الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصنامكم “بشر” أيضاً!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2020 / 12 / 20
المجتمع المدني


الصنم أو الوثن هو عبارة عن “تمثال أو رمز لإنسان أو جني أو ملاك، يصنعه الإنسان ليعبده ويتخذه إلهاً، ويتقرب إليه بالتذلل والخضوع”، طبعاً التعريف السابق والمختصر ينطبق على مفهوم الألوهية نفسها حيث هو الآخر كان وما زال أشد الأصنام فتكاً بحرية الإنسان كفرد وكائن اجتماعي سياسي، كوننا نختار طوعاً أو فرضاً أن نصبح عبيداً لهذه الأصنام والطواطم بحيث تصل الأمور بهؤلاء العبيد إلى التضحية بأنفسهم في سبيل “مجد” هذه الآلهة والأصنام وهذا ما حصل مع آلاف القرابين خلال المراحل التاريخية المختلفة؛ إن كانت من خلال الحروب الدينية و”الشهادة في سبيل الله” أو حتى بتقديم القرابين البشرية في مرحلة ما من المراحل -وربما لليوم ولكن بطرق مختلفة وأحياناً مباشرة بالتضحية بالذات ك”شهيد” من شهداء الوثن- لكن قضية الأصنام لم تقف على الساحة والمشهد الديني السحري، بل للأسف انتقل إلى ساحات أخرى وبالأخص الساحة والميدان السياسي بحيث باتت مقولات مثل “للأبد أيها القائد” أو “الأسد أو نحرق البلد” أو “لا حياة بدون القائد” أو “الله للعبادة وبارزاني للقيادة”.. وغيرهم العشرات من هذه المقولات التي ترفع في ساحات مختلف الجغرافيات الوطنية وبالأخص في البلدان ذات النظم الثيوقراطية الاستبدادية والتي تروج لأيديولوجيا ما ويتخذها “الجماهير” -أو بالأحرى العبيد والمريدين- “آية” من الآيات التي لا تأتيها الباطل، بل شعاراً وهدفاً مقدساً تعمل على تثبيته في ذهنية الشعوب أجهزة ودوائر ثقافية إعلامية خاصة بتجييش تلك الشعوب خلف القائد الرمز والصنم الإله الذي “لا يأتيه الباطل” وعلى الجميع الخضوع له ولمشيئته وإرادته، كون من دونه لا حياة ولا وطن ولا وجود أساساً حيث الكون وكل الوجود في عرف هؤلاء واقف ببقاء “الزعيم الإله” على الكرسي.

لكن دائماً كان يرادوني سؤال واحد؛ لما لا يُعمل هؤلاء “العبيد” العقل بخصوص أوثانهم ويطرحوا على أنفسهم سؤالاً محدداً وبالأخص حول شخصية “الإله القائد”، أليس هذا الآخر كائناً هوموياً -من الهومو؛ الإنسان الأول- فيزيائياً مثل كل الكائنات البشرية المشابهة له، بل حاشا أحد يشبهه في عرف العبيد طبعاً، لكن رغم هذه القناعة الثابتة لدى هؤلاء المريدين والعبيد بخصوص أوثانهم وقياداتهم فتلك لا تنفي حقيقة أن هؤلاء “الأصنام القادة” هم مثلنا “بشراً”، يولدون وينامون ويأكلون مثلنا جميعاً نحن الكائنات البشرية الأخرى، بل يموتون أيضاً مثل أي كائن حي بالوجود في هذا الكون المليئ بالكائنات المختلفة فحتى النجوم تولد وتموت، إلا أصنام هؤلاء فهي “خالدة” أبداً ودائماً حيث هو “الأحد .. الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد” متناسياً بأن لكل شيء بداية ونهاية إلا لدى هؤلاء العبيد حيث الدوام والبقاء والخلود للزعيم “الأبدي” جاعلين من صورة الزعيم أيقونة خالدة جامدة من غير محددات ومواصفات إنسانية بشرية تنام وتشرب وتأكل مثلنا نحن الآدميين، بل وتفعل أفعالنا كلها.. بالمناسبة هل فكر أحد من هؤلاء العبيد المريدين؛ بأن قائده وزعيمه وصنمه يذهب للحمام -مثلنا نحن بقية البشر- ويفعلها وتزكمه رائحة “خرائه” أنفه مثلاً أو أن قائده المفدى يمارس الفعل الجنسي ويتعرى تماماً وبإمكان أي طفل صادق -وليس مريد عابد- أن يصرخ ويقول: الملك عار من اللباس” وهو عار ليس فقط من اللباس، بل من الكثير من تلك الأوصاف والأفعال التي تلبسونها على أصنامكم تلك أيها المريدين وبات عليكم أن تستفيقوا من غيبوبتكم لتعرفوا إن “إلهكم / وثنكم” بشر أيضاً، مثله مثلنا تماماً يصيب ويخطأ وليس هو “الواحد الأحد.. الخالد للأبد”!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة.. قيود غربية على حرية التعبير؟ • فرانس 24 / FR


.. شبكات | أبو عبيدة يحذر من مصير الأسرى في قبضة القسام.. ما مص




.. ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية


.. -الأغذية العالمي-: غزة ستتجاوز عتبة المجاعة خلال 6 أسابيع




.. التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية: العالم على حافة الهاوية