الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الشعارات

ربيع نعيم مهدي

2020 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في ايام النظام السابق كنت اتابع ما يُذاع على أثير "صوت العراق الحر"، وأغلب ما تبثه تلك الإذاعة كان أخباراً وشعارات تندد بسياسات البعث، حالها حال ما كنت أقرأه على صفحات الكتب المستنسخة لمُعارضين ومنشقين عن مائدة صدام.
والغريب.. ان اطراف المعادلة المتمثلة الحاكم من جهة والمُعارض بمختلف توجهاته من جهة أخرى، لم تكن لديهم منهجية للعمل أو برنامج سياسي واضح، فالنظام الذي حكم لأكثر من ثلاثة عقود اتسم بالارتجالية في اتخاذ القرارات السياسية دون النظر في تبعاتها الاقتصادية وتأثيراتها على المجتمع، ودون النظر في مدى اتفاقها أو مخالفتها للخطط والبرامج المعلنة.
والمفارقة.. ان فوضى التطبيل للخطط والتهليل للتخبط السياسي والتمجيد في محاولات الترقيع، جعلت من التخطيط الاستراتيجي والبرنامج الحكومي مجرد أوراق مكتوبة بأقلام الرصاص، يسهل معها إجراء المسح والتعديل بما يتفق مع صوت الابواق والطبل المرتفع.
وعند اعادة النظر الى خطابات قوى المعارضة في تلك الفترة، أجد ان الغالبية وإن اختلفت لكنها اتفقت على اطلاق الشعارات فقط، ولم أجد في خطاباتها أي رؤية لما بعد صدام ولا حتى مجرد مقترحات لمعالجة أخطاء حكم البعث.
ان هذه الاشكالية رافقت القوى الحاكمة للعراق بعد ترحيل نظام البعث ظاهرياً عن سدة الحكم، فالحقائب الوزارية التي بدأت بحكومة أياد علاوي وصولاً الى حكومة مصطفى الكاظمي لم تضع برنامجاً سياسياً أو اقتصادياً لمعالجة مشاكل البلد، واحتفظت بذات السمة التي تحلى بها حكم البعث وهي الارتجالية وغياب التخطيط في ظل افراط في اطلاق الشعارات.
وكما اسهمت هذه الاساليب في رفع رصيد البعث من المعارضين ساهمت ايضاً في تحشيد المعارضين للحاكمين الجدد، والمشكلة بقيت حاضرة لدى طرفي المعادلة التي اشرت لها في صدر المقال، فالاحتجاجات والمظاهرات في أغلبها لم تشهد نضجاً في سلوك المعارض لسياسة الحاكم، ولا زلت أراها أسيرة للشعارات دون ان يحاول منظميها طرح برنامج او رؤية محددة لما يجب ان يكون.
وهذا يبدو واضحاً في الاحتجاجات التي اطاحت بحكومة عادل عبد المهدي، نعم.. هي نجحت في ابعاده لكنها لم توفق في طرح البديل، البديل الذي من الصعب ان يشمل بمفهومه حكومة الكاظمي لأنها في الحقيقة حكومة "تدّعي" تسيير الأعمال لكن أدائها يشير الى انها صانعة لأزمة لا ادري ان كان اقطابها يدركون النتائج، فالشعارات التي تداولتها ابواق السلطة ومعارضيها تجبرني على الوقوف للتفكير في نقطة واحدة فقط، (ما الفائدة التي تحققت من أداء الحكومة ؟) بل.. وما هي النتائج الايجابية التي تحققت للشعب من أداء المعارضين للحكومة ؟...
وفي ختام هذه السطور اجد اننا كتحصيل حاصل امام ازمة مستقبلية ستعيد الاحتجاجات الى صدارة الاحداث، وربما تكرار نفس السيناريو الذي اطاح بحكومة عادل عبد المهدي، فغياب الرؤية لما يجب ان يكون أزمة في حد ذاته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة