الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيش لحماية الوطن ام لقمع المواطن ؟

حواس محمود

2020 / 12 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


تبدو الحاجة ملحة الآن لدراسة أسباب انتكاس ثورات الربيع العربي ، من الضرورة بمكان البحث في العوامل الأساسية والهامة في هذا الانتكاس ، لعل الجيش المفترض فيه أن يكون المؤسسة الوطنية القوية والدرع الحامي للوطن والمواطن ، لكن للأسف فإن الجيوش العربية ابان انطلاق الثورات العربية لعبت دورا سلبيا كبيرا وضارا جدا ، اثر على مجمل التحولات في المنطقة العربية ، وهنا علينا ان نحدد ونخصص حتى لا يكون كلامنا عاما ومطلقا ، فالجيش في مصر وتونس كان متماسكا اكثر تجاه تحولات الربيع العربي مقارنة بباقي دول الربيع العربي ، واستطاع ان يحافظ ولو نسبيا على توازنه بحيث سقط الحاكم وبقيت الدولة ، رغم استئثار أصحاب الرتب العسكرية على السلطة وحصول الانقلاب على رئيس الدولة وبالتالي على الديموقراطية في مصر ، الا ان الحالة تختلف في اليمن وليبيا وسورية ، اذ ان الجيش في كل من ليبيا واليمن له طابع العصبوية القبلية ، اما في سورية فله طابع العصبوية الطائفية ، وهذا اثر على مسار نجاح الثورات العربية ، ففي ليبيا استخدم معمر القذافي الجيش بأقسى ما استطاع ، ولعل تحرير بنغازي من سلطة الجيش ساهم في خلق منطقة آمنة واستجر تدخلا دوليا ، لكن بقي النزاع مستمرا في ليبيا بسبب التركيبة القبلية للشعب الليبي والتدخلات الدولية السلبية غير الراغبة في تحول ديموقراطي في ليبيا .
وفي اليمن حدث أمر مشابه لكن بقمع اقل اذ حدثت الانشقاقات وانقسم الجيش الى فريقين متصارعين
وفي سورية استخدم النظام الجيش وبخاصة القوات الجوية بعد أن فشل في قمع الثورة السورية بواسطة الامن والمخابرات ، واستفاد من طائفية الجيش اذ تركزت القيادات الرئيسية للجيش بيد أفراد من الطائفة العلوية منذ ان استلم حافظ الأسد السلطة الى يومنا الراهن ، وكان هو بذلك يحسب حسابه مسبقا ، وذلك تحسبا لثورة او انتفاضة كما حدث في 15 مارس اذار 2011 أي الثورة السورية التي هزت اركان النظام وكادت ان تسقطه لولا الدعم الإيراني العسكري والمادي والبشري والميليشيات العراقية واللبنانية – حزب الله – والافغانية وغيرها ، وأيضا الدعم المادي والعسكري والبشري من قبل روسيا وبخاصة في نهاية سبتمبر أيلول 2015 – عندما تدخلت بشكل سافر ومباشر في سورية - وكانت النتيجة مقتل حوالي مليون من السوريين وتشريد حوالي عشرة ملايين ، وكان لهذا الجيش تجربة قمعية أخرى سابقة ضد الشعب في أوائل الثمانينات وتحديدا في مدينة حماة اذ راح ضحية ذلك القمع حوالي ثلاثين الف قتيل على الأقل وعدد كبير من السجناء وتشريد الالاف الى خارج سورية
الجيش كمؤسسة من المفترض ان يكون مهمته الأساسية الدفاع عن الوطن حين تعرض ابنائه لاعتداء خارجي، تدخل إقليمي او دولي او هجوم دولة عدوة .. الخ ، لا أن يستخدم لمهمات أمنية قاسية جدا ضد الشعب ، الجيش هو المؤسسة التي تحمي الدولة من الانهيار ، لا المؤسسة التي تستخدم لتمزيق الجيش نفسه والاجهاز على البنى التحتية وقمع الشعب ، وبالتالي انقسام الجيش وانهياره وتحوله الى ميليشيا ، بحيث يتحول البلد الى صراع ميليشيات متصارعة وصراع مصالح قوى إقليمية ودولية مختلفة ، بحيث تتعقد الحالة وتستعصي على الحلول الوطنية السليمة كما في الحالة السورية

ويمكن التأكيد على حقيقة ساطعة تقول : لم تكن الانشقاقات التي حصلت في سورية اعتباطية او رد فعل طائفي على سلوك النظام وحسب ، انما كان الرد الموضوعي على استخدام الجيش في مهمة غير وطنية ، وهي الاعتداء على الشعب الذي ينتمي أبناؤه الى هذا الجيش نفسه ، إلا ان استلام أبناء الطائفة العلوية للمناصب العليا و الهامة والحساسة في الجيش وبخاصة سلاح الجو – كما ذكرنا انفا – أدى الى قمع الشعب وتشريده وتعريضه للاعتقالات والقتل والتعذيب وشتى صنوف الدمار الناتج عن الحروب وبخاصة حرب الوكالة في سورية ، اذ تم اطلاق يد الميليشيات الطائفية بوجه الشعب السوري ما أدى الى وصولنا الى الحالة المأساوية الراهنة ، وكل هذا بمباركة إقليمية ودولية واضحة المعالم والتجليات

.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة