الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يذبح الكبش؟

ساطع راجي

2020 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لم تحدث المعجزة الاسماعيلية رغم ان السيد عادل عبدالمهدي ذكر المرجعية الدينية بها في بيان إستقالته (29 /تشرين2/2019) الذي تقدمته الآية الكريمة "يا أبت إفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) (الصافات/102) ومن الواضح ان بيان الاستقالة موجه الى المرجعية قبل تقديم الاستقالة لاحقا الى مجلس النواب، كان بيان عبدالمهدي يقول بوضوح ان المرجعية ساهمت بشكل او آخر في تكليفه برئاسة الوزراء وانه اعتبر خطبة المرجعية تحديدا وراء إقدامه على الإستقالة لكن الحقيقة المعروفة ان اطرافا شيعية أخرى كانت أيضاء وراء تكليف عبدالمهدي رغم ان المرجعية اقواها ولعل هذا الدعم هو ما دفع رئيس الجمهورية لإرتكاب المخالفة الدستورية الكبيرة بتجاهل "الكتلة الاكبر".
لقد قبل عبدالمهدي القيام بدور "كبش المحرقة" منذ البداية فهو لا يمتلك اي مبرر سياسي لتسنم المنصب وهو يعرف ان اي تسوية لتنصيب رئيس وزراء كانت عبارة عن صفقة تريد البيوتات النجفية الحاكمة من خلالها الحصول على وكيل سياسي (مقارب للوكيل الشرعي) ينفذ اوامرها ويحقق مصالح احزابها قبل ان تذهب التسوية الى البيوتات الكردية والسنية التي تريد شيئا يشبه ما تريده بيوتات النجف السياسية، وبهذه الطريقة أضعف الشيعة منصبهم الأكبر.
إسلوب "كبش المحرقة" متبع في السياسة والادارة للتخلص من الازمات وتحميل شخص بعينه المسؤولية عن كارثة ما وقد يكون هذا "التحميل" بقبول ورضا الشخص نفسه، واذا كان الاسلوب مقبولا كواقع حال فإن تحويل شاغل منصب "رئاسة مجلس الوزراء" الى "كبش" غير مقبول تماما فهو يعني ان القوى الحاكمة مستعدة ليس فقط للتضحية بالدولة وممثلها الاول وانما بكل المواطنين الذين يعيشون في هذه الدولة وسيكون رسالة الى كل القوى الخارجية بإن شاغل المنصب ليس الا قناعا لقوى غير رسمية تحكم البلاد.
لقد أسرفت القوى الشيعية في إضعاف منصبها الاول وبالتالي أضعفت دولتها، والحجج المتداولة عن شاركة الجميع في مسؤولية ادارة الدولة لن تصمد شعبيا ولا تاريخيا إذ سيقال دائما إنها "دولة الشيعة" او دولتهم بالدرجة الاولى على الاقل.
كان غضب البيوتات النجفية من رجالات حزب الدعوة هو ما دفعها لتنفيذ الانقلاب على الدستور عبر رئيس الجمهورية باهمال الكتلة الاكبر في تنصيب رئيس الوزراء وبالتالي نسف أهم وظيفة للبرلمان، وذلك بعدما وجدت هذه البيوتات ان رجال حزب الدعوة لا ينفذون ما تطلبه منهم بشكل كامل واستسلام تام نظرا لإنهم يعتبرون انفسهم ندا مساويا للبيوتات بفضل مقاعدهم البرلمانية ومن هنا جاءت بدعة " المسؤول المستقل" أي المجرد من أي قوة سياسية تسمح له بإتخاذ قرارات بعيدا عن مشورة وموافقة البيوتات وربما ضدها كما فعل المالكي تحديدا.
النتيجة القاتلة للانقلاب الدستوري هي إن أي عابر سبيل في أروقة السياسة والوظائف العليا صار يرى في نفسه مؤهلا لشغل منصب رئيس الوزراء، وخلافا للمناصب الكردية والسنية صار المنصب الشيعي الاكبر عرضة للاهتزازات والاطاحة وهو ما لن تنفع معه محاولات استعادة المشاعر الطائفية فمن يخدم البيوتات لن يتمكن من خدمة حتى ابناء الطائفة المخلصين فضلا عن بقية المواطنين.
لقد أدركت البيوتات النجفية المأزق متأخرة فإلتزمت الصمت او تحاول اعادة القوة للبرلمان والمسار الدستوري عبر التركيز على بناء كتلة أكبر مستقبلا، لكن هذا الادراك جاء متأخرا ومكلفا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إيران لإسرائيل: كيف غيرت قواعد اللعبة؟| بتوقيت برلين


.. أسو تخسر التحدي وجلال عمارة يعاقبها ????




.. إسرائيل تستهدف أرجاء قطاع غزة بعشرات الغارات الجوية والقصف ا


.. إيران قد تراجع -عقيدتها النووية- في ظل التهديدات الإسرائيلية




.. هل ستفتح مصر أبوابها للفلسطينيين إذا اجتاحت إسرائيل رفح؟ سام