الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاي والقهوة والفن والتاريخ في مقهى أم كلثوم بوسط القاهرة

أحمد موسى قريعي
مؤلف وكاتب صحفي سوداني

(Ahmed Mousa Gerae)

2020 / 12 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إن متعة الجلوس على أحد "قهاوي" القاهرة الكلاسيكية لا تضاهيها أي متعة، فالمقاهي في "مصر المحروسة" ليست مكانا لاحتساء الشاي أو أخذ رشفات من "قهوتك" المفضلة، وإنما هي جزء أصيل من التراث المصري والذي ساهمت السينما المصرية في نقله إلى العالمية.
فالمقهى في مصر مكانا لتناول الشاي والقهوة، وتبادل الأحاديث السياسية والثقافية والفنية، وأحوال المحروسة بصفة عامة. بل هنالك "مقاهي" يتجاوز عمرها "عمر" بعض الدول مثل "قهوة الفيشاوي" التي تطل على "سيدنا" الإمام الحسين.
مقهى أم كلثوم أصل الحكاية
يقع مقهى أم كلثوم على شارع البطل "أحمد عرابي" المتفرع من شارع الفرعون المصري "رمسيس" أمام سينما "كايرو" التي كانت في السابق مسرحا، خلف شارع "الألفي" في منطقة "التوفيقية" بوسط القاهرة الخديوية.
مقهى أم كلثوم في الأصل كان اسمه "مقهى توفيق" نسبة لشارع الخديوي توفيق (عرابي حاليا) الذ يقع فيه المقهى، أسسه "الحاج عبد العزيز" سنة (1936م)، ثم أخذ اسمه الحالي في العام (1948م) عندما جلست به "الست" أم كلثوم لتناول "فنجان قهوة" عند عودتها من "بروفة" بدار الأوبرا الخديوية التي تم تأسيسها سنة (1869م) واحترقت في 28 أكتوبر سنة (1971م).
في أول الحكاية طلب "الحاج عبد العزيز" من السيدة أم كلثوم أن يخصص لها "ركنا" في المقهى يحمل اسمها، فكانت أم كلثوم تمر على المقهى وتجلس في ذلك الركن عندما تأتي لمكتب الموسيقار "محمد عبد الوهاب" في العمارة رقم (55) على نفس الشارع، أو أثناء زياراتها لشارع "عماد الدين" قبلة الفن والفنانين في ذلك الزمان.
ثم جاءت مرحلة "إطلاق" اسم الست على "كل" المقهى، وذلك عندما استأذنها الحاج عبد العزيز بإطلاق اسمها على "قهوته".
ومنذ تلك اللحظة التاريخية ما زالت روح "الست" أم كلثوم تسكن هذا المقهى ولا تفارقه "طرفة عين" إلى يومنا هذا، بل تحلق في كل أركانه وجنباته تصدح وتشدو بأغانيها الخالدة (صباح مساء).
نظرا لقرب المقهى من شارع "عماد الدين"، وشركات الإنتاج السينمائي والفني، فقد كان "مقصدا" لنجوم المسرح والسينما والغناء أمثال شرير السينما "توفيق الدقن".
بل أن فرقة "الست" أم كلثوم بأكملها كانت تجلس على هذا المقهى، ولو قُدر لك أن تعيش في زمان "الست" لرأيت بعينك "طوابير" الناس يصطفون على "رصيف" شارع عرابي في ساعات متأخرة من الليل ينتظرون قدوم سيدة الغناء العربي أم كلثوم.
وصف مقهى أم كلثوم
يتكون مقهى أم كلثوم حاليا من (4) طوابق بعضها فوق بعض، على عكس ما كان عليه في السابق حيث كان يتكون من "طابقين" فقط.
يجلس في الطابق الأول عادة "كبار السن"، بينما "خُصص" الطابق الثاني "ذي الإضاءة الخافتة" لفئة الشباب.
أما الطابق الثالث فقد تم تصميمه على الطراز العربي القديم، وأكثر عشاقه ورواده الأجانب، وبعض السياح العرب. وأما الطابق الرابع والأخير فهو عبارة عن "سطح المقهى" يجلس عليه من يريد الاستماع بالهواء الطلق خاصة في ساعات الليل المتأخرة، وبالطبع لا يخلو أيا من الطوابق الأربعة من صورة للسيدة أم كلثوم.
مقهى أم كلثوم متحف الفن المفتوح
عند دخولك المقهى ستجد نفسك كأنك داخل متحف فني يعود إلى مئات الأعوام، أو كأنك في مكان يضم مقتنيات كوكب الشرق "الست" أم كلثوم.
فتحس بأنك ترحل بعيدا إلى ليالي القاهرة وعماد الدين وحديقة الأوزبكية، حيث تلتقي بأهرامات مصر الفنية.
أول ما تدخل إلى المقهى وفي أذنك "صوت الست" ترى لوحة "موزعة" على يمين وشمال بوابته مكتوب عليها قصة "تأسيسه" وصورا لكوكب الشرق تزينه وتزيده جمالا وألقا.
ثم تجد "تمثالا" نصفي لأم كلثوم يتوسط المقهى، وتجد على "حوائطه" وجدرانه عشرات الصور ذات الحجم الكبير للسيدة أم كلثوم مع كبار السياسيين والفنانين ومشاهير المجتمع المصري والعربي.
وهناك على جنبات المقهى لوحات كبيرة من النحاس تم تزينها بنقوش بارزة لصورة أم كلثوم، وبعض الآلات الموسيقية كآلة العود.
وهنالك أيضا لوحة كبيرة مسجل عليها تاريخ سيدة الغناء، وأشهر أغانيها، كما توجد لوحة جدارية لها وهي تمسك "بمنديلها" المشهور.
ويوجد في المقهى "ركن" يحتوي على عدد من الصور الفريدة التي تجمعها بمشاهير الغناء كفريد الأطرش وصباح وفيروز وعبد الحليم حافظ وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.
كلما تتأمل جدران المقهى ستجد نفسك تجلس في "متحف أم كلثوم" وليس مقهى يحمل اسمها، فستجد مجموعة كبيرة من ذكريات "الست" مع أدباء وكتاب ومطربي ذلك الزمان.
فهناك صورة لها مع الأديب الكبير "توفيق الحكيم" وتلك صورة لها مع الزعيم "جمال عبد الناصر" وثالثة ورابعة.
ولكن أهم صورة بالمقهى للسيدة أم كلثوم هي صورتها الشهيرة وهي تغني أغنية "أنت عمري" التي جمعتها بمحمد عبد الوهاب في "لقاء السحاب" بعد قطيعة فنية طويلة.
ويحتوي المقهى أيضا على صورة مرسومة للموسيقار "بليغ حمدي" وهو يدندن على عوده، وصورة لوالد أم كلثوم الشيخ "إبراهيم البلتاجي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل