الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النوادي العلمانية في لبنان، مؤشر للتغيير أم عارض في موت النظام؟

فؤاد سلامة

2020 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


كيف يمكن النظر للانتصار الانتخابي للنوادي العلمانية في الجامعات الخاصة؟
أهو مجرد عارض من عوارض الانهيار الكبير للنظام الطائفي المولد للأزمات ولدورات العنف؟ عارض للمرض ولصعوبة العلاج، بل ولضرورة موت المريض، من دون أن يكون مؤشراً على إمكانية ولادة نظام جديد يعقب ذاك الموت. أليس من الأفضل ترك المريض يموت ليستفيق الأبناء على حجم المأساة، وعلى اكتشافهم أنهم لم يعيشوا في وطن ولم يكن لديهم دولة؟

أم أن هذا الانتصار هو مؤشر على ولادة جيل طال انتظاره بعد انتهاء الحرب الأهلية، حيث أن ما كنا نتصوره بداية لقيام دولة وتأسيس وطن لم يكن أكثر من وهم استمر ثلاثة عقود وما زال هناك مؤمنون بالوهم؟
هل الشباب بأكثريته أصبح مستعداً لمغادرة القمقم الطائفي؟ وهل هذا الانتقال سيأخذ عقداً من الزمن، أم أنه سيكون سريعاً نظراً لحجم الكارثة الوطنية وللضغوط الدولية على المافيا السياسية المصرفية الميليشوية الحاكمة؟

لا شك أن توالي انتصارات الشباب العلماني في كل الجامعات الخاصة هو مؤشر واضح وحاسم على صعود نخب جديدة لم تعد مهتمة بمداراة الحساسيات الطائفية بتغليف مطلب الإصلاح بشعار "الدولة المدنية" الذي يحمل في ثناياه الكثير من الأوهام والعناد الطائفي. ولكن للجامعات الخاصة صفة طبقية لا تنطبق على الصفة الطبقية للجامعة اللبنانية. الأولى هي أقلية صغيرة والثانية هي الأكثرية الكبيرة.
من المؤكد أن السماح بإجراء انتخابات طلابية في الجامعة اللبنانية سيكون أكثر دلالة في نتائجه على حجم التغيير الحاصل في أوساط الشبيبة، ويمكن توقع ألا تكون العملية ديمقراطية حقيقية بسبب سطوة القوى الطائفية وقدرتها على التلاعب بالنتائج كما في محطات كثيرة.

هناك اعتقاد راسخ بأن الوعي الطائفي لا يزال راسخاً في الأوساط الجامعية الإسلامية وأن التطور والتغيير لم يحدث بشكل مساوٍ لما حدث في الجامعات الخاصة حيث أن النخب ذات المنابت الإسلامية في تلك الجامعات تملك قدرة أكبر على الخروج من الوعي الطائفي الشقي.
وهناك اعتقاد راسخ بأن الشباب (ذكوراً وإناثاً) ذوي المنابت الشيعية والسنية بالأخص ما زالوا بأكثريتهم مناوئين للدولة الحديثة التي لن تكون مدنية وعصرية من دون أن يتم فصل الدين عن الدولة في سائر المجالات وليس فقط في البرلمان.

هل الصراع الذي حصل بين مناصري القوات اللبنانية، وهم جزء من المنظومة الطائفية الحاكمة، ومناصري الجزء الأوسع من المافيا الحاكمة، يمكن أن يفسر بأن الطرفين لهما مصلحة مشتركة في طمس وإعاقة تقدم القوى العلمانية والمستقلة الشابة؟
كثيرون من مناصري القوات اللبنانية يعتبرون أنفسهم جزءًا من انتفاضة/ثورة ١٧ تشرين، ويعتبرون أنه من الظلم لهم وضعهم في نفس الخانة مع باقي أجزاء المنظومة، وهم كانوا دائماً رافضين لشعار "كلن يعني كلن"، لأن هذا الشعار لا ينصفهم وهم الذين شاركوا بقوة في تحركات الشارع المنتفض منذ ١٧ أكتوبر ٢٠١٩.

كثيرون من المنتمين إلى صفوف القوى التغييرية والمشاركين في ساحات الانتفاضة/الثورة يصرون على وضع القوات اللبنانية في قفص الاتهام لمشاركتها في انتخاب ميشال عون رئيساً لجمهورية الفساد، ولاستمرار خطاب طائفي يصر أصحابه على أن المسلمين بأكثريتهم الساحقة لا يريدون حقيقة دولة حديثة وإنما دولة لا تطبق من الحداثة غير الديمقراطية العددية وقيام برلمان يسيطر فيه المسلمون على الدولة من دون تقديم أية ضمانات فعلية للأقلية المسيحية باحترام الحريات الذي تتمسك به من خلال إصرارها على أن يترافق إلغاء الطائفية السياسية بإقرار قوانين مدنية موحدة على الأحوال الشخصية، وضمان تحييد لبنان عن التدخلات الخارجية وتحييد السلاح المرتبط بإيران، وهم يعرفون أن جزءًا مهماً من الثوار لا يريدون إقرار تلك القوانين المدنية، ولا يريدون اليوم تحييد سلاح يعتبرونه سلاح مقاومة.

هل يتفهم الثائرون على النظام الطائفي تلك الهواجس الحقيقية والتي لا مجال لإنكارها ولا لإيجاد حلول لما تثيره من خلافات؟ وهل يتفهم مناصرو القوات اللبنانية أن الثقة بخيارات قيادتهم شبه معدومة بعد ما حصل منذ انتخاب عون رئيساً للجمهورية ومشاركتهم غير المفيدة فعلاً في الحكومات التي تلت تلك الانتخابات؟
ما هي نسبة تأييد القوى التغييرية لشروط التغيير الأساسية وأحد تلك الشروط تشكل كتلة اجتماعية وثورية كبيرة تستطيع تقديم حلول واقعية للمعضلات الطائفية التي يمكن إيجازها بأربعة:

١اعتبار تطبيق اتفاق الطائف لجهة قيام برلمان غير طائفي إلى جانب مجلس شيوخ للطوائف أمراً لا يمكن القبول به.
٢ اعتبار "السلاح" الأهلي خارج الدولة موضوعاً غير قابل للنقاش.
٣ اعتبار فصل الدين عن الدولة غير قابل للنقاش. (فصل الدين عن الدولة يؤدي لتوقف تمويل المؤسسات الدينية ورجال الدين من قبل الدولة).
٤ اعتبار تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية أمراً مستحيلاً..

هذه معضلات حقيقية قد لا يستطيع أحد تقديم حلول سريعة لها، ولكن لا مناص من الاتفاق بين التغييريين على ضرورة حل هذه المعضلات وفق خطة تدريجية يجب ألا تستغرق اكثر من ٨ سنوات، وأول الطريق يبدأ بخوض الانتخابات النيابية على أساس خارطة طريق متفق عليها بين أكثرية القوى التغييرية.
(مواطنون ومواطنات لديهم مشروع قد يكون الأكثر جدية بين الطروحات الراهنة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة