الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حسم المغرب معركة الصحراء ؟

عبد الإله بسكمار

2020 / 12 / 23
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


لم تكن التطورات الكبيرة والهامة التي حصلت مؤخرا وحولت وبشكل حاسم موازين الصراع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، بين المغرب والجزائر، لم تكن في الواقع إلاتتويجا لمسار كفاحي طويل خاضه الشعب المغربي قاطبة وخاضت غماره أيضا الديبلوماسية المغربية ومعها تضحيات وبطولات القوات المسلحة الملكية المرابطة في الأقاليم الصحراوية المسترجعة، ورغم الأخطاء التي ارتكبها المسؤولون في حق القضية الوطنية الأولى، وعلى حساب استكمال الوحدة الترابية، منذ تصفية جيش تحرير الجنوب في عملية إيكوفيون المعروفة في 1958، رغم تلك الأخطاء التي سجلت في هذا الصراع المصيري وكانت أحيانا جسيمة، فإن المغاربة تجندوا جميعا لاسترجاع الصحراء المغربية أي إقليمي الساقية الحمراء ووادي الذهب منذ 1974، علما بان المغرب هو من طالب إسبانيا بتصفية استعمارها لتلك المناطق واعتبارا من 1964 بل قبل ذلك عشية استقلاله أي 1956 .
شكلت إعادة فتح معبر الكركارات الحدودي مع موريطانيا في 10 دجنبر الماضي وفسح المجال من جديد لانسيابية التجارة الدولية للمغرب مع موريطانيا والعمق الإفريقي، بعد عدة أسابيع من الإغلاق دون وجه حق من طرف ميليشيات أو عصابة البوليساريو، قلت شكلت إعادة الفتح تلك ضربة قاصمة للمشروع الانفصالي، لأن الميليشيات المعلومة كانت تعول على تحويل المنطقة إلى معسكر لها تبتز به المغرب في قضيته الوطنية المقدسة، ووسط إشهاد كل العالم من طرف المغرب الذي تحلى بالرزانة ورباطة الجأش طيلة تلك المدة العصيبة من الأزمة، بعدها جاء التدخل الحازم الناجح للقوات المسلحة من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، وزاد من حدة تلك الهزيمة الشنعاء أنها تمت بسلاسة ودون إطلاق رصاصة واحدة، إذ بمجرد تحرك فيالق القوات المسلحة المغربية هرب الانفصاليون وعرابوهم لا يلوون على شيء، مع حرص المغرب على تشبثه بوقف إطلاق النارالمعلن مع الأمم المتحدة في سنة 1991 مقابل التلويح المسرحي لميليشيات البوليساريو بالعودة إلى حرب تعد خاسرة ولن يربحوها حتما ميدانيا أوسياسيا .
عملية الكركارات الثي أثلجت صدور كل القوى الخيرة والمحبة للسلام، سبقتها أو واكبتها وتلتها دينامية ديبلوماسية مكثفة، أدت إلى فتح ما يناهز 20 قنصلية للدول الشقيقة والصديقة في مدينتي العيون والداخلة عاصمتي إقليمي الساقية الحمراء ووادي الذهب، كاعتراف جلي بمغربية الصحراء ، كما باتت 163 دولة لا تقر تماما بالكيان الوهمي المزعوم، وتوَّج هذا المسلسل الناجح الاعتراف الأمريكي الواضح بسيادة المغرب على كل تراب الصحراء .
لابد من التذكير بأطوار الحرب الضروس التي خاضتها القوات المسلحة الملكية ضد ميليشيات البوليساريو الانفصالية المدعومة من النظام الجزائري، التي انتهت بتأميم وتأمين معظم مناطق الصحراء المغربية، بعد معارك طاحنة تكبد فيها الطرفان خسائر كبيرة في المعدات والرجال، وقدم خلالها المغرب تضحيات جسام تمثلت في مئات الشهداء والمفقودين، ويمكن تصنيف تلك الحرب التي ادعت ميليشيات البوليساريو أنها " حرب تحرير" (كذا) فيما اعتبرها المغاربة حربا مشرفة من أحل الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد ورد كيد الأعداء، يمكن تصنيفها إلى ثلاثة مراحل أساسية :
- المرحلة الأولى يجوز تسميتها بحرب المواقع شبه الثابتة وقد تمكن خلالها الجيش المغربي من إقامة أحزمة حول مدن الصحراء الرئيسية، فيما استمرت هجمات البوليساريوأو حتى القوات الجزائرية التي تدخلت بشكل مكشوف والتي ظلت تتخذ طابعا مفاجئا على الحاميات أو المواقع المغربية وقد اسمرت هذه المرحلة حتى بداية الثمانينيات من القرن الماضي .
- مرحلة تشكيل وحدات متحركة قوية كوحدات أحد والزلاقة وغيرهما بالموازاة مع بداية بناء الأحزمة الدفاعية الكبرى نهاية الثمانينيات .
- مرحلة الأحزمة الدفاعية التي قذفت بماتبقى من قوات البوليساريو خارج ثمانين في المائة من أراضي الصحراء وتوجت بتشييد الحائط الدفاعي الكبير الذي يمتد مئات الكلومترات وحتى الحدود الموريطانية، وبعده مباشرة أعلن المغرب للأمم المتحدة وقفا شاملا لإطلاق النار، وافق عليه الطرف الآخربعد أن جعل المغرب المنطقة المجردة السلاح شرق الجدار الأمني تحت المراقبة الدقيقة والدائمة لاحتواء أي تطور مفاجئ في الموقف .
انتهت الحرب عمليا لصالح المغرب ففُتحت الجبهة الديبلوماسية التي كانت قد عرفت بعض التعثرات، ما أفسح المجال للتجييش الديبلوماسي الجزائري وحلفائه مدعوما بأموال النفط وعلى حساب تنمية الشعب الجزائري ومستقبله، هذه الجبهة السياسية ما فتئ المغرب وبوجوهه الجديدة التي تقود الديبلوماسية تحقق المكسب تلوى المكسب في الوقت الحاضر، ليكتمل النصر العسكري مع النجاح الديبلوماسي، فهل سيأخذ حكام قصر المرادية العبروالدروس من هزائمهم ويتطلعون إلى حل مشرف يحفظ ماء وجه جميع الأطراف ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية