الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كاسة قهوة ومحرمة وطابور..

ضيا اسكندر

2020 / 12 / 1
كتابات ساخرة


أثناء تواجدي في الطابور لشراء الخبز، كان يقف خلفي رجلان يتسلّيان، والأصحّ يتباريان في إبراز أخلاقهما الرفيعة من خلال سرد كلّ منهما لقصصه وخصاله مع النظافة وضرورة التقيّد بالتعليمات الحضارية. وقد أعجبني حديثهما وأحببتُ أن أنقله إليكم عسىاه يرسم بسمةً على وجوهكم الطيبة:
الأول: يا أخي فعلاً النظافة حضارة. ويا ريت كل الناس يتقيّدوا بنظافة الشارع. بتصدّق؟ من يومين اشتريت من كولبة عالرصيف كاسة قهوة. هيك إجى عبالي. والله يا أبو الشباب انتعتلّك سيكارة وشربتا مع القهوة وأنا عمتمشّى. وبعد ما خلّصت طفّيت السيكارة بقعر الكاسة وصرت دوّر على حاوية حتى ارميها فيها. وبقى بتشوف حاوية!؟ الله وكيلك، ما إلك يمين تحلّفني، نص ساعة وأنا دوّر حتى لقيت حاوية. وبكل هدوء رميت الكاسة مع عقب السيكارة فيها. تخيّل يا رجل، نص ساعة والله وأنا دوّر!
الثاني: ولك أي بصدّقك. لأنه مبارح كنت ماشي بالشارع. وسبحان ألله يا أخي إجتني عطسة مفاجئة. قمت سحبت محرمة من جيبي وعطست فيها. بالمناسبة لا يمكن جيوبي تخلى من المحارم أبداً رغم غلاها. يا أخي ضروري التقيّد بتدابير الوقاية من كورونا. المهم بلا طول سيره، والله يا أبو الشباب وصرت دوّر على حاوية. بتعرف؟ ساعة كاملة وأنا دوّر. دوّر دوّر.. هيك حتى ألله حضّاني بحاوية. مع أنو كان فيّي بلا مؤاخذة، دعْبلا للمحرمة وإنقفها بأصبعي على شي زاوية عالرصيف. بس أعوذ بالله، أي والله ما بعملها لو يقصّوا إيدي.
الأول: أيييه.. يا ريت لو كل الشعب متلي ومتلك، أقسم بالله لكنا بطليعة البلدان المتقدمة بالنظافة. بس شو بدّك تساوي؟!
الثاني: أوف.. أُف.
ساد صمتٌ قصير وإذ بأحدهما الذي يقف خلفي مباشرةً يلكزني بظهري كي أتقدّم بالطابور قائلاً:
- مشيلك شي خطوة لقدّام ولوو..!
التفتُّ إليه مبتسماً واسترجعتُ خلال ثواني ما كنت قد سمعته منهما وقلت له:
- شو رأيك يعني بلْتصق بلّي قدّامي مثلاً؟! هلّق كنت عم تحكي عن ضرورة التقيد بتدابير الوقاية، شو عدا ما بدا؟!
أجابني وقد لاحظ أنه لم يكن موفقاً بلكزته تلك وقال:
- يعني لا تخلّي حدا يوقّف قدّامك وياخُد دورك.. هيك بقْصد. ولووو، ما حدا بيتحمّل كلمة أو لكزة بهالأيام؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نهفة أبو القهوة والسيكارة, وأبو العطسة والكلينكس1
صباح شقير ( 2020 / 12 / 2 - 15:51 )
الأستاذ ضيا اسكندر المحترم
تحياتي

أبصم بالعشرة أن الشباب أبو القهوة والسيكارة والتاني أبو العطسة ومحارم الكلينكس شغل أوروبا ورجعوا لبلدهم سياحة أو بعمل

مالك علي يمين يا أستاذ أني أيضا لم أجد ما أقوله عن أبو القهوة والسيكارة وأبو العطسة والكلينكس إلا أنهم بيتكلموا كلام(مخملي)لا جمرك عليه
غضّ النظر عن الوقت الذي قضاه المفتش والمنقّب عن حاوية(هذا أخذ معه نصف ساعة والآخر ساعة) حتى عثروا على حاوية قمامة

مش معقول أبدا يتفلسفوا بهذا الشكل ويكونوا عايشين ببلد يعرفون جيدا كيف أنهكته الحروب ووضعته تحت خط الفقر, والناس عايشة بالدفش والطحش
لا أحد يسأل عن الالتزام بمسافة أمان في طابور, ولا عن صندوق زبالة بين أكوام الزبالة, وأبو الشوارب تراه يبول بلا خجل بين ركام وحطام الحرب على عينك يا تاجر

في كل المدارس تعلو جدران الفصول عبارة: النظافة من الإيمان، وبلادنا متخمة بأصحاب الإيمان الذين لا يتورعون عن جعل شوارعنا ومدارسنا ومؤسساتنا الحكومية مقلب قمامة
فما ضرورة حاوية القمامة إذن؟

الله ( الموش سمعان) يساعد هالبلاد ويساعد الناس على مصائبهم
لا خدمات لا مرافق صحية لا وسائل حماية من الأمراض

يتبع


2 - طيب اقرِضوا الله قرضا حسنا فيضاعف لكم الحاويات2
صباح شقير ( 2020 / 12 / 2 - 15:55 )
الشابان (المخمليّان) يعلمان أن حاويات القمامة غير متوفرة
ماذا يضيرهما وهم يعلمون أن عين البلد بصيرة ويدها قصيرة أن يحرصا على النظافة بطريقتهما الخاصة؟

يعني هل ينجعص المتبهْوران إذا حملوا معهم كيس نايلون بخفّ الريشة للطوارئ ولمثل هذه الحالات؟
هذا الكيس سيغني أصحابنا عن نص ساعة دوارة للتفتيش عن صندوق قمامة أو أن يعرّض الآخر يده للقصّ إذا رمى الكلينكس على الأرض
كذلك هذا الكيس سيوفّر علينا أن نمتّع أعيننا برؤية خريطة قرف أبو الشوارب على الحيطان إذا انحصر وحانت ساعة المحاسبة ولم يجد مرحاضا قريبا

الشكوى لا تقدم ولا تؤخر, وعلى الحريص على النظافة فعلا أن يعلم أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع, فيعمل كل فرد على نشر الوعي في محيطه لخلْق بيئة صحية

في الوقت الذي يحدثنا أصحابنا الواقفين عند المخبز عن قصة بحثهما عن حاوية قمامة لرمي كاسة قهوة وعقب سيكارة أو ورقة كلينكس معطوس فيها, فإن هناك طفل أو شاب أو شيخ شحاذ يبحث في مقلب القمامة عن كسرة خبز أو عقب سيكارة
و ذو الحظ التعيس يمسح دمعة أو رشحا من أنفه بكمّه أو طرف قميصه

الدولة مش هنا
طيب اقرِضوا الله قرضا حسنا فيضاعف لكم الحاويات
مفيش غير هالحل


3 - شكراً استاذ ضيا
عامر سليم ( 2020 / 12 / 3 - 03:00 )
الله عليك يا أستاذ ضيا , قلم محترف و موهوب , كتاباتك ابلغ تعبير عن معنى السهل الممتنع , من مواقف بسيطه وذكريات متباعده من هنا وهناك تنتج لنا فكراً انسانياً مليء بالحِكم والعِبر والمعاني النبيله , ترصد احوال الزمان والبشر بعيون ناقده وقلب هادئ طيبُ وجميل , لا والأجمل والأحلى حين تُطرّز مقالاتك بالحوارات البديعه وباللهجه السوريه المحببه.
شكراً لك والله يعطيك الصحه والعافيه والحضورالدائم لنقرأ لك ونستفيد.

اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81