الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوصية … اعرفْ جيشَك

فاطمة ناعوت

2020 / 12 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


دُرّة جديدة تُضاف إلى عقد اللؤلؤ الذي يضفره المسرحُ القومي منذ عام 1869 وحتى أبد الثقافة والفنون. جوهرةٌ جديدة يضيفها المخرجُ "خالد جلال" إلى صندوق كنوزه. زهرةٌ جديدة يغرسها النجمُ "ميدو عادل" في حقل مشواره الفني المدهش. صفحةٌ من دفتر بطولات القوات المسلحة غزير الأوراق، في ملحمة الزود عن تراب مصر وشرفها. ولمحةٌ جديدة يضيفها المواطنُ المصري إلى رصيد معرفته بجيشه العظيم وبطولاته.
على خشبة المسرح القومي العريق، تُقدّمُ الآن مسرحية "الوصية" التي تحكي حكاية الشهيد البطل "محمد المعتز رشاد" أحد مقاتلي القوات المسلحة البواسل الذي نال شرف الشهادة أثناء مداهمته أحد الأوكار الإرهابية في رفح قبل أعوام. المسرحية ضمن مبادرة "اعرف جيشك" التى يتبناها البيت الفنى للمسرح ووزارة الثقافة من أجل تعريف المواطن المصري بشذراتٍ من بطولات القوات المسلحة المصرية، ورفع الوعى العام بمخاطر الإرهاب الأسود. الإخراج جاء مدهشًا حيث توازى الماضي مع الحاضر على خشبة المسرح. إذ تزامنت العملية الجراحية التي تحاول إنقاذ البطل قبل استشهاده، مع عمليات القوات الخاصة على أرض سيناء قبل إصابة البطل. الشهيدُ هو نجل العميد طبيب "المعتز رشاد" الذي قاتل في حرب 73، وغرس في ابنه، منذ طفولته، حب الوطن والرغبة الملحّة في شرف الالتحاق بالجيش المصري. ولبّى الابنُ نداء وطنه والتحق بصفوف القوات المسلحة، لكنه أخفى عن والده انتقاله إلى صفوف سيناء بناء على طلبه، لكيلا يثير فزع أسرته عليه لحظة اشتعال نيران الإرهاب في مصر الطيبة. وبعدما أصيب بطلقة نافذة، ونُقل إلى مستشفى المعادي، قرّر القدرُ أن تُجري جراحةُ الإنقاذ بمبضع والده الطبيب. خفقت قلوبُنا مع صدمة الوالد، ، حين شاهد ابنَه المحترق ببارود التكفيريين يحتضر. ثم انخلعت قلوبُنا من صدورنا مع صرخة الأب: "ابني"، وهو يلفظ أنفاسه بين يدي أبيه العميد البطل؛ الذي أدّى دوره ببراعة الفنان الكبير "أحمد فؤاد سليم". الفنانة العظيمة "سميرة عبد العزيز" كانت الأمّ الجميلة التي رحلت إلى رحاب الله قبل سنوات، لكنها لم تغب عن أسرتها، فكانت تشاركهم لحظات حياتهم. وفي لحظة استشهاد ابنها، كانت على باب الفردوس في استقبال روحه الطاهرة.
مسرحية فائقة ملأت أرواحنا بالفخر بمصريتنا وبجيش بلادنا الباسل، وملأت عيونَنا بالدمع ونحن نرى أنبلَ شبابنا يقدمون أرواحهم ليحموا أرواحنا، ويموتون حتى نحيا وتحيا مصر.
العمل المسرحي الجميل تأليف "أيمن سلامة"، وإخراج "خالد جلال"، وبطولة النجوم العظام: "أحمد فؤاد سليم"، "سميرة عبد العزيز"، "ميدو عادل"، "محمود حافظ"، "محمد دسوقى". الاستعراضات المدهشة من تصميم د. “مجدي صابر"، وملابس "هالة الزهوي"، وديكور "محمد الغرباوي". وأما الغناء الساحر فكان بحنجرة الجميلة "مي فاروق" على كلمات "محمد بهجت" وموسيقى "أحمد كيكار".
وصلَنا نحن الجمهور كيف كان الممثلون يؤدون أدوارهم بحبٍّ عظيم، إذ يشعرون أنهم يقدمون للوطن مهمة مقدسة. كانوا يستحضرون سيدة الغناء "أم كلثوم" وهي تجوب ربوع الوطن العربي تغني لصالح المجهود الحربي المصري. فجميع المصريين جنودٌ في جيشنا العظيم، كلٌّ في صفّه وسريته ولوائه وسلاحه؛ وفق عمله ومواهبه وقدراته. وكأننا نقول في صوت واحد: "يا جيشَنا العظيم، يا قوّاتُنا المسلّحة المصرية، نحن شعبَ مصرَ، نصطفُّ خلفك ظهيرًا شعبيًّا وصخرةً لا ثغرات فيها ولا صدوع.”
يعرف كلُّ مصريّ ذكي قيمةَ جيشنا العظيم. ليس وحسب لدحره الإرهابيين في معركة تلو معركة في سيناء، وليس وحسب لحمايته مدن سيناء من السقوط وتحويلها إلى إمارات داعشية على غرار المدن التي نجح الدواعش في إخضاعها وتحطيم بنيتها التحتية وتدمير آثارها وتشريد أهلها وقتل رجالها وأطفالها واغتصاب نسائها وبيعهن سبايا مقيدات بالسلاسل والجنازير، بل نمتنُّ لجيشنا العظيم لمنعه ما كان ممكنًا أن ينالنا من ويل إن لم يُجهض جيشنا العظيم مئات التفجيرات والحرائق التي كان مقررًا لها أن تُنفّذ منذ 3 يوليو 2013 وحتى اليوم، وإلى أجل غير مسمى.
شكرًا للمسرح القومي العظيم الذي يستضيف هذه الملحمة البطولية المهمة "اعرف جيشك" التي كانت "الوصية" أولى فرائدها. شكرًا لوزارة الثقافة والفنان "إسماعيل مختار" رئيس البيت الفني للمسرح لتنبي تلك المبادرة الفنية التوعوية المهمة. شكرًا للفنان "إيهاب فهمي" مدير المسرح القومي الذي يستضيف هذا العمل الفائق. شكرًا لكل شهيد قدّم حياتنا وحياة مصر على حياته. وفي الأول والأخير شكرًا لأسرة كل بطل أهدت لنا زهرات قلوبها ملفوفة جثامينها في علم مصر، قربانًا لمصر. “الوصية" هي: “اعرفْ جيشَك" العظيم وانحنِ له احترامًا لأنه يحمي شرفَنا. "الدينُ لله، والوطنُ لمن يحترمُ جيشَ الوطن”.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah