الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقه التطبيع

محمد الصادق

2020 / 12 / 3
القضية الفلسطينية


رَهَن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه ليهودي،
ولم يقل له احد: ان الحرة تجوع ولا تاكل بثدييها!!
ورهْن الدرع لليهودي جاء في حديث لأم المؤمنين عائشة:
(توفي رسول الله (ص) ودرعه مرهونة عند يهودي..
بثلاثين صاعاً من شعير).
أخرجه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه
وأحمد وابن حبان وغيرهم، وقد صححه الألباني.

الحديث اثار تساؤلات اهل الفقه،
الرسول يرهن درعه مقابل الطعام؟؟!!
لقد رأوا في ذلك اثبات لحاجة الرسول (ص) إلى اليهودي،
مع ان الرسول كان حاكم المسلمين،
وكانت البلاد في يسر،
قالوا مستغربين: الدرع سلاحه واليهودي عدوه !!!
وقالوا: اذا كان قائد الدولة محتاجاً، فكيف بالرعية؟
وقالوا: كيف يكون في المدينة يهود وقت وفاته (ص)
مع أمره(ص) بإخراجهم من جزيرة العرب؟
وكيف يتعامل معهم وقد أمر بإخراجهم؟؟!!!

الفقهاء استنبطوا من الحديث أحكاماً عدة، منها:
جواز التعامل مع غير المسلمين، ولا سيما أهل الكتاب.
وجواز التعامل مع من يشوب ماله بعض الحرام كاليهود.
وقالوا ان في الحديث دليل على وجود بعض اليهود في المدينة.
وقال البعض ان الرسول لم يكن محتاجا،
وانما فعل ذلك لبيان جواز التعامل مع اليهود،
وقال اخرون انه لم يرد ان ياخذ من المسلمين ،
لانهم سيرفضون ان يسدد لهم.
ولم يجد البعض بدا من ان يستدل بالحديث علي سماحة ومرونة الاسلام،
في تعامله مع المسلمين وغير المسلمين.

نعم الاسلام دين سماحة ورسوله نبي الرحمة،
ومن ذلك تعلم صحابته،
فالفاروق الذي عرف عنه الحزم والشدة عطل احكام الشريعة،
وذلك عندما افتقر الناس،
فلم تصدر الفتاوي بانه قد خان الله ورسوله.

الدول تتعاون مع بعضها من اجل تحسين اقتصادياتها،
واسرائيل و امريكا من اكبر الدول المتميزة اقتصاديا،
والاقتصاد اصبح اليوم يعتمد اساسا علي العلاقات بين الدول،
ولا يمكن لدولة ان تعيش بمعزل عن الدول الاخري.
كل الشعوب العربية تعاني اليوم من ضوائق اقتصادية،
ان المضطر يركب الصعب،
والاضطرار -فقهيا- له احكام مختلفة،
فعند الاضطرار يحل للمرء كل ما كان محرما،
فيحل أكل الميتة والدم ولحم الخنزير:
(فمن اضطُر غير باغ ولا عاد
فلا اثم عليه ان الله غفور رحيم).

القاعدة العامة ان تكون العلاقات طبيعية،
والاستثناء ان تكون العلاقات غير طبيعية،
والرسول كانت علاقاته طبيعية مع اليهود،
بدليل معاملة الرهن.
كنا نظن ان مقاطعة اسرائيل تخدم القضية الفلسطينية،
ولكن مع مرور الزمن تعقدت القضية،
الفلسطينيين انفسهم ليسوا علي قلب رجل واحد،
والعرب تفرقوا ايدي سبأ.

السياسة تتغير،
وكل شي يتغير،
ما كان يضرني بالامس ربما يصلحني اليوم،
الرافضون للتطبيع لا يجنحون الي العقل،
مجرد عواطف واتباع لدين الآباء،
انهم يرددون آيات قرآنية بلا فهم،
وهم يخرجون هذه الآيات من سياقها،
هذه الايات ذُكرت لها اسباب نزول معينة،
فاية الممتحَنة مثلا: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}
نزلت في كفار قريش وهذا ظاهر من الاية:
"قاتلوكم" "واخرجوكم" جاءت بصيغة الماضي،
واية المائدة: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود}
قال المفسرون انها نزلت في قوم من أهل الحبشة
أسلموا حين قدم عليهم مهاجرة المسلمين.

يقولون ان يهود اليوم ليسوا كمن تعامل معهم الرسول (ص)،
وهذا صحيح،
ولكن هذا يدحض حجتهم نفسها،
فالاسرائيليون اليوم ابعد نسبا من احفاد قتلة الانبياء،
اولئك الذين تعامل معهم الرسول،
والاسرائيليون اليوم فيهم مسيحيون ومسلمون ودروز،
وسامريون وبهائيون ولا دينيون،
وحتي الغالبية اليهودية اغلبهم ليس له علاقة فعلية بالدين،
والدولة تظهر علي انها تحترم الاقليات،
نعم هناك نخبة قليلة مهووسة باوهام واساطير ..
مثل يهودية الدولة والنقاء العرقي والشعب المختار،
وهي افكار لا تكاد تقنع الاسرائليين انفسهم،
والعالم اليوم يستهجن تلك الدعاوي العنصرية،
والناس يعيشون فيما يشبه قرية صغيرة..
وربما تختفي خلال عدة عقود الحدود السياسية،
ويصبح من حق الجميع الاقامة والعمل والتنقل في اية بقعة من بقاع الارض.

ان استمرار مقاطعة اسرائيل يصب في مصلحة العنصريين المتطرفين،
وللاسف هناك متطرفون في كلا الجانبين،
وهم من ذوي "الاتجاه الواحد" والفكر المتحجّر،
وهؤلاء واولئك يتشابهون في افكارهم،
يعتقد متطرفونا ان الاسلام دين للعرب وحدهم!!
ويعتقدون الا سبيل سوي الرجوع للوراء..
وحمل السيف وركوب الاحصنة وغزو العالم!!
حتي يصبح للاسلام رقعة كبيرة من الارض!!
هذا الفهم هو الذي جعل المسلمين يتخلّون عن وظيفتهم الرئيسية،
و التي هي الدعوة الي الله،
مما جعل الغالبية العظمي من سكان الارض لا يعرفون ربهم
بعد خمسة عشر قرنا من نزول القرآن،
فنتيجة لتصرفات بعض المسلمين..
تكونت للمسلم وللاسلام صورة مشوهة،
ويكفي ما نراه اليوم من تناحر بين المسلمين انفسهم،
فيي ليبيا والصومال والعراق وسوريا واليمن وافغانستان والسودان،
والآن بعض الجماعات المنتسبة للاسلام..
يوجّهون صواريخهم وطائراتهم المسيرة تجاه قبلتهم التي يصلون اليها.

عندما ووجه الاسلام في بداياته من كفار قريش..
طلب الرسول (ص) من الصحابة الهجرة الي الحبشة..
ثم كانت هجرته الي المدينة بعيدا عن مكة،
احب البقاع اليه والتي بها الكعبة المشرفة،
ولكن بعد فتح مكة لم يمكث بها،
وانما رجع الي المدينة،
واقام بها حتي انتقل الي الرفيق الاعليي،
فالاسلام لم يخض حربا من اجل الأرض،
بل حارب في نطاق ضيق من اجل الحرية والسلام والعدالة،
وكانت تلك الحروب بأذن الهي وباشراف رباني.
انتهت بان عرف كل اهل الارض بالاسلام،
ثم اخذ المسلمون بعد ذلك يهاجرون الي كل انحاء العالم،
فرادي وجماعات،
يبشرون بتعاليم الأسلام،
العدل والحرية والانسانية،
ومعظم الصحابة وتابعيهم ماتوا بعيدا عن ديارهم،
يقول تعالي:
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ
قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ
قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ
فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)

الاسلام دين يمتاز بالمرونة،
ويواكب تغيرات الحياة وتطوراتها،
والتخفيف منهج لا يخفي علي احد.
في البدء كان علي عشرين من المسلمين ان يغلبوا مائتين،
ثم كان التخفيف الي نسبة مائة الي مائتين،
ولذلك كانت اعظم معركة هي انسحاب جيش المسلمين في مؤتة،
والرسول (ص) منع زيارة القبور ثم اباحها،
ومنع تابير النخل،
ثم عاد وقال: (انتم اعلم بامور دنياكم)،
وتدرج حكم الزنا من الرجم الي الحبس ثم الجلد،
ويوم اكمل الله الدين اباح اشياء كانت محرمة..
حتي ينفتح المسلمون علي الناس كافة في كل العالم:
{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ
وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}.

فاباح لنا طعام الذين اوتوا الكتاب،
واباح لنا محصناتهم،
واباح لهم طعامنا،
واباح لهم محصناتنا.
فتقدير الكلام:
و(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ) "حل لهم،
(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) "حل لكم"،
هذا في القرآن،
ولكن دين آبائنا مختلف بالطبع!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بالله عليك؟
حسن الأبيض ( 2020 / 12 / 3 - 21:06 )
تريد ان تأكل بثدييها وفرجها انت حر لكن لا تنسبه لدين محمد، انت نفسك قلت كانت بلاد المسلمين تحكم وهم مسيطرون ولم تكن مغتصبة فلا تخلط الغث بالسمين، هذا اسمه فقه العهر


2 - دين محمد ابعد ما يكون عن الغباء والحماقة
محمد الصادق ( 2020 / 12 / 7 - 16:22 )
اهدي الي اخي حسن المقال التالي بصحيفة المثقف نشر اليوم بعنوان
( نتائج سرية مؤتة من منظور سنة الله)

وهو للشيخ الدكتور رشيد كهوس من علماء المغرب
رابطه
https://www.almothaqaf.com/b/c3/213-qadaya2009/7036


اقتبس منه

فكان النصر ليس كما عهده البشر وليس بظواهر الأحداث-
...
لكن الحبيب المصطفى الذي أدرك حقيقة الانتصار في هذه المعركة أجابهم بقوله:
ليسوا بفرار ولكنهم كرار إن شاء الله
...
ومما لا ريب فيه أن انسحاب سيدنا خالد بن الوليد كان انتصارا للمسلمين
وإن بدا في ظاهره هزيمة،
لأن الثبات في وجه العدو يكون مطلوبا إذا أدى إلى هزيمة العدو والاستيلاء على أرضه،
فإذا خلا من هذه الغاية، وصار وسيلة لفناء الثابتين صار الثبات غير مطلوب،
ربما صار محظورا
...
وهذا ما لاحظه سيد العارفين محمد فقد حفظ خالد قوته وجيشه لمعارك أخرى قادمة
...
فإن مقياس النصر
...
قد يكون من خلال ظواهر أحداث قد لا تسرّ عامة المسلمين
...
وخير دليل على هذا ما وقع في صلح الحديبية
فقد كره المسلمون الصلح
ولكنه كان عين النصر والتمكين في الآجل
...
ولذلك سمى الله تعالى ذلك الصلح مع قبائل قريش «بالفتح» كما جاء في سورة الفتح


3 - اقول يا اخي
محمد الصادق ( 2020 / 12 / 7 - 16:29 )

والله انه ليحزننا حال الفلسطينيين
ما مصيرهم بعد 10 سنوات .. 20 سنة.. 30 سنة ..؟؟؟
نفس حالهم الآن
مظاهرات يتقدم لها الاطفال
وفي كل مرة يقتل من يقتل ويؤسر من يؤسر ويعاق من يعاق
وبعض الصواريخ البدائية تطلق من هنا وهناك
وهي ان اصابت احد اصاب الاسرائيليون مقابله الالاف
وان قتل احد قتلوا العشرات او حتي المئات
وفي الاعلام العالمي يظهر الفلسطينيين معتدين!!

وعويل ونواح
العرب لا يفعلون شيئا سواه
والفلسطينيون يعتمدون علي اعانات اسرائيل اكثر من اعانات العرب
بعض السياسيين يريدون لهذه الحال ان تستمر
لانهم مستفيدون
فهم ليسوا في الواجهة وانما بعيدون في الفنادق والشاليهات

المنطق الذي يسير فيه العرب بقضية فلسطين هو منطق الضعيف
الضعيف الذي لا يريد ان يخسر اي شئ
وهذا عكس ما فعله القائد خالد سيف الله في مؤتة
فبهذا المنطق خالد فار كما ظن البعض انذاك
ولكن خالد انسحب وخرج باقل الخسائر
والرسول (ص) استحسن ذلك
كان من السهل ان يقول للمسلمين نقاتل حتي نفني جميعنا
ولكن ذلك منطق الحمقي
الاحمق يريد كل شئ ولكن بحماقته يخسر كل شئ.

اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط