الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسخ كرد فعل ضد علاقات الاستغلال من خلال رواية تحت عنوان التحول لكافكا .

حسن ابراهيمي

2020 / 12 / 15
الادب والفن


تعتبر رواية تحت عنوان التحول لفرانتس كا فكا من بين أهم الروايات التي عبرت عن رد فعل السارد ضد علاقات الاستغلال السائدة في المجتمع الالماني ,ذلك ان السارد فضل منذ بداية الرواية أن يمسخ شخصية غريغور ,الشخصية الرئيسية داخل النص الروائي بتحويلها إلى حشرة .
وخلافا للأساطير العربية والاجنبية ,والقصص ,والروايات التي ورد فيها المسخ حيث يتضح أن هناك قوة قاهرة ,وبهدف ما تحول الشخصية القصصية من صفة الى أخر ى ,ورد المسخ في رواية كافكا دونما معرفة القوة القاهرة التي كانت من وراء هذا التحول .
لكن مباشرة بعد الاستمرار في قراءة مضامين الرواية يتضح ان لهذا التحول اسباب نختزلها في سببين .
1 1 علاقات الاستغلال السائدة في المجتمع
2 2 ما ترتب عن هذه العلاقات من تربية اسرية مبنية على العنف .
من هذا المنطلق يتضح أن السارد أراد فضح هذه العلاقات من خلال تحويل شخصية غريغور الى حشرة ,ويتمظهر المسخ من خلال تعابير جمل ,ومفردات وردت ضمن هذا النص الروائي نذكر منها " الحشرة , القوائم " وغيرهما , هذا على أن شخصية غريغور بعد مسخها لزمت الغرفة في منزل اسرته ,ولعل لذلك دلالات سوف نذكر البعض منها فيما يلي :
أعتقد بأن لزوم الغرفة من قبل هذه الشخصية بعد تحولها من صفة انسان الى صفة حشرة يعني رفض العلاقات السائدة في المجتمع ,لذلك اتى التعبير عن هذا الرفض في سياق التحول من صفة انسان الى صفة حشرة ذات قوائم , ذلك انه على الرغم من المرض الذي أصاب هذه الشخصية , على الرغم من ذلك فإن ممثل الشركة التي يشتغل فيها غريغور طلب منه الالتحاق بالشركة , مما يفيد أن الشركة مصممة على الاستمرار في فرض علاقات الاستغلال على المستخدمين من اجل المزيد من الربح ,وعليه فلا يهم مرض اي شخص بقدر العمل للحصول على المزيد من الربح .
ومن هنا ايضا يتضح رد فعل السارد اتجاه هذه العلاقات من خلال موقف شخصية غريغور الذي فضل التحول بدل اتخاذ موقف مشرف , ومقاومة هذه العلاقات بالانخراط في المجتمع بشكل ايجابي , وفضح طبيعة هذه العلاقات , والدفع في افق تغييرها من خلال تعبئة المجتمع أو على الاقل بعض المجموعات في اطار نقابي ودفعها للاحتجاج ضد هذه العلاقات من اجل مجتمع تسوده الكرامة ,والمساواة ,لكن مقابل ذلك فالرواية لم يرد بها ما يشير الى مناخ الحريات السائد في المجتمع آنذاك , بمعنى هل يسمح بالتعبئة ام لا .
من هذا المنطلق أعتقد بان السارد و لهذا السبب فضل المسخ , والتحول بسبب كثرة الضغوط الممارسة في حق شخصية غريغور بسبب عدم قدرة المجتمع نفسه من خلال بعض التنظيمات السياسية والمنظمات النقابية على احتضان المقاومة وبالتالي الانخراط في اشكال نضالية لوضع حد لهذه العلاقات ,ومن خلال هذا تطرح الرواية اشكالية وجود تنظيمات سياسية , ومنظمات نقابية وغيرها في المجتمع غير ان تدخلها ما زال ضعيفا بسبب سياسات الدولة الغير ديموقراطية , او انعدام هذه التنظيمات والمنظمات سبب تغول الدولة وعدم احترامها للحقوق والحريات من خلال ما ورد في النص الروائي من ملاحقة شخصية غريغور الى بيت اسرته للاستمرار في استغلاله على الرغم من كونه تحول الى حشارة .
من جهة أخرى اعتقد أن قلة الشخصيات الروايئة في النص باقتصارها على الاسرة بما فيها الاب , الام ,البنت ,الابن والغير كل ذلك مرده إلى عدم انفتاح هذه الاسرة على المجتمع , والتفاعل معه بشكل ايجابي ,كل ذلك يبين ضعف الاسرة بخصوص الانخراط في عملية التغيير وبالتالي فنتيجة المقاومة بدون الانخراط في المجتمع وقواه الحية سوف ينجم عنه المسخ كنتيجة للمقاومة بشكل منفرد للعلاقات السائدة في المجتمع .
ومما ترتب عن هذه العلاقات التربية المبنية على العنف حيث صرحت شخصية غريغور بذلك كما يتضح داخل بعض مضامين الرواية .
ومن هذا المنطلق تنضاف التربية القاسية التي تلقتها شخصية غريغور الى هذه العلاقات مما نجم عنه تربية شخصية عانت داخل المجتمع كما تعاني داخل البيت .لقد كان اسهل طريقة للتخلص من الظلم هو المسخ ,مع ما ترتب عن ذلك من إغلاق باب الغرفة في كثير من الاحيان ,ولعل عدم فتح الباب في اغلب الاحيان يدل على ان هذه الشخصية لم ترفض فقط العلاقات السائدة في المجتمع , بقدر رفضها للعلاقات الاسرية , ولعل انعدام الراحة ,والمعاملات الحاطة بالكرامة التي تعامل بها شخصية غريغور حتى داخل الغرفة التي يتواجد بها كل ذلك دفعها الى الالتصاق بالسقف احيانا , وبالجدران احيانا أخرى , وبالباب احيانا أخرى للتنديد بهذا الوضع المهين للكرامة الانسانية .
هكذا اتضح مستوى القهر المسلط على هذه الشخصية , للتعبير على القهر السائد في المجتمع الالماني ,وبالتالي تنضاف الاسرة الى المجتمع لممارسة القهر على هذه الشخصية في اطار الاشارة الى اعادة انتاجه من قبل كل مؤسسات الدولة .
إن تملص الاسرة بخصوص القيام بواجبها اتجاه هذه الشخصية باستثناء الاخت يدل على ضعف المجتمع في احتضان المقهورين لأسباب وردت فيما سبق .
ومن هذا المنطلق سوف تتخذ هذه الشخصية موقفا مشرفا في الاخير ويتعلق الامر بالدخول في اضراب مفتوح عن الطعام نجم عنه الاستشهاد .
لقد جاء ذلك ربما في اطار سيرورة الاحداث , واكتساب وعي اتجاه خطورة هذه العلاقات سبب الحسم مع المسخ والدخول في اضراب مفتوح عن الطعام .
كل ذلك في اطار اتخاذ موقف ايجابي بخصوص عدم القدرة على الزحف حتى داخل البيت للتعبير عن ضعف مناخ الحريات الذي عانت منه هذه الشخصية سبب بالانخراط في اضراب عن الطعام كخطوة نضالية , حيث لم تتدخل الاسرة لإيجاد حل لهذا المشكل ,للتعبير على تملص الدولة بخصوص التزاماتها اتجاه الافراد والمجموعات , وبالتالي كان الاستشهاد هو الحل المتاح لهذه الشخصية الرئيسية داخل هذه الرواية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج