الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التربية والدعاية

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2020 / 12 / 2
الادب والفن


تعمل التربية بكيفية أساسية على إعادة تنظيم كل وظائف النمو لدى الإنسان. فمن خلال التربية والتعلم يتشكل المظهر المحرك للنمو العقلي الذي يساعد على امتلاك الإرث الثقافي. لذلك يحتل التعليم منزلة الصدارة. وتصبح المدرسة المكان المفضل الذي توضع فيه الوظائف النفسية العليا وتتم فيها التعلمات بالنسبة إلى المتعلم.
إن التربية هي تبليغ الشيء إلى كماله، أو هي كما يقال تنمية الوظائف النفسية بالتمرين حتى تبلغ كمالها شيئاً فشيئاً. ومن شروط التربية الصحيحة أن تنمي شخصية الطفل من الناحية الجسمية والعقلية والخلقية، حتى يصبح قادراً على إسعاد نفسه، وإسعاد الناس.
وينبغي للمربي، مثله مثل أي إنسان يسعى إلى التأثير في أنداده، أن يلجأ إلى الإقناع المبيَّت، فإنه يُمنح، مع ذلك وفي كل المجتمعات، مكانة مرموقة يطبعها التعارض المألوف القائم بين التربية والدعاية، فالمربي الذي تحركه الرغبة النزيهة في تنوير جمهوره حول موضوعات معروفة ليست محل خلاف، يُعارض فاعل الدعاية الذي يحركه المسعى الوضيع لجذب مستمعيه مستعيناً بحجج مُريبة مغالطة، عارضا دعاوي مشبوهة لا يصدقها هو نفسه أغلب الأحيان.
يوجد المربي في وضع مختلف تماما عن مروِّج الدعاية، إنه يمثُل ناطقا باسم الجماعة، مكلف بتقديم وجهة نظرها والدفاع عنها إن تطلب الأمر ذلك. إنه مكلَّف بمهمة تضفي عليه هيبة. والأطفال الذين يتوجه إليهم، وربما الراشدون، لا ينتمون إلى جماعة معادية، بل إلى الجماعة نفسها التي يتحدث باسمها. إن المربي ضامنٌ لسماع الجمهور له ولثقته، دون حاجة إلى مجهود خاص، باعتباره ممثِّلا للمجتمع الذي ينتمي إليه الجمهور. إنه يتلفظ بما ينبغي اعتقاده، وينطق بما ينبغي على المرء فعله كي يُقبل عضواً كُفْأً في جماعة يتطلع السامع إلى الانتماء إليها. إنه غير مطالب دوماً بإثبات ما يدعيه: إن كلامه موثوق فيه؛ فليس عليه أن يتكيف مع جمهوره، بل إن جمهوره هو الذي يتكيف معه.
وللتربية طريقان: الأول أن يربى الطفل بوساطة المُربي، والثاني أن يربي نفسه بنفسه، فإذا أخذت التربية بالطريق الأول كانت عملاً موجهاً يتم في بيئة معينة وفقاً لفلسفة معينة، وإذا أخذت بالطريق الثاني، كانت عملاً ذاتياً يُترك فيه الطفل على سجيته ليتعلم من نشاطه القصدي. وتسمى التربية التي تقوم على هذا النشاط الحر، وعلى مراعاة الفروق الفردية، والقابليات الشخصية، بالتربية التقدمية (Education progressive)، وهي حركة إصلاحية مبنية على المذاهب النفسية والاجتماعية، ومتصلة بالفلسفة الذرائعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي