الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعار الأول والثاني والعاشر لجهاز الموساد ( أقتل اولاً ) ...

مروان صباح

2020 / 12 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


/ ولعل الجديد في الاغتيال هذا ، هو تأهيل الذاكرة التى تتمثل في عمليات سابقة ومزدحمة ، وفي كل مرة المقاصد منها هز العصا ، إذن بادئ ذي بدء ، تعترف إسرائيل بمحض إرادتها قبل أن تجبرها أي جهة على الإعتراف ، أنها دولة صغيرة وجيشها لا يستطيع الانتشار على طول الحدود كل الوقت ، وهذا الضعف ، توجب لحراس الباب استيلاد نظرية التوازن بين ما هو تكتيكي واستراتيجي ، بالفعل استطاعت بناء مؤسسات استخباراتية فاعلة وقوية وقوتها تأتي بفضل آلة الاغتيالات ، وايضاً امتازوا بإختراق الأنظمة المجاورة بأشخاص سجلوا نجاحات مذهلة أمثال جاسوسة الموساد هبة سليم التى سلمتهم خرائط منصات الصواريخ المصرية نوع سام ( 6 ) ، لهذا القاعدة الثانية بعد ( القتل اولاً ) التى يتبنها الموساد ، هي صفر أخطاء ، وكل خطاء على شاكلة إيلي كوهين ، يعتبر مصيبة على الدولة ، فمنذ إعلانها نفذت إسرائيل أكثر من 2500 عملية اغتيال خلال 70 عاماً ، ولهذا قد تجاوزت فرقة الحشاشين في التاريخ ، المعروفة بأتباع حسن الصباح ، فأصبحت بذلك العدد ، أكبر مؤسسة في التاريخ البشري تستطيع تحيد أعدائها عبر الاغتيالات وزرع رجالها ونساءها بينهم ، وبالتالي في كل عملية تستطيع إيقاف عجلة عدوها وتتقدم هي ، إذن وقبل التوسع في تلك التحولات المهنية التى طرأت على سياسات الموساد والأجهزة الاستخباراتية الرديفة ، نتوقف عند الاغتيال الأول وهو الأعلى شأناً في هذا الكوكب ، الرئيس الأسبق جون كينيدي ، يفسر الاغتيال علاقة واشنطن بتل ابيب ، بالتأكيد لم تكن يوماً ما مستقرة ، على الأقل الجانب الأمريكي ، أعتبر دائماً الإسرائيلي بالحليف المتهور ، وهذا كشفته واقعة إخفاء حيازته للقنبلة النووية التى صنعت إرباكاً واسعاً في أروقة إدارة البيت الأبيض وصانعي القرار الأمريكي ، ولأن الرئيس كينيدي آنذاك ، اعتبرها دعوة لفتح باب التسابق في منطقة الشرق الأوسط ، فدول المنطقة بالتأكيد سيسعون لامتلاك المعرفة النووية ، بالفعل بدأت مصر وإيران في إنشاء مفاعل نووية ، لكن غضب كينيدي وصل إلى مرحلة لم يتمكن رئيس حكومة إسرائيل ديفيد بن غوريون الاستمرار في منصبه ، الذي دفعه للاستقالة عام 1963م ، وبالتالي المحصلة كانت فقدان جون كينيدي حياته ، هناك تقارير تؤكد أن بن غوريون رتب مع الإتحاد السوفياتي عملية اغتيال كينيدي من خلال جندي سابق في الجيش الأمريكي والشيوعي فيما بعد ، لي اوزوالد قاتل الرئيس ، الذي عاش مدة قصيرة في موسكو وتزوج من إمرأة روسية ، بل إزدادت صحة هذا التقرير مع إقدام اليهودي جاك روبي من الأصول البولندية والمنتسب لعصابة آل كابوني الشهيرة على قتل قاتل كينيدي ، إذن كانت مصلحة الطرفين التخلص منه ، الروسي أراد إنهاء حرب فيتنام بأي شكل ، والإسرائيلي رغب بالاستمرار بمشروعه النووي دون ضغوط .

ايضاً بين أعوام 1952-1963م ، صب جهاز الموساد جام غضبه على علماء النازيين ، طاردهم بهدف التصفية قبل تمكنهم من بناء الرايخ الثالث أو الالتحاق بالبرنامج المصري الصاروخي ، ولأن ارائيل شارون ، الملقب بالبلدوزر ومؤسس لغة التمرد بين الضباط العسكريين ، رسخ عقيدتين في أوساط هذه المؤسسات ، الأولى كان يرددها بين جدران غرف عمليات الجيش ، ( لا تنظروا للمستوى السياسي ليقولوا لكم ما الذي يجب فعله ، لقد قدمنا خططنا إيماناً أننا ندافع على دولة إسرائيل ، ونفذنا خططنا ) ، العقيدة الأخرى ، ( كان ينصح كل رجل عسكري أو أمني أو حتى سياسي ، يقوم بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية أو يستقبل ضيف أمريكي في إسرائيل ، ضرورة الابتعاد عن الخوض بالسجال والمجادلة ، فيقول لا تجادلهم ابداً ، أبدي تفهمك ومن ثم أفعل ما تشاء ) ، إذن مازالت الحرب منذ سبعين عام قائمة والانتصارات التكتيكية على قدم وساق وأهداف إسرائيل الرئيسية تتحقق عبر الاغتيالات ، والهدف اليوم منها هو وقف المشروع النووي الإيراني من خلال شطب العلماء الذي سيفقد إيران نقل المعرفة بشكل مريح أو مواكبتها ، تماماً كما حصل مع مصر والعراق ، وايضاً بالضغوط الاقتصادية والمواجهة السياسية والدبلوماسية وتشجيع المعارضة بالتحرك في الداخل والخارج ، جميعها تفقد الآخر التركيز وتشتت جهوده ، وهنا نلاحظ كيف استطاع التكتيك تفكيك دول مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا وإستبدلهم التفكيك بقوى مليشياوية تتقاتل بين بعضها ، بل أثناء نظام البعث العراقي ، قام الموساد بسلسلة اغتيالات للعلماء النوويين العراقيين ونجح في تحييد الكثير منهم لكن صدام حسين كان يجد البديل على الدوام ، ومع الضغوط وتحريض واشنطن والتحرك الدبلوماسي ، أعترف إسحاق حوفي رئيس الموساد وقتئذ بفشله في تعطيل البرنامج العراقي ، وتقدم لمناحيم بيغن مؤسس حزب الليكود وسادس رئيس للوزراء ، بآسفه ، بعد قوله لقد فعلنا كل شيء ممكن صنعه ، لكن أخفقنا في ايقافه والأمر مترك لك .

بعد المعارك الاستخباراتية بين الثورة الفلسطينية والموساد التى خاضها الطرفين فوق الأراضي الأوروبية وفي امريكا اللاتينية ، يتساءل المرء اذا جاز له احتساب الحصيلة ، من هو الطرف الذي عاد بخفي حنين كما تقول العرب ، بل الموساد كمؤسسة استخباراتية حذفت من قاموسها الكسل الذهني ، ففي كل مرحلة كانت تتطور والآخرين يراوحون مكانهم أو يتراجعون ، لقد أدخل عامي أيالون رئيس الشين بيت إصلاحات جوهرية على الجهاز ، تبنى التكنولوجيا والتى بفضلها تحولت شيء أساسي في الرصد والتتبع والاختراق ، وبالتالي المرحلة ما بعد عملية ميونيخ التى نُفذت من قبل أعضاء جهاز للأمن الموحد الفلسطيني والتى صنفت بالقاسية ، كانت العملية الأخيرة بالأهمية والتأثير ، لأن بعدها تمكن الموساد من تصفية معظم الأشخاص الجذرين في لبنان أو أماكن مختلفة ، القائمة طويلة أدت إلى هزيمة ساحقة ، خسرت الثورة رقماً قياسياً باهظاً ، لا سابقة له ، لقد تمكن الموساد مع أجهزة أخرى ، معالجة بالحد الكبير للاختراقات الأمنية ، بالفعل أنهت تماماً مشروع حركة فتح واستطاعت عبر الاغتيالات نزع الروح الندية التى كانت تتمتع بها ، ايضاً في جانب آخر ، تمكنت هذه الأجهزة اغتيال جميع رؤوس المدبرة للعمليات التفخيخية ، وبالتالي كانت عقيدة الشين بيت هي تصفية القيادات وترك أحزمة التفجير مع الأشخاص العاديين ، وهذا أستدعى حتى الآن إلى قتل 30 % من 700 شخص كانوا أخذوا على عاتقهم تجنيد وشحن المنفذين ، لقد شُلت العمليات تماماً ، كما أن الموساد والشين بيت ، لم يتأخران يوماً ما بتنفيذ إعدامات ميدانية تماماً كما حصل مع الحافلة 300 في عام 1984م ، تم إعدام شخصين دون مقاومة من الأربعة الذين خطفوا الحافلة، بل إسرائيل تدرك للفارق بين التنظيمات العلمانية والأخرى الإسلامية ، لأن الأخيرة مصيرها ليس مرتبط بقياداتها وليس لها حدود يمكن إخضاعها ، وهذا جعل شارون مرة أخرى ، تكليف مئير داغان لإعادة تبني مشروعه الذي قاده في قطاع غزة بالسبعينيات من القرن الماضي ، والذي انعكس ذلك على ضخ دماء كثيفة في قنوات العمليات الخارجية ، وبالأخص كانت إيران على قائمة الدول .

وقد يصلح الإطلاع إلى نهايات هامة ، يمكن إطلاق عليها ، برد الأهلية ، صحيح جاء هذا الاستحقاق متأخر ، لكنه حقيقي ، وعلى الرغم أن هناك مقولة يتداولها قيادات الأمنيين في إسرائيل عن نتنياهو ، رئيس الحكومة الحالية ، على أنه غير مقامر وقلبه ضعيف وجبان ، من الصعب انتزاع موافقته على أي عملية إلا إذا كان يضمن نجاحها مئة بالمائة ، لكن الوقائع على الأرض تشير أنه يحذو حذو شارون مع فارق مهم ، فالرجل لا يقترب حتى الآن من الشخصيات السياسية ، ويقيم وزن للأمريكان ، ولا يخطو خطوة إلا بموافقتهم ، وهذا تماماً يتعارض مع نهج شارون في الأسلوب لكنهما متوافقين بالتكتيك والاستراتيجية والأهداف ، وفي مراجعة بسيطة سيجد المراقب ، كافة الأجهزة الأمنية كما السياسيين وايضاً العسكريين ، إن كانوا في داخل إسرائيل أو أمريكا معاً ، رفضوا أغتيال ياسر عرفات ، لكن شاورن في جميع المراحل حاول وكان لديه إصرار شخصي على صنع ذلك ، بل في واقعة تاريخية وساعة مغادرة الثورة الفلسطينية من لبنان عام 1982م ، أستطاع القناص الإسرائيلي إلتقاط صورتين لعرفات ، الأولى عندما خرج من سيارته في المرفاء والأخرى أثناء صعوده إلى الباخرة ، وأرسلتا إلى المندوب الأممي فيليب حبيب ، لإظهار له مدى التزام مناحيم بيغن بوعده ، بعدم قتله الذي جعل شارون أن يستشاط غضباً .

ما يجري في الشرق الأوسط / العربي والإسلامي ، هو ليس مؤشر على أن دول هذه المنطقة تعيش مرحلة اضطرابات متهالكة فحسب ، بل هو دليل على فراغ القاموس من مصطلح المواجهة الحقيقية ، فجميع أعداء إسرائيل لم يستفيدوا ابداً من التجارب السابقة ، يكررون الأخطاء ذاتها وهذا هو سر نجاح الموساد ، بل كما يبدو ، أغلب حلقات صانعو القرار ، باتوا مقتنعين أم مضطرين أو مغرمون على التعامل مع الواقع ، فاليوم يعاد تكرر باغتيال فخري زاده العالم النووي الايراني بذات الطريقة التى اغتيل بها أبوحسن سلامة ( علي سلامة ) ، مؤسس ومسؤول جهاز 17 الفلسطيني في لبنان ، فعندما كُشف أمر كوهين في سوريا بدأ الموساد بالبحث عن بديل آخر ، فوجد شخصية سورية مغتربة وهو تاجر لكنه متوفي ، انتحل الموسادي شخصية السوري وذهب إلى دمشق ومن ثم إلى بيروت ، وأقام في الفندق الذي يتردد عليه علي سلامة يومياً ، ومن خلال قاعة اللياقة الرياضية تمكن من إقامة علاقة وثيقة معه ، وفي مقابلته مع القناة الإسرائيلية قال بالحرف ، أنه كاد يفتن بابوحسن ، لكنه استحق القتل ، على الرغم أنه كريماً ورجلاً وقوياً وذكياً ومثقفاً ، وايضاً على الرغم من أن محمد داوود عودة ابو داوود مخطط والمنفذ الأول لعملية ميونيخ ، نفى بشكل قاطع في حلقات قناة الجزيرة ضلوع علي سلامة من قريب أو بعيد بالعملية ، لكن تبقى الأسباب الحقيقية وراء تصفيته لا يعرفها سوى القاتل ، ربما أزعجهم بعلاقاته الوطيدة مع رجال وكالة السي أي إيه أو علاقته بحزب الكتائب التى أنهت الاقتتال الداخلي .

ولعل المعنى الأول والأخير لهذا السرد ، هو التذكير البسيط والمفيد معاً ، للعوامل التى تساهم في إبقاء على قيد الحياة ، اولاً ، قياس القوة وليس المناطحة الكلامية ، بل بعد سلسلة اغتيالات للعلماء وايضاً للمسلسل الطويل من الهجمات الجوية التى قتلت العديد من الشخصيات العسكرية أو الأمنية أو حتى الشخصيات الروحية أمثال الشيخ ياسين أو عباس الموسوي وغيرهم ، فإن إيران تقف أمام ممارسات قبيحة وأخرى تأديبية لقوة متفوقة في المجال العسكري والأمني والاقتصادي والتحالفات ، تؤمن بأنها أمام جهة فارغة ومُضطردة ومضجرة ، لا تخوض حرب على الأرض ، ولا حرب نجوم ، ولا حرب استخباراتية ، بل تكتفي في كل مرة بنفض غبار الضربات التى تتلقاها ، وبالطبع إذا أستمر حالها على هذا المنوال سيكون مصيرها كما كانت خاتمة البعث في العراق ، أي أن بعد استكمال عمليات الاستنزاف التى يقودها الموساد ، سيكون القرار النهائي بيد الجهات السياسية ، لهذا الوقوع بالخطاب المتضخم احياناً أو الهستيري أطواراً ، يفقد الخطيب الحقيقة ويستدرجه إلى المواجهة بعد إفقاده عناصرها ، قد سبقه إليها غيره والنتيجة معروفة مسبقاً . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير