الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعصب الديني والفكر الأصولي في مصر

كيرلس مكرم شوقي

2020 / 12 / 4
الارهاب, الحرب والسلام


التطرف الديني هو ظاهرة كره وغضب وإقصاء لكل من يدينون بديانات مختلفة وقد تكون لمن يمتلكون أفكارًا مغايرة داخل نفس الدين, وبشكل يومي تتحول بالنهاية لمشاحنات وعنف بين أفراد المجتمع الواحد.
فلطالما كان التطرف في مصر قائمًا بين الديانتين الإبراهيميتين الكبرتين في العالم "المسيحية والإسلام"
ولا أستبعد إطلاقًا أن يثور أحد الأصوليين معترضًا لماذا كتبت المسيحية اولًا؟ الإسلام يجب أن يسبق كل شيء. أو لماذا المسيحية أولًا؟ أتقصد أنها الأكثر تعصبًا؟


• العقل الأصولي والمرض النفسي
يتحرك العقل الأصولي في كره وتوحش وعدوانية تجاه ترويع الآخرين وبث الرعب في نفوس من حولهم, طبقًا ل "تايلر فاندرييل" أستاذ علم الأوبئة والإحصاء في جامعة هارفارد فإن الدين لا يعتبر مرضًا عقليًّا, ولكن المتطرف دينيًّا هو غالبًا ما يعاني من اضطراب الوسواس القهري OCD ((Obsessive-compulsive disorder.
المصابون باضطراب الوسواس القهري قد يدركون حقيقة أن تصرفاتهم غير منطقية، وربما يحاولون أحيانًا أن يتجاهلوها، ولكن هذا يؤدي إلى زيادة كارثية في التوتر والقلق والألم النفسي,
فإن التصرفات القهرية التي يقوم بها المتعصبون دينيًّا، كالصلاة لساعات طويلة أو الإلتزام بطقوس كثيرة ومجهدة وكتوليهم مهمة الحامي والمدافع عن الدين بالنسبة إليهم فهذه تصرفات إلزامية قهرية للتخفيف من ضائقة التوتر وللثبات في منطقة آمنة.

إذن لا يمكننا أن نقول أن الشخص المتطرف دينيًّا مريض عقلي فإذا كان مصاب بإضطراب الوسواس القهري فهو واع تمامًا لتصرفاته التي بدورها تحافظ على سلامته فيسعى لمحاربة أي فكر مختلف عنه فيكون إيمانه إيمانًا مطلقًا وما يؤمن به يجب أن يكون مطلقًا أيضًا ومكلل بالمعصومية أي لا يقبل شكًّا أو مساحة تأويل لذات الفرد. فعندها يتحول الدين نفسه إلى مرض يستميت الشخص في الدفاع عنه عن إدراك وفهم ووعي تام. لذا يُعتبَر الإرهابي الديني والجهادي مجرمًا معتلًا اجتماعيًّا وليس مريضًا عقليًّا.

• الشريعة ودورها في التطرف
في نقد هيجل لشكل التدين اليهودي, فهو يذهب إلى أن اختزال الدين في الشريعة والممارسات الطقسية والفروض اللازم عليهم القيام بها سببت جمودًا فكريًّا وقيدًا أعتقد ان الديانات الإبراهيمية عمومًا تمتلكه لتدخُّلها في أدق تفاصيل حياة الإنسان ووضع نسق لفعل الأشياء وقولبة حياة الفرد ليصبح شخصًا ذا خلقِ بنظر الدين
على عكس ديانات كالبوذية التي تترك مساحة حرية للفرد لكي يصل للأخلاق بشكل متمثل في فهمه الذاتي للأمور لا أن تُملى عليه الأشياء التي يقوم بها ليكون حسن الخلق, ففي البوذية ما يخلصك من المعاناة أي وخذ الضمير والتخلص من الشهوات, فيتلخص الأمر في اربع حقائق وهي وصف للمعاناة وأصلها وكيفية إيقافها للوصول إلى "النيرفانا" بدون وصف دقيق, فالدرب الثماني النبيل يتلخص في كلمة "السوي" وكل فرد يسعى إلى فهم وتنفيذ هذا السواء بشكل ذاتي.

• الله أم الدين؟ "بين الذاتية والموضوعية"
لماذا نجد المتصوفين من الثلاث ديانات الإبراهيمية أقل تعصبًا أو غير متعصبين بالمرة؟
هنا نجد أن النظرة الذاتية للدين تكون على أساس فردي، حرة تمامًا ﻭلا تؤمن بأي شيء سطحي صوري كالممارسات الحركية ونوعية الملبس ومواقيت الصلاة وطقوسها
والذاتية تجعل المرء يرى مسألة الأخلاق نسبية بل ويرى
أن كل شيء نسبي أيضًا يتم التعرف عليه حسب لدراك الذات.
فيتم التركيز على حب الإله دون اهتمام بشيء سواه, بعكس الموضوعية التي من خلالها يرى الفرد الثوابت والمطلق ويحب دينًا لا إلهًا, وعندها يكون الأمر بالنسبة له كمعادلة رياضية تتكون من مدخلات ألا وهي الطقوس والوصايا الكتابية بحذافيرها ومحاربة أي فكرة تضاد هذه المعصومية أواللا مخطوئية حماية لذاته التي أصبحت منصهرة في الجماعة ووعيه الذي لا يميزه بل هي حصيلة واحدة ووعي جمعي واحد يستميت مدافعًا عنه ومستعدًا لأن يَقتِل أو يُقتَل في سبيله, لكي يجد مخرجات المعادلة وهي المثاب بتنوعه في هذه الأديان.

• مصر والتطرف الإسلامي
في مصر ينزوي المسيحيون مستقصين المسلمين من حياتهم بشكل كبير, لا يتجرأون على التعبير عن آرائهم الدينية, فإن صرح مسيحي علنًا أنه لا يحب أفكار الدين الإسلامي فإنه يتعرض لهجوم من الأصوليين دون تفكير, بالرغم من منطقية عدم حبه لأفكار الإسلام لو لم يكن كذلك فلِمَ لمْ يصبح مسلمًا؟
وإن ذكر مسيحي شيئًا من دينه انهالت عليه اتهامات بالتبشير. لا متنفس له ولا ديموقراطية يُسمح له فيها بتحريك لسانه من سكونه.
بالرغم ما يصدره الإعلام للعالم من صورة جميلة عن مصر المدنية العلمانية متجاهلين حقيقة المادة الثانية في الدستور التي تنص على أن المصدر الرئيسي للتشريع هو القرآن. ومتجاهلين حقيقة التفجيرات والاعتداءات التي لا تنقطع على كنائس وممتلكات المسيحيين. وحقيقة المكانة العظيمة التي للأزهر وأن مصر هي مركز جماعة الأخوان المسلمين, فرغم كل ذلك, يصر الإعلام على تصدير شعارات فارغة عن الوحدة الوطنية وحرية التعبير ولا يسعنا في ذلك إلا أن نصفه بالكوميدياالسوداء, ونردد قول المتنبي: (وَكَمْ ذَا بِمِصْرَ مِنَ المُضْحِكَاتِ وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَا)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات