الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميدان وتمثال مصطفى كامل وحكاية بدروم سوارس

أحمد موسى قريعي
مؤلف وكاتب صحفي سوداني

(Ahmed Mousa Gerae)

2020 / 12 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كثيرة هي حكايات وسط البلد، فهنالك حكايات الأماكن والشوارع، وهنالك حكايات التماثيل والميادين، فلكل شارع من شوارعها، ولكل تمثال من تماثيلها حكاية، وحكاية اليوم هي حكاية "تمثال" الزعيم "مصطفى كامل" صاحب المقولة الخالدة (لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا).
لمحات من قصة حياة الزعيم مصطفى كامل
34 عاما فقط هي كل حياة الزعيم "مصطفى كامل" لكنه ترك فينا شعلة الوطنية التي أوقدها بفكره السياسي والثقافي، وأشعلها بمبادئه وكفاحه ونضاله من أجل الحرية، وجلاء الاستعمار.
ولد مصطفى كامل في 14 أغسطس سنة (1874) وتوفي في 10 فبراير سنة (1908)، هنالك اختلاف حول مكان ولادته، فبعض الروايات يقول إنه ولد بقرية "كتامة" إحدى قرى مركز "بسيون" التابع لمحافظة الغربية، وبعضها يقول ولد بحي "الصليبة" أحد أعرق أحياء القاهرة المملوكية.
ولفض هذا الاشتباك التاريخي أرى أنه ولد في قرية "كتامة" وهاجرت أسرته إلى القاهرة وهو صغير واستقرت في حي "الصليبة".
تلقى تعليمه الابتدائي في أكثر من مدرسة، ودرس المرحلة الثانوية بالمدرسة الخديوية أفضل مدارس عصره، في هذه المدرسة تفتح وعيه السياسي ونما حسه الوطني، وزادت ثقته بنفسه، ورسخ ايمانه بقضية بلده.
فأسس جمعية "الصليبة الأدبية" التي كانت عبارة عن شعلة وطنية متقدة، وأتبعها بجمعية أخرى هي "جمعية الاعتدال".
التحق كامل بمدرسة الحقوق سنة (1891) التي تركها في العام (1893) ليلتحق بمدرسة الحقوق الفرنسية، ثم حصل على شهادة الحقوق من جامعة "تولوز" الفرنسية.
الزعيم مصطفى كامل إلى جانب اهتمامه وولعه بالسياسية فهو كاتب وأديب له القدرة فائقة على الكتابة الإبداعية الأدبية، والكتابة السياسية، فقد كتب مسرحية "فتح الأندلس" التي تعتبر أول مسرحية مصرية، كما كتب في عام (1898) كتاب "المسألة الشرقية" أحد أهم الكتب في تاريخ السياسة المصرية، وفي سنة (1899) أصدر جريدة "اللواء" اليومية التي توقفت عن الصدور سنة (1901).
وفي عام (1905) جمع كل "خطبه السياسية" وأصدرها في كتاب حمل عنوان "المصريون والإنجليز"، وفي سنة (1907) أسس "الحزب الوطني".
أشهر أقوال مصطفى كامل المأثورة
للزعيم مصطفى كامل أقوال ومقولات خالدة ما زلنا نستدعيها حتى هذه اللحظة، أو عند المواقف المشابهة ومن أشهر تلك الأقوال ما يلي:
1/ لو لم أكن مصريا لوددت أكون مصريا.
2/ أحرارا في أوطاننا، كرماء مع ضيوفنا.
3/ الأمل هو دليل الحياة والطريق إلى الحرية.
4/ لا يأس مع الحياة ولا معنى للحياة مع اليأس.
5/ إني أعتقد أن التعليم بلا تربية عديم الفائدة.
6/ إن الأمة التي لا تأكل مما تزرع وتلبس مما لا تصنع أمة محكوم عليها بالتبعية والفناء.
7/ إن مصر للمصريين أجمع وعلى حامل اللواء أن يجد ويجتهد حتى ينصهر داخل العمل الوطني فلا تستطيع أن تقول إلا أنه جزء من الشعلة.
قصة حكاية ميدان وتمثال مصطفى كامل
تمتلئ ميادين القاهرة بشكل عام، والقاهرة الخديوية بشكل خاص بالتماثيل لمشاهير الشخصيات المصرية في مجالات السياسة والثقافة والفن والاقتصاد، وكما لكل شخصية من تلك الشخصيات حكاية أو قصة كفاح أو نضال طويلة، فإن للتماثيل كذلك حكايات وقصص لا تخطر على بال أحد.
لعلك تمر يوميا من أمام تمثال زعيم الوطنية مصطفى كامل ولكنه لا يخطر بذهنك ما هي الأسرار والحكايات التي يخفيها هذا التمثال.
ميدان مصطفى كامل هو ميدان صغير يقع بين مجموعة من "العمارات" والبنايات العريقة ذات التاريخ الطويل، عند تقاطع شارع "محمد فريد" مع شارع "قصر النيل بمنطقة وسط البلد، ويتوسط الميدان تمثال "مصطفى كامل".
ميدان البدروم – سوارس – مصطفى كامل
تعود حكاية ميدان مصطفى كامل والذي كان اسمه "البدروم" ثم "سوارس" إلى بداية تأسيس القاهرة الخديوية التي أسسها الخديوي إسماعيل باشا لتكون قطعة من أوربا، وتقول الحكاية بعد اكتمال كل المباني والميادين والشوارع في العاصمة الإسماعيلية الجديدة تبقت مساحة حول موقع الميدان الحالي، ففكر الخديوي أن يحولها إلى مضمار لسباق الخيل، فطلب من أحد المهندسين السويسريين تنفيذ هذا المضمار.
عندما اكتمل العمل أُطلق عليه "ميدان الهييبدروم" وهي كلمة يونانية قديمة تعني "مضمار الخيل"، وبمرور الوقت أجبرت هذه اللفظة "المصريين" أن يطلقوا على الميدان اسم "البدروم".
ثم جاءت عائلة "سوارس" اليهودية واشترت أرض الميدان، وأنشأت فيها "قصرا" وكان ذلك سنة (1900) تقريبا فأخذ الميدان اسم "سوارس" ثم تهدم القصر وبُنيت مكانه "عمارة" بنفس الاسم ما زالت قائمة إلى يومنا هذا، وظل الميدان محافظا على اسمه إلى وضع في سنة (1940) تمثال للزعيم مصطفى كامل فأخذ الميدان اسمه إلى اليوم.
مر تمثال مصطفى كامل حتى يستقر في مكانه هذا برحلة طويلة واجهتها بعض الصعوبات، فبعد وفاة مصطفى كامل سنة (1908) ظهرت أصوات تنادي بتخليد ذكراه بوضع تمثال له على أحد ميادين القاهرة.
فتم عمل "اكتتاب" عام لجمع الأموال الخاصة بنحت التمثال، ثم قام الزعيم "محمد فريد" بالاتفاق مع النحات الفرنسي "ليوبولد سافين" ليقوم بنحت التمثال، فقام "سافين" بنحت تمثال مكون من قطعتين منفصلتين، العليا وتمثل صورة مصطفى كامل في ملابسه الرسمية واقفا كأنه يلقي أحد خطبه السياسية، ومستندا بيده اليسرى على القطعة الثانية والتي هي عبارة عن تمثال مصغر لـ "أبي هول" ويشير "بسبابته" اليمنى إلى مستقبل مصر.
وصل التمثال مصر سنة (1913) ولكن الملك فؤاد رفض وضعه في أي ميدان من ميادين مصر، فتم تخزينه لمدة (27) عاما في فناء مدرسة مصطفى كامل في حارة "برجوان" بالقرب من شارع المعز بالقاهرة الفاطمية.
في سنة (1936) مات الملك فؤاد، فقرر مجلس الوزراء المصري بالإجماع وضع التمثال على قاعدة كتب عليها تاريخ ميلاده ووفاته وبعض الكلمات المشهورة له في "ميدان سوارس" ليصبح اسمه ميدان مصطفى كامل منذ سنة (1940).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو