الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إضاءة في (نظرية التحليل والارتقاء مدرسة النقد التجديدية للدكتور سعد الساعدي )

طالب عمران المعموري

2020 / 12 / 16
الادب والفن


بين ايدينا إصدار جديد للكاتب والروائي والناقد سعد الساعدي (نظرية التحليل والارتقاء مدرسة النقد التجديدية) ط1 دار المتن، بغداد،2020 . جاء العنوان وهو العتبة الاولى ومناصاته المهمة شاملا وموضحا ومعبرا عن محتوى الكتاب ذا دلالة حضورية واقعية مؤثرة على المتلقي بشكل عام والمتلقي الناقد بشكل خاص .ان صاحب هذه النظرية وهو من دعاة الى مدرسة نقدية جديدة محاولا الابتعاد عن الرؤية الغربية في النقد والاقتراب من نظرية نقدية عربية جديدة لها مرتكزاتها وأسسها الخاصة والاستعانة بالسعة اللامتناهية للغة العربية بما تحمل من معاني البلاغة واشتقاقات وانزياحات لغوية .
الاهداء من مناصاته المهمة الذي يقول فيه : ( الى كل ناقد تجديدي، وكل مبدع يسعى للتجديد) الذي ينوه قبل الدخول الى متن البحث منهجيته في التجديد والتخلص من القيود الكلاسيكية في مناهج النقد ، مشجعا ومؤيدا كل مبدع تجديدي. وكما يقول :
(إذا أنصفنا الآخرين، نكون منصفين لأنفسنا، وما المعرفة الاّ دليل هداية، وضوء أملٍ جديد، نبصر به الدربَ جميعاً..) يذكر الكاتب ، وقفتان قبل مقدمة الكتاب ينسبها الى المفكر والفيلسوف عبد الوهاب المسيري المفكر وعالم الاجتماع المصري :
وقفة أولى : "ثمة هزيمة داخلية في الفكر العربي تجعل من الغرب المرجعية الوحيدة، ومصدر المعرفة الاوحد"
وفي هذه المناصة اراد الكاتب الساعدي التأكيد على الابتعاد عن الرؤية الغربية
وفي الوقفة الثانية:
"ان المطلوب هو حداثة جديدة تتبنى العلم والتكنلوجيا، ولا تضرب بالقيم أو بالغائية الانسانية عرض الحائط ، حداثة تحيي العقل ولا تميت القلب، تنمي وجودنا المادي، ولا تنكر الابعاد الروحية لهذا الوجود، تعيش الحاضر دون أن تنكر التراث"
ابتدأ الكاتب بمقدمة للكتاب موضحا محتوى الخطوط العريضة لدراسته مشيرا الى أن هناك مجموعة من القواعد تتطلبها المرحلة الجديدة مرحلة (ما بعد- بعد الحداثة) التي أطلق عليها المرحلة التجديدية اختصاراً كمفهوم جديد الذي كتب عنه في بعض بحوثه المنشورة في مجلات عالمية محكمة متخصصة، وباللغة الانكليزية حسب ما تقتضي ضرورة البحث هناك. وقد عدة بحثه (نظرية التحليل والارتقاء مدرسة النقد التجديدية) بحث أصيل تم توثيقه، له شهادة رسمية والمنشورة بالعدد السابع المجلد الرابع / تموز 2020 من المجلة الدولية لأكاديمية البحوث التربوية الامريكية/ واشنطن للتوثيق والنشر وقبولها بدرجة" بحث أصيل مبتكر" وفق المعيار العلمي لمجلتها المحكمة المرقمة دولياً تحت الرقم:
ISSN 2643-9123 VOL 4 Issue July 2020
جاءت لغة البحث بطريقة سلسة بعيدة عن التعقيد والاغراق بالمصطلحات الغربية وكما يقول:( لا نميل اليها لأننا بحاجة لمدرسة نقدية تنطلق من لغتنا الام ، اللغة العربية )
جاء الكتاب بستة فصول تناول الكثير من القضايا المهمة التي يشرح فيه نظريته أهمها الطرق التجديدية للناقد التي سيجد فيها ما أفتقده في المدارس الكلاسيكية والنظريات الماضية والتي هي كما يقول: ( هي ليست اجبارية بقدر ماهي رؤية ووجهة نظر. اعتمد في بحثه على اربعة وخمسين مصدرا.
في الفصل الاول في المبحث الاول تناول دلالة المفهوم للدخول الى ماهية النظرية : تناول بشكل مختصر دلالة الاسم (التحليل والارتقاء في بناء مدرسة النقد التجديدية؛ كعنوان دون غيره من العناوين الأخرى: عرف لنا التحليل هو( ما يقوم به الناقد المتخصص بجنس أو فن أدبي يمكن لاحقاً لناقد آخر بنوع آخر من أشكال ما متعارف عليه فنياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو أي عمل ونتاج يريد نقده بأتباع نفس الخطوات ضمن مسيرة البحث .
يعطي تعريف بالمعنى العام (لتحليل نص) ما هو: " وصف وبيان أجزائه ووظيفته، أو تقسيم الكل الى أجزائه وردُّ الشيء الى عناصره"
كذلك يتناوله اصطلاحا : بقوله" يمكننا تحديد مفهوم نشتغل عليه نقدياً من خلال رؤية الناقد، ودراسة نتاج أديب أو مبدع فني بطروحات فكرية موضوعية ، وفق تصوراته البنائية العامة بما يتوقعه من مؤثرات لاحقة على المتلقي(القارئ أو المشاهد)" حين يتعرف على ذلك النتاج الانساني إن كان يحمل سمة الابداع ، وكذلك العكس إن كان النتاج يفتقد المضامين الهادفة.
الارتقاء : يعطي للارتقاء أهمية أكثر من حيث هو كيفية التعامل مع النشء الجديد المبدع كتابيا وفنياً من الهواة الشباب قبل المخضرمين من الكبار، لانهم صناّع المستقبل، ومن يساير كل جديد أكثر من غيرهم لمسايرة العصر والذي يسميه مرحلة تجديدية التي جاءت بعد مرحلة ما بعد – بعد الحداثة ، لتنوع المضامين والنتاجات الادبية بشكل يختلف الى حد ما عن التي سبقتها.
ماذا يعني الارتقاء؟
يقول الساعدي :" انه باختصار: الصعود لمكان عالٍ ، كمن يصعد الى جبل حسب تعريف معاجم اللغة، أو كمن يرتقي مرتقىً صعباً، ويجهد نفسه بالوصول اليه، كما يمكن أن يكون من الرقيّ، أي جودة التحسين والرتبة العليا، وهذا ما على الناقد المنصف فعله تجاه جيل الشباب الساعي نحو الابداع لا يعرف من أين يبدأ طريقه الاوضح والأسلم، وبهذا ينمي الناقد موهبة ذلك الموهوب الجديد، وإذكاء روح الابداع دوما لديه، ويعيش حالة الانتماء بعطاء لا يعرف الحدود "
وبذا يكون الناقد أداة فاعلة في صنع شيء ابداعي جديد، وعامل مهم مساعد حين يتخذ من هذا المنهج الوسيلة المثلى وهو يرتقي بغيره كمربٍ ومنشئ لجيل هو في الواقع يختلف عن جيله بكثير من المواصفات، التي ربما تمناها ذات يوم ذلك الناقد لنفسه وهو يرى من يشد على يديه ويربت على كتفه مشجعاً، إن لم يصادفه مثله اليوم.
تناول الباحث في المبحث الثاني هدف البحث : الهدف المهم في هذا البحث (نظرية التحليل والارتقاء ) هو إظهار شيء لم يكن سابقا، للعلن ؛ للمساعدة في خلق الحالات الابداعية التي يمكن تسميتها الارتقاء بالمبدعين الجدد ( الشباب أو من هم أكبر عند التعرض لأعمالهم ونقدها بالصورة التجديدية
تطرق الباحث الى مفهوم التجديد
" مفهوم التجديد يأتي متوافقاً بحالاته مع مفهومين مهمين هما التغيير والاصلاح ، ولا يختلف اثنان على ذلك عقليا كأدراك واقعي مصاحب للتغيرات المستمرة في كل بقاع الارض عبر المسيرة الزمنية.
"ان التجديد هو عملية فكرية تساهم في بناء معرفي نتيجة وجود ابداع منبعث مهما كان الانبعاث ، وفي أي مجال من مجالات الحياة المختلفة، وأهم دافع له خلق تفاعل بشري بعيداً عن كل أنواع الضعف لخلق حالة تسمو بالفكر وطبيعته القابلة للتجديد وان اكتنفته الصعوبات أحياناً عبر ما توفر من وسائط مساعدة
اما في المبحث الثالث ابتدأ بسؤال لماذا النقد؟
وقبل أن يجيب عن السؤال يبرز سؤال محوري وجوهري : ما هو النقد؟
من أجل تأسيس منهجية بحثية لدخول صلب المبحث الرئيسي يعطينا تعريفا اصطلاحيا :
" إنه التمييز والنظر ، والنقد (أدباً ) هو أحد الفنون الأدبية الذي يهدف الى دراسة الأثر الأدبي أو الفني ، وتفسيره وتحليله وموازنته بغيره المشابه له ، أو المقابل، ثم الحكم عليه ، ببيان قيمته ودرجته ، أي تقويم هذا الاثر، ويجري هذا في الحسيّات والمعنويات ، وفي مختلف ضروب العلم والأدب والفنون ، وكل الحياة ، وكل ذلك على وعي قائم على الذوق تبعاً لبعض المقاييس الجمالية المقبولة"
يذكر الباحث بعض التعريفات من وجه نظر النقاد فمثلا يعطي تعريفا للدكتور محمد النويهي ، أن جوهر النقد الأدبي يقوم أولا على الكشف عن جوانب النضج الفني في النتاج الادبي وتمييزها عن سواها، عن طريق الشرح والتحليل ثم يأتي بعد ذلك الحكم العام عليها.
بينما منهم من يرى أن النقد: "تقويم النصوص التي تندرج تحت الانواع الادبية تقويما يتبع تفسيره أو تحليله في ضوء التجربة الفنية"
الفصل الثاني : رؤية التحليل التجديدية وجاء في مبحثان الاول :
الحداثة التجديدية النقدية
والمبحث الثاني : السيكولوجية النقدية.
الفصل الثالث : منابع التحليل وجاء على اربعة مباحث
الاول : مرتكزات التحليل النقدي
الثاني: فلسفة النص الحركية
الثالث: الوصول للفكرة العامة
الرابع: قصدية الانشاء
الفصل الرابع : الآلية التحليلية وجاء في مبحثين.
المبحث الاول : ينقسم الى عدة أقسام:
1-التحليل استناداً للمناهج السابقة
2- التضاد التحليلي
3- تحليل المضمون
المبحث الثاني: مساحة العنوان بين المعنى والتأويل
الفصل الخامس: الرمزية والتفاعلية في بناء الصورة
المبحث الاول: امكانية معرفة اشكالية الرمز والتناص في الشعر التجديدي
المبحث الثاني: تفاعلية الخطاب، أو تداولية المعنى
المبحث الثالث: التشكيل التصويري للنص
المبحث الرابع : الاستنتاجات المدخلية لجوهر الدلالة
المبحث الخامس: مواجهة النقد أو ما وراء النقد
الفصل السادس : حلولية مكامن الخلل
المبحث الاول: الكتابات النقدية الهشة في المرحلة التجديدية أو السطحية الغافلة عن المعنى
المبحث الثاني : بعض تداعيات المرحلة التجديدية
المبحث الثالث ترف الكلمات، أو السياحة العشقية الى أين؟
كتاب نظرية التحليل والارتقاء جهد نقدي كبير يصلح أن يكون منهجا أكاديميا يدّرس في الجامعات. وأنصح المهتمين في النقد الادبي الاطلاع عليه.
كشف البحث مجموعة من العوامل المهمة والمساعدة للناقد اذا أراد الاشتغال على ما بين يديه أو أمامه وفق نظرية التحليل والارتقاء في المدرسة النقدية التجديدية . أحاول أن أبين للمتلقي وبشكل مختصر للفت نظر واهتمام القارئ والرجوع للمصدر أهمها ما يلي:
إن النظرية تبحث في الادب والاجناس الأدبية قبل غيرها من نتاجات متتالية ، ويمكن اسقاطها وتطبيقها على كل ابداع يصدر من فرد أو مجموعة مهتمة بشيء ما.
من العوامل المهمة جداً المتعارف عليها، ولا بد منها للتأكد في تحليل النص والارتقاء بكاتبه هو الموضوعية بعيداً عن الانانية والقفز فوق الانتاج والاستهزاء به، أو التعالي عليه وعلى كاتبه والمحاولة الجادة لمعرفة من هو كاتب النص الاول إن كان نصا ، كما متعارف عليه في الدراسات العلمية وفق منطق البحث إن كانت تجربة أولى للكاتب، ومقارنة ما يكتبه لاحقا من جديد في تجارب جديدة كمتابعة لابد منها، لا نسيان الشروع السابق للكاتب، من أجل الوقوف على كل القيم التجديدية البنائية الفنية العامة والخاصة.
يؤكد الباحث في نظريته على أهم المرتكزات التي لابد للناقد عدم إغفالها هي اللغة والمعنى والجمال التي تغلف العمل. والمقصود به العمل الابداعي المتيقن منه الناقد ، وليس العشوائية في الانتقاء استناداً لأسم ما أو جنس ما.
على الناقد معرفة البؤر المتناثرة في نصٍّ ما، فقد يكون العنوان هو واحد من تلك البؤر، اضافة لدلالات وألفاظ لغوية أخرى، لاسيما في القصائد الشعرية التجديدية المختزلة التي وجدت لها مكاناً كبيراً اليوم في ظل التجديدية.
ما ينبغي على الناقد التجديدي اليوم هو توظيف كل ما يعرفه عن المناهج والنظريات النقدية بطريقة لا تجعل أي واحدة منها هي الحاكمة عليه والقابضة تحليله ونقده ليبقى أسيرا لها ويبتعد عن ما مطلوب في ظروف تختلف كثيراً عن الماضي.
هناك مضامين كثيرة أتركها للمتلقي للرجوع للمصدر الاصلي (نظرية التحليل والارتقاء مدرسة النقد التجديدية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عزاء الفنانة شيرين سيف النصر تجهيزات واستعدادات استقبال نجوم


.. تفاعلكم : الفنان محمد عبده يطمئن جمهوره على صحته ويتألق مع س




.. المخرج التونسي عبد الحميد بوشناق يكشف عن أسباب اعتماده على ق


.. الموسيقي طارق عبدالله ضيف مراسي - الخميس 18 نيسان/ أبريل 202




.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024