الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايتنا مع المعارضة جعلتنا نبكي على أيام النظام!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2020 / 11 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


هل فعلاً الأنظمة السيئة المستبدة تنتج معارضة أسوأ منها أو على شاكلتها، كما في الحالة السورية.. بقناعتي أن الإجابة على السؤال السابق وخاصةً بعد تجاربنا المريرة ولمدار تسع سنوات مع المعارضة الحالية وبالأخص بعد ما رأينا منها في المناطق الكردية والانتهاكات والجرائم التي تهوي -ولا نقول ترتقي، كون هذه الأفعال القذرة لا تليق بها الارتقاء، بل النزول والانحدار- إلى مستوى جرائم حرب وجينوسايد، ستكون أغلب الإجابات ب”نعم” ورغم صوابية الإجابة في الكثير من معطياتها وحيثياتها، إلا إنها ليست الإجابة الحقيقية والدقيقة بقناعتي، بل هي نوع من التعمية والتمييع للإجابة الحقيقية والتي تتعلق بثقافة المجتمع التي أنتجت هذه الأنظمة ومعارضاتها وبالتالي ومن وجهة نظري، فإن الإجابة الصحيحة والأدق هي في البحث عن الموروث السوسيوثقافي المنتج لهذه الأيديولوجيات -نظام ومعارضة- بحيث تكون الواحدة أسوأ من الأخرى ولذلك ولمعالجة أزماتنا السياسية ليس لنا إلا أن نعمل مراجعة نقدية لذاك الموروث الثقافي الذي أنتج كل هذا الخراب في ثقافتنا والذي ينعكس مجتمعياً في النزاعات والحروب القبلية القرووسطية والطائفية الدينية.

للأسف شعوبنا ما زالت أسيرة الماضي وموروثها الثقافي وقد تكشف ذلك بوضوح من خلال التجربة السورية في أزمتها الأخيرة حيث جاءت المعارضة أسوأ من النظام السوري وبقناعتي لو تركت الأمور للانتخابات بالوضع الحالي للمعارضة والنظام ومن دون تعديلات دستورية ديمقراطية تؤتي بقيادة وطنية تدير البلاد وفق المبادئ الدستورية الجديدة والتي نأمل أن تحقق العدالة الاجتماعية لكل مكونات سوريا، فإن النظام ورغم قباحته سيفوز في الانتخابات، كون المعارضة قدمت نموذجاً أسوأ لأنها من نفس المنبت الأيديولوجي الثقافي وتحاول أن تكون البديل بطريقة أكثر بدائيةً وتوحشاً نتيجة قلة الخبرة والتجربة وهي بذلك تشبه حكاية الأمير والوزير اللص حيث يحكى بأن أميراً قد كشف خيانة وزير خزانته وهو يسرقه، فأمر الحراس باعتقاله وربطه عند مجرى نهر بجوانبه الكثير من البرك والمستنقعات والتي تكثر فيها البعوض ووضع على رأس الوزير حارساً، فعندما حل المساء ووجد الحارس بأن الكثير من البعوض تموضعت فوق وجه الوزير وبأن لا أحد سواهما لينقل ما يحدث للأمير، جاء ليبعد بعضها عنه وهو بذلك يحسب إنه سوف يخفف من بعض الآلام من لسعات ذاك البعوض.

لكن المفاجأة بأن الوزير نهاه عن فعله ذاك، فما كان إلا أن أمتثل لإرادة الوزير وهو الذي كان يريد أن يغامر ربما برأسه لفعلته تلك وهكذا بقي كل منهما ساكناً في مكانه ومجلسه وعندما حل الصباح طلب الأمير أن يؤتى بالحارس، فحضر بين يديه وهو يرتجف أن يكون الخبر وصل إلى الأمير بأنه تجرأ لابعاد البعوض عن الوزير ولذلك وعندما سأله الأمير أن يحكي كل ما جرى بينه وبين الوزير وأن لا يكذب في أي تفصيل، فإنه ذكر الحادثة وهو يحلف أن لا يعيدها مرة أخرى، فحينها أرسله مع بعض الحراس ليجلبوا الوزير المعاقب وعندما حضر هذا الأخير بين يدي أميره سأله الأمير وبنوع من الاستغراب؛ “لما رفضت أن يبعد الحرس ذاك البعوض وأنت تعاني من كل تلك اللسعات”، فجاء جواب الوزير صاعقاً وذلك حينما قال: “سيدي لو أبعد البعوض الذي أمتص كفايته من دمي، لجاء بعوضٌ جديد يمتص دماً جديداً”! وصلت الفكرة للأمير؛ بأن وزيره القديم قد سرق الكفاية وإبعاده والاتيان بوزير جديد سوف يسرق ما تبقى وعندها طلب من الحراس فك قيوده وأمره أن يذهب ليستلم منصبه مرة أخرى.

وهكذا كان الأمر معنا مع كل من النظام والمعارضة حيث جاءت الأخيرة لتمارس الأسوأ وللأسف بحيث بات أحدنا يبكي على أيام النظام وبالتالي ولمعالجة الموضوع والأزمة علينا معالجة الجوانب الفكرية والثقافية في قيمنا الأخلاقية السوسيوثقافية بحيث نبدأ الحلول من الجذور وذلك من خلال ثورة ثقافية تنويرية على غرار التجربة الأوربية ولكن هذه تحتاج لسنوات وعقود بالتأكيد ولذلك يمكن مرحلياً التوافق على صيغة تشاركية توافقية تجعل من كل مكونات سوريا القومية والدينية والمذهبية والسياسية شركاء حقيقيين دون وصاية طرف على آخر وبذلك نضع السكة على الطريق الصحيح كما يقال، أما استبدال طرف بآخر سوف يعيد إنتاج الأنظمة المستبدة -أو “السرقة” في الحكاية المذكورة- وربما بطريقة اسوأ، كما حالنا مع المعارضة الإخوانية اليوم والتي فاقت بكثير جرائم النظام وسرقاته، كون هذا الأخير ونتيجة سنوات طويلة بات مشبعاً بعض الشيء، بينما هؤلاء سوف يمارسون الأسوأ والأكثر من النهب والقمع والتوحش وذلك لفقر سياسي ومادي -وذلك كما حال الأمير والوزير- وهو ما نشاهده فعلياً مع لصوصها في المناطق الخاضعة للائتلاف وتركيا ولذلك لا بديل مرحلياً من حكومة توافقية تحقق العدالة الاجتماعية لكل مكونات سوريا حيث دون ذلك لن نشهد في الأفق أي حل سياسي حقيقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اللعنة على هكذا نظام
ماجدة منصور ( 2020 / 12 / 2 - 10:37 )
اللعنة على هكذا نظام أتى بسببه معارضة على شكله0
لقد حضرت مرة واحدة فقط جلسه من جلسات المعارضة السورية و أصابتني حالة من القرف و الإستياء و أقسمت بأن لا أحضر (علاكهم) مرة أخرى0
هكذا نظام....تليق به هكذا معارضة
و على شكلو...شكشكلو
شكرا لكم

اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة