الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
البداية من القمة ( 10 )
آدم الحسن
2020 / 12 / 14مواضيع وابحاث سياسية
من خلال نظرة سريعة لتاريخ الإمبراطوريات الصينية القديمة نجد أن كل امبراطوريه من هذه الإمبراطوريات كانت عبارة عن مجموعة دويلات و لكل دويلة الكثير من امكانيات التسيير الذاتي لأمورها الداخلية , فلكل دويلة حاكمها و حكومتها المحلية و لديها استقلالها المالي و الإداري و شرطتها المحلية و حتى القضاء كان يختلف بعض الشيء من دويلة الى اخرى لكن هذه الدويلات كانت بحاجة شبه دائمة لبعضهم البعض فيدفعون نسبة من ايراداتهم للمركز المتمثل بالإمبراطور الذي كان المنسق العام للمصالح المشتركة للدويلات الخاضعة لسلطته و هو الحامي لهم من الأعداء القادمين من خارج سور الصين العظيم .
فالأنظمة التي نسميها في عصرنا الحالي بالنظام اللامركزي و الفدرالي و الكونفدرالي و غيرها من هذه الأنظمة كانت موجودة بشكلها الصيني في الإمبراطوريات الصينية القديمة لذا فالصين الحديثة ليست بحاجة لاقتباس شكل من اشكال الإدارة الذاتية اللامركزية من الغرب الأمريكي او الأوربي لتنظيم و أدارة شؤونها الداخلية فلديها موروث تاريخي كبير في هذا المجال .
لابد من الإشارة هنا الى أن الحزب الشيوعي الصيني لا يؤمن بمبدأ حق تقرير المصير اذ لو انه اعتمد على هذا المبدأ لما عادت هونغ كونغ من بريطانيا و مكاو من البرتغال الى السيادة الصينية و لكانت هنالك دولة اسمها التبت مستقلة عن الصين و ربما انفصلت مقاطعات اخرى و لكانت مساحة الصين اقل من نصف مساحتها الحالية .
نهج الحزب الشيوعي الصيني , في ما يخص وحدة اراضي الصين , منذ انتصار ثورته و سيطرته على العاصمة بكين بقيادة زعيمهم الراحل ماو سنة 1949 و لحد الآن يشبه الى حد كبير نهج اباطرة الصين عبر التاريخ لذلك نرى الحدود للدولة الصينية التي رسمها قادة الصين الشيوعية هي نفسها حدود الإمبراطورية الصينية القديمة حين كانت في اوج قوتها حتى أن الصين الشيوعية اعتمدت نفس الأسماء القديمة للمقاطعات مع المحافظة , قدر الإمكان , بالحدود الإدارية التي كانت سائدة في تلك الإمبراطورية .
المتشددون من قادة الحزب الشيوعي الصيني بقيادة زعيمهم ماو استخدموا القوة العسكرية لبسط سلطة الدولة الصينية على كامل البر الصيني لكن التيار الإصلاحي لهذا الحزب بقيادة دنغ شياو بينغ اعتمدوا اسلوبا جديدا في بسط سلطة الدولة الصينية على الأجزاء المتبقية حيث استندوا على رصيد الصين الثقافي و الحضاري و ابتدعوا نمطا جديدا من هذه الإدارة الذاتية اللامركزية هو (( نظامين في دولة واحدة )) حيث طبق هذا النمط الجديد على دويلة هونغ كونغ عند عودتها الى السيادة الصينية بعد انتهاء عقد ايجار المملكة البريطانية المتحدة لهذه الجزيرة الذي دام حوالي القرن .
تتمتع دويلة هونغ كونغ الآن بنظام ليبرالي مقتبس من الغرب و تعددية حزبية و حقوق يتمتع بها المواطن الهونغ كونغي لا يتمتع بها مواطن البر الصيني من حق الأضراب و التظاهر و الاحتجاج و تأسيس الأحزاب و الحركات السياسية و انتخابات تجري وفق النمط الليبرالي الغربي بالإضافة الى أن لهونغ كونغ نظامها المالي الخاص بها و عملتها المحلية ( الدولار الهونغ كونغي ) و حكومتها و شرطتها المحلية و مع كل هذا فهي الآن ضمن السيادة الصينية .
تجربة نظامين في دولة واحدة حقق بعض النجاحات المهمة مع مشاكل ليست بالقليلة لكن الصينيين هم هكذا يطبقون الحكمة التي تقول :
مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة .
امر مشابه (( نظامين في دولة واحدة )) تم تطبيقه ايضا لإعادة اندماج مكاو بالدولة الأم ( الصين ) بعد انتهاء الاحتلال البرتغالي لها .
.
و أمر مشابه آخر تنوي الصين اعتماده لدمج تايوان بالدولة الأم .
اما السياسة الخارجية للصين بعد سيطرة الإصلاحيون المعتدلون على مقاليد السلطة فيها فقد اصبحت غير معنية بتصدير الثورة و لا بدعم حركات التحرر الوطني لشعوب العالم الأخرى فهي بكل بساطة و وضوح سياسة براغماتية غير ثورية من مهامها الكبرى صعود الصين للقمة و عودة تايوان للسيادة الصينية حتى أن الرئيس الصيني الحالي قد قال : ستعود تايوان للسيادة الصينية حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة العسكرية ... !!
قد يكون تهديد الرئيس الصيني باستخدام الحل العسكري لاستعادة تايوان جزءا من الحرب النفسية الا انه يدل دون ادنى شك على اهمية هذا الأمر و تأثيره على سياسة الصين الخارجية و اسلوب تعاملها مع الدول الأخرى لذلك نرى أن عدد الدول التي تعترف بتايوان كدولة مستقلة هو في تناقص مستمر و ما الغاء بنما اعترافها بدولة تايون بعد تلقيها الدعم الاقتصادي من الصين لتطوير و توسيع موانئها الا دليل على جدية السياسية الخارجية للصين بموضوع عودة تايوان للسيادة الصينية .
(( يتبع ))
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مقتل عشرات العسكريين السوريين في غارات إسرائيلية على حلب
.. بوليتيكو: البنتاغون في -محادثات مبكرة- لتمويل قوة حفظ سلام ف
.. رغم استمرار خطر الهجمات.. النازحون الفلسطينيون يريدون العودة
.. رئيس الأركان الأميركي: إسرائيل لم تتسلم كل الأسلحة التي طلبت
.. بحضور أوباما وكلينتون.. بايدن يجمع 25 مليون دولار لحملته الا