الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفسير الواضحات من المُفضحات

حسن أحراث

2020 / 12 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


"أكلة التطبيع" المفروضة

* مفهوم أن المناضل الفرد، وحتى إن أراد أو تجند لذلك، لا يستطيع أن يتصدى بصدره العاري للنظام القائم وللمخططات الطبقية المرتبطة بالمصالح الصهيونية والامبريالية. لا ننفي التضحيات البطولية التي قدمها المناضلون فرادى، ومنهم العديد من الشهداء والمعتقلين بالمغرب وفلسطين وبمناطق أخرى. المقصود أن قوة المناضل تكبر وتتغذى في صفوف التنظيم. لأنه بدون التنظيم تبقى المجهودات النضالية مشتتة وذات أثر وتأثير محدودين، حتى على مستوى التنظير والإبداع. بدون شك، كل فعل نضالي مطلوب وفي مختلف المجالات؛ ولا يمكن إلا أن نحيي ونقدر نضالات أبناء شعبنا من مختلف مواقعهم. لكن العمل السياسي المنظم مطلوب أكثر، بل بحدة. فمن بين استمرار معاناة شعبنا والكثير من الشعوب المضطهدة غياب التنظيم الثوري. وإننا نعيش اللحظة سلبيات غياب التنظيم في علاقة الأمر بجريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني، كما عشناها في لحظات عظيمة مثل الانتفاضات الشعبية ومن بينها انتفاضة 20 فبراير سنة 2011. ولابد أن نستحضر أن لغياب التنظيم كبير الأثر على تأطير وتنظيم النضالات المتفرقة وفتح الآفاق أمامها. فحتى العمل النقابي ورغم كفاحيته لن يرقى الى تغيير موازين القوى، ونفس الشيء بالنسبة للتنسيقيات والجمعيات وغيرها من الإطارات "المدنية"، علما أن البيروقراطية بدورها تعيق تطور العمل النقابي ليكون رافدا للعمل السياسي الثوري ومغذيا له.
والخطير هو رفض بعض المناضلين الانخراط أو الإسهام في بناء التنظيم الثوري، وبالتالي الانزواء بعيدا والاكتفاء بالمتابعة والنقد (والنقد الناري في كثير من الأحيان) وترديد الشعارات والمقولات الثورية؛ أي ببعض المعاني ممارسة الترف السياسي من خلال "مع الكل وضد الكل" أو "مع البعض وضد البعض". إنها "حرية" أو ممارسة ليبرالية تحمي من القمع من جهة، ومن المحاسبة والمسؤولية وتحافظ بالنسبة للبعض على كاريزمية مهترئة ومتجاوزة مكتسبة من الماضي. وقد وفرت مواقع وآليات التواصل الاجتماعي فرص الحضور الإعلامي بالنسبة لفئة واسعة من المناضلين، وصارت الندوات الرقمية موضا جديدة بدل الوقفات والمسيرات، وخاصة الفولكلورية منها. وهو ما ساهم في توسيع دائرة "نضال المناسبة" بعيدا عن ضريبة التنظيم وبناء التنظيم "تحت نيران العدو".
* مفهوم أيضا أن الكثير من الأشكال النضالية التقليدية (الإضرابات المحدودة والوقفات المعزولة...) باتت عاجزة عن التصدي والمقاومة وانتزاع المكتسبات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبدورها الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية لم تعد أمام القمع والتضييق (وأشياء أخرى، صار من الممل ترديدها، ومنها البيروقراطية والمهادنة والتواطؤ) قادرة على إنجاز أبسط مهامها. فهناك محطات خطيرة، منها التطبيع مع الكيان الصهيوني والإجهاز على المكتسبات وضرب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومحاصرة المعارك العمالية...، ولا نرى أو نسمع غير بيانات أو بلاغات الاستنكار والتنديد والإدانة. وقد صارت هذه الصيغ بدورها مبتذلة كما المقالات والتعليقات، أي "أضعف الإيمان". هناك مبادرات نضالية ميدانية، إلا أنها محدودة. والمسؤولية هنا مشتركة، ولا أبرئ نفسي.
* ومفهوم كذلك أنه رغم الاعتراف بالقمع والتضييق والتهميش والإقصاء والحصار، والتنديد بكل ذلك والتباكي كلما مُنع شكل نضالي أو اعتُقل مناضل أو شرد عامل أو عمال أو فلاحين فقراء...، يتم التهافت على موائد النظام ومناسباته، ومنها محطات الانتخابات الجماعية والتشريعية، جنبا الى جنب مع القوى الرجعية ومن بينها القوى الظلامية والشوفينية مُحتضنة التطبيع والمُرحبة به ضدا على العمق الشعبي للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية وطنية. وفي كثير من الأحيان تنتظر بعض الهيئات السياسية وملحقاتها النقابية والجمعوية إشارات ولو من بعيد للانخراط في أعراس النظام وولائمه، وهي أدرى بواقع الديمقراطية المغشوشة ببلادنا. وقد توسعت دائرة هذه الجوقة غير المتناغمة بالتحاق جيوش من أشباه المثقفين و"الخبراء" والصحافيين والأساتذة الجامعيين لتبرير ما لا يُبرر ولقيادة حملات التضليل وفرض الأمر الواقع، كما هو الشأن بالنسبة "لأكلة التطبيع" (على قياس "أكلة البطاطس").
والخطير هنا هو استمرار "اعتقال" القواعد ومنهم المريدين والأتباع بثكناتهم من طرف الهيئات السياسية والقيادات النقابية والجمعوية التي تدعي القوة العددية وتزايد بها في المناسبات الباردة.
باختصار، النظام يعرف "خروب بلادو". وقد ساعده ذلك على تجنيد الوكلاء وتدمير الكثير من رصيد شعبنا المشرق..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي