبلة نووية مما كان عليه لو لم يتراجع ترامب عن الاتفاق النووي .
ومع ذلك ، فإن ما سيحدث بعد الآن يعتمد أيضًا ، و إلى حد ما ، على إسرائيل و المملكة العربية السعودية . إن نتنياهو و الأمير محمد بن سلمان حريصان على توجيه رسالة إلى بايدن مفادها أن ما يصفاه بكونه الاسترضاء لإيران هو أمر لن يكتب له النجاح . فإذا ما كان الاتفاق النووي سيصار إلى إعادة إحيائه ، فإنهما يريدان سد كل ثغراته و إضافة مواد جديدة عليه . و في غضون ذلك ، فإنهما يطالبان بوجوب استمرار العقوبات على إيران .
لكن يتوجب على كلا الرجلين أن يخطوا بحذر . حيث لا يمكن لنتنياهو أن يتجاهل آراء بايدن ، و لا تأثير الأعمال العدائية المتوسعة على أمن إسرائيل . أما بالنسبة لولي العهد السعودي ، فإنه يود بلا شك أن يرى إيران ترعف دماً . لكن عليه ، أيضًا ، التفكير بتكلفة تحويل المدن السعودية و محطات ضخ النفط فيها إلى أهداف عسكرية . بالنسبة لهما ، فإن عملية الاغتيال تمثل مقامرة شديدة الخطورة .
و يتوجب على قادة إيران الآن أن يقرروا ما إذا كانوا سيكبحون رغبتهم في الانتقام - أو شن هجوم أكبر والدخول في صراع أكبر في وقت ينيخ اقتصاد بلدهم تحت وقع العقوبات و فيروس كوفيد . إنها لحظة مصيرية للشرق الأوسط بأكمله . أما ترامب الممتلئ بالحقد الشديد ، فإنه متأهب للانقضاض . فبعد أربع سنوات من الفشل ، فإن خروجه بانفجار قوي قد يشكل أمراً مغرياً له .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من سليماني إلى زادة الهدف إخراج إيران من التاريخ 1
محمد بن زكري ( 2020 / 11 / 29 - 08:52 )
بطبيعة الحال ، ليس من أدنى شك في التنسيق التام بين وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (CIA) و بين جهاز (معهد) الاستخبارات و المهمات الإسرائيلية الخاصة (Mossad) . فإسرائيل هي بمثابة الولاية 51 لأميركا . و من ثم نفهم عمليات الاغتيال التي تنفذها وكالتا الاستخبارت الأميركية و الإسرائيلية ، عبر القارات .
تتطابق المصالح (القومية) الأميركية - الإسرائلية ، في الموقف العدائي المتشنج من إيران ، لدواعٍ عديدة ، منها : الحيلولة دون قيام تجربة تنمية وطنية مستقلة في إيران ، و الحيلولة دون تحولها إلى قوة إقليمية منافسة لإسرائيل .
و من موقع التبعية ، و بخلفية عداء تاريخي ؛ يتقاطع موقف مملكة آل سعود و مشيخات الخليج (ببُعده القومي العربي) من إيران (الفارسية) ، مع الموقف القومي الأميركي - الإسرائيلي (ببُعده الامبريالي) .

لطفا .. يُتبع


2 - من سليماني إلى زادة الهدف إخراج إيران من التاريخ 2
محمد بن زكري ( 2020 / 11 / 29 - 08:58 )
و تستثمر كل من السعودية و إسرائيل في إدارة ترمب ، الرئيس الأميركي الأشد نيوليبرالية و الأشد أصولية بروتستانتية (صهيو مسيحية) ، لجهة تعطيل قوة إيران الصاعدة ، و تحييد دور إيران و نفوذها الإقليمي .
و بالتالي فليس مستغربا ، أن يبدأ العام 2020 ، باغتيال الجنرال قاسم سليماني (3 يناير) و ينتهي - حتى الآن - باغتيال الدكتور محسن فخري زادة (27 نوفمبر) ، بما يمثله الرجلان من أهمية و رمزية ، لدى النظام القائم في إيران .
و مما له بالغ الدلالة ، أن يجري الاجتماع بين محمد بن سلمان و نتنياهو و بومبيو في مدينة (نيوم) السعودية ، إحالة إلى مشروع نيوم الاستثماري (التطبيعي) ، للتكامل و التعاون الإقليمي ، بين كل من السعودية و مصر و الأردن و إسرائيل ، ضمن رؤية 2030 لمحمد بن سلمان .

تحياتي و تقديري للأستاذ الكاتب


3 - و التحية و التقدير موصولان لجنابكم الكريم
حسين علوان حسين ( 2020 / 11 / 29 - 12:20 )
الأستاذ الفاضل السيد محمد بن زكري المحترم
ت - 1- و - 2
تحية و تقدير
مداخلتكم ذكية و مطلعة
هذه ترجمة سريعة جدا لمقالة -سايمون تسدول- في الغارديان . الكاتب هو خبير في السياسات الخارجية و هو رئيس التحرير للطبعة الأمريكية للعارديان .
آل سعود و الكيان الصهيوني هما السبب في كل حروب الشرق الأوسط السابقة و اللاحقة ؛ و يلاحظ أن استهتارهما بالقانون الدولي قد تفاقم كثيرا في زمن الخبل ترامب لكون الثلاثة من عشاق الأستخدام المفرط للقوة دون وعي إرتداداتها عليهم .
كل الحب و التقدير و الإعتزاز .


4 - السلام أسم الله
حسين علوان حسين ( 2020 / 11 / 29 - 15:40 )

الأخ العزيز الأستاذ يعقوب إبراهامي المحترم
ت 1 على الفيس
تحية حارة من بلدك العراق
لقد قتلوا الرجل الأعزل أمام أعين زوجته و أطفاله
أين هذه الجريمة البشعة من هذا النص المنقول ؟
يقول ريتشارد شفارتز في تايمز أوف إسرائيل :
تؤكد اليهودية أن العدالة والعلاقات المتناغمة بين الأمم تقلل من العنف وآفاق الحرب. يقول النبي إشعياء: -ويكون عمل البر سلامًا. وأثر البر والهدوء والثقة إلى الأبد (إشعياء 32:17). يلاحظ المرتل: عندما التقى اللطف المحب والحق ، فإن البر والسلام تلاقيا بعضهما البعض (المزامير ٨-;-٥-;-:١-;-١-;-).
و يؤكد الحاخامات التلمودون على أن العدالة شرط مسبق للسلام: -يقوم العالم على ثلاثة أمور: على العدل والحقيقة والسلام. وجميع الثلاثة هم واحد ، لأنه حيثما توجد العدالة ، توجد أيضًا الحقيقة ، وهناك السلام. -[xix] .
كل الحب و التقدير

اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران