الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التكليف بالحضور في الدعوى الجزائية ( الاستقدام )

ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)

2020 / 12 / 16
دراسات وابحاث قانونية


حين يكون الإنسان متهما في قضية جنائية يكون في مرحلة حرجة وفي أمس الحاجة إلى الحماية ويشعر بأنه ضعيف أمام قوة الدولة وأجهزتها، ومن أجل تحقيق توازن بين سلطة الاتهام (النيابة العامة) التي تمثل الدولة والمجتمع معا، والشخص المتهم، فإنه يجب أن يتمتع المتهم بمجموعة من الحقوق والضمانات، ومن بين أهم هذه الضمانات هو الحق في الفصل في القضية التي قُيِّدت حريته على إثرها، في أن يتم الفصل فيها بالسرعة التي لا تخل بضمانات التقاضي أمام المحاكم الجزائية، أي ضرورة أن يتم انتهاء الإجراءات الجزائية التي تتخذ بشأن الجرائم في أسرع وقت ممكن، إلاّ أن السرعة التي نحن بصددها ليس من مقتضاها التعجيل بتلك الإجراءات على حساب ضمانات قررتها التشريعات الجزائية للمتهم والتي من شأنها احترام حقوقه الأساسية والمتمثلة بأصل البراءة أو قرينة البراءة. ويصدر امر القبض من قاضي التحقيق او المحكمة المختصة او من الجهة التي أجاز لها القانون وذلك في أحوال معينة. أو من قبل هيأة تحقيقية لها سلطة قاضي التحقيق. واما عن الاحوال التي يصدر فيها امر القبض فقد نص قانون اصول المحاكمات الجزائية على ان اصدار امر القبض يكون في الجرائم التي تزيد مدة الحبس فيها على سنة ، إلا إذا استصوب القاضي احضاره بورقة التكليف بالحضور ما عدا الجرائم المعاقب عليه بالاعدام او السجن المؤبد فيجب ان يصدر فيها امر القبض ابتداء . أن المادة ( 102 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية اجازت لكل شخص ولو بغير أمر من السلطات المختصة ان يقبض على أي متهم بجناية او جنحة في حالات حددتها وهي الجريمة المشهودة ، إذا فر المتهم بعد القبض عليه قانونا ، أذا كان قد حكم عليه غيابيا بعقوبة مقيدة للحرية ، من وجد في حالة سكر بين واختلال واحدث شغبا او كان فاقدا صوابه
إنَّ أهميـة قـانون اصــول المحاكمات الجزائية ,تتمثل في حماية حقوق الافراد وحرياتهم ولا سيما المتهمين ، ويضع قواعد قانون العقوبات موضع التنفيذ ويبين الجهات المختصة باتخاذ الاجراءات المقيِّدة للحرية أو الماسة بها وحدود الصلاحيات التي تتمتع بها .المادتان 93 و المادة 108 من قانون إصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 نصتا على القبض, ويقصد المشرّع على تقيد حرية المقبوض علية لفتره من الزمن تمهيدا لعرضه على الجهة المختصه . والقبض غير جائز قانوناً إلاّ إذا كان تنفيذاً لأمر صادر من قاضي التحقيق أو المحكمة أو في الأحوال التي ينص فيها القانون على ذلك ويجب أن يشتمل أمر القبض على اسم المتهم ولقبه وهويته واوصافه أن كانت معروفة ومحل إقامته ومهنته ونوع الجريمة المسنده إليه ومادة القانون المنطبقه عليها وتاريخ الأمر وتوقيع من أصدره وختم المحكمه . ويبقى أمر القبض نافذ المفعول في جميع أنحاء العراق وواجب التفيذ لمن وجه إليه ويظل ساريا حتى يتم تنفيذه أو الغاؤه ممن أصدره أو من سلطة أعلى منه مخوله قانونا ( المادة 94 اصول المحاكمات العراقي ) ويجب اطلاع الشخص المطلوب على الأمر الصادر بالقبض عليه ثم احضاره بعد التنفيذ إلى من أصدر الأمر . وإذا قاوم المقبوض عليه أو حاول الهرب فيجوز لمن كان ماذوناً بالقبض عليه قانوناً أن يستعمل القوة المناسبة التي تُمَكنَهُ من القبض عليه وتَحول دون هروبه على أن لا يؤدي ذلك بأية حال إلى قتله ما لم يكن متهماً بجريمةٍ معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد. وهناك عدة إجراءات ينبغي اتخاذها لضمان حضور المتهم أمام قاضي التحقيق أو المحقق . للمحقق في جميع الأحوال أن يكلف المتهم بالحضور بمقتضى أمر يصدره وتحديد مدة للمتهم بأن يحضر في مكان وزمان معينين وهي غير ملزمة ولا تجيز لمن يُحِمِلها الحق في تنفيذها بالقوة لأن للمتهم الخيار التام لدى تلبيتها أو يرفض تلبيتها والأمر بالحضور ويطلق عليه أحياناً التكليف بالحضور ,والتكليف بالحضور جائز عن جميع الجرائم وغير مقيَّد بنوع دون أمر منها.(د. رؤوف عبيد القبض والتفتيش فى جوانبهما العملية الهامة 2012).
والتكليف بالحضور هو دعوة المتهم بالمثول أمام المحقق في زمان ومكان محدديين في الطلب ولا يترتب عليه أي حجز على حريته الشخصية, فإن الغرض من ذلك هو أستجواب المتهم عن الواقعة المسندة إليه ومواجهته بأقوال الشهود في الدعوى فهو يفترق عن أمر الحبس الإحتياطي في أن تقييده رهين بإرادة المتهم ويصدر بالنسبة إلى اية جريمة(د. حسن صادق المرصفاوي المرصفاوي في قانون الإجراءات الجنائية... مع تطوراته التشريعية ومذكراته الإيضاحية والأحكام فى مائة عام , منشأة المعارف. الطبعة الاولى 2007). ان امر القبض هو طريق من طرق أجبار المتهم على الحضور اضافه الى الطريق الاخر وهو التكليف بالحضور ( ألأستقدام ) . ومعنى القبض هو الامساك بالمتهم من قبل المكلف بالقاء القبض عليه ووضعه تحت تصرفه لفتره قصيره من الوقت من اجل احضاره امام السلطه التحقيقيه لأستجوابه والتصرف بشأنه . ويُعتبر أمر القبض من الإجراءات الخطيرة التي تُتَخذ في مرحلة التحقيق لأنه يمس الحريه الشخصيه , لذلك نجد إنَّ القبض على الأشخاص لاتبيحه التشريعات إلاّ في الحدود المقرره قانونآ . ولذلك فأنَّ أغلب الدساتير ومنها الدستور العراقي النافذ لسنة 2005 كفل هذه الحريات الشخصيه في عدة مواد دستوريه ومنها المادة 19 التي حظرت الحجز والماده 37 منه التي لم تَجز توقيف احد او التحقيق معه الا بقرار قضائي . وكذلك فعل المشرع في قانون اصول المحاكمات الجزائيه العراقي في الماده 92 منه والتي لاتجيز القبض على اي شخص او توقيفه إلاّ بمقتضى أمر صادر من قاضي أو محكمه. ومن طبيعة الامور في أي مجتمع ان لاتكون حرية الفرد مطلقه ، لذلك كان من الواجب ان تُنظَّم تلك الحريه بما يؤمِّن المجتمع ويطمئن افراده ، ويكون ذلك عن طريق القانون والقانون بطبيعته يتضمن بعض القيود على حرية الفرد ويجيز في بعض الاحوال المساس بالحرية الشخصيه للفرد او حرمة مسكنه بالقبض او التوقيف او التفتيش ، وأنَّ المساس بالحقوق الشخصيه للفرد يجب ان يكون بالقدر الضروري الذي تبرره مصلحه أعلى وهي حماية المجتمع . وألاصل أن قاضي التحقيق هو الجهة ذات الاختصاص في مرحلة التحقيق في أصدار امر القبض الا ان القانون يجيز في بعض الاحوال لكل قاضي سواء كان قاضي التحقيق او غيره من القضاة القبض على أي شخص أرتكب جريمه بحضوره في أي جنايه او جنحه ولم يكن قاضي التحقيق موجودا" وهي حاله أستثنائيه قصدها المشرع للحفاظ على أدلة الجريمه (المادة 98 إصول المحاكمات العراقي) . والمتهم يحضَر بأمر القبض أذا كانت الجريمه معاقباً عليها " بالحبس مدة تزيد على سنه إلاّ أذا قرر القاضي إحضاره بورقة تكليف بالحضور ، غير أنه لايجوز اصدار ورقة تكليف بالحضور اذا كانت الجريمه معاقبا" عليها بالأعدام او السجن المؤبد . (المادة 99 إصول المحاكمات العراقي) . ويكون هذا الامر نافذ المفعول في جميع انحاء الدولة ,وواجب التنفيذ ممن كُلِّف به من أعضاء الضبط القضائي أو أفراد الشرطه او اية جهه اخرى كلفت بتنفيذ ذلك الامر ويبقى ساري المفعول حتى يتم تنفيذه او يتقرر إلغائه من الجهة التي اصدرته او من جهة أعلى . ونرى ان كثير من الافعال يمكن لقاضي التحقيق أصدار ورقة تكليف بالحضور أذ أن المادة (99) إصول جزائية عراقي تعطي الحق للقاضي ان يتخذ أو يقرر إحضار المتهم بورقة تكليف ولم تلزمه بأصدار أمر القبض إلاّ في الحالات التي تكون فيها الجريمة معاقبا" عليها بالاعدام او السجن المؤبد .
المشرع العراقي وضع التكليف بالحضور ضمن طرق الإجبار , ولم يجيز استخدام القوة المادية ضد المتهم الممتنع عن الحضور, لان التكليف بالحضور امر متروك لإرادة المتهم ولا يجوز استخدام القوة معه عند امتناعه عن الحضور بمقتضاها ولا يجوز الزامه بالحضور جبرا وهنا لايوجد اجبار مادي وانما يقع الاجبار عند امتناع المتهم عن الحضور وبناءً على ورقة التكليف بالحضور اذ تصدر السلطة المختصة امرا بالقبض او بالاحضار وهنا ينتفي اثر ورقة التكليف بالحضور بصدور امر قبض من المحكمة المختصة وبذلك يكون مقصد المشرع من الاجبار هو القانوني وليس المادي. وقد نظم الفصل الاول من الباب الخامس من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 احكام التكليف بالحضور، وعليه يمكن ان يصدر امر التكليف بالحضور (الاستقدام) بحق المتهم او غيره كالشاهد او اي ذي علاقة بالشكوى او الاخبار، وبعد حضور الشخص المطلوب حضوره يتم تدوين اقواله امام قاضي التحقيق او المحقق ويمكن له -في اغلب الحالات- ان يغادر المحكمة بعد الانتهاء، اذ لا يُلزم القانون القاضي ان يصدر امر القاء قبض على المتهم الا اذا كانت الجريمة معاقب عليها بالاعدام او السجن المؤبد، اما ما دون ذلك فهو بالخيار (المادة 99 من قانون اصول المحاكمات الجزائية) من هنا يتبين لنا مدى قصور النصوص القانونية الحاكمة التي تحتاج الى اعادة نظر وليس تعديل فقط. والجرائم التي يستطيع فيها القائم بالتحقيق إصدار أمر تكليف المتهم بالحضور هي:
أ- في جميع الجرائم عدا تلك المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد حيث ألزم القانون إصدار أمر القبض ابتداء.
ب- الجرائم المعاقب عليها بعقوبة الحبس مدة سنة فأقل.
ج- ويجوز إستثناء إصدار أمر بالتكليف بالحضور بالنسبة للجرائم التي يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على سنة إذا استصوب القاضي إحضاره بورقة تكليف بالحضور وفقاً للمادة (99) من قانون اصول المحاكمات الجزائية . ويتولى تبليغ المكلف بالحضور بورقة التكليف أحد موظفي الدائرة التي أصدرت الأمر أو أحد أفراد الشرطة ، غير أن ذلك لا يمنع من أن يكلف شخص أخر من غير هؤلاء بأجراء التبليغ.وسارت اغلب التشريعات على ما هو عليه المشرع العراقي اذ نص المشرع الاردني على ذلك في المادة 111/2 من قانون اصول المحاكمات الجزائية الاردني وكذلك المشرع التونسي في الفصل 68 من مجلة الاجراءات الجزائية رقم 23لسنة 1968 والمادة 102 من قانون اصول المحاكمات السوري.
وأمر القبض هو مرحلة تالية يتم قبلها مرحلة تسمى وفق قانون اصول المحاكمات الجزائية بطريق التكليف بالحضور (الاستقدام ) والذي خوّل فيه القانون طبقاً للمادة (87) إصول محاكمات عراقي المحكمة وقاضي التحقيق أو المحقق أو المسؤول في مركز الشرطة ان يصدر ورقة تكليف بالحضور الى المطلوب حضوره محررة بنسختين يبين فيها الجهة التي اصدرت ورقة التكليف بالحضور واسم وشهرة ومحل عمل المطلوب حضوره والزمان والمكان والمادة القانونية التي يجري التحقيق فيها ومادتها القانونية بحيث يحاط علما بذلك ونصت المواد (88، 89 ،90 ،91) من قانون اصول المحاكمات الجزائية على الاجراءات الخاصة بالتبليغ مكانا وزمانا ً، واذا لم يحضر الشخص بعد تبليغه ورقة تكليف بالحضور دون عذر مشروع أو اذا خيف هربه أو تأثيره على سير التحقيق أو لم يكن له سكن معلوم فالقانون أجاز للقاضي اصدار أمرا ً بالقبض عليه حسب المادة (97) إصول جزائية إلاّ اذا كانت الجريمة معاقبا ً عليها بالاعدام أو السجن المؤبد فلايجوز للقاضي اصدار ورقة تكليف بالحضور وانما يصدر امرا بالقبض لأهمية الجريمة التي يتم التحقيق فيها وأثرها بتحقيق الردع العام وطمأنة المجتمع والوصول الى الحقيقة وهو غاية وهدف التحقيق كما تضمنته المادة (99) إصول جزائية في شقها الاخير اما شقها الاول فقد منح القاضي صلاحية احضار المتهم باصدار امر القبض اذا كانت الجريمة معاقب عليهابالحبس مدة تزيد على سنه أو احضاره بورقة تكليف بالحضور . والحقيقة ان هناك خلط يحدث في تقدير الواقعة بين التكليف بالحضور وامر القبض, وينبغي ترك الكثير منه للسلطة التقديرية للقاضي وحسب ظروف ووقائع الدعوى الجزائية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون عند معبر الكرامة الحدودي مع الأردن لمنع


.. الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا




.. العربية توثق إجبار النازحين في بيت حانون على النزوح مجددا بع


.. إيطاليا.. مشاريع لمساعدة المهاجرين القاصرين لإيجاد عمل وبناء




.. مصادر فلسطينية: عمليات اعتقال إسرائيلية جديدة شملت قلقيلية و